الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وللحكايات فروقاً

زنار علي

2014 / 2 / 24
الادب والفن


وللحكايات فروقاً
إسطنبول (نيشان تاش) الحيُ الأكثرُ إرستقراطياً في عالم الأتراك ِ.
بيمنا كنتُ جالساً في إحدى مقاهي هذا الحيِّ البهيِّ ,
أرتشفُ كوباً مصروعاً من الشاي ذاتُ الثمنِّ الخُرافيِّ .

فُتحت أبوابُ الفضولِّ في مقلي على أن أركزَ على قهقهةِ البوليس ِ مع الأطفالِّ وتعاملهم ,
دائماً وكالمعتادِّ يؤلمني جسدي المنهوشُ من الذهولِّ .لإلتقاطِّ صور ٍ إجتازت مرحلة النيغاتيفِ والألوانِّ ,
وكأن هؤلاءِ الأطفالِّ في حضنِّ رجال ِ الأمنِّ ألواحاً من زجاج ٍ فينيقي ٍيهلعون عليهم من الخدشِّ أو العطبِّ ,

إلى أن إنتهيتُ من نَفّس ٍأعمى عمقٍ ,
سهواً تخثرَ السائلُ في الكوبِّ فتحولت أبوابُ الفضولِّ في مقلي إلى دمعةٍ باردة ٍ كتشاءِ .
سببٌ عظيمٌ تذكرتُ يوماً أنا و كل أصدقائي كنا أطفالًا سوريينَ .
دُعِسنا بالنعلِّ و رُمينا بالبراميلِّ الملغومةِ عوضاً عن الدمى و الزهورِّ ,

يقودني التصورُ إلى سديم ِالحكايات ِ وأنا ألهو بحبةٍ على خدي بانَ أناقةُ اليراع ِ بين أصابعي منظرٌ فريدٌ في البيئةِ الإرستقراطيةِ ,
إنما تدمى الأناقة ُ بتلكَ البراميلِّ التي ما زالتْ تُلاشي أجساد أطفالنا السوريين,
إنتهى رجالُ الأمن ِ من مهمةِ اللّهوِّ و التداعب مع الأطفالِّ ,
فإذ حالفني الحظُ دنت مني طفلةٌ جميلةٌ كالفراشة ِ تحومُ حولي إلى أن صنعت ساحةَ السؤالِّ وهي بكاملِّ كبريائها البريء
ومضاتُ الإبتسامةِ في محاجرها تختفي و تعودُ إلى أن إرتدت التهذيب رويداً ,
لحينِّ قالت لي باللغةِ التركيةِ
( Amca sen nerelisin)
وتعني من أين أنت يا عماه ,
إنتابني نَمَلٌ جميلٌ خرجت من مساماتِ المفردات ِالمتواضعةِ بهذا السؤالِّ فهرولَ الجوابُ حثيثاً دون حواجز ٍ وخطوط ٍ حُمرُ.
(Ben suriyeliyim )
أي أنا سوري جاوبتها ,
و كأني أجرمتُ بحقِّ الطفلةِ إجراماً أو كأنني شخصيةُ بطل لفلم ٍ رعب ٍ هوليودي ,
أحبست ِ الطفلةُ أنفاسها وإرتسمت ملامحمُ الندم على وجنتيها و في عينيها طقس ٌ من خلاله أسمعُ الأزيرَ و صفير الإعصار ِ,
كي تبوحَ لي هذه العبارة, (في سورية ماتو الكثير من الأطفالِّ)
وهرعت إلى أحضان والديها
وهي تحدقُ بي وكأن أحداقها تُعبرُ بأن كل سوري هو قاتلُ الأطفالِّ
فكيفَ لي أن أطرزَ لها إنطباعاً جديداً بأن يوماً كنتُ ذاكَ الطفلُ السوريُ إلى الآن مقتولٌ ويُقتلون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا