الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اجلنا يصنعون الحروب

مرثا بشارة

2014 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


من اجلنا يصنعون الحروب

لطالما سخرتُ ممن يروجون لنظرية المؤامرة ، ورُغم عشقي لكل ذرة تراب من ارضي العربية، كنت اظن انني اري الامور بواقعية تفرضها مجريات الاحداث و ما يكمن خلفها ، وليس مجرد عواطف جياشة تعمي او تتعامي ان تري الحقيقة بدافع عشق هلامي للوطن ، كان جوابي دائما : علي ما يحسدنا الغرب و يتربّص بنا و يدبر لنا المؤامرات و نحن العرب الذين لا حول لنا و لا قوة سوي في حفنة دولارات تمكّنا من العيش عالة علي ما يخترعون و ينتجون ؟ حتي هذة الامكنية فقيرة التميز والابداع لم تكن في طاقة يد الغالبية العظمي من بلداننا العربية الفقيرة ، تلك كانت نظرتي للواقع العربي ، الا ان هبّت علينا رياح ما يسمي مجازا بالربيع العربي و دفع ابناء العروبة ثمن زوابعه المتلاحقة الواحدة تلو الاخري ، حينها ادركت كم كانت نظرتي قاصرة في ادراك ابعاد المؤامرة !
ان من يتأمل ما آلت اليه احوال العرب ، يدرك عمق مأساتهم الحقيقية ، ان هناك من يصنعون لأجلهم الحروب وهم عن ذلك غافلون ، فالغرب الذي يدّعي حرية الرأي و الرأي الاخر ، يسخّر آلته الاعلامية المنطلقة من ارضه و ارض حلفائه ليفرض علينا رؤيته هو لما يجري علي ارضنا نحن ، لقد استغل الغرب تعطّش العرب للحرية و الكرامة و جعل من نفسه بوقا يري بعين واحدة ، يري الحقيقة الكاملة لكنه يصدّر لنا نصفها،
أؤمن بالتغيير السلمي ، وربما يعارضني في ذلك الكثيرون ، فلن تُجدي الطرق الليّنة نفعا مع طغاة العرب الذين قبعوا علي الكراسي و استعبدوا شعوبهم دهرا طويلا ، لكن السؤال يفرض نفسه ، ما هي المُحصّلة ؟
انقسامات ، فوضي ، تراجع اقتصادي ، تراجع امني امام غول الارهاب الاسود الذي يُجري في كل يوم انهارا لا تجف من الدماء ، ويزهق ارواح الالاف من ابرياء لا ذنب لهم ، ربما حتي لم يكونوا يوما ضمن جموع الحالمون بالتغيير ،
لقد كنت واحدة ممن تفائلوا كثيرا بانتفاضة الشعوب العربية علي حكامها العتاة الظالمين ، لكن سرعان ما خاب ظني لأكتشف اننا لم نكن بحاجة لثورة علي حكامنا بل علي ثقافتنا التي صنعت هؤلاء الحكام و جعلتنا ننكفي علي ذواتنا ظانين اننا خير امة رُغم واقعنا المشين !
تلك السذاجة الفكرية عينها هي ما جعلت منا فريسة سهلة و صيدا ثمينا لغرب لا يري فينا سوي سوقا رائجة لمنتجات الدمار ، فلو لم يحارب العرب بعضهم بعضا و لو لم يقتتلون فيما بينهم لمن ستبُاع اسلحة اُنفق علي تصنيعها بلايين الدولارات ؟ ألم ننتبه يوما لنعقد مقارنة سريعة بين الغرب الذي ينعم بالسلام علي اراضيه و هو المنتج الاول و المطوّر لاسلحة الحرب و الدمار بكل انواعها و بين تلك الدول التي تجوّع شعوبها و تسحقهم فقرا لشراء الاسلحة ؟
يدّعون انهم يريدون لنا سلاما وهم يصنعون لأجلنا الحروب ، يدّعون انهم يريدون لنا رغد العيش و هم لا يطمعون سوي في براميل النفط لمزيدٍ من رفاهية شعوبهم ، يدّعون انهم يريدون لنا ديمقراطية و هم يشعلون بيننا نار الانقسام لنهوي من ضعفٍ لضعف ، يريدون لنا حكاما كالدُمي حتي يتحكّمون في مصائر شعوب لا يرون فيها سوي كائنات ولدت لتموت ليحيا الانسان الغربي آمنا مُرفها ، يخشون من ارهابنا لئلا يصيب ما احرزوا من تقدم وما انجزوا من حضارة ، يخشون ان يقتنص الاسلام الوهابي اهدافهم ومصالحهم فيتحالفون مع قادته و يقدّمون لهم الدعم اللوجستي حتي يطلقون ايديهم علي ارضنا العربية لنقضي علي بعضا البعض ونصير امة تأكل ابنائها ! ، لكن ربما لم يكن الغرب وحده وراء تناحر و تشرزم و انقسام العرب ، وربما يكون هناك من هو اقوي من الغرب ذاته يسيطر عليه و يحرّكه وفق ايديولجيته ، لنفتش عن المستفيد !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البريك العنابي.. طبق شعبي من رموز مدينة عنَّابة الجزائرية |


.. بايدن يعلن عن خطة إسرائيلية في إطار المساعي الأميركية لوقف ا




.. ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين إثر العمليات الإسرائيلية في


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بالمحافظة الوسطى بقطاع غزة




.. توسيع عمليات القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة برفح