الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة / شجرة الذكريات

نعمة ياسين عكظ

2014 / 2 / 22
الادب والفن


كانت تراقبه من نافذة بيتها في المزرعة التي اشترتها حديثا ، وهو يجلس تحت ظل هذه الشجرة التي كانت قبل عقود من الزمن مكان التقائهما حيث يجلسون لساعات يرسمون احلامهم . ويطرزوها بقبلاتهم وضحكاتهم ومزاحهم ويحرصون دوما ان لا ترتفع اصواتهم خوفا من ازعاج العصافير التي تتناسل مزقزفة على اغصانها . وكانت هذه الشجرة امينة على حفظ اسرارهما من اعين الحساد والحاقدين ، والذين استطاعوا اخيرا من تفرقتهم مستغلين الفارق الطبقي بينهما .
اعتاد هو الجلوس بمعدل يومي يستظل بهذه الشجرة يجتر الذكريات الجميلة ويصور احلاما بلقاء سيجمعهما يوم ما ويصنع في خياله الكثير من الاحتمالات بكيفية وشكل هذا اللقاء ويسطر على اوراقه خواطره واشعاره .
أفاق يوما وهو غارق في أحلامه وذكرياته على صوت رجال يلقون عليه التحية ويطلبون منه مغادرة المكان لانهم يريدون اقتلاع هذه الشجرة ... احدث هذا الموقف في نفسه صدمة قوية ضل ساهما لفترة من الزمن وهو يتفرس بوجوههم واحدا بعد الاخر لا يدري ماذا يفعل او ماذا يقول ، اخيرا قال لهم بصوت مخنوق بعد ان استجمع قواه .:
- لماذا هذه الشجرة ؟ هناك اشجار اخرى كثيرة تسبب الأذى للمزروعات أما هذه فليس لها أي تأثير .. رد عليه أحدهم:
- إنها أوامر صاحبة المزرعة !! وما يأيدينا غير التنفيذ
هو سمع قبل أيام ان المزرعة قد بيعت الى إمرأة لكنه يجهل من تكون ولم يعنيه ذلك بشيء...
حاول أن يثنيهم بكل السبل دون جدوى .. وأخبروه بانهم ارادوا أن يقنعوها بعدم اقتلاعها الا انها لم تقبل ورفضت مناقشة الموضوع ... قال أحدهم :
إن كنت تعتز لماذا لم تشتر الارض وتفعل بها ما تريد؟ ..
طأطأ برأسه وتنحى جانبا متجنبا النظر الى الفؤوس التي بدأت تضرب جذع الشجرة بقسوة . كان يحس بالالم يسري في جسده مع كل ضربة فأس فيصرخ من شدته ، واخذ يراقب العصافير التي هربت مذعورة تاركة أعشاشها . محدثا نفسه :
- لا ادري ايّنا يعزي الاخر هل اعزي العصافير ام هي التي تعزيني ؟؟..
- هل سيتركون جزءا من الساق؟ . فيعود وينمو ويتفرع من جديد وسأحرص على العناية به الى أن تعود شجرة كما كانت.. إلا إن صوتا قطع تفكيره :
- ان السيدة تقول اقتلعوها من الجذر لا تبقوا لها أثرا !!
إستمرت الفؤوس بالضرب والحفر حول جذورها حتى هوت الى الارض محدثة عاصفة من الغبار حجبت الرؤيا منه بالكامل .. سمع وهو في منتصف هذه الكمية من الغبار ضحكتها تأتيه من بعيد والذي ضل يتردد على مسمعه وهم يساوون الحفرة التي حدثت في مكان الجذور ويوارون ذكرياته التراب ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل