الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوكرانيا والعراق ... تماثليات

عبد علي عوض

2014 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


لا يُصاب المتتبع العراقي بالغرابة والدهشة لِما يجري من أحداث في أوكرانيا، حيث أنَّ الجزء الاكبر من سيناريو الواقع العراقي طيلة العقد المنصرم يتكرر في أوكرانيا حالياً مع الفارق من جانب الجهات المتسببة الفاعلة والمحركة له. ففي بداية إنهيار الاتحاد السوفيتي قبل ثلاثة وعشرين عام، أخذَتْ تتبلور مافيات الجريمة المنظمة في مختلف النشاطات الاقتصادية الاوكرانية، وإنتشرَت طبقة التجار الطفيليين لإغراق السوق الداخلية بالسلع المستورَدة مقابل توقف الانتاج الصناعي المحلي على أمل بيع المجمعات الصناعية الضخمة برخص التراب من خلال عمليات التخصيص ألتي أنعشَتْ الفئات الطفيلية من المجتمع الأوكرانيي ( وهو ما خططَ له الحاكم المدني في العراق برايمر بعد عام 2003 لتصفية القطاع العام الصناعي العراقي وتهيئة الظروف الداخلية لظهور الأوليغارشية العراقية على أنقاضه)... بسبب ذلك الواقع تعمَّقَ التفاوت الطبقي وظهرَت شريحة الأوليغارشية المتخَمة ألتي قامت بتهريب المليارات من العملة الصعبة، يقابل ذلك إزدياد الديون الخارجية على أوكرانيا، إذ بلغَت 80 مليار دولار أمريكي!..... إستمرار هذا الواقع المزري بسبب الإختلال والتدهور الحاصل في البناء الإقتصادي – الإجتماعي نتيجة الفوضى السياسية، جَعلَ الإرهاص الجماهيري التراكمي الصامت يتحول إلى إنفجار عارم، وكل ذلك ناتج عن أنَّ الذين إستحوذوا على السلطة، ما كان هدفهم تطوير وبناء الدولة والمجتمع، إنمّا جَعلْ الأمور تسير هكذا وتسكين الشعب بالشعارات المورفينية الكاذبة، وآخرهم كان الرئيس المخلوع يونوكوفيتش، الذي إتضحَ أنه الفاسد الأول والمتسترعلى مافيات الفساد من خلال الصلاحيات ألتي منحها لنفسه وعن طريق تغيير بعض بنود الدستور المقرور عام 2004 ألتي جعلته يتمادى بحصر السلطات بيده، وهذه الصورة هي ذاتها في العراق من ناحية الفساد المستشري، إضافةً إلى أنّ وزارات الدفاع والداخلية والأمن والإستخبارات بيد رئيس الوزراء حصراً.
المفارقة أنّ غالبية المعتصمين هم من أصحاب المطاليب العادلة (تحسين المستوى المعيشي للناس، القضاء على البطالة، محاربة الفساد وإحالة أقطابه إلى القضاء)، لكن الذي جرى هو سيطرة الحركة البينديرية النازية (نسبةً إلى مؤسس الحركة بنديرا – شخص نازي ساهم مع القوات النازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية بقتل الأبرياء من المدنيين والجيش الأحمر في غرب أوكرانيا) على تلك الإعتصامات وحولتها من سلمية إلى مسلحة دموية بتحريك من الأوليغارشية المحلية ودعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي (تمَّ ضَخ 5 مليارات دولار)، وهذه الحالة تشابه ما حَدثَ من إعتصامات سلمية في الأنبار ذات المطالب المشروعة، حيث نعلم جميعاً كيف إخترقت بعض القوى السياسية العراقية المعتصمين وجيَّرَتْ إعتصامهم لصالحها بالتنسيق مع قوى الارهاب داعش والقاعدة وبدعم من بعض حكومات الدول الاقليمية، وكانت النتيجة هي تصاعد العمليات الارهابية التي دفع ثمنها أبناء الأنبار الأبرياء خاصةً وعراقيو الوسط والجنوب عامةً.
بعد أن إنتهى الاستعمار المباشر (العسكري)، حَلَّ محله الاستعمار الجديد (الإقتصادي) كنهج على إنفراد لكل دولة كانت إستعمارية في الماضي... لكن ما يقوم به الإتحاد الأوربي حالياً من خلال سياسته التطبيقية الدولية، تدل على أنه إبتعدَ عن الهدف الرئيسي ألذي تأسسَ من أجله (التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء)، إذ أخذَ يوحد المواقف المنفردة لأعضائه بصورة جماعية ويلوّح بفرض العقوبات الاقتصادية على كل دولة تتقاطع سياساتها معه. وآخِر دليل على تلك السياسة التسلطية هو الشرط الذي وضعه أمام أوكرانيا الذي يتلخص في أنَّ قبول أوكرانيا في عضوية الاتحاد الاوربي يجب أن يقابله قطع كل أشكال التعاون وفي مقدمته التعاون الاقتصادي مع روسيا!!.
إنَّ النهج الراهن للاتحاد الأوربي يبرهن أنه يمثل مرحلة متقدمة من الإستعمار الجديد ضد البلدان النامية والفقيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي متواصل على غزة وحصيلة القتلى الفلسطينيين تتجاوز


.. إسبانيا: في فوينلابرادا.. شرطة -رائدة- تنسج علاقات ثقة مع ال




.. من تبريز.. بدأت مراسم تشييع الرئيس الإيراني رئيسي ورفاقه


.. أزمة دبلوماسية -تتعمق- بين إسبانيا والأرجنتين




.. ليفربول يؤكد تعيين الهولندي آرني سلوت مدربا جديدا له