الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكورد في سوريا واقتناص الفرصة التاريخية

جوان ديبو

2014 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


يتحين الكورد في سوريا الفرصة التاريخية التي طالما انتظروها بفارغ الصبر للانعتاق من براثن الانظمة الديكتاتورية المركزية الآثمة التي حكمت وما تزال بالحديد والنار والجاثمة على صدورهم كما على صدور ملايين السوريين منذ عشرات السنين رغما عن ارادتهم.
ويتراءى لهم بأن تلك الفرصة الذهبية باتت وشيكة وعلى الابواب ووجب اقتناصها وحان آوان قطافها وقد لا تتكرر مثل هذه الفرص كل عشرات السنين الا مرة واحدة. خاصة بعد ان باتوا على قناعة راسخة بنفاذ الامل وتضاؤل الفرص في زوال مظاهر الاضطهاد القومي والسياسي والثقافي عن كاهلهم بالاساليب التقليدية في النضال في ظل عدم التكافؤ بين قدراتهم المتواضعة وبين جبروت وسطوة الانظمة الديكتاتورية المركزية الحاكمة , واشادتهم الدائمة في هذا المضمار بتجربة اقرانهم في كوردستان ( العراق ) , الذين لم يكن باستطاعتهم الولوج الى ماهم عليه , لولا فرصة التدخل العسكري الامريكي في العراق سنة 2003 والتي اطاحت بحكم حزب البعث , مع تباينات جذرية في حيثيات التجربتين.
لكن الايغال بعمق في حيثيات وماهية هذا التمني والحلم المشروع لكورد سوريا يصطدم بتحديات داخلية واقليمية ودولية جسام . فعلى الصعيد الكوردي الرسمي والشعبي الداخلي في سوريا الكورد منقسمون فيما بينهم وعلى انفسهم في المواقف من الثورة السورية ومن المعارضات السورية المتنوعة وهم موزعون في الانضواء سياسيا ما بين هيئة التنسيق الوطنية من خلال مجلس غربي كوردستان القوة الحقيقية الضاربة في المناطق الكوردية وما بين الائتلاف الوطني السوري من خلال المجلس الوطني الكوردي الذي ينضوي تحت لوائه مجموعة من الاحزاب التقليدية التي تفتقر الى القوة والجماهيرية وليست لها اية سلطة فعلية على الارض , كما ان سياسة المحاور والتجاذبات الكوردستانية اثرت سلبا على حاضر ومستقبل الاداء السياسي الكوردي في سوريا واحدثت شروخا عميقة في الحياة السياسية والحزبية والاجتماعية لدى الكورد في سوريا المنقسمين في الولاء الى الحزب الديمقراطي الكوردستاني في كوردستان ( العراق ) بزعامة رئيس اقليم كوردستان مسعود البارزاني ممثلين بالمجلس الوطني الكوردي من جهة , والى حزب العمال الكوردستاني بزعامة رئيسه المعتقل عبدالله اوجلان ممثلين بمجلس غرب كوردستان وقوته الرئيسية حزب الاتحاد الديمقراطي من جهة ثانية.
وعلى الصعيد الوطني السوري فان قوى المعارضات السورية السياسية والعسكرية المختلفة لا تستسيغ الاطروحات الكوردية في تأويل القضية الكوردية في سوريا ولا اشكال ومشاريع الحلول التي تطرحها منذ عشرات السنين والتي انتعشت وعلا سقفها في الاونة الاخيرة ابان الثورة السورية وعسكرتها لاحقا , بسبب هيمنة تيار الاخوان المسلمين العدو التقليدي للتطلعات القومية المشروعة لكورد سوريا على مقاليد القيادة في المجلس الوطني السوري القوة الرئيسية الطاغية في الائتلاف مع البقية الباقية من القوميين والشيوعيين العرب , والتي لا يختلف عنها كثيرا المواقف الرسمية لهيئة التنسيق الوطنية ويظهر ذلك جليا في برامج الطرفين ومن خلال سيل التصريحات من قادتها حيال المعضلة الكوردية في سوريا, وهذا ما حدا بأغلبية الكورد في سوريا الى العزوف عمليا بالانخراط في الثورة السورية بعد توجسهم من البديل الذي يتراءى في الافق , علما ان الكورد في سوريا كانوا وما زالوا من اكثر المتضررين من حكم العصابة الحالية , وهذا ما فسر اندفاعهم القوي في بدايات الثورة في الانخراط بفعالية في المظاهرات التي كانت تدار في مختلف المناطق الكوردية والتي تقاعست وانحسرت تدريجيا لاسباب عديدة لعل ابرزها المواقف السلبية التي ابدتها المعارضة السورية من قضيتهم ومعاناتهم والتي لم يتجاوز حدود كرمها عندما كانت تتطرق مكرهة الى الموضوع الكوردي سقف المواطنة ناهيكم عن تفاصيل التأويلات التي تتقاطع الى حد بعيد مع تكتيكات النظام الاسدي ازاء هذا الموضوع.
كما ان تركيا التي كابدت من الفوبيا الكوردية بشكل مزمن نتيجة سياساتها الخاطئة لا تنفك وتظهر امتعاضها من الطموح الكوردي الجارف في سوريا من خلال معاداتها العلنية للادارة الذاتية التي اعلنها مجلس غرب كوردستان وخاصة بعد الظهور والتفوق العسكري اللافت للنظر لعتاصر قوات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ودحرها قوات داعش والنصرة ( المدللة تركيا ) في اغلبية المناطق الكوردية.
كما ان عدم تجاوب المجتمع الدولي في تفهم خصوصية قضيتهم يضفي المزيد من التعقيدات والصعوبات التي تكتنف سبل حلها وهذا ما بدا جليا في رفض رعاة جنيف 2 في وجود وفد كوردي مفاوض مستقل في المباحثات , الموقف الذي كان قاسما مشتركا بين جميع رعاة المؤتمر بالاضافة الى تركيا والائتلاف وحتى النظام السوري.
ويبقى النظام الاسدي راس الحربة في سلسلة المخاطر المحدقة بالطموح الكوردي , وما شهر العسل المر الحالي بينه وبين الكورد في سوريا كما يحلو للكثيرين تسميته الا مسألة وقت واولويات بالنسبة للنظام , وليس مستبعدا ان يحارب الكورد في المستقبل اذا ما ابوا القاء السلاح بعد استتباب الاوضاع في المناطق المفصلية من سوريا كدمشق وحلب , باسم العروبة والقومية العربية والدفاع عن وحدة الوطن في وجه الخطر الكوردي الداهم , بعد ان يحرز الانتصار على الشعب السوري ( الارهابي ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