الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصائل فلسطينية ترفض مشروع -سيفيتاس-

جورج كتن

2005 / 6 / 30
القضية الفلسطينية


شنت فصائل فلسطينية ولجان حق العودة في سوريا حملة ظالمة ضد مشروع "سيفيتاس"، "أسس المشاركة: الهياكل المدنية لمخيمات اللاجئين والجاليات الفلسطينية في بلدان الاغتراب" الموجه من أكاديميين فلسطينيين والممول من الاتحاد الأوروبي، وأصدرت بيانات نارية اعتبرته جزءاً من "حملة مسعورة"؟! للعدو الصهيوني وأميركا ودول الاتحاد الأوروبي ضد القضية الفلسطينية عموماً وحق العودة خصوصاً‍‍، وأن المشروع يتجاهل القرار 194 ويعمل للإجهاز على منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية‍ ويتجاهل وظائفها كمرجعيات.
الرفضوية الفلسطينية التي تعمل تحت شعار "كل شيء أو لا شيء"، مدرسة سياسية لا تتعلم من تجاربها الفاشلة، فتصعد في رفضها أكثر كلما واجهت فشلاً جديداً، فإذا كانت رفضويتها القديمة كارثة فإن رفضويتها الجديدة ملهاة، إذ تمارسها الآن على مشاريع لا تطرح حلولاً للمسألة الفلسطينية، بل تسعى لمجرد تفعيل دور اللاجئين، وهو أمر لا يريح الفصائل التي تفضل استمرار احتكارها التكلم باسمهم في الشتات، بعد أن انتهى أسلوب الحصص(الكوتا) في الداخل، ليصبح تمثيل الفلسطينيين محصوراً في الهيئات المنتخبة: الرئاسة والمجالس التشريعية والبلدية، فالشعب لم يعد ملكية خاصة لفصائل تفرض عليه سياساتها دون الخضوع لصندوق الاقتراع، المرجعية في كافة الشؤون.
مشروع "سيفيتاس" قدمته الدكتورة كرمة النابلسي من جامعة أكسفورد وهي ناشطة فلسطينية من أجل حق العودة، كانت خلف جولة لوفد برلماني بريطاني زار تجمعات الفلسطينيين في الشرق الأوسط وقدم تقريراً لجهات دولية عما سمعه من لاجئي الشتات عن أن مسألة اللاجئين هي جوهر الصراع وأن ممثلهم الوحيد هو منظمة التحرير، وعن تمسكهم بحق العودة لديارهم وممتلكاتهم وخشيتهم من تخلي المفاوض الفلسطيني عنه واستبعادهم بالتالي من عملية السلام، وعن مخاوفهم من عدم التمكن من إيصال أصواتهم وهي المسألة الأساسية التي جاء المشروع لحلها.
على ضوء هذا التقرير انطلق مشروع "سيفيتاس" وهدفه تمكين تجمعات اللاجئين والجاليات الفلسطينية في الشرق الأوسط والعالم من إقامة هياكل مدنية يقترحوا تشكيلها بأنفسهم ويوضحوا من خلالها مطالبهم لمنظمة التحرير ومؤسساتها والوكالات الإنسانية والمجتمع الدولي، أي تمكينهم من المشاركة بفعالية وبوسائل ديمقراطية في صنع القرارات التي تتعلق بأوضاعهم الراهنة وبمستقبلهم، فالمشروع طرف محايد يسهل إقامة شكل من أشكال التعبير للاجئين لانخراطهم في القضايا التي تخصهم وتحويلهم من مجتمع مدني مهمش إلى مجتمع مدني فاعل، بعد أن أهملوا نتيجة انتقال مركز الثقل للداخل الفلسطيني، بالإضافة لتمكينهم من السعي لتحسين أوضاعهم المعيشية إلى أن يتم حل مشكلتهم.
فريق العمل التطوعي بدء مهمته بجمع المعلومات والبيانات عن التجمعات الفلسطينية، ثم بدء بإثارة الأسئلة والنقاشات حول نوعية الهياكل المدنية المستخدمة حالياً والمقترحة لاحقاً، وحول القضايا الاجتماعية والسياسية والقانونية والمدنية المطروحة والمطالب المعيشية الأكثر إلحاحاً، وعقد لقاءات واجتماعات وورشات عمل وزيارات دعا إليها لجان شعبية وأحزاب واتحادات ونوادي وناشطين وممثلي مؤسسات الخدمات...، واستخدم مختلف وسائل الاتصال من نشرات وبيانات ومواقع وبريد الكتروني وصحف وفضائيات، على أن يتم جمع النتائج عن الهياكل المقترحة من اللاجئين أنفسهم بعد تهيئة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم بحرية، في تقرير يقدم للمنظمة والمؤسسات الوطنية والدولية. لتلي ذلك مرحلة ثانية يشارك فيها مانحون دوليون بتوفير التمويل لإقامة الهياكل المقترحة. كل ذلك بشفافية ووضوح فوثائق المشروع التي تبين أهدافه معروضة للجميع، ومطروحة للنقاش والتعديل والتطوير.
"المشروع" لم يتجاهل أحداً وحصل على موافقة مؤسسة الرئاسة الفلسطينية كأعلى سلطة منتخبة، ولم يستبعد إعادة تنشيط مؤسسات المنظمة والنقابات والاتحادات المهنية المشلولة، وهو ليس مشروعاً بديلاً للمنظمة و لا يسعى للإجهاز عليها، فقد أصبحت هيكلاً فارغاً بلا فعالية بعد قيام السلطة في الأراضي المحتلة، تستدعى لجنتها التنفيذية فقط في المناسبات للموافقة على سياسات السلطة، مع تراجع لمؤسساتها لصالح السلطة وأجهزتها، مما أدى لتقليص دورها في أوساط اللاجئين في الشتات، فأزمتها يعرفها الجميع والدعوات لإعادة تفعيلها ذهبت أدراج الرياح. فإذا كان وجودها ضمانة لعدم ضياع الهوية الفلسطينية في العقود السابقة، فإن ذلك أصبح من الماضي بعد الاعتراف الدولي بالفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم، والصراع لم يعد على حق الوجود للشعب الفلسطيني ولكن على حدود الدولة وحق العودة.
المشروع الجديد الذي يعمل لتفعيل حراك مجتمعات اللاجئين والجاليات الفلسطينية في الاغتراب بوسائل ديمقراطية عرض أولاً على لجان العودة مع دعوتها للمشاركة، إلا أن الرفضويين فضلوا اتهام أصحابه بتجاهل الفصائل واللجان، فالمشروع كما قال أحدهم لم يدخل للبيت الفلسطيني من أبوابه، ويقصد موافقة فصائل ولجان على إدخاله، فهل الشعب الفلسطيني أسير تقف الفصائل واللجان على أبواب سجنه لتدخل إليه من تشاء وتمنع من تشاء؟ يحق لنا أن نسأل من أعطاها حق احتكار العمل السياسي في أوساط اللاجئين؟
اللجان "المستقلة" لحق العودة كانت تجاوزاً للفصائل في المجال الذي قصرت فيه، إلا أنها تحولت مع الزمن والعطالة إلى "ميني فصائل" مستعدة للوقوف إلى جانب الفصائل لمنع أي منافس جديد يمكن أن يتخطاها ويثبت عجزها، فقد سارعت لإصدار بيان بالرفض ومارست سلطتها التي أعطتها لنفسها، بتجميد عضوية لجنتين لحق العودة في الهيئة التنسيقية للجان لأنهما تجرأتا على تأييد "المشروع"، مع التهديد "بتعرية" فريق المشروع وكل من يتعاون معه تمهيداً للتخوين، السلاح الأخير للرفضويين ضد الآخر المخالف.
النجاح الذي حققته "سيفيتاس"في لبنان والأردن هو سبب موقف اللجان التي شاركت فصائل في محاولة وأد المشروع قبل أن "يسحب البساط من تحت أقدامها". وبالمناسبة لمن لا يعلم فإن الفصائل في سوريا لا يتجاوز مجموع منتسبيها بضع مئات ومجموع منتسبي اللجان بضع عشرات، بعد أن عزلت نفسها عن تجمعات اللاجئين، وتفرغت في مكاتبها البيروقراطية لخلافاتها مع منافسيها القدم والجدد، واكتفت بتكرار شعاراتها وفشلت في ابتداع أية آلية للاقتراب من مهمتها الأساسية في دفع اللاجئين للمشاركة في الدفاع عن حقهم في العودة.
متعهدي السياسة الفلسطينية يرفضون أن يتم تحريك مجتمعات الشتات عن غير طريقهم، وفي نفس الوقت لا يفعلون شيئاً لتحريكها من قبلهم، وحتى لو أرادوا ذلك فهم عاجزين عنه، وبذلك تقف الفصائل واللجان الرفضوية عائقاً أمام تطوير العمل السياسي الفلسطيني في الشتات، إذ ترفض نشر النهج الديمقراطي في أوساط اللاجئين. فبعضهم يرى أن الديمقراطية اختراع أميركي صهيوني للإلهاء عن الكفاح المسلح، ويفضل البعض الآخر اعتبارها اختراعاً فلسطينياً مع احتجازها في إطار الفصائل واللجان.
وقفت الفصائل الرفضوية واللجان المتفرعة عنها أو الموازية لها في وجه "بدعة" إطلاق هياكل مدنية، فهي تفضل أن يظل المجتمع المدني مفصلاً على قياسها فلا يضم الآخرين، فهي لم تع بعد أن هذه الهيئات المدنية ليست بديلاً عنها بل متمماً لعملها في مجالات فشلها. وقد استفادت من الجو العام في سوريا حيث المجتمع المدني مغيب ومحاولات إحيائه تلقى الإعاقة والمنع، إذ لم ينتظر المسئولون تحريض الفصائل ليسارعوا إلى الأمر بوقف كل نشاط للمشروع الجديد، "باعتبار أن اللاجئين يعاملون معاملة المواطنين السوريين ما عدا الحقوق السياسية"، فليس صدفة أن يقبل المشروع في لبنان والأردن حيث الهامش الديمقراطي أوسع والحقوق السياسية مؤمنة.
الملهاة الرفضوية الجديدة تضيف ذريعة أخرى تدل على ضيق الأفق عندما تلمح لتمويل المشروع من الاتحاد الأوروبي المشارك في "المؤامرة"!!، فالرفضويون يفضلون منع إسماع الصوت الفلسطيني لمن يعارض حق العودة وإيصاله فقط لمن يؤيد حق العودة!! كما يتجاهل المشككون بالتمويل أن مئات الهيئات الأهلية من مختلف الاختصاصات في الضفة والقطاع وتضم آلاف المنتسبين، والمحروم منها الشتات حتى الآن، يعتمد معظمها على تمويل أوروبي لا تجد غضاضة في قبوله رغم السياسة الرسمية للاتحاد.
وعندما تبدو الذرائع ضعيفة يمكن للرفضويين إخراج تهمة جديدة من جعبتهم، وهي أن المشروع يسعى للتوطين بما أنه يعمل لإطلاق هياكل مدنية للاجئين، فهم في قاموس الرفض يجب أن يظلوا مذررين ومهمشين إلى أن تحقق لهم الفصائل حلم العودة، وهو يقترب طالما أن الرفضويين رأوا أن "هزيمة" أميركا في العراق "خطوة هامة ونوعية" على طريق تحرير فلسطين!!، فبعد أن كان الأمل معقوداً على القائد التاريخي الفذ، أصبح معلقاً الآن على الزرقاوية السلفية وبقايا الصدامية!!.
الأزمة التي تواجه الجميع هي عدم الاعتراف بالواقع السيء للعمل السياسي الفلسطيني في الشتات، وبافتقاد ه لمرجعية ديمقراطية تمثل اللاجئين حقاً وتسمع صوتهم لكل الأطراف المحلية والدولية، ولن يفيد في مواجهتها احتكار فصائل ولجان رفضوية للسياسة والسعي لاستئصال الآخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا تحقق في مراهنة مسؤولين في حزب المحافظين على موعد ال


.. هل بإمكان الديمقراطيين استبدال بايدن في الانتخابات الرئاسية؟




.. في هايتي -المنسية-.. نصف السكان يعانون من جوع حاد


.. فيديو صادم يظهر 180 ألف نحلة تعيش في سقف غرفة نوم رجل




.. -من الصعب مناظرة شخص كاذب-... هكذا دافع #بايدن عن أدائه بالم