الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دهشة

سعدي عباس العبد

2014 / 2 / 19
الادب والفن


قصة قصيرة __ دهشة .. __
*
** لا ادري كيف وجدتني مشغولا .. مشغولا جدا , بوجه المدير !! . كنت اقتعد كرسيا عند باب الغرفة , غرفة المدير المغلقة , وانا افكّر مستغرقا بمعاينة ذلك الوجه عبر مخيّلتي , .. ذلك الوجه النظيف , اللامع , الممتلىء , المشّع بيضا ناصعا مشوبا بمسحة من احمرار يسيل على على الخدود المتورّدة . وبعيّنيه المضيّئتين , وبأنّفهِ المرسوم بدقة ومهارة متناهية وبذلك اللغد الاحمر المترهل وبتلك الشعيرات الملّفوفة عند شحمة الأذن وعند فتحتيّ المنخريّن . ولكن ما اثار انشدادي هو ارنبة انفه , كأنها جزء قائما بذاته , كأنها فص احمر رخي يشعّ بمفرده وسط خلاء من الاحمرار والبياض المترامي ! .. كنت اشعر برغبة قوّية في ملامسة ذلك الوجه . اتحسس ذلك البياض المدهش بلمسة عابرة . . بيد انّ ما يدهشني هو اصابع يده الصغيرة الناعمة والتي تتبدى متناهية في الصغر لما يمسك بكوب الشاي . فيأخذني الذهول وانا ارى إلى اصابعهِ التي بدت كأنها اصابع دخيلة غير متناغمة مع حجمه .. مرّت لحظات وانا احملق مشدوها , متنقلا بعيوني بين انفه وشحمة اذنه وبين بقية مكونات المساحة البيضاء اللامعة .. واذا بعاصفة من الصراخ تهبّ لاذعة عبر المساحة التي تسيل بياضا مذهلا , وتحديدا تهبّ من فمّه الدقيق المفتوح على آخره . فاصابني الفزع , فجريت ناحية الباب المشرع المفضي إلى الرواق , اغلقت الباب ورائي وانا ارتعد , كأي [ فرّاش او مستخّدم ] تم تعّينه حديّثا ,يصاب بالفزع وهو ينصت لمجرى طويل من الشتائم الوقحة تنقذف بوجهه . لم اقل شيئا خشية انّ تتفاقم الشتائم , او في الحقيقة خشية ان يطردني خارج فضاء الدائرة او الوظيفة وانا لم يمرّ على تعيّني سوى يوميّن .. كنت ماازال مشغولا بوجه المدير وبالشتائم التي اطلقها في وجهي وبالخوف من ان يسرحني من الوظيفة , لما سمعت صوتا ناعما يخفق في الهواء , ولما رفعت ناظري , لاح ليّ شعرها المحلول مسدول على مساحة رجراجة لينّة من ثدّييها العاريّين من اعلى الشق او فتّحة البّلوزه . بقيت ارى إلى الشق ذاهلا , الشق الفاصل بين ثدّييها .. كنت لما ازل اتملى ذلك البياض المشّع من اعلى ثدّييها , لما سمعتها تطلق قهقهة داعرة ,وهي تدخل غرفة المدير , غرزت عينيّ في عجيزتها الممتلئة , وانا اشعر بخيط من حمى الرغبة يتلوى في احشائي .. فجعلت اختلس النظر عبر ثقب مفتاح الباب . فوجدتني اطّل على تلك المساحة المدهشة العابقة برائحة العُري , فهجست بعيني وهي تلتحم بالثقب , حتى لكأنها باتت جزءا حميما منه , تغرق في ضباب من المرئيات المتداخلة .. اراعني ما رأيت . كانت اصابع المدير القصيرة الدقيقة تمسح على شعرها المنسفح وهي تزحف بتؤدة ناحية المساحة الرجراجة من الثدّيين ويدلقهما خارج البلوزة . فينتشر بياض ساطع , يتصاعد لامعا من العُري المتداخل .. بياض يتدفق من وجه المدير المغروز وسط الشق الفاصل بين الثدّيين ... كما رأيت إحدى ساقيّه تضغط على عجيزتها , فسّد او غلق كتّفه العريض الثقب او المنفذ الذي اطّل عبره .. قبل انّ ارفع رأسي عن الثقب , احسست بيد ثقيلة تهبط لاذعة قوّية على كتفي , فتكاد اصابع اليد العنيفة تنغرز في كتفي , فاعتراني الرعب , ومكّثت مسمّرا جامدا لا ابدي حراكا . فيما كانت اصابع اليد المخيفة تواصل ضغطها , وانا ازداد خوفا وألمّا وتقوّسا , حتى بلغ بي الرعب اقصاه ! , فبقي رأسي ملتحما بالباب لا يتزحزح عن موضّعه .. فقد كان الخوف الذي داهمني على حين غفلة من القوّة بحيث جعلني افكّر بالموت ! . الذي شعرت به يدنو منّي بقوّة ! . تناهى لاسماعي فحيح يتمدّد في الهواء , فحيح انفاس لزجه تسربت رطوبتها الحارة لتنسفح على قفا رقبتي الشبه عارية , وتلفح صدّغي وتتصاعد في الهواء الذي بات ثقيلا , فلم اعد ارى سوى اشباح متداخلة تتقاطع في فضاء الداخل , داخل الغرفة . كأنها تتراءى ليّ عبر ضباب كثيف . . ولما نترّتني اليد من ياقة القميص , وجدتني وجها لوجه حيال مدير آخر اشد بياضا ولمعانا , فاطلقت شهقة اقرب إلى الأنيّن وانا ارى ذاهلا إلى ارّنبة انّفه الحمراء الرقيقة , فتّسعت عيناي دهشة وانا اتفرس البياض المشّع من خدّوده المورّده .. بقي الباب مغلقا وانا نسيت نفسي معلّقة على سفح زلق من الرعب والبياض والعُري .. وفي بدني اندلق مجرى من الموت الوشيك , رائحة موت جعلت تتدفق قوّية صادمة , تزداد قوّة وشيوّعا كلما لمحت شعاعا مضيئا من الكراهية ينبجس من تلك العيون ومن المساحات البيضاء .. ! كانت عينا المدير الآخر مغروزتين في وجهي . فوجدتني مشدودا الى خوف لاذع من الإضاءات الوامضة .. وعلى نحو ما , شعرت بعواء رفيع يتدفق من بدني . كأني اسمعه يأتي من بعيد , من غور ناء عابق برائحة بيتنا وبرائحة ذلك البدن الخائر المهدود او الكتلة المصنوعة من الحزن والدموع . الكتلة التي هي امّي والمتلفعة دوما باسمال سود ... ولما احسست باصابع اليد ترتخي .. تنهدّت , بيد انه سرعان ما نهرّني بنبرة مشحونة بالسخط .. فأنكفت مرعوبا للوراء , وقبل انّ اهوي بكامل رعبي على الكرسي , لمحت الموظفة تطل عبر باب الغرفة , غرفة المدير , وهي تسوّي شعرها المنثور . لم التفت اليها , فقد كنت مشغولا بمجرى الخوف الذي حفرته اليد .. لمحتها بطرف عيني ترمقني ساخرة , فاربكتني , ثم سمعت صرير الباب وهو ينغلق وراء المدير الآخر . ثم فجأة ارى إلى الباب ينفتح على آخره ويطل المدير بكامل بياضه واصابعه القصيرة السميّنة وانفه الامع الاحمر , فرأيت وميضا يشع من عينيه وقبل انّ اتراجع بالكرسي , كانّ قد هوي بطرف حذائه على خاصرتي , فرأيتني ارتطم بالحائط , فيتدفق دم حار غزير من شج كان قد احدّثه الارتطام في رأسي , ويسيل على عينيّ فينشأ غشاوة حمراء , جعلت ارى عبرها المدير غارقا بفيضان من الالتماعات الحمر وكأنّه يطفو فوق مسطّحات رجراجة من الدم , فشعرت ببدني يرتج ويعّوي وتنبعث من ذلك العواء رائحة ذكريات , ذكريات ابدان ضامرة , مهدودة منهكة . متشحة برداء العوز .. فشعرت بالخوف يتنامى قوّيا , مشوبا برائحة جوع قديم ينضح صدىء وانيميا , جوع يضوع من تلك الاجساد الهزيلة القابعة في ذاكرتي , ولاوّل مرة اجدني اجهش في بكاء لاذع مرير , بكاء كالعواء ..كعويل امّي الملّفوف بخرق من السواد على مدى السنين ! .. بكاء يتصاعد من اغوار خفيّة في بدني وروحي ..بكاء ينبض بالخيبة والانكسار .. بكاء اتحسسه ينبجس حارا من عينيَّ , يتدفق مع انسفاح الدم ويخضّب شعر لحّيتي النافر بخليّط من لوّنين ومن رائحتين متقاربتين في الحزن والانكسار .. رفعت عينيّ المخضّبتين بذلك الخليط من البللّ الباعث على الانكسار والشجن . فتراءت ليّ المرئيات كأنّها تغرق في ضباب بعيد , وعلى مقربة مني لاح المدير بقامته الطويلة المكتنزة وبانفه المدبّب الاحمر وشفته السفلى المتهدّلة الممتلئة المشّربة باحمرار فاتح وبذلك البياض المنتشر على كامل مساحة وجهه ..كنت لما ازل مركونا محاذاة الكرسي . _ كرسي الفرّاش او المستخدم الوافد حديثا .._ لما هجست بيد تتحسّس يدي , فأحسست برائحة حارة نفّاذة تتصاعد في الهواء . كانت تضوع من جسد انثوي . جسد واقف فوق رأسي المدمى , ولفرط الرعب المسرف ..اطلقت صوتا يماثل نباح الكلاب في نبرته العاوية ..اذ خلت اليد التي كانت تتحسس يدي خطم كلب يريد انّ ينّهشني .!! ولما امسكت عن التدفق في النباح ..وجدت اليد الانثوية التي خلتها خطم كلب تقودني عبر الرواق المفضي إلى باب السياج الخارجي , وتطلب إليَّ بصوت يشابه هرير الكلاب _. او هكذا تراءى ليَّ _ عدم العوّدة للدائرة او الوظيفة او مبنى الشركة .. / انتهت /








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر