الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية وحدها ليست كافية ..رسالة الي الغرب

عمرو اسماعيل

2005 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


أن انتصار أحمد نجاد في انتخابات الرئاسة في أيران هي رسالة يجب أن يفهمها الغرب والنخبة السياسية في عالمنا العربي.. وهي لا تعني انتصار الأصولية أو مباديء الثورة الخومينية كما يعتقد البعض .. ولكنها رسالة تعني في الاساس أن الشعوب وأغلبيتها هم من الغلابة المطحونين تنحاز أذا اعطيت الاختيار الحقيقي الي من يقنعها أنه منحاز أليها .. أنه منها وسيعمل لصالحها بصرف النظر عن الراية السياسية التي يرفعها .. هذه الأغلبية المطحونة هي التي انحازت سابقا في الغرب الي لينين وهتلر رغم كل المآسي التي أتت علي أيديهم ولكن رغم ذلك ستجد من بين تلك الشعوب الكثيرون ممن يذكروهما بالخير .. وانحازت نفس الأغلبية في العالم العربي الي عبد الناصر .. وانحازت في حالة أيران ألي أحمد نجاد ..
و انتصار أحمد نجاد في أيران يجب أن يدفع الجميع الي مراجعة أنفسهم .. وأول من يجب ان يراجع نفسه هم الحكام والنخبة السياسية في المعارضة في بلادنا والأدارة الأمريكية .. فالديمقراطية وحدها ليست كافية ولكن الآهم منها العدالة الاجتماعية... والديمقراطية أن لم يواكبها انحياز الي الغلابة و أعادة توزيع الثروة بطريقة عادلة يلمسها المواطن العادي فمآلها الفشل أو تؤدي هي نفسها الي وثوب قوة مناوئة الي الحكم لا تؤمن أصلا بالديمقراطية ....
أني أتوجه لجميع الشعوب وأنظمة الحكم بنصيحة ولو اعتبروها نصيحة مخرف وهي أن يستلهم الجميع التجربة الناصرية .. و حب الشعب المصري له (حتي الآن ) رغم انقضاضه علي الديمقراطية التي كانت من أهم مباديء ثورة يوليو والتي أدي غيابها الي كل الأخطاء التي وقع فيها عبد الناصر ووقعت فيها الثورة والتي أدت الي كل ما نعانيه الآن .. غابت الديمقراطية مع عبد الناصر وغابت أيضا بعده العدالة الاجتماعية ..
ولكن الشعب المصري خاصة والعربي عامة كان ومازال مستعدا أن يغفر أخطاء عبد الناصر لأحساسه أنه كان منحازا أليه والي معاناته ويعبر عن أماله في العدالة والكرامة .. ونفس الشعب هو الذي لا يغفر أخطاء من أتي بعد عبد الناصر مهما كان أنجازهم .. اعتبر السادات ثم خليفته أنهم أبطال العبور وتحرير سيناء .. ولكن الشعب لا يتذكر لهم الا أخفاقهم الاقتصادي وزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء .. بينما يظل عبد الناصر في وجدان الشعب المصري والعربي مثالا للكرامة الشعبية ونصيرا للفقراء والمطحونين والمهمشين سياسيا واقتصاديا رغم الهزيمة العسكرية في حرب 67 ..
لقد استطاع عبد الناصر أن يسحب البساط من تحت أقدام سيد قطب و الأخوان المسلمين فبكت الجماهير عبد الناصر و لم تتذكر سيد قطب ألا بعد عشرين عاما من موته بعد انتشار الفساد واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء, أليست هذه هى الحقيقة.
لنقارن بين ايام عبد الناصر وما يحدث الآن في ظل اقتصاد النهب الحر وليس اقتصاد السوق الحر .. ليس هذا تاييدا أو انحيازا كاملا لعهد عبد الناصر .. ولكنها قراءة للجزء الايجابي في التجربة الناصرية .. مع الاعتراف بسلبيات هذه التجربة الكثيرة وأهمها حرمان الشعب من الديمقراطية ..هذا الحرمان الذي أدي في النهاية الي كل السلبيات ..
أن اقتصاد السوق الحر هو بلا شك وسيلة اقتصادية ناجحة للتنمية الأقتصادية والتقدم ولكنها وسيلة لابد لها من مقومات من رقابة شعبية ممثلة فى مجلس تشريعى و رقابى فاعل و ليس مجلس سيد قراره, و صحافة حرة مستقلة و ليس صحافة ابراهيم سعدة أو ابراهيم نافع.
أن اقتصاد السوق الحر ليس معناه أهمال العدالة الأجتماعية و زيادة الفجوة بين الأغنياء و الفقراء فالحد الأدنى من الأجور لابد أن يكفى الحاجات الأساسية من مأكل و مسكن و تعليم و علاج , أن اقتصاد السوق الحر يعنى سيادة حقيقية للقانون و ليس سيادة المحسوبية و الواسطة , يعنى منع الأحتكار و ليس ما نراه الآن من تسهيل النظام للمرضى عنهم و المحسوبين عليه احتكار كل شىء من رغيف الخبز لأنتاج السيارات, أن المقولة الشهيرة فى المجتمعات الرأسمالية دعه يعمل دعه يمر معناها العمل و أداء حق المجتمع من ضرائب حقيقية أما فى مجتماعات اقتصاد النهب الحر مثل مجتمعاتنا فان المقولة الشهيرة أصبحت دعه يسرق دعه يمر.
أن لم تصلح الحكومة من نفسها و أن لم تصلح المعارضة بجميع اتياراتها من نفسها ونواجه أنفسنا بصراحة فأن النهاية الحتمية هى انهيار الجميع حكومة و شعبا و البوادر واضحة فأن النظام الحالى يفرز رجال أعمال همهم الاول الاقتراض من البنوك دون أن يكون لديهم مشروعات حقيقية تزيد فرص العمل .. من علية القوم .. كما يفرز النشالين و المتسولين و يؤدى ألى انتشار البانجو و التطرف الدينى و التعصب المقيت وكل ما نشكو منه من ظواهر سلبية فى المجتمع و سوف يكتب التاريخ أن الحكومة الحالية بل و الجيل الحالى من الأدارة العليا مسئولان عن هذا الأنهيار الذى لم يحدث له مثيل فى تاريخ مصر.
أن الحقيقة العارية أننا أصبحنا, بفضل الحكومة الحالية و بفضل سكوتنا عليها, مجتمعا من المرتشين و المنافقين مهما حاولنا أن نهرب من هذه الحقيقة بارتياد المساجد و الكنائس و الذهاب للحج و العمرة و لبس الحجاب و شيخ الأزهر و البابا شنودة يتحملان جزءا كبيرا من المسئولية لأنهما سكتا على الأقل عن منظومة النفاق التى هى أكبر آفة أخلاقية حاليا كما يتحمل كل فرد فى الشعب المصري جزءا من المسئولية أمام الله و التاريخ كمشارك أو متفرج على هذه المهزلة.
وفى النهاية فالنتيجة الوحيدة هى أما أن نملك مقومات نظام اقتصاد السوق الحر من ديقراطية و حرية فردية فى ظل سيادة القانون على الجميع بلا استثناء أو سنجد ألافكار المتطرفة وجماعات العنف والارهاب تسيطر في النهاية علي الشارع الذي يعاني القهر والفقر ..
نحن نحتاج للديمقراطية ولكننا نحتاج أيضا الي العدالة اجتماعية ولحكام تحس بنبض الشارع وتنحاز اليه .. والحكام والولايات المتحدة لابد ان يعرفوا أنه لن يمكن كسب الحرب علي الارهاب ألا أن كانت شعوبنا تتمتع بالعدالة الاجتماعية و ألا أن تم حل القضية الفلسطينية حلا عادلا ودائما وفي النهاية أن أصبحت حكوماتنا ديمقراطية .. ولكن الديمقراطية وحدها لن تكون كافية ..ولنا في فوز أحمد نجاد في أيران خير دليل
مجرد وجهة نظر .. وأن اعتبرها البعض تخريفا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستيف بانون.. من أروقة البيت الأبيض إلى السجن • فرانس 24


.. فرنسا: حزب الرئيس ماكرون... ماذا سيقرر؟ • فرانس 24 / FRANCE




.. أوربان يزور أوكرانيا ويقترح وقفا لإطلاق النار للتعجيل بإنهاء


.. فرنسا: التعايش السياسي.. مواجهة في هرم السلطة • فرانس 24 / F




.. كبار جنرالات إسرائيل يريدون وقف الحرب في غزة حتى لو بقيت حما