الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-بيرزيت .. قطاف الزيتون والشهداء-

غسان العزة

2014 / 2 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



لقد كانت المرة الأولى التي ترجلت فيها أرض تلك البلدة الطاهرة، كي أفهم أن لروح الأرض مغزاها، نزلت من المركبة وتسارعت عيناي كما قدماي إلى عمقها، بدأت أنظر إلى تفاصيلها شرهاً بجمالها، أتفحصها من دون كلل أو ملل تقول لي عيناي أصابنا العطش فتمحصها أكثر وأكثر، لسيميائها تركيبة شادهة تصول في ذهني أنظر إلى أشجارها أراها تميل على بيوت البلدة كمن تحتضنها لتحمي حجارة بيوتها العتيقة حتى من قطرات المطر، يتكاتف التوت البري على أسوارها متشابكاً بقوة ذو مظهر خلاب ولكن في طياته رسالة تقول أنا أسلاك هذه البلدة الشائكة أحميها منذ زمن طويل، أنظر إلى من بعيد إلى حقول زيتونها المتجذر منذ عقود في ترابها، لم أشعر يوماً أن ذاك المتجذر زيتوناً كنت أراه دوماً تشكيلاً عسكرياً جيشاً يتسمر مستعداً لخوض غمار الحرب يصطف متراصاً كما أرتال الجنود المعلنة للنفير، إلى جانب بيوتها العتيقة التي تحمل رصات حجارتها ثقل المهمة في الصمود وعدم التخلخل والتهلهل وتفوح من أبوابها رائحة الوطن، تُساند تلك البيوت بعضها البعض كما المتاريس العسكرية أعدت نفسها لصد كل عدوان على الذكريات.
كلما مشيت في أزقتها تحسست أشجارها أو سُردت علي حكايات أهاليها أسمع صوتاً للدفء يسري في بدني ويتدفق إلى رئتاي هواء مفعم بالإقدام، كمن تقول تلك البلدة لكل المارين فيها لست أقل من إسبارطة في شيء فتجهزوا وعسكروا وتجذروا لنقاتل.

لسيميائها توأمة عيترون وعيتا الشعب وبنت جبيل وهانوي وجبال الجزائر، ولذلك يخجل كل من دخلها وارتوى بمعسكر تضاريسها أن لا يكون مقداماً، منذ دخلتها أول مرة عرفت لماذا لم يصبح "يحيى عياش" الذي غفت عيناه كثيراً تحت ضوء قمرها مهندساً يعمل في بقالة من بقالات أوسلو وتيقنت جيداً السبب الذي جعل منه مهندساً للغضب.
وها قد فهمت جيداً لماذا يسبق قطاف زيتونها ويعقبه قطافاً للشهداء، عرفت جيداً سر العناق ما بين أهلها وطلبتها وزوارها وزيتونها، عرفت أن للرصاص كما الزيتون قطاف، لقد كان الزيتون يتلوا عليهم الخطة ليُسموا باسم تراب فلسطين وينطلقوا، ولهذا السبب أيضاً أصبحت بيرزيت أماً وجامعة للشهداء.

تلك الأرض، تمترس البيوت العتيقة، عسكرة الأشجار، أسيجة التوت البري، تلك الجاهزية الدائمة لروح الأرض، فتحت أذرعها و وقالت كلمتها الفصل، أنا أحميك تقدم، وإن لم أقدر سأحتضنك في جوفي كما باقي من سبقوك على الدرب، وليضيء سراج التحرير بدلاً من زيت الزيتون دماً، فحلق النسر الفلسطيني "معتز وشحة" اليوم تنفيذاً للمهمة التي أوكلته بها الأرض مضيئاً للسراج كمن سبقوه، بانتظار قطافاً أخر للزيتون والشهداء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -جزار طهران- أو -نصير الفقراء- .. كيف سيتذكر الإيرانيون إبرا


.. شرطة نيويورك تعتقل بالقوة متظاهرين متضامنين مع غزة في بروكلي




.. قراءة عسكرية.. ما الذي يحدث بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاح


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة اليمين المتطرف برئاسة




.. تفاعلكم | تعطل حركة الطيران في مطار ميونخ، والسبب: محتجون في