الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دكتاتور قَيْد الصُّنْع!

جواد البشيتي

2014 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



إذا أَرَدتُّم دليلاً على دُنُوِّ إشراق شمس "الدولة المدنية" في مصر، وفَيْض انتخاباتها الرئاسية المقبلة ديمقراطيةً وحُرِّيَّةً، فإنِّي أُقَدِّم إليكم هذا الدليل الآن على شكل "تَهْنِئة" للمرشَّح الرئاسي المشير عبد الفتاح سعيد حسين خليل السيسي بفوزه العظيم بمنصب رئيس جمهورية مصر العربية؛ فهذا الرَّجُل، الذي يُمثِّل كلَّ تناقض خلاَّق مُفْعَم بالنَّشاط والحيوية، أَبى إلاَّ أنْ يؤسِّس لعهد سياسي جديد، مدني ديمقراطي، يليق بثورة 25 يناير، وهو يرتدي الزِّي العسكري؛ فلَمَّا استشعر ضرورة أنْ يُزوِّد جيشها العظيم أسلحةً قويةً، استبدَّل الزِّي المدني بالزِّي العسكري، ويَمَّمَ الكرملين وسيِّده بوتين، ليشتري منه السلاح (معبود كل جيش) بِثَمَنٍ اقتَطَعَه من أموال أَغْدَقَها عليه "المُحْسِنون العرب"، لعلَّه يُحْسِن السَّيْر بمصر إلى ما فيه نَفْعهم؛ ولقد أُريد لصفقة الأسلحة تلك أنْ تُذكِّر الناس (شرقاً وغرباً) بعهد جمال عبد الناصر، وبموسكو الحمراء، وبصفقة الأسلحة التشيكية؛ فإذا بها تَجْعَل "المُقارَنة" طريقاً إلى إظهار وإبراز وتأكيد الفَرْق في الجوهر والأساس؛ ولَمَّا قَبَض سيِّد الكرملين "الثَّمَن"، ثَمَّن (وبارَكَ) تَرشُّح السيسي لانتخابات الرئاسة المقبلة.
شكلاً ليس إلاَّ، سنرى، في انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، وعلى مستوى "التَّرَشُّح" و"المرشَّحين"، شيئاً من "التعدُّدية" و"المنافسة"؛ ولسوف تقيم هذه الانتخابات الدليل على أنَّ "الفوز بالتزكية" يمكن أنْ يتَّخِذ له هذا الشكل؛ فهل من المنطق والحكمة في شيء أنْ "يتوقَّع" المرء أنْ يَفْشَل ويُهْزَم المرشَّح المشير عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة، وهو الذي ما كان لِيَقْبَل خوض مُعْتَرِكها لولا "تفويض الجيش" و"طَلَب الشعب"؟!
الفريق (فالمشير) السيسي "يَقود" و"يَعْبُر"، أيْ يستطيع قيادة الأُمَّة، والعبور، غير مرَّة، بمصر وشعبها إلى حيث الأمن والأمان والاستقرار والرَّخاء، مُمَثِّلاً "الضرورة التاريخية"، وممتثِلاً لها؛ لكنَّه يَحْرِص دائماً على ألاَّ يبدأ قبل أنْ يُفَوِّضَ الجيشُ إليه الأَمْر، وقَبْل أنْ يرى "الشعب" يَنْزِل إلى الشارع، مُسْتَغيثاً صارِخاً "وامعتصماه"؛ فهذه "الشَّرْعية الشعبية" هي وحدها الطريق التي يُحَبِّذ إلى "الشرعية الدستورية"؛ فـ "الانقلاب العسكري (الذي لا ريب فيه)" يُشَرْعَن أوَّلاً بـ "النزول الشعبي العظيم"، ثمَّ تأتي الانتخابات الرئاسية لِتُتَمِّمَ شَرْعنته.
هذا "المُرشَّح" سيفوز، ولن يخسر؛ لأنَّ "الشعب" ليس "صِبيانياً"، ليُبايعه، في الشارع، على أنْ يُصوِّت له؛ ثمَّ يَغْدُر به يوم الاقتراع!
إذا أَرَدتُّم جواباً عن سؤال "كيف تَصْنَع دكتاتوراً؟"، فما عليكم إلاَّ أنْ تَنْظروا بعيون يقظة، لا تغشاها أوهام، إلى صُعود نجم السيسي، فباسم هذا الرَّجُل الآن يُسمَّى بعض الزيوت، وبعض أنواع الشكولاتة، في مصر الآن؛ وعَمَّا قريب، قد يَصْدُر له ما يشبه "الكِتاب الأخضر"؛ فهو نَهِمٌ في السُّلْطة، وفي طَلَب "العَظَمة" و"التَّعظيم".
في الثالث من تموز/يوليو 2013، لَبِسَ الفريق السيسي لبوس "بونابرت"، مؤسِّساً لـ "حُكْمٍ بونابرتي" جديد؛ وكانت "الصورة الشهيرة"، التي ظَهَر فيها "الجنرال" متوسِّطاً "الهلال (أيْ الأزهر وشيخه)" و"الصليب (أي الكنيسة القبطية ورئيسها)"؛ فإنَّ لـ "مدنية" الدولة، في عهد السيسي، أقانيمها الثلاثة: "الجيش" و"الهلال" و"الصليب".
وكان لبعض رجال "المؤسَّسة الدينية (الأزهرية)" مساهمة جليلة في رَسْم "الصُورة"، صورة الشخص والعهد؛ فشيخ الأزهر رأى "الخوارِج" يَظْهَرون في المعارَضة، فقال: "المعارضة السلمية لوليِّ الأمر الشرعي (أيْ السيسي) جائزة ومباحة شرعاً؛ ولا علاقة لها بالإيمان والكفر؛ أمَّا العنف والخروج المسلَّح، فهو معصية كبيرة، ارتكبها الخوارج في خروجهم على الخلفاء الراشدين (من أمثال السيسي)".
وكيل الأزهر السابق الشيخ محمود عاشور، وكمثل مَنْ أُوحي إليه، قال: "إنَّ الله مَنَّ على مصر بالفريق عبد الفتاح السيسي، وإنَّه لَمِنْ فضائل الله سبحانه وتعالى على المصريين".
وفي حضور هذا الذي مَنَّ الله على مصر به، قال مفتي الديار المصرية السابق علي جمعة: "إنَّ الرؤى قد تواترت على أنَّ قادة الجيش المصري (وفي مقدَّمهم السيسي) مُؤيَّدون من الرسول، وإنَّ عليهم محاربة الخوارج".
بكلِّ ما شاخ، وتَقادَم عهده، وأكل عليه الدهر وشرب، يريد "الرئيس" السيسي بناء المستقبل، أو "مصر المستقبل"؛ ولقد عَرَف بعض شيوخ الأزهر كيف يَسْتَحْضِرون لـ "الرئيس المقبل" كثيراً من "أرواح الماضي"؛ فـ "الخوارِج" ظَهَروا في "المعارَضَة (المصرية لحكم السيسي)"، وتمادوا في خروجهم على عهد يشبه عهد الخلفاء الراشدين؛ فإذا كان المشرق العربي مسرحاً لصراعٍ جديد، أيْ قديم متجدِّد، شُخوصه عُمَر وعلي ومعاوية ويزيد والحسن والحسين..، فإنَّ "أرض الكنانة" مسرح لصراعٍ يخوضه "خوارج جُدُد"؛ وعلى "الرَّعية" أنْ تنتصر للجنرال، المؤيَّد من الرسول، والذي يشبه، في عهده، الخلفاء الراشدين، حتى ينتصر على هؤلاء الخوارج، الخارجين عليه!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفاشيه العسكريه تبحث عن شرعيه
حاتم حسن ( 2014 / 2 / 22 - 21:16 )
الفاشيه العسكريه و لخوائها الفكري والاخلاقي تبحث عن اسهل الطرق في اكتساب الشرعيه ومنها اللجوء الي المؤسسات الدينيه الرسميه والمرتزقه من رموزها --وهذا المسعي يتسق تماما مع طبيعه جمهور الطرفين وقوامه الرئيس من الغوغاء وضعاف العقول من ضحايا عقود طويله من التجهيل وانهيار نظم التعليم وانحطاط الاعلام وتدهور الثقافه والاستغراق التام في تحصيل لقمه العيش
هذا الجمهور كان هو الغطاء للانقلاب العسكري الفاشي في 3 يوليو- وللمفارقه المدهشه هو نفس الجمهور الذي دفع بالاخوان المسلمين الي صداره المشهد قبلها بعام واحد عبر انتخابات البرلمان عندما انجرف وراء اسطوره(الناس بتوع ربنا)
الطريف في الامر ان كثير من المثقفين(الليبرليين واليساريين) قد ابتلع الطعم وخرج بمقوله الشعب العظيم الذي ثار ضد الفاشيه الدينيه-واتضح ان شريحه كبيره من هؤلاء المثقفين -وللمفارقه المدهشه ايضا- حالهم لايقل سوءا عن الغوغاء في بساطه تفكيرهم وقابليتهم للايحاء وابتلاع الاكاذيب والاوهام والمتناقضات
الحاله المصريه مابعد 3 يوليو تقدم نموذجا تاريخيا نادرا يصلح كدراسه حاله وربما تاسيس في علم النفس المرضي (للشعوب)


2 - خليك فى حالك
د/ سالم محمد , , دكتوراه فى تاريخ مصر ا ( 2014 / 2 / 22 - 21:51 )
انصحك يا اخ جواد بعدم التعرض للشأن المصرى
مصر تخوض حربا شرسة ضد الفاشية الاسلامية
و نحتاج الى زعيم يجمع الامة المصرية لعبور المستنقع الاخوانى العفن
خليك فى حالك
بطل سفسطة فارغة


3 - تخرصات الإخوان المسلين
فؤاد النمري ( 2014 / 2 / 23 - 05:51 )
السؤال هو كيف تأخذ تخرصات الإخوان المسلمين رفيقنا جواد البشيتي وصديقنا العزيز حاتم حسن إلى غير خطاب يليق بهما
هل للأفكار أعلاه أية علاقة بالنمو الطبقي والتنمية الاجتماعية في مصر ؟
أم أنها مجرد تخرصات تفترض أن البنية السياسية للدولة لا علاقة لها بالبنية الطبقية وعلاقات الإنتاج ؟
لن يبرر مثل هذه التخرصات غير أن يسمي رفيقنا جواد البشيتي وصديقنا حاتم حسن الهوية الطبقية للرئيس المقبل المفضل لديهما في مصر
وصف عبد الناصر بالدكتاتور العسكري لكنه انتهى لأن يكون القائد اًلتاريخي الأعظم لثورة التحرر الوطني العالمية التي كان لها شرف تفكيك النظام الرأسمالي الإمبريالي في العالم كله
بالطبع لن بكون السيسي ناصر الثاني وسيفشل في قيادة مصر وسيفشل أي مصري آخر لأن أي تنمية اجتماعية ما زالت غائبة عن أجندة العالم
لكل ذلك أنا أشفق على المشيرالذي سيفشل رغم أن نبضه من نبض الشارع المصري
كنت كتبت في الحوار عما يحدث في مصر وفي تونس وهو التشخيص الحقيقي للربيع العربي في 14 فبراير من العام 2011


4 - ديكتاتور
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 2 / 23 - 11:14 )
ليس هناك ديكتاتور ولا هم يحزنون
كل ما هنالك وبكل بساطة رجل عسكري على هرم السلطة في مصر
إستغاث به الشعب المصري خلال حكم مرسي الديكتاتور الحقيقي الذي
أراد تحويل مصر إلى دولة دينية تشبه دولة الفقهاء في ايران فاستجاب هذا الرجل العظيم إلى نداء شعبه وأزال الورم الخبيث من على صدر مصر العظيمة مصر الغنية بالمفكرين والأدباء والفنانين
فهل مثل مصر يحكمها الفقهاء ؟ أنت لست على صواب ياأخي البشيتي
مصر لن يحدث لها مكروه مصر الفراعنة مصر الضباط الأحرار مصر
المعلمة مصر الفنانة لن يحكمها المتخلفون ونحن متأكدون من ذلك
وعصابة الإخوان التي خانت وتريد الإستمرار في خيانتها للوطن وتتآمر
عليه مع المتخلفين مثلها لن تنجح هذه مصر هذه أم الدنيا وأم العرب وعلى هداها سنسير وإذا كان السيسي عسكريا ففرنسا الحرة أيضا كان يديرها العسكري دوكول فما دام المواطن ديمقراطيا
فلا ضير أن يكون عسكريا أو مدنيا
فالعبرة في النتيجة


5 - ليس ماضينا سيد جواد
عادل الليثى ( 2014 / 2 / 24 - 06:09 )
ليس ماضينا سيد جواد .. خوارج وخلفاء وعُمَر وعلي ومعاوية ويزيد والحسن والحسين ... ولم يكن رزقنا يوماً تحت ظل رمحنا .. ولم نغنم بنات الأصفر ... نحن أبناء النيل أبناء مصر أبناء أحمس ورمسيس .. ولن يكون حاضرنا أو مستقبلنا عصابة أخرى تحت أسم الإخوان المسلمين ... فأبحث عن سوق أخر لبضاعتك .

اخر الافلام

.. تزايد القلق بشأن صحة الرئيس الأمريكي بايدن والبيت الأبيض يحا


.. الخلافات في الداخل الإسرائيلي.. تشابكات تعقد المشهد بسبب حرب




.. تركيا تغلق الحدود مع سوريا عقب اندلاع أعمال عنف في البلدين


.. حصانة الرئيس.. بايدن يعلق على قرار المحكمة العليا بشأن ترامب




.. كلمات صمود لطفلة من غزة تتشح بعلم فلسطين