الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الدستور العراقي الجديد

فؤاد رشيد

2005 / 6 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إتحاد الشيوعيين في العراق
حول الدستور العراقي الجديد
أي دستور نريد؟!
فؤاد رشيد
حزيران 2005
توضيح..
ان مواضيع هذا الكتيب كتبت بصورة مستقلة عن بعضها، ولكن بما ان جميعها تدور حول موضوع (الدستور) ارتأينا ان ننشرها في كتيب واحد، لذلك فان المواضيع لاتظهر كأجزاء لبحث واحد... لعلم القراء...

----------------------
المحتويات:

• المقدمة
• الدستور الجديد للعراق.. مهام جبهة اليسار والديمقراطية
• %97
• الدستور العراقي الجديد: َدوْلَةٌ اسلامية أَمُ عَلْمانِيَة؟!
• أي نوع من الدستور تتطلبه مصالح الناس؟
• الكلمة الاخيرة: نداء مرة اخرى

مقدمة..
قبل اندلاع الحرب العراقية – الامريكية الاخيرة، بدؤوا المعارضة خارج العراق باجتماعاتهم التحضيرية لمرحلة مابعد سقوط النظام، وبعد الكثير من السجالات واختلاف الرؤيا توصلوا الى النتيجة (بالتوافق)..
بعد سقوط النظام كان يجب ان يكون هنالك قانون مؤقت لادارة العراق، وفي هذه المرة ايضا بدأت الصراعات بالظهور وفي النهاية وضعوا القانون عن طريق (التوافق) مُجبَرين!..
وعقب ذلك جاءت مسألة الانتخابات واجريت الانتخابات، وظهرت الخلافات مجددا وكانت هذه المرة اشد واصعب، في هذه المرة ايضا وكما تعودوا عليها لجأوا الى التوافق وكيفما كان فقد توصلوا الى نتيجة..
وبعد الانتخابات يأتي الدور على الدستور. ومن الواضح فان الصراعات سوف تطفو على السطح من جديد لانها لم تنتهي وتبني صيغة (التوافق) لايسدل الستار عليه. وعلى هذا الاساس فمن الواضح انه مادامت الصراعات موجودة فان (التوافق) ستكون مؤكدة ايضا، ولكن هذه المرة فان الصراعات والتوافق تكون مختلفة عن المرات السابقة. و هذه لسببين على الاقل:
1- ان الدستور ليس كالمسائل الاخرى، انه ليس ظرفيا او بسيطاً، ولكونه يعرف الكثير من الامور ويحدد اطارها.
2- في هذه المرة، لن ينشغل الجماهير باحتفالات سقوط النظام او بالمعارك الانتخابية للقوائم (على الاقل لاتكون بتلك الشدة) هذه اضافة الى ان الجماهير والجهات السياسية الذين هم خارج القوائم يبدوا انهم قد اخذوا درسا من التجارب السابقة وهذه المرة يشعرون بانهم جهة او ان صوتهم له اعتبار.
وعليه، نحن امام بداية جديدة وصياغة جديدة لبعض اسس هذا البلد، ولذلك كلما كتبنا وعملنا واقمنا النشاطات للمشاركة الفعالة في عملية كتابة الدستور واقرار الدستور العراقي الجديد، كلما استطعنا ان نعرِّف بمراحل نضالنا اليومية من جهة، ومن جهة اخرى نخطو خطوات اكثر جدية نحو مستقبل افضل للجماهير المحرومة في هذا البلد.
فلنكن في مستوى هذه المرحلة التاريخية..
نحو وحدة صفوف اليسار والاحرار. بدعم من الجماهير..

الدستور الجديد للعراق: مهام جبهة اليسار والديمقراطية

ان اجراء الانتخابات، كمشروع سياسي ومصيري مهما كان تفسيرنا وتقييمنا وتحليلنا لاستحقاقاته الايجابية او السلبية ونتائجه وآلية اجرائه، فانه في اخر المطاف يتم تنفيذه في العراق ايا كانت مردوداته ونتائجه التي يمكن ان تتعارض حتى مع تطلعات الشعب العراقي، وقد قلنا الكثير في هذا المجال واعلننا عن تصوراتنا ومفاهيمنا بصددها ولامجال هنا للغوص فيها بشكل مجدد.
ان الجبهة الاشتراكية والتقدمية لم يكن لها دور ملموس ومؤثر ومحسوس في العملية الانتخابية السابقة وبالطبع لهذه القضية اسباب واقعية ومادية معروفة من قبل الكثير.
كما ان مرور هذا المقطع التاريخي الحساس بعيدا عن تاثيرات القوى اليسارية والتقدمية يعني ايضا باننا لن نتمكن في الامد القريب وبخاصة في موضوع محدد الذي هو كتابة الدستور الجديد للعراق، من تحقيق مانستطيع تحقيقه ونكون مرة اخرى بعيدين عن دائرة التأثير على المجرى السياسي العراقي، ولست مقتنعا ايضا باننا سنتمكن من تجاوز ذلك بشكل فجائي ونصبح احد اللاعبين البارزين في الساحة السياسية. ولكن في نفس الوقت اود القول بان الجبهة اليسارية والتقدمية تستطيع ان تشارك بشكل فاعل ومحسوس وان تلعب دوره المشرف وهذا استنادا على حقيقة واضحة الا وهي ان احد اسباب ضعفنا وتحجيم دورنا وتاثيراتنا يكمن في عدم المضي قدما لتوحيد صفوفنا وابراز تيارنا كتيار متحد ذو برنامج سياسي واضح يتحدى كافة القوى الدينية والقومية واليمنية. والاسوء من ذلك هو المضي في اتجاهات عدة وحتى متعارضة مما ادى في نهاية المطاف الى هدر طاقاتنا وتبعثر صفوفنا.
ولست هنا بصدد التطرق الى تحديد المواقف السلبية لجهة معينة او عدة جهات، لان ذلك لن يخدم قضيتنا في الظرف الراهن بل ان الاهم من ذلك هو قبول التحدي في الامتحان الثاني (كتابة الدستور) الامتحان الذي ان نجحنا في ادائه قد يعوض بعض ما خسرناه في امتحاننا الاول( الانتخابات).
انني على يقين بان المشاركة الفاعلة لنا في كتابة الدستور ولعب دور محسوس ومؤثر لايعني انهاء الوضع المأساوي في عراق اليوم، ولكن رغم ذلك فان عدم المشاركة في هذا المجال تعني بشكل تلقائي باننا سنطلق العنان للقوى السياسية اليمينية في المجتمع لحشو الدستور بالرجعية والاستبداد وسيكون القوى اليسارية والتقدمية في طليعة المتضررين.
ان الدستور الجديد سيشكل بداية لحياة سياسية واقتصادية وثقافية جديدة في البلد ويحدد السمات والملامح الاساسية للمجتمع العراقي في المستقبل البعيد، وهنا يطرح السؤال التالي: ماذا يريد التيار اليساري والتقدمي ومالذي ينتظره؟
مع الاسف لايوجد حتى الآن تنظيم سياسي وجهة يسارية معينة تستطيع لوحده تغيير موازين القوى وتسجل لنا النقاط الايجابية، لذلك يمكن القول بان رص صفوف القوى اليسارية والتقدمية المناصرين للحرية والرفاهية يشكل الخطوة الاولى والضمان الوحيد لانجاز مايمكن انجازه ومنافسة قائمتنا لبقية القوائم القومية والطائفية والرجعية، وسنثبت للعالم اجمع بان العراق ليس فقط بلد القوميين والدينيين وان هناك جبهة اخرى تمثل تطلعات الشعب العراقي واثبتت وجودها في كتابة الدستور او حتى في معارضة الدستور الذي يتعارض مع تطلعات وآمال الشعب العراقي. ان عراق اليوم زاخر بالطاقات التقدمية والمدنية رغم كثرة التحديات وكثرة الهجمات الشرسة التي تستهدف كم الافواه واسكات الاصوات التقدمية والعلمانية والمدنية.
نحن اليسار والعلمانيين والديمقراطيين والتقدميين، نحن مناصري الحرية والرفاه والحياة المدنية، نختلف بالطبع في تصوراتنا وتفسيراتنا ورؤيانا وهذا لاغبار عليه ولاعيب فيه ولكن في نفس الوقت ثمة قضايا وامور سنكون مستفيدين او متضرريين لها بشكل مشترك، وان الدستور الجديد هو احد هذه الامور.
ان المساهمة الفاعلة بهذا الاتجاه السالف للذكر هي مسؤولية تاريخية تقع على عاتقنا وان التاخر واهمال هذه القضية المصيرية يسدد ضربة قوية للحرية والتقدم في العراق. لذلك من المهم ان نستفيد من هذه المحطة لتوحيد صفوفنا (حتى ولو كان ذلك في لحظة تاريخية واحدة كاضعف الايمان).
ان الانخراط في جبهة يسارية وتقدمية واحدة قد يشكل ضغطا فكريا وسياسيا على كل طرف على حدة، ولكن مزايا الدخول فيها ومانربحه ككل لاتقارن بمساوئها وبما نخسره في حال الاستمرار على الحالة الراهنة.
لقد آن الاوان للتقدم بهذا الاتجاه، فلنشكل جبهة ونجمع فيها كافة الاصوات المدنية والتقدمية والعلمانية معا لاجل:
1. العمل على التخفيف من حدة الخلافات فيما بيننا وتحديد وتوسيع النقاط المشتركة، ولايشكل ذلك طلبا ميكانيكيا بقدر ماهي امر يفرضه الواقع الراهن
2. العمل على تشكيل مركز خاص يحمل اسما معينا يعبر عن حملتنا لكتابة دستور تقدمي ومدني وعلماني.
3. اشراك كافة الجهات وحتى الشخصيات الاجتماعية والسياسية اليسارية دون تمييز والابتعاد قدر المستطاع عن المزايدات السياسية (الكمية!) والمراتبية في الجبهة، وهذه ايضا يفرضه الواقع الراهن وهو استجابة للمتطبات الموضوعية.
4. الشروع في تنظيم الاجتماعات وعقد الندوات والبدء بحملة اعلامية واسعة في داخل العراق وخارجه والعمل على تنظيم صفوف الجماهير لهذا الغرض.
5. المباشرة بالعمل لكسب الدعم المادي والمعنوي من قبل القوى التقدمية والانسانية لحركتنا ونشاطاتنا التي مر ذكرها.
6. ..............

