الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلام قديم ... حديث جدا

ابراهيم جادالكريم

2014 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


كلام قديم ... حديث جدا
فى رائعة فرح أنطون (1861 – 1922) الدين والعلم والمال والتى كتب د جابر عصفور مقدمه لها فى طبعتها الثانيه بمناسبة طباعتها ضمن مهرجان القراءه للجميع قال : ماذا يحدث عندما تتصارع قوى الدين والعلم والمال وتتحول العلاقه بينها الى علاقة تنابذ وقتال بدل أن تكون علاقة سلام ووئام أو حوار وتفاعل ، فتنفى كل قوه منها غيرها متصوره أن نقيضها الذى لابد أن تمحوه من الوجود ؟ هذا هو السؤال الأساسى الذى كان يؤرق فرح أنطون ويدفعه الى صياغة رؤيه فنيه مميزه يستخدم فيها التلميح بدل التصريح والمجاز بدل الحقيقه والرمز بدل الأشاره المباشره وهى رؤية ظلت تحلم بنوع مغاير من الأنسانيه ، أطلق عليه فرح أنطون أسم (( الأنسانيه الجديده )) التى تتحقق فيها أحلام البشر بعالم مثالى يقوم على التوازن بين القوى والمصالح والأتجاهات والمعتقدات ولكى يبرز فرح أنطون معنى هذا العالم وأهميته من منظور يوتوبيا المستقبل الذى حلم به ، صاغ روايته القصيره الفريده الدين والعلم والمال ، ونشرها ضمن مطبوعات مجلة الجامعه التى كان يصدرها من مدينة الأسكندريه فى أول يوليو 1903 !!.
ويظهر التحول فى كتابة فرح أنطون من الكتابه التاريخيه التى برع فيها جرجى زيدان الى فتره وتحول فى أعقاب المناظره الشهيره التى دارت بين فرح أنطون والأمام محمد عبده بعد أن نشر فرح أنطون دراسته الشهيره عن أبن رشد و فلسفته ضمن أعداد (الجامعه) فأثارت ضجه هائله وردود فعل متباينه ، الأمر الذى ترتب عليه هجوم جريده (المنار) التى كانت صوت الدعوه الى الدوله الدينيه والتى كان يحررها محمد رشيد رضا النقيض الفكرى لفرح أنطون الذى كان يحرر مجلة الجامعه التى كانت تدعو فى المقابل الى المجتمع المدنى والدوله المدنيه وقد أستكتب محمد رشيد رضا أستاذه الأمام محمد عبده – مفتى الديار المصريه – فى الموضوع ودخل الأمام فى مناظره رائعه فى دلالتها على التسامح مع فرح أنطون واستمر الحوار بينهما على صفحات – المنار – و – الجامعه – لأشهر عديده وقد نشر فرح أنطون هذا الحوار ضمن كتابه الجامع : أبن رشد وفلسفته ، الذى صدر فى الأسكندريه فى الأول من يناير 1903 أى قبل ستة أشهر من صدور رواية (الدين والعلم والمال) وبعد أنتهاء الحوار العقلى ومن الممكن لعشاق البحث التاريخى أن يجدوا فى الروايه بعض الأشارات الرمزيه الى المتعصبين الذين هاجموا فرح أنطون على أسس دينيه ولكن الروايه لا تقف عند هؤلاء المتعصبين الذين تراهم خطرا على الدين الا بما يضعهم ضمن سياق قضية أكثر أتساعا وعموميه ويرى فرح أنطون بعد زيارته الثلاث مدن الدين والعلم والمال أن تغيير الأفكار بعض ما يجب أن تبذله كل الأطراف لمواجهة تغيير العالم ، لتأكيد التسامح ودفع الحوار الى المدى الذى يحقق التقدم للجميع والمؤكد أن العدو الحقيقى للدين والعلم فيما يؤكد الشيخ فى الروايه – هو الأثرة والشراهه والرغبه فى الأنفكاك من كل قيد واذا كان العلم يمكن أفساده حين يستخدم فى هدم مصالح البشر فأن الدين يمكن التعكير على جوهره المصفى حين يتسرب التعصب فى تأويله وفهمه هكذا يخاطب شيخ العلماء رجال الدين بقوله : أنكم تطلبون تدبير الحاضر بالماضى وتقولون ان الناس لا يمكنهم فهم الكتب المنزله الا بواستطكم ولذلك تفسرونها وتضعون رأيكم فى هذا التفسير موضع الحقيقه الثابته التى لا يجوز مسها بدل أن تتركوا الناس يفهمونها كما تسوقهم فطرتهم ... فلماذا تجعلون أنفسكم بين الله والناس ... فى منزلة الوسيط والمدافع عن الدين ... أى عن الضمير البشرى ؟ من أقامكم وسطاء ومدافعين عن هذا الضمير ؟ دعوا البشر يعيشون بملأ حريتهم الروحيه فان كتبهم الدينيه بين أيديهم وضمائرهم اذا لم تفسدوها بالجدل والمماحكه والأهواء فانها لا تقرأ فيها الا الحقائق الأزليه ومبادىء الأخاء البشرى ، ولا تقولوا نحن نرشدهم فانكم شر مثلهم أى فيكم جميع أهواء البشر الصالحه والفاسده وهذا الأرشاد لا يقبله البشر الا من الملائكه .... فدعونا ولا تقفوا بيننا وبين الله لتجبرونا على أن نفهم حياتنا وكتبنا والهنا ومصالحنا كما تريدون أنتم.
ولكى يدلل الشيخ على ما يقول فأنه يشير الى محاربة دعاة الدين بعضهم البعض وتكفير أصحاب المذاهب المخالفين لهم وما أدى اليه ذلك من حروب ومذابح أنتهت الى كوارث الدين منها برىء شأنه شأن العلم الذى أستغلته طوائف متعصبه لتحقيق أهدافها غير العادله وحين يؤكد الشيخ الكيفيه التى يستغل بها البعض الدين أو يستخدمه فى أستغلال البشر وظلمهم كالعلم سواء بسواء فأنه يصل الأثنين ( العلم والدين) بقضية العدل الأجتماعى بالقدر الذى يصلهما بقضية الحريه بأسم الأنسانيه والأخاء البشرى وضرورة الدوله المدنيه التى تستبدل التعصب بالتسامح وبالظلم العدل وبالقمع الحريه ويتوجه الشيخ الى ابناء المدن المتنازعه كما لو كان يتوجه الينا برسالته التى هى رساله فرح أنطون التى صاغها بقوله : أن الوفاق فى بلادنا بين عناصرنا لا يمكن الا بمراعاة الوسط الجديد الذى صرنا فيه لأن الوسط الماضى قد تغير علميا وأجتماعيا وسياسيا وهذا الوسط لابد أن تجمع فيه جميع المذاهب والأراء والأفكار وبناء على ذلك لا سبيل لدوام الوفاق بين الجميع الا بأطلاق الحريه المطلقه لجميع المذاهب والآراء والمبادىء والأفكار من أى نوع كانت وهى من تلقاء نفسها متى تركت لذاتها ولم تكن هناك شهوة دينيه تحركها تتفق وتتجه الى غرض واحد وهو الخير أى محاربة الرزيله والشناعة والشرور فى الأرض من أى مصدر وردت وبأى صورة كانت وتلك هى رسالة فرح أنطون المضمنه فى روايته : الدين والعلم والمال والتى كتبها سنة 1903 !! ونحن فى عام 2014 وبعد مرور أكثر من قرن ونيف !!! ولا زلنا فى نفس المكان الذى كنا فيه سنة 1903 !!!!!!!!!!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح