الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما نبعث نحن الموتى

ثائر زكي الزعزوع

2005 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


عندما نبعث نحن الموتى

ثائر زكي الزعزوع
تعم التظاهرات والندوات أرجاء العالم مطالبة بالتخلص من الديكتاتورية، ونظام الحكم الواحد، ومطالبة بالديمقراطية باعتبارها الحل الجذري لكل المشاكل العالقة منذ عقود طويلة...
الشارع المصري يغلي كما لم يفعل من قبل منددا بالرئيس غير القابل للزوال، ومطالبا بضرورة فتح ملفات "باشاوات التعذيب" الذين انتهكوا كرامة المواطن المصري، وحركة "كفاية" يزداد المتحركون من خلال فلكها يوما بعد يوم، ولعل المشاهد التي تعرضها شاشات التلفزيونات تنبئ بأن النظام المصري صار ضعيفاً، وقد، هنا للتقليل، قد ينهار النظام بين ليلة وضحاها نتيجة هذه الضغوط الداخلية المتزايدة.
والمعارضة الليبية تطالب القذافي بالتنحي عن الحكم، وتطرح مشروع عمل للمرحلة التي تلي "الاستجابة" المفترضة للطلب من قبل العقيد"العميد" "كونه أقدم حاكم في العالم".
والشارع في سوريا بات أكثر ارتياحا في طرح فكرة التغيير، بعد أن أبدى استياءه من نتائج المؤتمر القطري العاشر الذي كان يعول عليه كثيرا، وصار يذكر بالاسم الفاسدين والمفسدين الذين شكلوا ذكرى غير حميدة في ذاكرة السوريين، وآن الأوان لمعالجة أوضاعهم...
قبل ذلك كان الحراك لبنانيا عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وقد أدى ذلك الحراك وقتها إلى استقالة حكومة عمر كرامي، وأدى بعد ذلك إلى عودة الجنرال المنفي ميشيل عون، ومازال الشارع اللبناني مشتعلا غضبا والأصوات تعلو يوما بعد يوم للمطالبة برحيل الرئيس الممدد له أميل لحود.
هكذا فجأة وفي غضون سنتين اثنتين تغيرت صورة الشارع العربي، الذي لم يكن يراهن عليه إلا في الاستفتاءات الرئاسية، إذ كان الشارع الوحيد في العالم الذي يستطيع الحاكم أن يحصد من خلاله الأغلبية الساحقة، و النسبة المذهلة التي تبلغ 99.99 والتي تحولت مع مرور الأيام إلى طرفة لطالما استخدمت في العروض المسرحية الكوميدية، وإلى نكتة يتداولها أبناء الشارع العربي أنفسهم.
برزت خلال السنتين المنصرمتين، وتحديدا منذ احتلال بغداد وإسقاط نظام صدام حسين، العديد من الحركات والتنظيمات السياسية، والحقوق إنسانية، والاجتماعية، التي تطالب بإعادة هيكلة المجتمع العربي، بحيث تزول فكرة الحاكم الواحد الأوحد المستمدة أصلا من فكرة أمير المؤمنين، لتحل بديلا عنها فكرة الحكم الديمقراطي الذي يمكن أن يتغير بفعل عوامل انتخابية لا بفعل عوامل سماوية كالموت أو الاغتيال، وأن يخضع المسؤولون في الدولة التي يحلم المنادون بتحقيقها للمساءلة في حال ارتكبوا أي تقصير أثناء أدائهم واجبهم في خدمة مصالح الشعب، لا أن تكون مواقعهم تخولهم الخطأ دون الصواب، وقوانينهم منزلة لا تتم مناقشتها فهي صك جيء به من أعالي السماء.
هذه الأحلام كلها وأحلام سواها باتت كوابيس تؤرق صفو نوم الأنظمة العربية، وتمنعهم من التنعم بلذات الكرسي ورفاهية كونهم لا شركاء لهم، لهم الأرض وما عليها، وهم على كل شيء قادرون، وكل ذلك لأنهم باتوا يخشون أن تكرر الولايات المتحدة الأميركية ما فعلته مع نظام طالبان ومع نظام صدام، فلا هم يريدون أن يرسلوا إلى غوانتانامو، ولا يريدون أن تعرض صورهم بالملابس الداخلية ليراها الناس الذين عانوا أيما معاناة إبان فترة حكمهم وآن الأوان ليشمتوا بهم وليقولوا وبأصوات تصل إلى الجهات كلها: كم نحن فرحون، يستحقون هذا وأكثر.
وعلى الرغم من نفي الولايات المتحدة وعلى لسان أكبر قادتها أنها قد تلجأ إلى أسلوب الإطاحة الذي اتبعته مع طالبان وصدام، إلا إن وجود قواتها "المرعبة" قريبا في العراق وفي أفغانستان، يجعل من الصعب على "الحكام" تصديق التصريحات العليا، ويفضلون تصديق تلميحات لا تصريحات تطلقها مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية أو مساعد وزير الدفاع أو سيناتور متشدد بين حين وآخر.
ولكن لماذا يصدقون تلك التلميحات ولا يصدقون التصريحات والتطمينات؟
الأمر بسيط وواضح فكون الأعداء الذين خلقتهم هذه الأنظمة في الداخل هم أكثر بكثير من الحلفاء فإنها على ثقة شبه مطلقة بأن أي زلزلة يمكن أن تضرب البلد الذين يتربعون على عرشه منذ آلاف السنين قادرة وبسهولة على أن تلقي بهم في حفرة أشبه بحفرة الرئيس العراقي السابق، أو في كهف من كهوف الجبال كما هو الحال مع حكام أفغانستان السابقين.
الشارع العربي من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب بدأ يعد العدة لهدم التماثيل، وتمزيق الصور، والتخلص من الشعارات الأبدية، والهتافات التي تصم الآذان وهو موقن أن اللحظة لذلك لا شك آتية عاجلا أم آجلا، ولكنه مازال يحتفظ بقليل من كسل وخوف المراحل السابقة ولذلك فهو لا يكلف نفسه عناء الذهاب إلى تلك اللحظة التاريخية بل هو ينتظر مجيئها على أحر من الجمر.
وهكذا قد يستيقظ النائمون بل هكذا قد يبعث الموتى بالذهاب إلى اللحظة لا بانتظار مجيئها.
من أطرف التصريحات التي سمعتها خلال الشهرين الماضيين تصريح لولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز قاله حين حل ضيفا على باريس فهو بشر بالديمقراطية في المملكة العربية السعودية، فتخيلوا معي "الديمقراطية" في "المملكة العربية السعودية" وعلى يد آل سعود أنفسهم، كم ستبدو تلك الديمقراطية غريبة، بل لعلها ستبدو مضحكة...
ويا ديمقراطية يا...............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الأوروبية: من هم نواب البرلمان الأوروبي... وما ال


.. الوزير بيني غانتس يستقيل من حكومة الحرب الإسرائيلية ويدعو إل




.. دراسة إسرائيلية: جبهة حزب الله لا تحتمل الانتظار. فهل تشتعل


.. ما المشهد بين عائلات المحتجزين وأقطاب السياسة الإسرائيلية؟




.. رئيس لجنة الطوارئ برفح: توقف مولدات الكهرباء في المستشفيات س