انا لست الان بصدد بيان وتحديد كافة الجوانب المطلوبة لبرنامج كهذا ولكن من المستحسن ان نفتح باب المناقشة والبحث بغية مشاركة كافة الاصوات وذلك من اجل الوصول الى ادق الاطروحات والبرامج. واتمنى ان يكون هذه المساهمة المتواضعة يشجعنا لتحمل المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا وندرك اهمية وحساسية المرحلة الراهنة في خلق مجتمع مدني وعلماني وتقدمي.
فهلم جميعا لرص وتوحيد الصفوف، ولاتوجد مبررات لرفض هذه الوحدة.

-------------
ملاحظة: هذا الموضوع نشر كمقالة في جريدة (بلاغ الشيوعية)، العدد23 نيسان 2005.
--------------------
ـــ 97% ـــ
هذا هو الرقم الذي كثيرا ما يسمعنا به الشخصيات والجهات والمؤسسات الاسلامية، الشيعية كانت ام سنية، عندما يكون الحديث حول اسلامية او لا اسلامية الشعب و الدولة العراقية، هم يستعملون هذا الرقم اكثر من اللازم في الاوقات التي يقعون تحت ضغط الاسئلة والاحداث، بالاستفادة من هذا الرقم الوهمي يجعلون من الشعب درعا لسياساتهم ويستعملونه ضد خصومهم.
الاطراف الاسلامية تقول ان 97% من الشعب هم مسلمين واحيانا يظهرون ان هذه النسبة 97% ملك لهم ويستطيعون ان يتصرفوا به مايشاؤون!
في الحقيقة، ان هذا الرقم له مدلول سياسي وديماغوجي ويجب ان نتوقف عنده ونعطي توضيحا وجوابا صحيحا وواقعيا، لانه في الوقت الذي اقترب فيه موعد كتابة الدستور، نرى ان هؤلاء الاطراف منشغلون باستخدام هذه الارقام والنسب اكثر من انشغالهم بمدى احقية معتقداتهم كما لو ان مسألة الحق والباطل ليس مهما انما المهم مسالة الاكثرية والاقلية.
كما قلنا فان الدستور مسألة حيوية ومصيرية امامنا، وبذلك فان العراق (بالرغم من اية تحليلات كالذي حدث في الانتخابات وبالرغم من أي قرار امريكي مسبق وخفي) لكن هذا البلد الى حدٍما امام تعريف جديد ويمر بمرحلة اعطاء الصفة الرسمية للكثير من جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية وهذا مايجعل هذه المرحلة مصيرية ويجعلنا اذا ماسمينا الجزء الكثير من نضالنا لهذا المقطع التاريخي باسم النضال الدستوري (اذا صح التعبير) فان هذا الاجراء صحيح ويجب ان نعمل هكذا ونكون بمستوى هذه المسؤولية التاريخية الكبيرة.
اليوم في والوقت الذي يتم الحديث عن مسألة الدستور نرى المنافسات والصراعات السياسية والفكرية بدأت بشدة والمسألة الرئيسية والاكثر حساسية في هذا المجال هي مسألة الدين الاسلامي و(نسبة) مزج الدين بالسياسة والدستور والسلطة ومن هنا نرى كيف ان هذه ليست 97% (بالرغم من انه احيانا يتواضعون ويجعلونها 95% - 96%) ترمى بوجه معارضي دمج الدين بالسلطة.
ان مؤيدي دمج الدين والسياسة وقعوا تحت وطأة ضغط كبير وذلك لاسباب كثيرة منها:
1- النماذج الفاشلة لدمج الدين والسياسة كما في افغانستان، ايران، السعودية، الكويت..الخ.
2- افعال الجماعات الاسلامية المعارضة والبعثيين وجعل البلد ساحة للوغى والقتال وسفك الدماء يوميا.
3- افعال الجماعات الاسلامية في العالم في السنوات المنصرمة وحتى يومنا هذا، حيث قتل مئات الالوف من الناس كما في الجزائر وايران وافغانستان وفلسطين و..الخ. وجعل العالم مسرحا للقتل والتفجير والاختطاف وقطع الرؤوس و..الخ.
4- افعال وتصرفات الاطراف الاسلامية المتواجدة في السلطة وخاصة القوى الشيعية في وسط وجنوب العراق، وكيف انهم ظلموا الناس وداسوا على حقوقهم ومنعوا حرياتهم الشحصية عن طريق التهديد والارهاب والفتاوي.
5- بصورة عامة فان الشعب العراقي وحتى الذين يمارسون شعائر الاسلام متفهمين ومقتنعين بفصل الدين والاسلام عن السياسة وهذا ما يعبرون عنه بطرق مختلفة وبسيطة.
6..
7...
بأية حال أود ان اعطي توضيحا وتصحيحا اكثر عن النسبة 97% والتي كما قلت انه موضوع رئيسي وخاص لهذا المستقبل القريب والذي هي غير قابل للاهمال، ولذلك فأنني عن طريق هذه النقاط اقوم بمحاولة متواضعة لهذا التوضيح والاجابة:
1-السؤال هو من أي احصاء جاءت هذه النسبة 97% ومن قام بها؟ أليست هذه النسبة مأخوذة من ذلك النظام الذي كان رئيسه يحصل على 99.99% من اصوات العراقيين؟
2- اذا ما تركنا السياسة والفكر والمعتقدات وتكلمنا بمقياس حسابي فيمكن ان نسال هل ان عدد المسيحيين (الذين لهم احياء باسماءهم في معظم مدن العراق) وايضا اليزيدية والكاكائية والمذاهب الاخرى وكل الذين لاينتمون لأي دين،.. كل هؤلاء يشكلون فقط 3% من الشعب العراقي؟.. نعم اننا نعرف انه مامن احد يدفن منفردا في بادية ولكن هذا لايعني انه كل من دفن في مقابر المسلمين يعتبر مسلما وعلى هذا (الاساس تعرف وتصاغ دستور البلاد من مقابرها).
