الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقت تحرك إعلاميي التليفزيون ومصريي الخارج

هويدا طه

2005 / 6 / 30
الصحافة والاعلام


هذا الشهر أطلق حزب الغد إذاعة من موقعه على الإنترنت.. وسماها أيضا إذاعة الغد، بالطبع من الظلم للقائمين عليها مطالبتهم بتوفير (خدمة إذاعية) حقيقية.. تنافس محطات الإذاعة الأخرى دولية أو حتى محلية.. من إذاعة بي بي سي إلى إذاعة كفر هريدي، فمحطة إذاعة الغد هي إذاعة محدودة الإمكانيات.. هي حتى ليست محطة بالمعني المفهوم لهذه الكلمة، فهي اجتهاد شخصي.. وفرت له إمكانيات الإنترنت فرصة توصيل صوت ما، لكنها خطوة جيدة ورخيصة التكاليف من أجل تواصل أكثر قربا وجرأة مع المواطنين.. إن تبنت بالفعل قضايا المواطنين.. وإن كانت تشترط بالطبع أن يكونوا إلى جوار أجهزة الكمبيوتر.. أي أن مشهد الفلاح في الحقول والغيطان وهو يدير مؤشر الراديو كي يستمع إلى بيانات من نوع ما.. هو مشهد لن تحققه إذاعة الغد، فالمستمعون إليها سيكونون في غالبيتهم من الطلاب والقابعين أمام شاشات الكمبيوتر. لكن بضعة أيام من متابعة هذه الإذاعة الإنترنتية.. تجعلك تشعر أنك أمام إذاعة (ملاكي) هدفها خدمة شخص واحد هو أيمن نور.. صاحب الإذاعة والحزب والموقع، رسائل تبث طوال الوقت (تظلما) ضد ملابسات قضيته هو.. تختلط فيها الأمور لتصبح (قضية أيمن نور) عنوانا لقضايا.. هي في حقيقتها أكبر من اختزالها فيما يراه هو ظلما له، بالطبع يتعاطف الكثيرون معه فيما حدث له على أيدي (قوات الحكومة).. رغم الاختلاف معه ومع توجهاته وحتى مع رؤيته للتغيير، لكن الاختلاف في الرؤى لا يمنع التعاطف مع حقوق الإنسان في التعبير عن نفسه وعن طموحاته، ولا يمنع حتى التحالف مع المختلفين.. ضد ظلم أكبر يطال الجميع.. ورغم هذا التحفظ على (شخصنة) إذاعة الغد.. فإن انطلاقها يفتح الباب لحلم أكبر في هذا المجال.. طالما أننا نعيش أيام الأحلام الكبرى في مصر هذه الأيام، حلم أن (يصحو) إعلاميو الإذاعة والتليفزيون المصرييّن.. ليتمردوا على طريقة عملهم في هاتين المؤسستين الإعلاميتين الضخمتين العريقتين.. ليتمردوا على أسلوب سوقهم سوقا ً إلى ميكروفونات الإذاعة وشاشات قنوات التليفزيون.. لينطقوا بلسان نظام فاشل جائر ضد المصريين وقضاياهم الحقيقية.. فطالما فكت عقدة المصريين.. منذ انطلاق الصرخة الأولى.. التي أطلقها شباب حركة كفاية في الثاني عشر من ديسمبر الماضي.. حتى بات لهم الفضل الذي لن ينكره التاريخ في خروج فئات مختلفة من الشعب المصري.. منذ ذلك الحين.. أطباء من أجل التغيير.. محامون من أجل التغيير.. صحفيون من أجل التغيير.. شباب من أجل التغيير.. نساء من أجل التغيير.. صبيان وبنات من أجل التغيير.. إلى آخره من مختلف فئات الشعب المصري.. فلماذا لا يصحو موظفو وإعلاميو ومذيعو ومذيعات الإذاعة والتليفزيون المصرييّن.. والمخرجون والفنيون وكل من يعمل في هاتين المؤسستين.. ليتمردوا ويعلنوا أنهم هم أيضا.. إعلاميون من أجل التغيير.. وليعملوا على تكسير عصا الحكومة التي تضلل بها المواطنين.. وتحذرهم وتخيفهم وتكذب بها عليهم.. وليصبحوا جزء هاما من حركة التغيير الشاملة.. بل ليصبحوا لسان حال الشعب المصري وليس لسان مبارك وعصابته.. ليكن هناك إضراب عن العمل إن لم يبعد النظام قبضته عن الإذاعة والتليفزيون.. ليصبح عصيانا للنظام وانضماما للناس.. خاصة أننا مقبلون على صيف ساخن بل ملتهب.. يريد فيه مبارك وعصابته الاستمرار في سرقة المصريين ثروة وعقولا.. لماذا لا تكون هناك حركة إعلامية للتغيير داخل التليفزيون والإذاعة المصرييّن.. تفرض على النظام المتهالك فرضا.. أن يبتعد عن الوسيلة الأكثر نجوعا في الوصول إلى كل الناس.. في كل المدن والقرى والنجوع.. نتمنى ألا يقتصر حلم الوصول إلى الناس على إذاعة إنترنتية محدودة همها الدفاع عن صاحبها.. وهذا حقه على كل حال.. نتمنى أن تأتي الانتخابات المقبلة.. وإعلاميو الإذاعة والتليفزيون المصرييّن.. أحرارا من قبضة هذا النظام المتداعي.. حتى يتمكن المواطن المصري بالفعل.. من مشاهدة التحول الحقيقي على شاشات قنواته المصرية العديدة.. رغم أنف مبارك وصبيانه.. وحتى يستطيع الفلاح المصري في الغيطان.. أن يستمع بالفعل.. عبر إذاعته العريقة.. إلى بياناتٍ.. من نوع ٍ آخر..

** والمصريون في الخارج أيضا:
تحركت إذن فئات مختلفة من الشعب المصري.. لتعلن فعليا وحركيا.. وليس بالأماني المسجونة في الصدور.. الرغبة في التغيير الشامل.. في بلد لم يكن ليستحق أن تصل أوضاعه إلى هذه الدرجة من العفن على يد هؤلاء القابضين عليه.. لكن هناك فئة خاصة من الشعب المصري مازالت مترددة في الانضمام إلى الحركة الأم الشاملة.. المصريون في الخارج.. الذين يبحثون عن مصر في كل نشرة أخبار وكل قناة فضائية وكل جريدة.. والذين يقدر عددهم بنحو ستة ملايين مواطن مصري هج من البلاد.. بحثا عن الرزق أو هربا من القمع.. لكنه وهو في الخارج.. سواء كان حاله مترفا أو مستعبدا.. سواء كان مبعدا أو بعيدا.. سواء كان راغبا في العودة أو زاهدا.. سواء كان ممنوعا من العودة أو يائسا.. فإنه على اختلاف حاله من فرد إلى آخر.. مواطن مصري.. تشده مصر شدا.. يتلهف على أخبارها.. يتمنى لها أن تعود.. مصر التي في خاطره وفي دمه.. هؤلاء المصريون في الخارج ربما يتيح لهم بعدهم عن قبضة البوليس أن يقدموا شيئا.. وربما يتيح يسر الحال لبعضهم أن يساعدوا في شيء.. وخاصة بعض العاملين في منطقة الخليج.. صحيح أن حال العاملين في الخليج ليس دائما (ميسورا) بالصورة التي كرستها أفلام السينما طوال العقود الثلاثة الماضية.. لكنهم يستطيعون تقديم شيء ما.. إن لم يكن ماليا.. رغم أن هذا فرض عين وطني.. فإنهم بالطبع يستطيعون (المساهمة في هدم) هذا النظام المتكلس.. إعلاميا وتنظيميا وغير ذلك، لهذا قد تبدأ في الأسابيع المقبلة.. وهذا ما نأمله.. حركة في منطقة الخليج.. باسم (مصريون في الخارج من أجل التغيير) أو ربما (مهاجرون من أجل التغيير) على رأس مطالبها.. عدم تجاهل أصوات المصريين في الخارج في الانتخابات المقبلة.. فهذا حق دستوري.. سكت عنه المصريون أيام (الموات) السياسي في مصر خلال العقود الماضية.. لكن مصر الآن تغلي.. وهؤلاء وإن كانوا بعيدين عنها مسافة.. فهم ليسوا بعيدين عنها انتماء وعاطفة وأملا في المستقبل.. وحق التصويت هو حق يستحق الدفاع عنه.. لكن (حق التصويت) ليس هو مطلبهم الوحيد.. وإنما أيضا يزمع هؤلاء تأسيس صندوق بمساهمات مصرية خالصة.. يهدف إلى (دعم ضحايا العنف الحكومي في الوطن الأم.. مصر)، هذه المساهمات ليست بالضرورة كبيرة.. فهي لا تهدف إلى تأسيس دولة وليست أسهما في شركة أو ما شابه.. وإنما تهدف إلى التعبير عن (تكافل) وتضامن.. مع هؤلاء الذين تتعرى صدورهم وأرزاقهم أمام هراوات (قوات الحكومة) في معركة غير عادلة.. يتعرض فيها الشباب والنساء للضرب والاغتصاب والتهديد بقطع الأرزاق.. الضئيلة أصلا.. هذه معركة شعب كامل مع الفساد واللصوص والإذلال والإفقار.. والمصريون في الخارج هم جزء من هذا الشعب.. ليسوا كلهم أغنياء.. وليسوا كلهم مترفين.. وغالبيتهم مهمومة بالوطن وما يجرى فيه.. و(دور الفرجة) عيب عليهم.. يرفضوه، لكن معظمهم لا يعرف (كيف) ينضم إلى حركة تنظم مطالبهم وتفعلها.. وهذه الحركة المأمولة- إن تأسست بالفعل- لا علاقة لها بالدول التي يقيمون فيها ولا بسياساتها ولا بعلاقاتها الرسمية مع النظام المصري.. هي حركة (تواصل) بين فئات شعب.. شاءت ظروف تمزيقه في العقود الماضية أن تكون فئة مصريي الخارج بعيدة عن الوطن الأم.. مسافة وليس روحا وقلبا وعاطفة ومصالح.. المصريون في الخارج إذن.. مطالبون ببدء التحرك لدعم الحركة الأم في الداخل.. وربما يكون العائق الوحيد أمام هذه الحركة.. ليس تخاذل المصريين في الخارج.. فكثيرون منهم بات الآن رافضا لأن تكون علاقته بما يجري في مصر قاصرة على متابعة الفضائيات.. ويريد أن يفعل شيئا.. وإنما موقف الدول المضيفة لهم.. قد تكون هي العائق الأكبر.. وخاصة دول الخليج.. التي (تؤثر) عدم وضع نفسها في موضع الخصومة مع النظام المصري، وقد يخشى المصريون العاملون فيها على أرزاقهم.. إن هم (مارسوا) نشاطا سياسيا تتحسس منه الدول المضيفة لهم.. لكن حتى هذه الدول.. أو بعضها على الأقل.. استطاع أن (يستشرف) الوضع في مصر.. واستطاع أن (يقدر) أن عصرا في مصر ينتهي ليحل محله آخر.. وأن حركة منظمة للمصريين العاملين فيها.. لا تستهدفهم وهم الدول التي استضافتهم وقت طردتهم أو طاردتهم بلدهم الأم مصر.. لذلك لن تخشى هذه الدول- أو هكذا نأمل- من (تبعة سياسية) لمثل هكذا حركة مصرية تنشأ (الآن) في مثل هذه الظروف.. أما المصريون العاملون أو المقيمون في دول أوروبية.. فإن التحرك السياسي والتنظيمي لهم قد يكون أقل صعوبة من المصريين في دول عربية.. بسبب الطبيعة الديمقراطية الحقيقية لهذه البلدان وسيادة القانون فيها.. لكن المهم في هذا الأمل.. ألا تكون هناك (حركات) للمصريين في الخارج، (فحركة) واحدة قوية وفاعلة هي أفضل من حركات متفككة ضعيفة.. يصب ضعفها لصالح نظام.. يصر بغباء على تجاهل حتمية سقوطه.. رغم كل تلك الدلائل على النهاية.. فإذا كان المصريون في الداخل يواجهون بصدورهم قوات البوليس الغاشمة.. واستطاعوا أن يطلقوا شرارة البدء الأولى.. فالمصريون في الخارج الذين تعشش مصر في قلوبهم.. ولن تخرج منهم حتى لو أرادوا، عليهم الاستجابة.. وإلا ماذا يعني كلام المغترب عن عشق الأوطان.. إن لم تكن أكتاف العاشق- في لحظة مواجهة مع قطاع الطرق- قادرة على حمل معشوقته؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكاء رونالدو حديث المنصات العربية • فرانس 24 / FRANCE 24


.. التشكيلة المتوقعة للجمعية الوطنية الفرنسية بعد الجولة الثاني




.. كيف يمكن للديمقراطيين استبدال بايدن في حال قرر التنحي وما ال


.. حاكم ولاية مينيسوتا: نحن قلقون بسبب التهديد الذي ستشكله رئاس




.. أحزاب يشكلون الأغلبية في الحكومة والبرلمان الجزائري يطالبون