الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفوائد الجمة للسيجارة الفلسطينية

ناجح شاهين

2005 / 6 / 29
القضية الفلسطينية


أنا أصدق كل ما أسمع، وذلك على الرغم من أنني في واقع الأمر لا أصدق شيئاً مما أسمع. وهذه حالة فلسطينية نموذجية للتبجح ضد أرسطو والاستهانة بقوانينه المعروفة. لكن من ذا الذي يستطيع أن يلومني؟ فلقد طورت، خصوصاً منذ أسلو، عادة عقلية مبتكرة، مفادها أن كل شيء ممكن من حيث"المبدأ والواقع" في الشرق الأوسط. وخصوصاً في الجزء الذي نقطن من هذا الشرق الأوسط.
كل شيء أصبح ممكناً وممتنعاً في نفس الوقت. ومن ذلك: أن الدولة قامت دون أن تقوم، وأن السلام حل دون أن يحل، وسنغافورة جاءتنا إلى غزة ورام الله دون أن نشاهد لها أثراً، والديمقراطية والأمن يخيمان على جو الزمان وسيلان المكان. كل شيء، كل شيء قد تحقق دون أن يتحقق شيئاً. تلك اللعبة الفلسطينية المبتكرة لا فضل لي هنا سوى الإشارة إليها، أما الأيادي المبدعة فهي كثيرة، وما على القارئ الكريم إلا أن يفتح أي ملف فيجد كل النجاح مقرونا بعدم تحقيق أي شيء يعيشان معا في لغة نساء ورجال: الصحة والتعليم والسياسة والاقتصاد و..
إنه زمن التناقض الذي أنبأ عنه هيزنبرج ومن قبله هيغل وماركس. الواقعة المعاشة في الطبيعة والتاريخ متناقضة بامتياز؛ وأفضل مثال على صحة الموقف الجدلي هو الساحة الفلسطينية. ولذلك صار كل ممكن ممتنعاً وكل ممتنع ممكناً ببركات التميز الفلسطيني الذي لا يستطيع تقليده أحد.
ترفض الجريدة اليومية الفلسطينية بصورة عامة أن تمنح للكاتب المحلي أية مساحة معقولة ليترك لخياله أجنحة الطيران، بينما يتمتع التاجر بكل امتيازات الإعلان عن سلع ضارة ومفيدة أو ضارة وغير مفيدة. ومن العجيب أن بلداً كفلسطين وشعباً كشعب فلسطين ٌتقرأ احتياجاته في الصحف في ثلاثة نواقص أساس: أولها مواد التحريض الجنسي، وثانيها مواد التنحيف – الضرورية لخدمة التواصل الجنسي- وأخيراً مواد الاتصال الإعلامي من هواتف نقالة وخدمة انترنت وما لف لفها وهي المهمة جداً لتحقيق تواصل عام يكون ميسراً لإنجاز التواصل الجنسي.
يستطيع الراغب في الحصول على إحدى السلع السحرية أن "يتصل بالرقم ومندوبنا يصل لعندكم خلال خمس ساعات." لا محل ولا عنوان ولا من يحزنون، وإذا مات المتعاطي فإن ذنبه على جنبه.
كل ذلك يجري ولا رقيب ولا حسيب. لكن ما طم الوادي على القرى على رأي العرب العاربة، هو أن مؤسسة تابعة للحكومة تدخل في نزاع مع مهربي السجائر من المستوطنات إلى السوق المحلية. ولست بصدد تبني موقف من هذا النزاع الذي لا أعرف حيثياته. لكن المدهش أن ُيسمح بنشر كلام يزعم أن السيجارة المهربة تضر بالصحة. ويشهد بصحة ذلك أن المستوطنات لم تك يوماً صديقاً صدوقاً للشعب الفلسطيني. ترى هل يمكن أن يوجد ما هو أكثر استخفافاً بعقول البشر من ذلك؟ ثم إذا كان المواطن ساذجاً إلى هذه الدرجة ألا يتوقع أن يقع تحت تأثير وهم مفاده أن السجائر التي دمغت بدمغة "الضرائب مدفوعة" هي سجائر مفيدة للصحة؟ أو ليس من الممكن منطقياً وواقعياً التفكير في حجج أخرى لمقاطعة السجائر المهربة تسمح بعدم الوقوع في فضيحة الزعم بأن سجائرنا ملائمة للصحة عكس السيجارة المهربة الملعونة، التي تجلب الأمراض المعروفة وغير المعروفة على السواء؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواب الجمعية الوطنية الفرنسية.. مفاوضات مرحلة ما بعد الانتخا


.. ما ردود الفعل في أوروبا على نتائج الانتخابات التشريعية في فر




.. حماس تتخلى عن مطلب وقف إطلاق نار دائم كشرط مسبق للتفاوض للإف


.. صور حصرية لحرق مستوطنين شاحنات بضائع ومساعدات في طريقها إلى




.. بسبب القصف الروسي.. دمار كبير في مستشفى الأطفال ومبان سكنية