هل تعتقدون ان كلمة (مسلم) الذي يكتب على بطاقات هوية الاحوال الشخصية من قبل موظف الجنسية بدون ان يسأل عن ديننا (كما انه بدون ان ينظر الينا يكتب كلمة (حنطي) في المكان المخصص لكتابة لون الوجه) اقول هل ان هذا كافٍ لكي نقول ان شعب العراق كلهم مسلمين ولونهم حنطي وبعدها نفرض دستورا على بلد اعتمادا على هذا الاساس.
3- السؤال هو اذا ماكان غير المسلمين في العراق يشكلون 97% من السكان، هل انكم مستعدون (اذا لم يكن ضغط الشارع قائما) للتنازل عن مطلبكم وتفصلون بين الدين والدولة؟ كلا، ان همكم ليست كبر او صغر الارقام، انما مخاوفكم هو من الاضمحلال والفناء الذي يصيبكم بسبب فصل الدين عن الدولة.
4- السؤال هو اذا ماكان 100% من الشعب العراقي كانوا مسلمين ويطالبون بدستور اسلامي في دولة كالعراق بعد هذه تأتي سؤال آخر، وهو على أي مذهب يستند الدستور الاسلامي المذهب الشيعي ام السني؟ نحن نعلم ان افراد الشعب العراقي لم يتخندقوا امام بعضهم البعض على اساس المذهب او مسألة السنة والشيعة ولكن حقيقة ان الاحزاب الدينية الآن يردوين ان يصنعوا هذه المتاريس للشعب وهذا ناقوس خطر لحالة أسْلَمَة سياسة الدولة العراقية.
5-لم لاتسألون اصحابكم في الفكر الذي يعيشون في الدول العلمانية لكي تعرفوا ان العلمانية ما عدا تثبيته لفكرته فقط (فصل الدين عن السلطة) هل أهان او احتقر المؤمنين في تلك الدول؟ ولكن من الواضح انكم تعرفون الحقائق جيدا ومخاوفم من العلمانية ليست من حرصكم على (المسلمين) بل هو خوف على انفسكم وسياساتكم.
والا فان الشعب العراقي يحتاج الى العلمانية بقدر احتياجه للخبز والماء والهواء وكذلك للمواطنة المتساوية، لكي يستطيع ان يعيش باطمئنان وبدون خوف او قلق من الحروب القومية والدينية.
6- لكي لانطرح المزيد من الاسئلة.. ولكي نرجع ثانية الى الجانب الرقمي لهذا الحديث ونعطي جوابا واقعيا لهذه النسبة 97% ونقول: اذا كنتم لحد الان لم تقتنعوا بحديثنا فنحن لانقول شيئا ولكن لدينا طلب واحد فقط وهو ان تقوموا باجراء استفتاء للشعب حول اذا ماكان الشعب يريد فصل الدين عن السياسة ام لا؟
وعندئذ تظهر وهمية نسبة 97% من أي وقت اخر، و لنترك كما قلت مسألة الاقلية والاكثرية التي ليست شرطا لبيان الحق والباطل، وطبعا هنالك الكثير من الاشياء لم نتحدث عنه ولم نوضحها، لاننا كرسنا حديثنا عن النسبة 97% وجعلناها عنوانا ونريد ان نوزنها على ميزان واقعي.

الدستور العراقي الجديد: َدوْلَةٌ اسلامية أَمُ عَلْمانِيَة؟!
بعد الانتخابات في العراق، لايستطيع أي حدث او موضوع سواءً وقعت أم لم تقع بعد ان يقلل من ثقل مسألة الدستور، حتى انه الان اصبح بكثافة وثقل الموضوع والمطلب الرسمي وغير الرسمي.
من المعلوم انه بالرغم من ان الدستور ليس برنامج واختراع سحري لانه قابل للخرق لكن رغم ذلك يعتبر موضوع وتعريف مهم لكثير من جوانب الناس الحياتية ونوعا ما يمكن أن يقرأ من خلاله مستقبل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
في الحقيقة احد الموضوعات والجوانب الرئيسية في الدستور العراقي الجديد والذي في الوقت الحاضر قيد البحث هو هل ان الدين الاسلامي هو المصدر الوحيد للتشريع؟ ام هو احد المصادر ؟ او؟ جواب هذه الاسئلة كيفما كان، اشارة الى حقيقة ان (مستوى) دمج الدين بالسلطة يحدد (مستوى) ادارة الجوانب المتعددة للحياة في هذا البلد، وهذه حقيقة.
أي مراقب سياسي واي شخص يبحث بدقة في التركيبة السياسية والفكرية وصولا الى التركيبة الحزبية و..الخ في هذا لبلد، يصل الى حقيقة انه (والى يومنا هذا) هناك واقع وهو (عدم السماح بتأسيس نظام ودولة دينية وكذلك عدم السماح بتأسيس نظام علماني) هذا واقع بغض النظر عن ماهو النظام الامثل وأيهُما افضل من الاخر. هذه حقيقة ونفس هذا اعتمد عندما جاء الدين في قانون ادارة العراق المؤقت كأحد مصادر التشريع وهذا تأكيد للحالة التي ذكرناها.
هذا هو الواقع الى اليوم.. ولكن السؤال هو هل ستبقى هذا الحال مستقبلا؟ بالامس لم يكن أي طرف من الاطراف الدينية والاطراف الاخرى جديين كثيرا، ومن المحتمل انهم لمراعاة المتغيرات وتشابك الوضع السياسي والامني للعراق لم يريدوا ان يعقدوا الاوضاع على انفسهم وعلى بعضهم وخاصة اذا ماكان الدستور امامهم والمعركة من اجله تلوح في الافق كان الامر هكذا في السابق ولكن من اليوم فصاعدا وعندما يتقدم ملف الدستور تتغير الكثير من الامور حتى (التوافق) سيكون له معنى اخر وليس بعيدا ان تتصل الامور الى ان الذين صوتوا لقائمة معينة يتحول قسم منهم الى المعارضة او على الاقل منتقدين وغير راضين داخل القائمة. مثلا الكردي الذي حضر امام صندوق التصويت وصوت للقائمة الكردية. نحن هنا لانقول عنه شيئا وهذا ليس موضوعنا، ولكن الكردي الذي لايريد ان يحترق مكتسبات التقدم والحرية بنار القوى الدينية الشيعية والسنية، سيتبين غدا انه لايصوت للقائمة الكردية، لكنه يصوت للحفاظ على تلك المستوى من التقدم والحرية للكرد الموجودة حاليا، وعليه فان القوى في كوردستان والمشاركين في السلطة العراقية امام تساؤلات ومسؤوليات كبيرة.
لايرادوني الشك من ان الحزبين الكرديين (الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي) ليسا متشوقان للعلمانية وفصل الدين عن الدولة يعتبر خسارة لهم، ولكن المشكلة هنا هو ان هذه المرة المسألة تخص العراق وليس كردستان، اليوم هنالك القوى السياسية الاسلامية الكبيرة للشيعة والسنة في منافسة معهم وعليه فان القوى الكردية حتى اذا لم تكن علمانية (وهي ليست علمانية) فانهم مجبرين على ان يرفضوا فكرة جعل العراق دولة اسلامية او كما قلت فهذا لايعني انهم علمانيون ولكنهم يريدونها لان الحال بدونها سيجعلهم في وضع خطر، ولان في حالة كهذه فانه من جهة يسخر الجماهير الواعية والمتفتحة في كردستان في مستوى معين ومن جهة اخرى فانه اذا كانت الدولة دينية فمن الواضح انها ستعرف بالقوى الاسلامية وعندئذ لايكون معلوماً انهم يحافظون على اي شي وبماذا سيعرفون انفسهم؟ وتتوارى مصطلحات الوطنية والديمقراطية و..خلف العمائم والرموز الدينية.
بالنسبة للاحزاب العربية والعراقية الليبرالية وغير الاسلامية سيكون معلوما انهم سيقعون في هذه الدائرة الى حدما ويضطرون الى اتخاذ موقف مشابه لموقف القوى الكردية، امام الاحزاب الشيعية والسنية الاسلامية فاذا لم يقعوا تحت تأثير ميزان القوى وضغط الشعب فانهم سيطبقون نماذج طالبان والجمهورية الاسلامية في الحكومة، واذا لم يفعلوا ذلك ماالذي سيفعلونه؟
بأية حال , هذه مسالة الاحزاب وسوف نرى عما قريب كل ما يتعلق بهذا الموضوع، لكن المهم هو جماهير الشعب العراق، ماذا يقولون، وماالذي يفضلونها؟
نحن نعلم ان الجماهير نفسها منقسمة الى حدما على الاحزاب، لكم بالرغم من الدستور نفسه كما ذكرت له طبيعة خاصة ويمكن ان يهز هذه القاعدة الجماهيرية للاحزاب ولكن لا ننسى ان هنالك العشرات من الاحزاب والتنظيمات و... وجماهير كثيرة خارج هذه الاحزاب الموجودة في السلطة (من معارض و مؤيد) وان الاحزاب الحاكمة في الوقت الحاضر لايستطيعون ان يحصلوا على النسب الساحقة والقاطعة، هذا في الوقت الذي يُحْتَمَل ان ينقسموا على بعضهم والمتوقع ان يحدث هذا، وعلى هذا الاساس يبدو ان مسالة الدستور ستكون كلمة الفضل فيه للشعب، فاذا كان كذلك، ماذا يجب ان يقول الشعب واي موقف يتخذه من مسألة (دمج الدولة والدين) ابتداء يجب ان نذكر ان تشويه المصطلحات كالعلمانية (مثلا) في الوقت الحاضر مشكلة كبيرة في عموم الدول العربية والعراق. ان المحاولات الواعية والغير الواعية في الدول العربية تريد ان تجعل من كلمة العلمانية مرادفا للالحاد ومعاداةً الاسلام (الاسلام فقط) ومحاكاة الغرب، في الوقت الذي لاتعني العلمانية سوى فصل الدين عن السلطة، الاسلاميون في الهند يطالبون بالعلمانية!! لماذا؟.. لانهم يعلمون جيدا انه في ظل سلطة دينية ستهضم حقوقهم ويصبحون من الدرجة الثانية، اذن العلمانية ليست الا استرجاع التعريف الحقيقي للدولة (نحن احرار في اعتناق الاديان ورفضها ولكن الدولة هي عديمة الدين ولاتملك مثلنا هذه الحرية في الاختيار!!) وبخاصة في دولة كالعراق، لايمكن ان يكون دينيا.
في العراق كما نعلم، ان حتى اذا طالب 100% من الشعب بالدولة الدينية، عندئد يكون السؤال على أي مذهب تكون الدولة، شيعية ام سنية؟ ثم لدينا الحق في ان نسأل عن الممارسات والاعمال غير المحبذة للقوى الاسلامية في وسط وجنوب العراق اذا عممت هذه الاعمال على العراق (مثلا) اذا ماكانت القوى الاسلامية وحتى القائمة الكردية تدعمهم هل يستطيعون ان يحولوا مدينة كالسليمانية الى النجف والفلوجة؟ هل ان تحويل السليمانية الى النجف او الفلوجة هو ليس حرب او الاقل فتح باب جديد للازمة في العراق؟
هنالك حقيقة اخرى يجب الاشارة اليها وهي اننا للمرة الاولى في العراق مشغولين بممارسة موضوع كالدستور, وهذا بذاته مشكلة بسبب ضعف الوعي الاجتماعي في هذا المجال، ليس لان الناس لايعرفون خيرهم من شرِّهم ولكن حتى في مسألة الثقة بالنفس وارادة مواطن (مضطهد) في (هل انهم بالفعل) هم الذي يصوتون وينهون امر الدستور؟ الا تعمل الاحزاب المشاركة في الانتخابات الى استغلال هذه الحالة وياترى الى أي مدى يعملون على هذا الاستغلال ويخدرون الشعب بأن يعلموهم ان يقولوا نعم او لا؟
وهنا اقول ان من واجب التقدميين والمثقفين وكل الذين يهمهم حياة معتدلة وهادئة وحرة، بان يعملوا باسرع وقت ممكن لرفع واظهار صوتهم وترك بصماتهم في هذه المرحلة التاريخية للعراق وليعلموا ان خارج السلطة هنالك سلطة اخرى التي هو الشعب بالتضامن مع الجبهة التقدمية والانسانية.
هذه فرصة تاريخية لتثبيت التقدمية والحاق الهزيمة بالرجعية.. من غير الممكن ان نتأخر عنه!!

أي نوع من الدستور تتطلبه مصالح الناس؟
بدءا من مسالة صغيرة وصولا الى مسالة كبيرة كدستور البلد مثلا، ان مصالح الشعب هو الذي يقرر فيما اذا كان هذه المسألة او هذا الدستور جيد وتقدمي او بالعكس.
الدستور بأحد المعاني هو مصدر القوانين ومن هذا المنطلق نستطيع ان نعرف من دستور بلدما، طبيعة الحقوق والحياة ومعيشة الناس والعلاقات المختلفة الى حدما. وبالطبع فان هذا لايعني ان الدستور غير قابل للانتهاك والانتقاص والتهميش احيانا من قبل اصحاب السلطة لكن مايضمن تثبيت دستور معتدل هو وعي الشعب الكافي للاسس ونوع الحياة وحقوقهم مثلما ان ضمانة عمل دستور جيد هو الشعب مرة اخرى.
ليس هنالك أي قانون مكتوب في أي مكان في العالم يحل الحروب واستغلال الانسان ولكن بجانب هذا كان تاريخ البشرية، تأريخ الحروب باستمرار.
ليس هنالك شخص او جهة اليوم في العراق يقول بانه يضع دستورا ذو محتوى رجعي ومعادي للشعب ويصر عليه، لان كل الاطراف يظهر ان نموذجها هو الافضل ويحاول ان يثبت برنامجها، ولكن في هذه الدوامة من (الحسنات)، وفي هذه المزايدة الفكرية والسياسية الساخنة، على العراقيين ان يستعملوا المقاييس الواقعية وكيفية تقيم الدستور والبرامج الجيدة.
ماهي هذه المقاييس والتقسيمات؟ والناس في هذا الوسط الى اي حد يستطيعون ان يحلقوا بدستورهم فوق رؤوس المزايدين والذي يصورون انفسهم كوكلاء للشعب. وبالتساؤولات والاعترافات وكل الطرق والقنوات المختلفة يأتون الى الساحة يتكلمون ويثبتون انفسهم كالصاحب الحقيقي للمسألة ولايسمحون بتكرار تجارب العامين الماضيين الذي مرّ باهمال اصواتهم وارائهم.
من الممكن ان يقال لنا ان كتابة الدستور هي من عمل (خبراء الدستور) واللجان واشخاص مختصين في كتابة الدستور هم الذين ينهون هذا العمل.
لكن في الحقيقة تصعيب كتابة الدستور واظهارها بهذا الشكل لكي لايقول او يعمل الشعب شيئا وفي النهاية يشارك في العملية بنعم أو لا، هذا يبين انهم لايريدون ان يكون للشعب دور رئيسي وحتى ثانوي والاستفتاء المقرر ان يجرى ماهي الا اعطاء الرسمية للدساتير المعلبة.
