الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا: جدلية تاريخية ورؤية تعاقبية

طيب تيزيني

2014 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



المعالجة التي قدمتها المعارضة الثورية السورية منذ البدايات المتأخرة للمشهد، وعلى مدى ثلاث سنين، قد عقّدت المسألة، على الرغم من أن هذه الأخيرة (وهي تنحية بشار من السلطة)، كانت صحيحة وتجنّب البلد ما حوّله إلى حُطام، ربما لم يحدث مثيل له منذ عصور من الزمن. لقد كان ضرورياً التفكر في ما قد يجعل المسألة معقدة إلى درجة قصوى؟

جاءت الأحداث سريعة كالإعصار في شموله، ومقنعة في احتمال بقائها سلمية، وتأخرت القوى السياسية المجربة، لتتركها لأيادي شباب متوثب ومجموعات اجتماعية سحب منها العمل السياسي الفعلي على امتداد أربعين عاماً. وكان أفراد المعارضة تشكيلة من «أكاديميين ومتقاعدين سياسيين وغيرهم..». كان هذا هو الممكن.

وقد فاتحت بعضاً من المهتمين المتقاعدين بفكرة المنطلق للعمل، وكان الرأي أن يبدأ بالخطوات التالية: البدء بسحب السلاح من أي طرف كان، خصوصاً أن النظام هو الذي بدأ باستخدامه بعد أكثر من ستة أشهر. أما الخطوة الثانية، فيمكن أن تتمثل في إطلاق حرية السجناء من الأنماط الثلاثة التالية: السياسيين والناشطين في شكل حقوق الإنسان، وأخيراً سجناء الضمير. وفي سياق ذلك، تأتي الخطوة الثالثة، وهي التي تأتي في آخر المرحلة الانتقالية، فيمكن أن تكون التأسيس لمحكمة دولية- سورية تنجز المهمة الكبرى التالية: محاكمة مَن خطط لاستخدام السلاح، ومن أعطى الأمر باستخدامه، ومن اشترك فيما يتعلَّق بهذا كله وبما نتج عنه. وقد أشرت إلى ذلك في محاضرتي التي قدمتها في اللقاء الاستشاري الذي حدث في بدايات الأحداث، وحاورت فيه أصدقاء وزملاء وآخرين ممن كانوا خصوصاً ذوي خبرات سياسية وحزبية وذي توجهات معارضة وغيرها، فكان جواب هؤلاء واحداً في العموم الإجمالي ومختلفاً في التفاصيل.

كان جواب أولئك العام الإجمالي، هو التالي: أَتَريدُنا ننتظر طويلاً؟! فكان هكذا جواباً تعبيرياً متسرعاً عن الرؤية الساذجة للمعضلة السورية، إضافة إلى أن (الجواب) كان تعبيراً عن احتضار السياسة والحرية عن الشعب السوري على مدى أكثر من أربعين عاماً. وأخفق الأمر حتى الآن، إنها ثلاث سنين عجاف، رغم أنها تمثل تجربة مترعة بالعبر والنتائج. من أهم هذه النتائج، إمكانية الوصول إلى أن المنهجية التاريخية التعاقبية الميكانيكية تفرّط بجوهر التاريخية الجدلية المركبة باسم تعاقب مراحل ذي بعد واحد. من هنا، كان باسم تلك الجدلية أن تكون البداية في المعضلة التي نبحث فيها ماثلة في النهاية؟

والحق، إن الدفاع عن هذه الأطروحة يستند إلى ما أتينا عليه هنا، أي ذلك الذي نعبّر به، على الأقل، في النقاط النقدية الثلاث التالية: 1- في الحوار والمفاوضات التي تقوم بين طرفي المعادلة، المعارضة والنظام، تبرز أهمية الوصول إلى أفضل النتائج بأقل الزمن وأقصره.

2- وضوح مفاهيم المعضلة الكبرى الحاسمة يحول دون تشعيبها وربما كذلك الحيلولة دون إضافة جديد.

3- بلوغ أقصى الدقة والوضوح في النتائج، وذلك على نحو يحول دون المراوغة والمخادعة، أو استبدال مفهوم بمفهوم آخر.

تلك النقاط مفردة ومجملة تسمح بمواجهة ما لم يظهر في مرحلة أولى استفزاز أو سوء نية أو مشادة. ويمكن تعميق الوعي وضبطه بمساعدة لجنة أو أكثر لمراقبة المسار، كي لا تدخل في متاهة لغوية أخرى، فتحرف زيادة أو نقصاناً أو تجميلاً أو تقبيحاً. المنهج ودقته يحتاجان - خصوصاً في المحافل الدولية، وحيث يتصل الأمر بمسائل عظمى مثل تلك التي تتصل بمصائر التطور التاريخي لسوريا وللعالم العربي أجمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