الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اخر الزمر طيط

جواد كاظم البياتي

2014 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


آخر الزمــــر ( طيـــــــــط )
جواد البياتي
العنوان هو من الامثال المصرية الطريفة ، والزمر هو فعل النفخ في آلة محسوبة على عائلة الآلات الموسيقية الهوائية تصدر صوتا صارخا ، وهذه الآلة تعمل بمشاركة زميلاتها : الصنج والطبل البلدي والرق . ولمجموع صوت هذه الآلات تهتز اجسام السامعين طربا ، والمزمار هي الآلة التي تكاد تكون الوحيدة التي تبدأ ب ( طيط ) وتنتهي ب ( طيط ) يفضي الى ختام الحفلة .
ولا أدري ان كانت هذه الاستهلالية تتلائم مع مانريد الحديث عنه في موضوع ( الديمقراطية المسلفنة ) التي اهدتها لنا الولايات المتحدة قبل عشر سنوات ، وتحت ظلها راح اهلنا من السياسيين يتسابقون وكأنهم يتسابقون نحو مائدة تعددت فيها اصناف الطعام ( بوفيه ) فكان كل منهم يتجه نحو الصنف الذي يعشقه ، لذلك فان الكثير منهم قد عاد من حيث أتى عندما وجد نفسه متأخرا في الوصول ولم يجد غير فتات وكانت الاصناف الطيبة من نصيب غيره ، فالعلوي والخطيب والصميدعي والبياتي وغيرهم عادوا وبعضهم ارتضى ــ بتواضع اجباري ــ على القبول بوظيفة اعتبارية في نيويورك ضمن كادر العلاقات العامة للحفاظ على الوصل مع بحيرة العسل في العراق .
وربما تكون الديمقراطية في بلدنا هي من اغرب الديمقراطيات في العالم ، فلأول مرة في ( التاريخ الديمقراطي ) ــ ان صح التعبير ــ تنتج الديمقراطية جوقة يعزف كل فريق منها على آلة ( سياسية ) من نوع غريب بعيدة في ايقاعها عما يعزفه الآخرون من الالات الهوائية الاخرى التي لاتنسجم مع الاصوات الاخرى . وكان لابد للمسرح السياسي بعد / 2003 ان يتمترس كل فريق بألحانه وفي مكان ما على المسرح ، فتحصحص القوم وتفاقمت المشاكل التي صنعتها المحاصصة والتي اصبحت الشكوك في النوايا قبل الاعمال من اوائل الامراض الديمقراطية في هذا الوطن ، واصبح المرض عضالاً بفعل العلاجات الخاطئة الناتجة عن سوء التشخيص وهذا ما أرسل الكثير من اهلنا الى المقابر او اقعدتهم مفخخات الارهاب في بيوتهم يعتمدون في قضاء حاجاتهم على من هم حولهم .
لقد اخذت الازمات التي افرزتها المحاصصة تكبر ، حالها حال الاورام التي لاينفع معها العلاج بالمسكنات والمشرط والأشعاع الكيمياوي ، نحن الآن بأنتظار الموت السريري للديمقراطية ، خاصة بعد ان اتخذ العازفون من كل الاطراف الوسائل التي تكفل لهم البقاء الذي يتلائم مع هذا النوع من الديمقراطية ، وقد كان لدروع الوقاية التي تنفّذ رغبات الزمارين والطبالبن وضاربي الصنج والرق دور كبير في استمرارية هذا العزف اليومي على المسرح السياسي ، وبقي من خارجه تحت وطأة العذاب اليومي من خوف او موت او اعاقة او تهجير وفقر ومرض وجهل وجوع.
ليس هناك من احد خارج الاتهام في تدمير هذا البلد وشعبه ، الكل مسؤولون عن هذا الانجاز التخريبي الكبير ، ان من عاش عقود الحروب والمطاردة والظلم والتهجير خلال النظام السابق هم اكثر الناس تعجبا واستغرابا مما يجري الآن على هذه الارض في زمن هذه الديمقراطية المميتة ، التي فقدت اهم عناصرها وهي احترام القوانين والانظمة التي حلت محلها القرارات الارتجالية لبعض المتنفذين في الكتل السياسية او الدينية او الطائفية تحت شتى الذرائع والاعذار والشعارات ، لقد وصلت الازمة الديمقراطية ذروتها عندما اصبح الجميع كلّ يعمل لحسابه الخاص دون الرجوع الى كتلة او حزب ، وربما يلجأ اليها عند اقتضاء الحاجة .
ومن الطريف ا ن اي نائب او مسؤول عندما تتوجه اليه الاسئلة او الاتهام بالفساد او الفشل يعلن ان خلف ذلك دوافع سياسية ، وهذا يعني ان الحبل بدأ يترك على الغارب وان مابدأت به جوقة النظام السابق من زمر تعيد نفسها اليوم وقد تنتهي كما بدأت ب ( طيط ) دون ان نفهم شيئا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل