الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسرى وإطار كيري

سامي الاخرس

2014 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الأسرى وإطار كيري
تستمر حفلة الصامتين، حيث يدخل المُعلم فيجد أمامه تلاميذ نجباء مؤدبين، أيديهم متشابكة، أفواههم مغلقة، يبدأ الدرس المتكرر في كل جولة، ثم يبدأ بطرح الأسئلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن جميع الإجابات من خيارين فقط( موافق، متردد) على الطريقة والنظام الأمريكية/ مع ملاحظة أسفل ورقة الامتحان ممنوع وضع علامة أمام خيار ( متردد)، بل إجابة باتجاه واحد( موافق)، هذه هي الحالة التصورية التي أتخيلها بين كيري وزير الخارجية الأمريكي والوفد الفلسطيني المفاوض، حيث أن هذا الوفد تشير كل الدلائل حتى راهن اللحظة، أنه وفد صامت، لا يتحدث كثيرًا سوى خارج أبواب جولات المفاوضات في معمعان الضجيج الإعلاميين " خذوهم بالصوت تغلبوهم" هنا " خذوهم بالصوت تتوهوهم"، وإلَّا فما كان يجب أن نعالج الخطأ بخطيئةِ، فسلوكنا التفاوضي في أوسلو 1993، ارتكب إثم وخطيئة بأنه فاوض، ووقع، ونفذ، دون أن يحسم أهم القضايا الرئيسية والمصيرية، ألَّا وهي قضية الإنسان الأهم من الأرض والأمن، والأهم من أي سيادة على الأرض، لأن لا سيادة إلَّا للإنسان. وهنا أعني بالإنسان " الأسير" الفلسطيني، الذي أمضى عمرًا بين جدران الزنازين، مصفد الحرية، ويخضع للمزاج الصهيوني في وضع وتحديد معايير الإفراج عنهم، وتعامل مع قضيتهم بإسفاف وعنجهية منحته إياها لغة الصمت للوفد المفاوض الفلسطيني، الذي لا زال يتعامل مع ملف الأسرى وفق معايير الكيان وإرادته، وكأن قضيتهم لا تعتبر ضمن أولوية الأولويات. يجب أن تكون على رأس سلم الأولويات، ودون أي اشتراطات أو معايير إسرائيلية، كعرف أي اتفاقيات دولية وإقليمية بأن أي عملية " سلام" يكون الأسرى أول بنودها، ودون التسليم للابتزاز الصهيوني، الذي قسم أسرانا لأسرى عاديين (الأرض المحتلة 1967)، بين أسرى عاديين وأسرى أيديهم ملطخة بالدماء وفق التصنيف الصهيوني، كما أخضع بقية الأسرة لعناوين معنونة، أسرة الداخل الفلسطيني 1948 والتعامل معهم كأسرى غير فلسطينيين لأنهم يحملوا الهوية الإسرائيلية، وبذلك أخرجهم من حلقة الضغط والمطالبة، وتفرد بهم، ولم يكتف بذلك بل تعامل بتقسيم جديد جغرافيًا، وسلبهم مواطنتهم وهويتهم الفلسطينية التي ناضلوا وقاتلوا واسروا من أجلها، كذلك سلب حق الثورة بالمطالبة بأسرى العرب الذين عبروا الحدود، وخاضوا المعركة لارتباطهم بفلسطين قوميًا ودينيًا، ووطنيًا، وحملوا فلسطين همًا وشجنًا معهم، حتى في أسرهم وبين جداران زنازينهم، وعلى وجه التحديد الأسرى الأردنيين.
هذا الانفصام في الواقعية التفاوضية، والتجاوز في قضية الأسرى سمح للكيان أن يدخل معايير أخرى مثل أسير ما قبل عام 1994، وأسير ما بعد عام 1994، والمُستغرب هنا أن الوفد المفاوض يُسلم بهذه المعايير، ويتعامل معها كمسلمات وفرض عين، يجب التسليم بها، والتساوق معها، والتجاوب لها، وكأنهم تحولوا لرخويات غير قادرة على الفعل النشط والمؤثر والضغط في قضية الأسرى، وخضعنا للمزاجية الصهيونية وهداياها كمبادرات حسن نوايا في هذه المسألة الأساسية، وما ساهم في ازدياد حدة هذه الحالة وفاعليتها هو الصمت الشعبي والجماهيري نحو موضوع وقضية الأسرى، بل تحولت قضيتهم لمنابر إعلامية يتم استغلالها من محبي الشووإعلامي، للسفر والسياحة، والتطهر الإعلامي، والتمكيج باسمائهم وبقضيتهم، والقفز على ظهر البعير للعبور من صحراء ضلالتهم. فتحولت هذه القضية لمادة نضالية إعلامية، الهدف منها ابتذال قدسية وحرمة الإنسان الظامئ لنيل حريته والارتواء من دفء الشمس، والتكحل من عبق الأرض.
إن خطة الإطار التي تتبعثر بعض التسريبات عنها هنا وهناك، إن لم تبدأ وقبل التنفيذ في أي جانب من جوانبها من الاهتمام بالإنسان (الأسير) وتبييض السجون الصهيونية من جميع الأسرى وبكل فئاتهم، وانتماءاتهم، وجنسياتهم ...إلخ، فإن شعبنا الفلسطيني مطالب بمحاسبة ومعاقبة من وقع أو سيوقع هذا الإطار، بل على شعبنا الفلسطيني أن ينهض من سباته العميق حاليًا ويناضل شعبيًا وجماهيريًا وبكل الوسائل المتاحة وغير المتاحة لأجل أسراه الذين أفنوا ولا زالوا يفنوا عمرًا لأجل الوطن، ولا زالوا يعانقون القيد تحت وطأة العنجهية الصهيونية، ما دون تبني شعار " تحرير كل أسرانا" والعمل الحازم على ذلك، لن يكون أي تحرير مكتمل دون تحرير أسرانا، فهي أولوية الحرية وبدون عمل مقاوم منظم يستهدف تحرير الأسرى لن يتمخض رحم كيري أكثر من جنين لديه عاهة ذهنية وجسدية، نمضي عشرون عامًا أخرى نعالج أمراضه، ونحن على يقين أنه لا أمل من الشفاء. بل الشفاء الوحيد والأوحد هو تحرير أسرانا من خلال الإصرار، وإعادة بعث الروح في بندقية العمل المقاوم التي تستهدف تحرير الأسرى كأولوية أولى على سلّم أولويات العمل الوطني الفلسطيني.
د. سامي محمد الأخرس
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران: ما الترتيبات المقررة في حال شغور منصب الرئيس؟


.. نبض فرنسا: كاليدونيا الجديدة، موقع استراتيجي يثير اهتمام الق




.. إيران: كيف تجري عمليات البحث عن مروحية الرئيس وكم يصمد الإنس


.. نبض أوروبا: كيف تؤثر الحرب في أوكرانيا وغزة على حملة الانتخا




.. WSJ: عدد قتلى الرهائن الإسرائيليين لدى حماس أعلى بكثير مما ه