الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبّ في ريعان الخريف

سعدي عباس العبد

2014 / 2 / 28
الادب والفن


قصة قصيرة ..________ حبّ في ريعان الخريف ..______

• متى اشاحت بوجهها الصارم عني . ؟ او متى لمحت آثار الكراهية ..؟ تلك الكراهية المخيفة مطبوعة على مساحة مضيئة من ملامحها ..... في أي نهار لاحت لعينيّ _ لأوّل مرة _ تلك النظرة المنزوعة من الداخل ..النظرة المشوبة بمسحة من انهيار خفي ... ! انهيار مستتر في البريق المتوهج في عينيها .. البريق اللاذع المشع كراهية .. والذي لم تفلح تلك الابتسامة المضيئة التي تعلو شفتيّها أنّ تحجب قوّة الكراهية ...
• بيدإني لا زلت اتذكّر ذلك النهار .. كان نهارا ما ... ينسل نوره عبر النافذة , وينسفح على طول امتداد السرير . كنت متراجعا بظهري للوراء , ساندا رأسي للحائط بمواجهة الشمس , اتطلّع عبر المساحة المنحسرة التي كان يتيحها ليّ فراغ النافذة المحجوزة بين جدارين . إلى الشجرة الشاخصة وسط الحوش , كنت اتملى الشجرة , عندما لمحتها معه جوار الشجرة اسفل الاغصان الوارفة الظليلة .. كانت قد تركت شعرها المتموج المحلول مسفوحا في الهواء , وهي تلقي رأسها على كتفه كنت قد المشهد ... كنت اقف على حافة هلاك يدنو متلاحقا لما رأيت ذراعها العارية الطويلة المشّعة بريقا بلون النحاس , تلتف على عنقه وتحيط رأسه الذي ما لبث ان ارتد للوراء ..فدخلت كامل ملامح وجهها في عمق فراغ النافذة . في حين توارى وجهه وراء هالة كثيفة من الاخضرار المنبجس من الاغصان المدلاة . فبدا كأنه جزء من مكوّنات الشجرة . . بينما كانت هي مداومة على مسح شعر رأسه عبر اصابعها البيض الطويلة . لم تكف لحظة عن فعل ذلك . كنت ما ازال احدّق مأخوذا ,ذاهلا كأني اتملى خلال عينين لا تعودان ليّ عندما احسست بوقع خطوات امّي تتصاعد في فضاء الحجرة التي اكتظت برائحتها .. القت ببدنها المنهك المعبأ باسمال سود , على طرف السرير وهي تقول : يقولون حتى الطب في الخارج لا يجدي نفعا ..كنت أرى اليها عبر غشاوة من الدموع , دموع في طور النمو , فبدت كأنها تتلاشى في مدى من ضباب , او كأنها تغرق بكامل بدنها او كتلتها السوداء في اغوار بعيدة , لمحت يدها تمتد عبر الفراغ كيد شبح تتراءى ليّ خلال عتمة خفيفة , وتهبط برفق فوق كتفي , كأنها تتحسس عظامي الناتئة البارزة من تحت الجلد , ودست يدها الاخرى داخل جيب عميق يحتل احد جانبيّ ثوبها الفضفاض , واخرجت رقيّة او تميمة او شيء من هذا القبيل ,منظوم بشريط قماش اخضر لفّته على عضدي لفّات عدّة محكّمة ,ورفعت عينيها عن وجهي ثم مدّت كلتا يديّها بكمل طولهما الضامر المتغضّن نحو سماء كانت تنأى باستمرار يحجبها سقف محايد أصم , وفتحت فمها فبانت بقايا اسنان تالفة منخورة ,تحتل فكّيها الرخوين , كأنها نقط تلتمع في ظلام . بدا فمها المتخم بكم متراكم من الادعية المحجوزة داخل روحها الشائخة , وفي انفراج شفتيّها الرطبتين ووسط ظلوعها ... كان النهار خارج الحجرة المستكينة يتغلغل وسط فجوات يشغلها اخضرار باهر , نهار يشع هناك وهو يتسلق الكتلتين الملتحمتين في عناق حميم .. جفّفت امّي الكتلة الرخوة المتشكّلة من احزان متجذّرة الرطوبة اللزجة التي خلّفتها الدموع مطبوعة في المساحة المخدّدة وهي تقول : اين إمرأتك ..؟ قلت بنبرة تشي بالخنوع والمهانة : انها مشغولة يا امّي .. دائما مشغولة .. لا تفتشي عنها سوف لن تجديها .. انها محفوظة في علبة عتيقة من الفجور !!قالت امّي بنبرة ساخطة تنضح براءة : لا يجوز ياولدي ان تنال من سمعة إمرأتك ..قلت بنبرة منكسرة : ولكن يا امّي البلهاء السمحاء المفعمة بحبّ السماء , انت لست مهيأة ابدا لان تعرفي ماذا يحدث باستمرار ؟انّ ابن اختك الذي اوانا في منزله هذا عندما بلغت الازمة ذروتها _ شيطان فاجر _ قالت : لا .. لا يجوز ان تمسه بسوء , ..
• لا ادري لماذا . حالما دخلت زوجتي الغرفة .خلتها حشرة ضخمة تقتفي اثري , حشرة خرجت من شقوق جذع الشجرة , لتدب على البلاط بافخاذ عديدة تتسلق قوائم السرير , زاحفة الى رأسي الغاطس بليونة الوسادة المحشوة بالريش , .. لا اتذكّر متى كانت المرة الاوّلى التي خيّل ليّ فيها انّ زوجتي المسخ ,لم تكن سوى حشرة اتحاشى نظراتها المشّعة كراهية .. كانت هيئتها وهي ترمقني بتلك العينين اللامعتين الناضحتين بريقا لاصفا مفزعا تشي بتلك الملامح الحشرية المشوّهة المريعة ....تسمّرت زوجتي وسط الغرفة جنب امّي وهي ترى إلى قدميّ المتأرجحتين في فراغ مهول اسفل حافة السرير العليا . كانت ذراعها العارية المدنّسة تحيط كتف امّي الضامر المتهدل ,كما لو انها تروم ان تلثم طهارهتها الطاعنة بالنقاء عبر ذراعها المضمّخة بلثمات الشبق , فتملكتني رغبة عارمة للصراخ .. لم اعد اتذكّر ..هل صرخت ..؟ ام خيّل ليّ اني كنت اتدفق بصراخ مخيف , بيد اني لم ارَ احدا يبدي حراكا . كما لم اسمع ادنى نأمة , تطلب اليّ ان امسك عن الصراخ , كنت كما لو اتوغل في مسارب قاتمة من السكون , كنت احدّق في عينيها في بريقهما الشديد للغاية ! الذي جعل يحفر في اعماقي المهدودة اخاديدا من الاسى , يحفر عميقا في طرفيّ المشلولين , فاشعر كم انا بحاجة لأستعادة كل ما مرّ بي خلال إقامتي المريبة في منزل ابن خالتي , كي اقف عند حافة لا ترتج تحت قدميّ . . بيدا اني لا استطيع ان اتذكّر فقد حل خراب مريع ,احتل ذاكرتي , عرّش في ادق مفاصلها .. كان قد مرّ اكثر من عام على عملية اغتيالي الغامضة . ! التي شلّت اطرافي السفلى والحقت تشوّهات مرعبة , غزت مساحة مريعة من ملامح وجهي . لقد مضى اكثر من عام وانا مديّن لأبن خالتي .. اعترف بانه آواني في اوقات عسيرة شديدة القسوة , متعاقبة ,تنؤ باثقال فضائح خفيّة .. نشفت رياحها المدنّسة آخر قطرة وفاء كانت تتدفق من نبع المنزل , الذي جفّفه فجوره .. فجوره الذي حفر في ظلوعي شروخا من الشقاء واللاجدوى , ستظل تحف بي امدا طويلا تضغط على اشد البقع وجعا .. لا زالت تحدجني مليا دون اكتراث , كما لو انها ترى إلى بقايا شيء تالف يشغل حيزا من فراغ .. وكم كانت تدهشني تلك النظرات اللامعة المفعمة بالجفاء والصدود .. لم تلتفت امّي او تفطن لما يجري . كانت بمناى عما كان يحدث في الخفاء , لم يخالجها ادنى ريب فيما يتعلق بسيّرة المرأة او زوجتي , كما لو ان عينيها محشوتان بالظلام او العمى ! او مقفلتان باقفال صدئة من البلاهة . فبقي الامر لديّها محفوف بهالة من الغموض . حتى بعد انّ ابدت زوجتي رغبتها في ايداعي في احد دور العجزة او المعاقين انتهت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر