الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منشور إشارة البداية لنسف مصالح الأجراء و ضرب مطالبهم

الطاهر الهمامي

2014 / 2 / 28
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لماذاتعرّض أول مناشير السيد المهدي جمعة ( منشور عدد 2 مؤرخ في 13 فيفري 2014) للإتفاقياتالتي إلتزمت بها الحكومة ، كأحد مكوّنات الدولة، مع هياكل الإتحاد العام التونسيللشغل و للمفاوضات الإجتماعية عموما ؟ لماذا إختار رئيس الحكومة المؤقتة الرابعة هذا التوقيت لتوجيه أول ضربة معول لمصالح و مطالب مئات الآلافمن أعوان القطاع العام و لاحقا ملايين الأجراء بالقطاع الخاص؟ ما هو موقع ودور هذاالمنشور ، على بساطته الظاهرة،من إلتزامات الحكومة المؤقتة تجاه مؤسسات الإقراض والنهب ؟ و ما هي الآثار و الإرتدادات وردود الأفعال المباشرة و الضرورية والممكنة المنجرّة عن هذا المنشور "العلامة" ؟

إن وضعالسيد المهدي جمعة لهذا المنشور في أول إهتماماته و جعله أولى إنجازاته يؤكد أمرينيمثّلان المرجعي. أولهما أن الرّجل إنطلق رأسا في تطبيق ما أوكل له ، فلا يحتاجلبرهان أن كل سلطة مستقلة و متفاعلة كان يلزمها الوقت و التروّي قبل إصدار هكذاقرارات ( تضمّنها المنشور) لما يتطلبّه ذلك من إلمام بالوضع و تقدير للآثار . غيرأنه واضح أن للسيد مهدي من دَرَس و قدَّر واحتسب ،عوضا عنه، و ترك أمر التنفيذ لا غيرللحكومة المؤقتة.

أماثاني الأمرين فهو إدراك الجميع ،على طرفي تناقض المصالح، أن مستقبل الحراك والتحوّلات يبقى رهين الإجتماعي ، و ذلك رغم ما أثير من غبار حداثوي و مدني لحجبواقع إجتماعي بائس و مرشح لمزيد التأزم و الإحتقان. فغشاوة الزيف ستنقشع قريبا وربّما أسرع ممّا يتصوّر البعض ليعود الجوع هو الدّافع و البطالة هي المحرّك علىقاسم المواطنة التي لا يمكن أن يشترك فيها جائع و متخم و معطّل و لصّ و إلاّ استحالت تبريرا لسحق الإنسان أصلا.

لقد تزامن صدور هذا المنشور تقريبا مع أوّل لقاءمع أعضاء المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل وهي إشارة تعني أن رئيسالحكومة كان مرغما بوعي أو دونه ، و الثاني أخطر من الأول ، على إتباع ما رُسِم لهمن أبعاد المصادر الثلاثة: البيت الأبيض / حي الخضراء/ مونبليزير ، فكان الهدف الأول إعلان تملّص الحكومة منجميع الإتفاقيات السابقة و التي تُعدّ بالمئات أما الثاني فهو الإعداد لضرب كلإمكانية للتفاوض مستقبلا و جعل الهدنة مُؤبدة تحت سلطة مؤقتة بجميع مؤسّساتها ليزدادالفقر اء فقرا ،مقابل جعل الميدان فسيحا وخاليا أمام سلطة رأس المال ،وهي الثابت الوحيد إلى حدّ الآن ،بتعلّة تشجيع عودةالإستثمار و استعادة الإقتصاد لعافيته و الحدّ من نفقات الدولة ،بخصوص الأجور فقططبعا و كما العادة. كل ذلك ليس غير ترديدركيك لأوامر البنك العالمي و التي كرّستها على سبيل الذكر لا الحصر ميزانية 2014 .

إن ضغطالتقيّد بالتعليمات جعل رئـــيس الحكومة المؤقتــــــة الرابعة يرى في ارتفـــــاعالأسعار و اسـتــــفحال البطالة و الحيف الجبائي مواضيع غير جديرة بالإهتمام وربّما مكاسب يجب الحفاظ عليها من منظور مصلحة من أتوا به. بل إن قوّة الضغط تلكدفعته أيضا للتغاضي عن جميع المواضيع التي وقع التوافق عليها لتُصَعّد حكومته ، بمافيها تلك المتعلّقة بالمرفق العمومي ، و التي استنزفت المال العام. لقد تناسى أمر ما يفوق الاثنى عشر ألف إنتداب "حزبي " زائد عن الحاجةو إعادة ترتيب المسار المهني للآلاف منأتباع " الحزبي " ذاته بما يعني التمـتّع بما يزيد عن ثلاث ترقيات دفعةو احدة و التعويضات للمؤلفة قلوبهم و آلافالتسميات على قاعدة الولاء و أسطولالسيارات الوظيفية الذي تضاعف وو ... وكأن ّكل ذلك لم يكلّف ،ميزانية الدولة شيء و لا يحتاج أية إعادة نظر أو مراجعة ، من منظور السيد رئيس الحكومة ،فهومقدم رشوة اجتماعية وقعت التغطية عليها سواءبالضرائب التي يدفعها أجراء القطاع العام و المفقرون أو بالزيادة النارية في الأسعار التي جعلت سقفالفقر في عنان السماء و أغلب التونسيين في أرض الجوع يهيمون.

و مايــــــؤكد استــــــعجالية و فداحة ماجــــاءبمنـــــشوره هـــــو ذهــــــاب الســـــــيد المهدي جــمــــــــعة عكـــــسالمبـــــادئ العامــــة و بديهيات القانون . فلا تعامل متكافئ بين الحكومة و الطرفالإجتماعي و لا استمرار لسلطة الدولة و إلتزاماتها في مستوى جهاز الحكومة و لا تفويض لأحد فيها و لا هرمية صلاحيات و لا احتراما لعدم رجعيةالقوانين و التّراتيب . كلّ ذلك لا يعني السيد رئيس الحكومة المؤقت الذي يَستعجلالإمتثال لما أُمِر به ، لحدّ جعلالتعلاّت المتعارف عليها للتّلاعب والتّملّص من الإتفاقيات مع الهياكل النقابيّة و التي تهمّ جهاز الحكومة بصفة ضمنيّةو معلومة للجميع ، جعلها شروط مملات، أو يراد لها أن تكون كذلك،لنسف الإلتزامات السابقة و ضرب كلّ جدّية في كل تفاوض لاحق .

وهنا يعمد السيد المهدي جمعة ، عن قصد ، لنوع من عبثـــــــــية الخلط الملغّموهو يعلم أنّـــــــه يريد الاســـــــتثمار و الكسب حينيّا حيث سارع وزراء حكومته و مسؤولي المستويات الأولى بها الذينجاءت بهم التسميات التــــــي نعلم بل وجوقة المردّدين المعادين للعمل النقابي و الإتحاد العام التونسي للشغل إلى دقّطبول النّفير معلنين أن المنشور العظيم قد"جبّ" ما سبقه من الإتفاقيات مع هياكل الإتحاد العام التونسي للشغل و أن فتح باب التّفاوض مستقبلا يتطلّب جمع وتوافق وفد حكومي عرمرم لا يُستغنى فيه عن أي مدير و لا وزير و لا رئيس الحكومة نفسه للنّظر في إمكانية الجلوس إلى الطرف النقابي. أما إمــــــضاء محضر اتفـــــاق فــــــتقد يتطلب جَمْع إمــــــضاءاتكلّ الوزراء و المسؤولين و ربّما كتابة الوزير . كل ذلك دون أيّ ضمان تطبيق.

بلإن تسريع وتيرة استغلال الوضع الذي يعتقد رئيس حكومة الحكومة أنه أسس له عبر المنشورعدد 2 جعله ينطلق في تطبيق بقية تعليمات البنك الدولي في رفع الدعم كليا عن المواد الأساسية ( و ما معجون الطماطمإلاّ البداية) و الرفع في أسعار بقية المواد و الخدمات بشكل غير معلن و استمرارفيما عملت به الحكومات المؤقتة السابقة . هذا دون أن ننسى وإصرار وزير الشؤون الإجتماعية ( مهندس تفكيك القطاعالعام في عهد المخلوع ) على إحياء مشروع الرفع في سنّ التقاعد وهو أيضا واحد من تلك التعليمات التي ستطيل في شقاءالأجراء إن كتب لهم بلوغ سن التقاعد و ستزيد من نسبة البطالة.

تلك هيجدّيــــــــة " الحوار" الإجتماعي التي يبشّر بها السيد رئيس الحكومة والتي تنســــــــف كلّـــيا الحقّ النقابي ، بل و تحاول جعله ضرب من المهزلة و العبثية للتّفاوض حولالتّفاوض و الإتفاق حول الإتّفاق الذي أتّفق عليه !!!.

لانتصوّر أن عامة الأجراء و المعنيين بالشأن النقابي ،من هياكل و قواعد الإتحادالعام التونسي للشغل لا يرون في منشور السيد المهدي جمعة غير بداية مواجهة معلنة وإن كانت منتظرة ، إلاّ لدى البعض الذين يجعلهم دورهم أو سذاجتهم يستبعدونها. و هنايبدو أن القضية صارت تتعلّق بالأصل أي بالحقالفعلي في العمل النقابي كوسيلة ممكنة للدفاع عمّا تبقى من حقّ في العيش لسائرالأجراء و عموم المفقّرين ، و بذلك تكون الدعوى المجرّدة لسحب هذا المنشور ، أمر صحيح و ضروري ، غيرأن سحبه لن يتحقّق دون خوض النضالاتالمباشرة و الحينية . فمنشور السيد المهدي جمعة ليس سوى رأس حربة من الحرابالعديدة و إن كانت أسمّها و ناب من أنياب الكثيرة التي أعدّتــها و سنّتها سلطة رأس المال و وضعتها بيد حكومتــــــــــهلضرب ما تبقى من وسائل الدفاع عن الحــــقوق الدنيا للأجـــــــــــراء و مصّ المـــزيدمن دم و عـــــــرق المفقـــــرين و المهمّشين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام


.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف




.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام


.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا




.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال