الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تحت مطرقة الثورة
زينب رحيم
2014 / 2 / 26الثورات والانتفاضات الجماهيرية
تحت مطرقة الثورة
بين الثورة المصرية والثورة التونسية
في ظل الحملة الانتخابية ،بين ترشيح السيسي لنفسه للرئاسة وتأييد الاغلبية من رؤوس الطبقة الوسطى من الاحزاب الليبرالية وحركة التمرد له . وبين تقدم حمدين صباحي من حركة التمرد لترشيح نفسه بالضد منهم معلنا وصوله للسلطة يعني وصول الثورة الى مؤسسات الدولة وتشكيل الدولة الديمقراطية!.
فبين هذا وذاك ،تصاعدت الحركة العمالية باضراباتها المطالبه بتحديد الحد الادنى للاجور ،تعبيرا عن الفجوة الواسعة والعريضة بين الجماهير وبين السلطة ودستورها ،وعن الفرق بين رؤوس الطبقه الوسطى ،وانتظاراتهم من الالحاق بالطبقة البرجوازية وبين الطبقة العاملة ،التي لم تبقى شيئا لم تفقدها ،ولتذكيرهم بالتهميش وبالفقر والفاقة ،التي غلبت على اوضاعهم،جارفــة معها جميع الشرائح الاجتماعية المسحوقة تحت ايديوجيتها.
فالثورة ،ثورة .الثورة لا تقبل اللون الرمادي ،اما ابيض ،واما اسود.
ان لم تتقدم فقد تراجعت.
نعتت الثورة المصرية بالمتعثرة نظرا لما حدثت فيها ،من قمع السلطة للاسلاميين ، واحتجاجات متواصلة لهذا الاخير، وتفجيرات .في حين نعتت الثورة التونسية بالناجحة نتيجة ،ما حققتها من توافق سياسي بين الاسلاميين والعلمانيين. وفق ما اثارها الاعلام البرجوازي والموالي لجماعة الاخوان!.
لكن الحقيقة غير ذلك، فالثورة المصرية تتقدم ،وتلحقها في ذلك تونس ،وتترك اثارها على بلدان اخرى .وهنا لست بصدد الحديث عما غيرتها من حكومات ،بل بصدد الحديث عن بعض التاثيرات الهامة لثورة 30يونيو ،التي ازاحت حكم الاخوان ، مع سرد لبعض مميزات الثورة المصرية .
ان ثورة الجماهير في 30 يونيو ،كانت حركة كل المجتمع المصري للخلاص من ظلام دامس، كانت قد تغير كل معالمه .وان حسم الجيش لنتائجها والاستيلاء على السلطة، كانت نتيجة طبيعية لهذه الحركة،ليست فقط لتوهم الجماهير بالجيش، بل يعزوا الى سيادة ايديولوجية الطبقة الوسطى في المجتمع ،والتي تمثلت بحركة التمرد (التي تجمع الشباب الثوري حول امكانية تحقبق الحداثة الغربية،في ظل اقتصاد رأسمالية السوق والازمة الرأسمالية العالمية ) ، وغياب التنظيم الواسع والحديدي للطبقة العاملة وضعف ايديولوجيتها.
فلذلك لم نجد في هذه الحركة ، اي تخطيط ثوري لوصول قوى ثورية الى السلطة ، يكون ، بامكانها تحقيق ولو حتى بعضا من التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الجذرية. بل وسيطرت على مقاليد الحكم قوة مضادة للثورة(الجيش بقيادة السيسي)، واخذت تتطاحن مع قوة اخرى مضادة للثورة وهم جماعة الاخوان (المزاحة من قبل الثورة وتريد استعادة حكمها )، وتطحن المجتمع باكمله ،بقوانين استبدادية اخرى ،بحجة الحرب على الارهاب .
ومع ذلك لايمكن التقليل من اهمية الموجة الثورية في 30 يونيو للشغب المصري ضد حكم الاخوان، اذ تعتبر،وبحق ، مرحلة من مراحل تقدم الثورة للاسباب التالية:-
1- انقذت مصر من امكانية اعادة سيناريو العراق وافغانستان فيها، والتي كانت مخططة من قبل القوى الامبريالية والبرجوازية الكومبرادورية الداخلية من المجلس العسكري والاسلاميين ورؤوس الطبقى الوسطى.
2- اقصاء حكم الاخوان وفي مسقط رأسها، لهو دليل على قوة وتقدم الثورة وخاصة وأن لها فروعها في 28دولة .
3- كانت هزيمة للقوى الامبريالية من امريكا الاتحاد الاوربي وجميع القوى الاقليمية المتحالفة معها من دول الخليج والاتحاد الافريقي وتركيا . فقد اربكت كل هولاء. وكل هولاء كان لهم محاولات حثيثة لاستعادة حكم الاخوان. فبدا من التهديدات الامريكية بقطع المعونات العسكرية عن الجيش المصري ومن ثم قطعها جزئيا ،و زيارات المتكررة لممثلة الاتحاد الاوربي، الى رسائل دول الخليج والاتحاد الافريقي وتركيا . كانت جميعها من أجل استعادة حكم الاخوان. فالدول الامبريالية ، تريد أن تجعل من هذه الدول ، دول غارقة في الجهل والظلام ، دولا منشغلة بصراعات داخلية ، لتفريغ ترسانات أسلحتها،وخصوصا في هذه الفترة الحرجة من عمرها ،من الازمة الرأسمالية العالمية ،وبسط استثماراتها فيها ،وبالتالي التمكن من استغلال الايدي العاملة فيها .
4- نجاح مصر في ازاحة حكم الاخوان، نقلت امواجها الى تونس .فعلى أثرها ، تم تنظيم حركة مماثلة لانقاذ تونس من حكم حركة النهضة كفرع من فروع الاخوان .
5- تأثيراتها على حكم حزب العدالة والتنميةفي تركيا كفرع آخر من فروع الاخوان الدولي ،والتي لها فيها عقود من الحكم .احتجاجات عارمة ، بدأت شرارتها لتوق الشباب الى الحداثة ومن ثم عكست الازمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للبلد باجتياحها جميع المدن التركية . وقد فضحت فيها استبداد السلطة وفيما بعد فسادها. بعد أن برزت قضية المحاكمات العسكرية بين الجيش وحزب اوردغان ، و الجدال حول استقلال القضاء.
6- ابطلت وجهة النظر التي روجت لها في امكانية حذوا بلدان الثورات العربية النموذج التركي كنموذج ناجح ،مستقر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .
7- جعلت من الصراع الطبقي أكثر شفافية بين القوى التي تعيق الثورة وتخمدها والقوى الثوريةالحقيقية .
تقدمت الثورة المصرية على الثورة التونسية في الوعي السياسي . فالثورة المصرية ومنذ بداياتها ،حملت شعار الحرية والعدالة اجتماعية،وتمسكت بها لحد يومنا هذا، اي وبعد مضي ثلاث سنوات على الثورة، ومثلما يقول ماركس "ان مجرد حمل هذا الشعار يحمل في طياته خطوات تحقيقه".ورفعت شعارات اخرى كتحديد الحد الادنى للاجور، ورفض ربط مصر بالصندوق النقدي الدولي وبجميع الدوائر الامبريالية . في الثورة المصرية ،تشكلت النقابات العمالية المستقلة كبديل عن النقابات الصفراء لنظام مبارك، مع بدايات الثورة .
وفي خضم الثورة تشكلت احزاب وحركات سياسية واجتماعية ،وفقا، وانعكاسا للصراع الطبقي الدائر في الساحة السياسية. واهدافها كانت دقيقة ،اما مع الثورة او ضد الثورة .فعلى سبيل المثال ،حزب الحرية والعدالة الاسلامية تشكلت ،على أثر تمسك الجماهير بشعار الثورة(المذكور أعلاه). وتشكلت حركة التمرد ضد حكم الاخوان (لتجمع الشباب الثوري ،حول امكانية تحقيق الحداثة الغربية، في في ظل رأسمالية السوق، وفي ظل الازمة الرأسمالية العالمية ! ) .في مصر طرحت الاشتراكية على المجتمع (من قبل الاشتراكيين الثوريين) كبديل للنظام الرأسمالي ، وعلى شاشات التلفزيون ،وحتى اتهمت السلطات المروجون لها بتهمة التخطيط لهدم الدولة! وتعرضوا الى ملاحقات على اثرها . قنوات تلفزيونية بثت شرح مفصل عن انواع الحكومات من ملكية وبرلمانية دستورية وتكنوقراط ودمقراطية جمهورية الخ لتوعية الجماهير بها.،........................الخ.
فتحت مطرقة الثورة ، تتغير حكومات ،تظهر أحزاب وحركات جديدة، وتموت أخرى ،طبقا للصراع الطبقي فكلما تقدمت الثورة اصبح الصراع الطبقي أكثر شفافية. فافول حزب الحرية والعدالة الذي يمثل الاخوان ، بات جليا بين الجماهير. (ولكن من المبكر ان نتحدث عن افوله سياسيا، لانه وفي اية لحظة ،من الممكن ان يحدث التوافق بينه وبين المجلس العسكري برعاية القوى الامبريالية). وحركة التمرد هي الاخرى ، في طرقيها نحو الافول، فتجميد مؤسس الحركة الروحي محمود بدر ، لعضوية الكثير من اعضاء الحركة ،بسبب اتهامهم ، القيادة بالفساد ،وتأييده الكامل لترشيح السيسي ،والوقوف بالضد من عضو من أعضاءه(حمدين صباحي) للترشيح للرئاسة(الذي يريد بها اطالة عمر هذا التيار بادعائاته والبقاء ضمن القوى الثورية ،لحين وصوله لسدة الحكم) لخير دليل على ذلك . ففي مصر الان اصبحت الصراعات واضحة جدا، هي صراعات بين طبقة برجوازية (بكلا شقيها القومي والاسلامي) ورؤوس طبقة وسطى متحالفة معها وبين الطبقة العاملة،صراعات لابد من أن تتمخض عنها فرز لقوى الثورية الحقيقية ، التي تتقدم بها الثورة ،والتي ستركن جانبا كل هولاء المتصارعين على السلطة بالضد من مصالح الملايين بالاستغلال والفساد والقمع، حيث تنحصر مهمتهم على الحفاظ على نظام طفيلي مهترء، خادم لدوائر أمبريالية ، يعيش على جماجم وقوت الملايين.
فمع استمرار الاعتراضات العماليةطيلة السنوات الثلاثة الماضية من الثورة ،في فضح الادارات الفاسدة لاماكن العمل في جميع المجالات في المعامل والمصانع والمستشفيات، .......ألخ. تأتي الاضرابات العمالية الحالية وفي جميع أنحاء مصر،وبكل قوتها مجددا مطاليبها في تحديد الد الانى للاجور، لتزيح الاغشيه على الاعين وتزيح جانبا ،استبداد السلطةبحجة الحرب على الارهاب ،ولتفضح شغل شاغل الاقلية المتصارعة حول السلطة ودستورها التي توضع لحماية هذه الاقلية ،وتركز على أهداف الثورة .
فالجيش ، وبقيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي في دعايتها الانتخابية للاستفتاء، كان شعاره "فلندع المستحيل ونجري وراء الممكن "وقصدهم بالمستحيل هو البدء بتحقيق مسائل مادية ملموسة، ثارت الاغلبية من المجتمع من أجلها ،من اهداف الثورة في التغيير الجذري لدولة الاستبداد والفساد والاستغلال .وقصدهم بالممكن هو القبول بالجيش وقيادتها(السيسي) ودستورها، التي طبخت فيما بينهم، والتي ليس لها علاقة بتحقيق الدولة المصرية الحديثة، او الدولة المدنية . فلا مبالات الجماهير الغفيرة بالدستور ،وتركيزها على اوضاعها ،أتت من وعيها من ان الدولة بقيادتها الحالية سواء، بترشيح السسي لننسه، او بمرشحي حركة التمرد ، او بمرشحي الاسلاميين ، ستؤدي بالبلد نحو الهاوية لان كل هولاء ،لا يعني الا الاستمرار على انتاج نفس النمط من الدولة ،بل وأسوء من التي سبقتها.
فالاضرابات العمالية وبهذه القوة وفي هذه الاوضاع، ستدخل الطبقة العاملة، لامحال، مرحلة جديدة من النضالات ،يمكنها من توسيع تنضيماتها وتشكيل منظماتها ، وقد تصل مصانع الجيش أي حتى وتضم المراتب الدنيا المستغلة(بفتح الغين ) من الجيش ،أي تسحب القاعدة الاجتماعية للمجلس العسكري شيئا فشيئا ،والقاعدة الاجتماعية للاسلاميين ايضا ،فالفوارق الطبقية ،تدفع الامور نحو هذا الاتجاه ، وستفرز قيادات ، و ستطرح اساليب نضال يجعل امكانية وصولها للسلطة ممكنا..........الخ.
ان كل ما ذكرناه عن مصر، لاتنفي استمرارية الثورة في تونس ،او تراجعها .فكلا الثورتان تتقدمان ، كلا حسب مكوناتها السياسية والاجتماعية ،من احزاب ومنظمات وتيارات . فالاضرابات العمالية التي قامت بقيادة الاتحاد العام للشغل على أثر اغتيال قياديين علمانيين أدت الى استقالة علي العريض (اي رحيل حركة النهضة أحد فروع الاخوان الدولي ) من رئاسة الحكومة. ورغم ان هذا الاتحاد كان يستطيع جر الاحتجاجات نحو طرد حركة النهضة من الحكم كليا، لكن غلبة سياسة الاصلاح والتوافق (مثل سياستها التوافقي بين العامل ورب العمل) على سياسة قيادييها ادت به، الى جرجميع احزاب المعارضة من العلمانيين والديمقرطيين الى الحوار الوطني والتوافق مع الاسلاميين . ومع ذلك فالجماهير(وبالتأكيد بما فيهم قاعدة الاتحاد، من الطبقة العاملة)
عبرت هي الاخرى في تونس ،عن الفصل الواضح ما بين الجماهير والسلطة ودستورها، فالاحتجاجات التي تأججت ضد قوانين رفع الضرائب والفقر والبطالة ،وخاصة وفي أثناء اختيار اللجان الانتخابية لاجراء الانتخابات لدليل على ذلك .
وهناك اعتصامات واحتجاجات مستمرة اليوم في تونس ،مما جعلت من حكومة مهدي جمعة يهدد باصدار قرارات لمنعها.
فالتوافق السياسي بين العلمانيين والاسلاميين ،سوف لا يدوم طويلا ،والاسابيع المقبلة سوف تكشف عن ذلك ، وأذا تم التوافق فذلك يتم على حساب اهداف الملايين التي قامت بالثورة . فمجريات الاوضاع ،جميعها تؤدي الى فرز القوى الثورية الحقيقية ،عن تلك التي تدعي الثورية .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الشرطة الإيطالية تعتدي على متظاهرين مؤيدين لفلسطين في ميلانو
.. الحكومة تعالج الاختلالات المالية من جيوب المغاربة #المغرب
.. تغطية القناة الأولى للجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي لحزب
.. محمد نبيل بنعبد الله : صفقة أكبر محطة لتحلية المياه فازت به
.. علم الحراك الشعبي في سوريا لعام 2011 شوهد وهو معلقا خارج الق