اثبت الواقع انه ما من احد غير الشعب نفسه عليم وخبير في صياغة حياته والدستور هو احد جوانبه. نحن ليس لدينا مانع على اللجان وترتيب الامور الفنية. لكن الامر يتعلق بمدى توفر القنوات والطرق المختلفة لكي يستطيع الشعب ان يشارك مشاركة حقيقية وفعلية ويضع دستورا (جماهيريا).
اليوم اذا سأل الشعب المحروم في العراق، ماذا يريد؟ عندئذ يكون جوابه سريعا وهو عرض النقاط الرئيسية للدستور (الجماهيري) بأبسط صوره.
ولذلك اذا لم يوجد هذا التحفيز الجماهيري واعطاء الاهمية لرأي الجماهير، فان الدستور التي سيصاغ، هو (دستور السياسيين في السلطة) الذي رأيناهم في العامين الماضيين.
الشعب العراقي اليوم يحتاج الى دستور على الاقل يثبت له بعض الامور والجوانب الرئيسية في حياته، هذا بالرغم من ان الدستور (بمعنى الدستور وتعريفه السابق!!) مختصر و لايكتب فيه تفاصيل الحياة المختلفة والمتعددة للشعب. ولكن يمكن اين يدون فيه بعض الامور او بعض المواضيع التي حتى اذا كانت بصورة غير مباشرة يمكن ان يشعر الانسان بان هذا الدستور، بصورة عامة يعبر عن صياغة برنامج معتدل ولائق لحياة مدنية ومتطورة للشعب العراقي.
هنا وبصورة مختصرة نستطيع ان نتحدث عن بعض المواضيع (الرئيسية منها) وفي نفس الوقت نرى انه من واجبنا ان ننقله من اطار الكتابة الى الميدان العملي - الاجتماعي ونجعل منه وعي عام بين الناس ومنها:
1- احد اسباب القتال وجعل المواطنين من الدرجة الثانية وتأجيج ساحة القتال والعداء بين العراقيين هو مسألة الاغلبية والاقلية، من المفروض ان ينبذ مصطلح (الاغلبية والاقلية) سواء كانت قومية او مذهبية من الدستور الجديد وان ينظر الى المواطنين نظرة متساوية، والا فان ما يصطلح عليه بالعرب السنة، التركمان، الكرد، اليزيدية، المسيحيين، ...هؤلاء ينظر اليهم كأقلية من قبل اخرين ويتعين عليهم ان يستعدوا لحرب (الاغلبية والاقلية) غير العادلة.
الشعب العراقي قد دفع ثمناً باهضا لهذه المغاهيم الخاطئة ولا يرضون ان يمهد لهم القوى البرجوازية الطريق الى حروب اهلية.
2-مسألة القوميات، وهذه مثل النقطة الاولى وان الشعب دفع ثمن هذخ المسألة بشكل اكبر وفي الحقيقة ان الشعب العراقي بكل قومياته يستطيع ان يعيش معا بسلام كما في اكثرية الدول الاخرى، اذا ما تركهم الاحزاب القومية الكردية والعربية والشيعية والدول المجاورة. انها محاولات مبرمجة لجهات مختلفة لاذكاء نار الفتنة القومية، من لايعلم انه بعد سقوط نظام البعث كانت هذه المسألة اهون واقل شدة، السؤال هو عندما يرحل نظام مثل البعث، لماذا يحتفل الناس سوية بكل قومياتهم دون ان يحدث قتال بينهم؟ وايضا نتسائل لماذا تعمق مشكلة القوميات والمذاهب بعد ان تسلم ممثلوا الديمقراطية هؤلاء السلطة.
الشعب العراقي يجب ان يتيقن بأن هذه القوى يحضرون جيوشا لحروب قومية ومذهبية (سياستهم اليومية شاهد على هذا). لذلك فان تثبيت حق المواطنة المتساوية ومنع النظرة الى القوميات على اساس الاغلبية والاقلية،احد الضمانات الكفيلة بمنع نشوب حرب قومية. وحل هذه المسألة يعتبر فك لاهم عقدة مستعصية، ويبشر بمستقبل زاهر وانساني لعموم الشعب العراقي.

3- فصل الدين عن الدولة:
من الواضح اننا تكلمنا كثيرا عن هذا الموضوع، وباختصار فانني اعيد فقط، انه من الضروري ان ينظر الى دين في الدستور الجديد كمسألة شخصية، ويجب ان يكون كل شخص حرا في ممارسة دينه ولا يتعرض أي شخص لضغوطات بسبب عقيدته.
دمج الدين والسلطة على مرّ التأريخ جرّ معه سفك الدماء وانتهاك الحقوق او الحقد والكراهية (الاجتماعية!). اذ نستطيع ان نقول وباختصار (يجب ان لا يفرض أي دين على الجميع، ويجب المحافظة على الحريات الشخصية للكل، الجميع يكونون احرارا بغض النظر عن ممارسته لاي دين او مذهب او عدم ممارسته له).

4- الانتخابات:
كثيرة هي عدد الانتخابات التي اجريت في العالم، سواء اجريت هذه الانتخابات بشكل شامل او نظمت في اطار التنظيمات أو المؤسسات صغيرة، لكن قليلة وقريبة من الصفر هي عدد الانتخابات التي افرزت نتائج جيدة، ورضيت عنها حتى المصوتين فيها. لم الامر بهذه الصورة ؟ ايكمن السبب في ان الانتخابات نفسها عملية خاطئة وسلبية؟
يبدو ان الجواب واضح، الانتخابات دائما هي الافضل من فرض الاشخاص والتعيين المسبق، اذن المشلكة ليست في الانتخابات ذاتها، انما اصل المشلكة تكمن في الاسس والاطر المتناقضة للانتخابات (الشائعة) التي لاتلائم المحتوى النقي من فوق الى تحت، او احد نقاط الضعف في الانتخابات هي ان الانتخابات تجرى من فوق الى تحت او يفرض عليه ان يجرى هكذا حتى ان لم تكن كذلك، يمعنى ان الناس بدل ان ينتخبوا الاشخاص الذين هم اقرب اليهم في محيطهم وفي دائرة حياتهم اليومية. وبذلك يتجه العملية نحو الاعلى، لكن بالعكس فان في الكثير من الانتخابات في العالم، يعين وينتخب الاشخاص الذين هم ابعد ما يكونون عن الناس وتفاصيل حياتهم.
وذلك فان جعل الانتخابات تجري من الاسفل الى الاعلى وليس بالعكس هي ضمانة اخرى للحرية وحياة افضل والتعايش السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمجتمع ما.
على سبيل المثال اذا ماعُيَن ممثلي المدن والبلدات من قبل سكان تلك المناطق انفسهم وبكل نواقصه هو افضل، فهي على الاقل تجسيم افضل للحرية والانتخاب الحي هو اكثر واقعية من ان تجبر الناس على ان يعينوا لهم شخص او مجموعة اشخاص وبعد ذلك يضطر الانسان وحسب المعايير غير المتجانسة ان ينتخب ويجعل من الانتخابات مجرد عملية ميتة بلا مضمون.
5- تحديد السلطات العسكرية والامنية:
على مرّ التاريخ العراقي وبين الجماهير الشعب كانت الظواهر العسكرية ومفردات العسكر والامن والاستخبارات..الخ. هذه كلها من جهة كانت مصدر الرعب وقمع الناس ومن جهة اخرى كانت محل ازدراء الناس منها.
المشكلة هنا انه بالرغم من كل ادعاءات اصحاب السلطة في العراق منذ عشرينات القرن العشرين ولحد الان حول ان هذه المؤسسات وجدت لامن الناس والعراق وسعادة الجماهير، ولكن الوقت اثبتت ان المؤسسات العسكرية والمسلحة كانت اكبر وبالا على الناس، واليوم وفي الوقت الذي يمدون ايديهم وقبل كل شيء الى تأسيس الجيش وحتى ان بعض الجهات بدون ان يخجل يتحدثون على ان الجيش العراقي لم يكن من المفروض ان تحل، نرى بأعيننا مسالة اعادة تشكيل الجيش والمؤسسات التجسسية اصبحت العمل الاول لاصحاب السلطة بحجة غياب الامن.
صحيح ان هنالك مشكلة الامن في العراق، لكن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ليست اقل شأنا من المشاكل الامنية، لكنا لانرى خطوات جدية ومبرمجة لهذه المشاكل المستمرة للناس، هذا في الوقت الذي يمكن لحل هذه المشاكل ان يحل الجزء الاكبر من المشاكل الامنية.
اذ فليطئمن الشعب من الان بأن اصحاب السلطة والامبريالية الامريكية بصدد اعادة احدى المظاهر والاحداث المرعبة لماضينا، وبصدد تشكيل الجيش الذي من المستحيل ان نعيش في ظلها بسعادة وامن. وانها الابقاء على شبح البعث مرة اخرى فوق رؤوسنا، يجب ان لا يسكت الشعب العراقي على هذا أبداً، المؤسسة الامنية يجب ان تكون له شكل ومضمون مدني ومؤسسة حفظ وتحقيق امن الشعب بالفعل. هذا ممكن ومجرب في الكثير من مناطق العالم وحتى اذا لم تكن متفائلين تجاه ذلك الا انه على الاقل يمكن في الوقت الحاضر ان يكون هنالك مؤسسة من هذا النوع تكون مجردة من اية سلطة للتدخل في الشؤون (السياسية) ومنزوعة من اية عقيدة سياسية معينة.
6-...
7-...


الكلمة الاخيرة: نداء، مرة اخرى!
بقي ان نصر مرة اخرى على محاولة رص صفوفنا. مرة اخرى نقول هذه فرصة تاريخية ومجال وزمن وفرصة لكل القوى اليسارية واليمينية، للرجعيين والتقدميين، لرسم الاحداث وطبعها بطابعهم.
في العراق، ليس قليلا عدد الشيوعيين واليساريين والاحرار والمفكرين وقادة الطبقة العاملة والطبقات الاجتماعية و...الخ. هذا بجانب جزء من التراث والتأريخ التقدمي للعراق. هذه ذخيرة لعملنا ونضالنا. لايستطيع أي طرف أن يكون اكثر ثورية وحقانية من المجتمع العراقي بالرغم من كل التحايلات عليه لكن داخله مليئ بالغضب وعدم الرضا بوجه المتسلطين والمعارضة الارهابية..
هذه كلها في خدمة محاولاتنا (بالرغم من ان الظرف العام الموضوعي ليس في صالحنا) فلنوحد محاولاتنا، ونكثر من حلفاءنا، وندخل في مسألة الدستور عمليا.
الى الامام نحو تثبيت دستور لصالح الشعب العراقي المستغل والمحروم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا