الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


.. مشهد / سلمى والنهر

سعدي عباس العبد

2014 / 2 / 24
الادب والفن


* كانت قد مرّت ايّام من الخيبات ، ايّام ثقيلة من اليأس واللاجدوى ، لما فوجئت بسلمى في بيتنا !! ، اقصد بيت أختي ..فانا لم يعدّ ليّ بيت منذ عودتي من الأسر ، او الظلام والعزلة ، رأيتها تقتعد طرف الكنبة البعيد ، ملمومة على نفسها ، على جمالها وسحرها وذكرياتها . جنبها كانت اختي ..كانتا منزويتين عند الركن القصي من الغرفة ، تتجاذبان اطراف حديث ما ، كنت عائدا من النهر ، عائدا من طيفها ، ورائحتها ! ، عائد من مرافىء تلك الاحلام التي باتت طيفا شاحبا يخفق في رياح الذكرى .. طافت ابتسامة مضيئة على شفتيها حالما رأتني ، ذات الابتسامة المشّعة ، الموّغلة في البعيد الشاحب ، ذاتها ..
كلا .. لم تكن تلك الابتسامة التي اسرتني ! .. كلا ليست هي ..ابتسامة النهر والاحلام ،
ايام ما كانت لنا احلام ننشرها فوق النهر ، عند الاشجار ، في طيران النوارس ، في ايام الإجازة الشحيحة ... كانت ابتسامة مغتصبة . متكلّفة ، لما لمحت الابتسامة تنطفىء ويخمد وهجها في لحظة شديدة الغموض ، شعرت بالمسافة التي تفصل بيننا ، كهوة تفصل بين جبلين ..كيف يلتحمان ..قبل انّ تمد يدها القديمة المفعمة بالدفء والنعومة عبر المسافة التي انحسرت بيننا ، لمصافحة يدي ..انتشرت رائحة الذكريات ، فاحت نفّاذةّ من شعرها ، من اصابعها البيض المضمومة في عناق فاتر إلى اصابعي ..المضّمومة في اطباقة رخية الى راحتي ... لم تسعفني الذكرى و لا الاحزان ، على ان ابقي يدي في يدها ..
سحبتها برفق . كما لو اسحب روحي من الجنّة .. لم يدُم التحام الاصابع ، التحام الذكريات التي شطرتها الحرب ، احسست بيدي وانا انتزعها ، كما لو إنها تبكي .. يدي تبكي بعد ان اباحت اصابعها ، اصابع يدي ، بما كان يمّور بداخلي من لوعات وبكاء وذكريات ودموع متشكّلة من قبلاّت حميمة قديمة ما زالت آثارها مطبوعة على ذلك الثغر الريان .. تلاقت عيوننا تعاشقت ، التحمت في لحظة ما ، اتصلتا عبر خيط مضيء من النظرات ، خيط مشّع يوّصل بين دمعتين غير منظورتين . بين نهرين من الذكرى والغياب .. بكيت كأنني ابكي بدموعها ، ذلك البكاء المتشظي حزنا وصمتا ، بكيت دموعا لا تُرى .. دموع تنبع من القلب من الظلوع من كل مسامات البدن .. تتدفق من الروح وتصبّ في الروح لا يراها احد سوى الروح الباكية في صمت وعزلة .. خلتها هي الاخرى بكت بعينيّ مقطع من روايتي المخطوطة / سلمى والنهر .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا


.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ




.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت