الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكم الأزمة.. قراءة التأريخ من منظور معاصر

سلام كاظم فرج

2014 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


حكم الأزمة/ قراءة التأريخ من منظور معاصر// ملاحظات انطباعية عن الجزء الثاني من كتاب المؤرخ رائد السوداني //
سلام كاظم فرج..
صدر عن دار ضفاف للطباعة والنشر والتوزيع الجزء الثاني من كتاب المؤرخ رائد عبد الحسين السوداني ( حكم الأزمة.. العراق بين الاحتلالين البريطاني والاميركي). وعلى الرغم من اختيار حروف طباعة اصغر حجما مما كانت عليه في الجزء الاول فقد وجدت نفسي منساقا لتكملة الكتاب بشغف ومتعة لما تضمنه من إرهاصات مستقبلية ستشكل العمود الفقري لما استقرت عليه الحالة السياسية والاجتماعية لعراق القرن العشرين وما تلاه من سنوات قليلة لاحقة اعتبرها الكاتب سنوات مخاض لاحتلال اميركي بكل ما تحمله كلمة مخاض من آلام وآمال//
من خلال بوابة العنونة نتعرف على رؤية الباحث لفضاءات محاور كتابه وفق رؤيته المتفردة// حكم الازمة.. فما يثار من آراء بشأن كل أزمات الحكم في العراق.. يضعها الكاتب في إطارها الصحيح باعتبار ان الازمة هي الجرثومة التي تعايشت مع الحكم. لا العكس..
بمعنى ان الحديث يجب ان يجري عن حكم الازمة. لا عن أزمة حكم.. فالأزمات ليست عارضة. بل هي مزروعة في أساس الحكم الملكي وما تبعه من حكومات انقلابية .. فالازمة نفهمها هنا كداء وبيل وقديم .. تسبب ويتسبب بكل مالحق بالعراق والعراقيين.
ويتناول الكاتب بالتفصيل مسيرة كل المعاهدات التي وقعت وعدلت أبان حكم فيصل الاول. ويتناول بالشرح مسيرة كل رجالاتها او كما يسميهم (فرسانها).. عبد المحسن السعدون.( الملك فيصل الأول).. ياسين الهاشمي/ ناجي السويدي/ نوري السعيد /جعفر العسكري/ وجهودهم في استرضاء الانكليز لا من اجل تحقيق مصالح بلادهم او تقديمها على ما سواها.. بل من اجل نيل رضا بريطانيا العظمى اولا. وتحقيق طموحاتهم الشخصية الضيقة في رئاسة الحكومة او البرلمان.. مما أدخل العراق في نفق أزمات مستديمة متلاحقة. لم تنهيها الانقلابات الجمهورية . بل العكس هو الصحيح . إذ حملت تلك الانقلابات أسوأ ما في حكم الازمة الموروث.. وتحولت الصراعات الفردية او الحزبية في العهد الملكي الى حمامات دم في العهود التي سميت جزافا بالجمهوريات..
ويمكن تلخيص اهم المحاور والرؤى التي تناولها الكتاب بما يلي:
اولا/ رغم الولاء المطلق للزعماء العراقيين (فرسان المعاهدات) (للحليفة) بريطانيا العظمى. فقد كانت ثمة نزاعات خفية ومعلنة بينهم. تتمحور حول الاستحواذ على النفوذ والزعامة..
ثانيا/ لم تؤخذ بنظر الاعتبار تحفظات المعارضة الوطنية بشأن تلك المعاهدات. ولم تؤثر فيهم الاحتجاجات الشعبية. بل تعاونوا فيما بينهم رغم احقادهم وصراعاتهم الشخصية على تهميش دور المعارضة الوطنية متمثلة بالحزب الوطني( جعفر ابو التمن) والاستقلال(محمد مهدي كبة) والتضييق على الصحف الوطنية/
ثالثا/ الدور المشؤوم الذي لعبه قانون الجنسية لعام 1924 الذي أسماه المؤلف وبحق قانون الازمة المستديمة والذي رسخ التقسيم الطائفي والعرقي في العراق طيلة السنوات التسعين اللاحقة.. وما تبع ذلك من تهميش وتهجير وقتل . فقد قسم العراقيين الى تبعيتين مختلفتين/ التبعية الايرانية والتي وسمت آلاف العوائل العراقية من الشيعة العرب بالفارسية والتشكيك بعروبتها وعراقيتها.. ناهيك عما لحق الكرد الفيلية من اضطهاد مروع أبان حكم البعث.. نظرا لتكريس القانون المذكور لتبعيتهم الايرانية ظلما وجزافا.. والتبعية العثمانية التي اعتبرت ابناءها عراقيين فعليين دون اخوتهم من التبعية الاخرى.. وقد لعبت بريطانيا وياسين الهاشمي دورا مشهودا في إقرار هذا القانون المريب حتى قبل إقرار الدستور العراقي الاول..( القانون الاساسي لعام 24)
رابعا / اتفاقيات التنقيب عن النفط
خامسا/ وفي الفصل الخامس المعنون بمعاهدة إثر معاهدة. يتناول الباحث معاهدة عام 22 . ثم معاهدة 1926 والتي منحت بريطانيا على أثرها المفاوض العراقي عبد المحسن السعدون وسام الشرف من الدرجة الاولى . وانعمت عليه بلقب ( السير..).. وقد امتدح السعدون بريطانيا بقوله( انها أخلصت في تعهداتها للعرب وجاهدت الجهاد الحسن في قضية الحدود وتأمين حقوق العراق المشروعة..) ثم معاهدة 1930
سادسا// جرى التركيز على فكرة قد نراها غريبة في الوقت الحاضر لكنها حقيقة واقعة في ذلك الزمان. تلك هي حقيقة تعيين نواب الشعب ولكن بصيغة الانتخاب!! وما كان يجري من التفاف على اصوات الجمهور وفق آليات موضوعة بعناية ودهاء انكليزي صرف
سابعا// يتناول الباحث الحقوق المقننة للانكليز.. بما يجعلهم سادة البلد وفق القوانين الوطنية.. وبما يجعل نصائحهم بمثابة اوامر.. وحمايتهم من تبعات القضاء العراقي بتقديم القضاء البريطاني عليه
قد نختلف قليلا او كثيرا مع موقف الاستاذ الباحث رائد السوداني في كتابه القيم هذا. سيما حول والاجتهادات التي قد يكون بعضها مخلصا ونزيها لبناة الدولة العراقية الحديثة..مما يوجب عدم غمط تلك الجهود. فقد كان الباحث مخلصا لرؤيته التي ترى ان حكم الازمة في العراق مرجعه الى ذلك البناء السيء. وذلك الاساس المريب لبناء الدولة على يد بطانة اصدقاء بريطانيا العظمى..
ومما هو جدير بالذكر ان الباحث قد اعتمد على مصادر رصينة عديدة تتناول تلك المرحلة من تأريخ العراق . اهمها:: ملفات مجلس النواب للدورات الثلاث التي غطت عقد العشرينيات/ مذكرت محمد مهدي كبة/ صفحات من تاريخ العراق من الاحتلال البريطاني حتى ثورة تموز حامد الحمداني/.. صفحات من تأريخ الحزب الشيوعي العراقي/ عزيز سباهي/ لماذا انتحر السعدون, نجدت فتحي صفوت/ الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية/ حنا بطاطو.. مذكرات سندرسن باشا// حكايات سياسية خيري العمري.. قصة الاكراد الفيلية / محنة الانتماء وإعادة البناء الدكتور محمد تقي جون. وعشرات المصادر الاخرى..
وكما علمت من الاستاذ الباحث رائد السوداني ان هناك أجزاء ستصدر لاحقا تتناول المراحل المختلفة لتاريخ العراق المعاصر وصولا الى أيامنا هذه.. ستتناول بالتفصيل إشكالات حكم الازمة ذي المخاض العسير.. وقد تتجاوز الخمسة أجزاء ارجو مخلصا ان يصدر الجزء الاخير منها قريبا. رغم معرفتي ان فهم الحاضر لا يكون دقيقا .. ان لم نفهم الماضي وتمظهرات أساساته..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد