الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزواج والبغاء ، إطلاقات متباينة لسلوك واحد !

كريم عامر

2005 / 6 / 30
العلاقات الجنسية والاسرية


يعد البغاء أقدم مهنة وجدت على ظهر الأرض ، ويرجع السبب فى نشأتها إلى حاجة الذكر إلى إشباع غريزته الجنسية ، وحاجة الأنثى إلى المال الذى تقيم به أودها ، وتحافظ بإكتسابه على إستمرار حياتها .
إذن ، فنشأة البغاء ترجع إلى مصالح متبادلة بين الذكر الذى يملك المال والأنثى التى تملك الجسد المثير لشهوات الرجال ، ومن خلال هذه العلاقة النفعية المحضة يتمكن الرجل من إشباع غريزته الجنسية ، وتتمكن المرأة من إشباع حاجاتها المالية والجنسية معا .
ولم يكن الإنسان البدائى يعرف - عندما وطىء الأرض بقدميه - أسلوبا سوى البغاء يمكنه من إشباع غريزته الجنسية بصورة طبيعية ، وبالتالى فقد إعتبر البغاء هو النظام الأساسى للتعامل فى مجال الجنس بين نوعى البشر .
ولكن البغاء لم يظهر بصورته المعروفة فور ظهور الإنسان ، وإنما كان الذكر يعتمد على قوته الجسدية فى إشباع غريزته الجنسية عن طريق إغتصاب الأنثى عنوة ، لكنه عندما عندما عاشر الأنثى برضاها ، ولمس تفاعلها معه أثناء اللقاء الجنسى ، وشعر بالمتعة التى لم يكن يدركها عند إغتصابها ، آمن أنه لا يمكنه إشباع غريزته بصورة طبيعية وأكثر إمتاعا فى الوقت ذاته إلا عن طريق إسترضاء الأنثى والعمل على جعلها تتقبل هذا الأمر بصدر رحب ، فلم يجد أمامه لتحقيق رضا الأنثى عن هذا الفعل سوى تحقيق أحد أمرين :-
أولهما :- إخضاعها له طواعية عن طريق الحب ، وهذا الأمر يتطلب قبولا نفسيا من كلا الطرفين تجاه الآخر ، وهو ليس موضوعنا الآن .
ثانيهما :- إعطائها مقابل مادى محدد لممارستها الجنس معه لفترة محددة أيضا ، وهذا الأمر هو البداية الفعلية لظهور البغاء كأسلوب إجتماعى لإشباع الغريزة الجنسية لدى أفراد الجماعة البشرية البدائية ، ولقد تطور هذا النظام بتطور المجتمع وظهور الإقطاع وملكية الأراضى إلى نظام الزواج .
وهنا قد يثور تساؤل عما دفع الذكر إلى إنشاء نظام الزواج لإشباع حاجته الجنسية فى الوقت الذى كان البغاء كفيلا بإشباعها ، بل كان يتيح له الفرصة للتعامل جنسيا مع عدد غير محدود من النساء على حسب قدراته المادية والجنسية ؟؟؟
وتتلخص الإجابة عن هذا فى أن الذكر بدأ فى التفكير فى تطوير نظام البغاء إلى صورته الحديثة المتمثلة فى الزواج مع إكتشافه للزراعة وإمتلاكه للأراضى ، فقد وجد نفسه فى حاجة إلى الإستقرار وإنجاب الأبناء الذين ينسبون إليه وحده حتى يساعدوه فى عمله فى الأرض ، ولم يكن يتأتى له ذالك إلا عن طريق دفع الأنثى إلى الإكتفاء به وحده دون سائر الرجال حتى تصح نسبة أبنائها إليه وحده ولايشاركه فيهم أحد آخر وبالتالى يتفادى نسبتهم إلى أمهم كما كان متداولا فى هذا الوقت .
وقد وضع الذكر فى إعتباره عند تفكيره فى هذا الأمر إعتبارين أساسيين ، فقد رأى أن إجبار الأنثى على معاشرته وحده دون مقابل لن تحقق له المتعة الجنسية المنشودة لأنها لن تكون راضية عن هذه العلاقة وبالتالى لن تتفاعل معه أثناء اللقاء الجنسى مما يؤثر على درجة إشباعه لغريزته .. من ناحية ، ورأى أن إعطاء المرأة الواحدة مقابل مالى عند كل لقاء جنسى سيكون فى غير مصلحته لأنه سيكلفه مبالغ طائلة لا قبل له بها .. من ناحية أخرى .
وبالتالى فقد فكر مليا قبيل أن يعقد إتفاقا مع الأنثى تعطيه بمقتضاه المتعة الجنسية وتقوم بخدمته ورعاية أطفاله طوال حياتها فى مقابل مالى يعطيها إياه عند بداية علاقتهما على أن لاتعاشر - جنسيا - إنسانا غيره .
ومن هنا تطور البغاء من صورته القديمة التى كانت الأنثى تمنح الذكر بمقتضاه جسدها لفترة محدودة فى مقابل مالى محدد إلى صورته الحديثة المعبر عنها بالزواج بمقتضاه تأخذ الأنثى مبلغا ماليا محددا فى مقابل أن تمنح الذكر جسدها طوال حياتها .
إذن ، فالتطور الذى طرأ على نظام البغاء لتحويله إلى العلاقة الجنسية المعروفة الآن تحت مسمى الزواج كان غايته مصلحة الذكر المتمثلة فى رغبته فى إمتلاك الأراضى والإستقرار عليها وإنجاب الذكور من الأبناء ليعملوا فيها ، إضافة الى رغبته فى إستغلال الأنثى جنسيا وقهرها وسلب حريتها والحد من ملكيتها المتزايدة بتزايد ممارستها لعملها فى مجال البغاء ، وتوفير موارده المالية التى كان يهدرها كثيرا عند كل رغبة جنسية تلم به بشراء الأنثى بدلا من إستئجارها لوقت محدد !! .
وعلى الرغم من أن التشريعات الدينية عامة قد أتت لتهذيب أخلاق البشر وحضهم على فعل الخير وزجرهم عن الشر ، إلا أنها لم تستطع الصمود طويلا فى وجه النظام الإجتماعى الذكورى السائد ، ولم تستطع أن تعيد العدل إلى نصابه وترجع الحق إلى مكانه وتساوى بين الناس جميعا فى كل شىء وتعطى للأنثى مكانتها التى إغتصبها منها الذكر ، ويرجع هذا إلى رسوخ الأفكار والمعتقدات الذكورية فى أذهان الناس لدرجة يصعب معها إقناعهم بخلافها من جهة ، ورغبة المشرع الدينى فى جذب أكبر قدر من الناس إلى دينه من جهة أخرى ، الأمر الذى لم يكن يتأتى إلا من خلال إقرار النظم الإجتماعية التى كانت قائمة آنذاك مع إدخال تهذيب بسيط عليها لم يقابل بإعتراض يذكر .
وعلى الرغم من هذا الموقف شبه السلبى من قبل التشريعات الدينية المختلفة تجاه الطغيان الذكورى المستشرى ، إلا إنها قد ذكرت على إستحياء فى مختلف مرجعياتها الأخلاقية مايؤكد تساوى البشر فى كل شىء مما يعطينا تصورا عن غايتها فى الإصلاح الإجتماعى الشامل والتى فشلت فى تحقيقها نتيجة للظروف الإجتماعية السائدة وقتها والتى كانت تقدس الوضع المتعارف عليه وتمنع مخالفته وتعاقب من يحاول أو يفكر فى التمرد عليه .
ومن هنا ، فإن نظام البغاء المطور ( الزواج ) لم يكن للتشريعات الدينية أن تقره إلا نتيجة لضغوط إجتماعية لا تقبل الخروج على هذا الأمر ، ولا تسمح بوجود أى نظام يخالف الوضع الذكورى السائد ، فأقرته على كره منها مع تأكيدها -بصورة ضمنية - على لا أخلاقيته فى بعض النصوص الدينية التى تكرس المساواة فى الحقوق والواجبات بين جميع البشر ، وبالتالى فإن هذا النظام بتكريسه عدم المساواة بين الرجل والمرأة يعد غير مقبول دينيا ، وبالتالى فإنه يعد محرما فى هذه التشريعات الدينية المختلفة التى فشلت فى الإقرار بذالك صراحة .
وبالتالى ، فإن نظم الزواج الحالية القائمة على شراء الذكر لجسد الأنثى ولإرادتها ، وإجبارها على طاعته وخدمته والخضوع له يعد صورة مطورة من صور البغاء مهما حاول المجتمع الذكورى التمويه عليه بإضفاء أسماء مختلفة على هذا السلوك الغير أخلاقى .
وعلى هذا فإننى أوجه سؤالا إلى كل فتاة تعيش داخل المجتمعات الذكورية المذدوجة الأخلاق :-
هل تقبلين بيع نفسك لرجل ولو لليلة واحدة ؟
أعتقد أن الإجابة المعلنة - على الأقل - سوف تكون هى النفى فى الغالب ، ومن هنا .. فهل من المنطقى أن ترفض المرأة أن تبيع نفسها لليلة واحدة وتقبل أن تفعل ذالك مدى حياتها ؟؟؟؟
سؤال أرجو أن يطرح بشدة ، وأن تفكر فى معناه كل فتاة وكل إمرأة خدعها هذا المجتمع الذكورى ذو الأخلاق والمعايير المذدوجة والمتباينة ، وسلبها مكانتها السامية وغصبها حقها فى الحياة بحرية وكرامة ، لعل البعض منهن يفكرن فى هذا الأمر ، ولعلهن يحاولن تغيير الوضع إلى الأفضل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نساء فلسطين عندما تصبح الأرض هي القضية


.. مشاهد تدمير منطقة الزيتون وحي الصبرة بعد انسحاب القوات الإسر




.. رائدة في علم المحيطات حققت نقلة نوعية في علوم الأرض


.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف




.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير