الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق وفنزويلا وأمريكا

محمد ضياء عيسى العقابي

2014 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



تعقيباً على الحلقة الثانية من مقالي المعنون: "يزوِّرون حقائق التأريخ لإفشال الديمقراطية في العراق2/2" المنشور في عدة مواقع إلكترونية ورد التعقيب التالي من أحد القراء (السيد باسل سلمان):
"لا حياة آدمية مع الامريكان و لا امريكان مع الحياة الآدمية لانهم مصرون على معاملتنا كحيوانات و لن يسمحوا بارتفاع اي صوت آدمي يرفض هذه المعاملة هذه خلاصة ما تقوله رواية الكاتب الانكليزي /مزرعة الحيوان/
و لا حيلة و لا بقاء للمالكي من المصير الذي اعده له الامريكان الا بوقفه شافيزية و اللجوء الى الشعب ، و كشف كل الحقيقة امام الجماهير عندها سيحميه العراقيون بارواحهم و البديل الوحيد لهذا المشهد تحميله كامل المسؤولية عن كل ما حصل للعراق و خروجه من العملية السياسية ان لم يكن من الحياة مذموما مدحورا ".
فأجبته بما يلي (مع بعض الإضافات):
1.0- بعد إنتهاء مرحلة الخلط بين الإيديولوجيا والسياسة والدخول في مرحلة سيادة الواقعية أو العملية أي البراغماتية في تسيير الشؤون السياسية للدول (رغم أنها، أي الشؤون السياسية، تتكأ على مسند إيديولوجي) - بعد هذا فمواقف الدول من بعضها البعض يجب أن تقوم على أساس المصالح المشتركة المتكافئة الشفافة والإحترام المتبادل وإلا فلا يُقبل غير ذلك. وهذه هي سياسة العراق حيال الولايات المتحدة حسب قراءتي لها.
2.0- أعتقد أن هناك مشتركات وفروقات بين الحالتين العراقية والفنزويلية كما يلي:
2.1- العراق وفنزويلا يشتركان في محاولة إرساء علاقتهما مع الولايات المتحدة على أساس المصالح المشتركة المتكافئة الشفافة والإحترام المتبادل؛ ويشتركان أيضاً في نهج الحكومتين لمحاولة تلبية مصالح الجماهير الفقيرة.
2.2- أمريكا غير راغبة في إلتزام هذه الصيغة للعلاقة ولو أنها لا تصرح بذلك لكنها تتصرف سراً للضغط عبر عملائها أو من تتلاقى مصالحه معها أي عبر الأدوات المحلية والإقليمية. هنا يوجد إختلاف بين الحالتين الفنزويلية والعراقية كالتالي:

2.2.1- في الحالة الفنزويلية فأداة أمريكا هي الطبقة الثرية التي كانت تحكم البلاد وتتمتع بخيراته على حساب الجماهير. الصراع هناك إتخذ طابعاً سياسياً طبقياً صرفاً لأن المعارضة لم تلبسه لبوس الدين والطائفية بل ألبسته لباس الدفاع عن الديمقراطية وتدعمه أمريكا. وهذا يسّر على القيادة الفنزويلية إظهار العداء والمواجهة مع الخصوم ومع أمريكا الداعمة للخصوم بشكل سافر.
2.2.2- المشكلة في العراق أعقد بكثير ربما بسبب الحقيقة التأريخية المعروفة وهي إرتفاع مستوى الحياة الحزبية والأحزاب عموماً في أمريكا اللاتينية عما هما عليه في المنطقة العربية. أساس الصراع، بكونه طبقياً في العمق، متشابه في كلا الحالتين العراقية والفنزويلية. ولكن شكل التعبير عن نفسه في العراق إتخذ المنحى التالي:
2.2.2.1- يصر أنصار النظام البعثي الطغموي* على إستعادة سلطتهم ذات الطابع النفعي الطبقي بأية وسيلة. إعتمدوا أسوأ الممارسات الديماغوجية في عملهم وذلك كوسيلة وحيدة لدفن مفاسد وآثام نظامهم الذي مارس التطهير العرقي والطائفي وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم إستخدام الأسلحة المحرمة: لقد أعلنوا كونهم يمثلون السنة (والسنة براء منهم فهم طغمويون) ، وراحوا يثيرون الطائفية بكل صفاقة وعلنية بعد أن كانت مبرقعة منذ تأسيس الدولة العراقية، شددوا على أفكار سقيمة قديمة تدعو إلى رفض الآخر والكراهية وعدم سواسية البشر وعدم قبول الإختلاف، وإضطهدوا السنة الديمقراطيين وهم الأغلبية بين أهل السنة حتى كبتوا صوتهم تقريباً أو جعلوه ضعيفاً وذلك بمساعدة الأمريكيين وإعتمدوا الأسلوب الإرهابي وتحالفوا مع الإرهاب التكفيري الداخلي والخارجي فقتلوا من جميع الفسيفساء العراقي بضمنه السنة فقتلوا مثلاً لا حصراً الشيوخ الشهداء أسامة الجدعان وعبد الستار أبو ريشة وفصال الكعود وقتلوا السياسي المعتدل المرحوم مجبل الشيخ عيسى والمرحوم الدكتور عصام الراوي العضو المعتدل في هيئة علماء المسلمين والشهيدين ولدي السياسي الديمقراطي الدكتور مثال الآلوسي وغيرهم وغيرهم. كان ذلك من أجل منع السنة من المشاركة في العملية السياسية والبناء الديمقراطي.
2.2.2.2- ولما باءت محاولاتهم بوأد المسيرة الديمقراطية بالفشل عمدوا إلى الدخول فيها ومحاولة تخريبها من الداخل وعلى رأس ذلك حرمان العراق من بيئته التشريعية السليمة الكفيلة بتنظيم شؤون البلد وتحقيق العدالة الإنتقالية والعدالة الدائمة السياسية والإجتماعية وبناءً على هذا حرموا العراق من البيئات السليمة في مجالات السياسة والأمن والتنمية بجميع تلاوينها.
2.2.2.3- تم كل هذا ولكنهم غلفوه بغطاء الدين والطائفية مما خلط الأمور وشوش الرؤيا لدى الكثيرين من الأبرياء ولدى الفاشلين المتصيدين في الماء العكر الذين ساهموا في التشويش على المشهد العام.
2.3- لذا كان على الحكومة أن تتوخى أقصى درجات الحذر في التعامل مع أمريكا وأدواتها والأذرع السياسية للإرهاب لئلا تسمح للطغمويين والتكفيريين بإثارة إقتتال أهلي مذهبي أو تقسيم العراق.
3.0- أعتقد أنه ليس من الصحيح أبداً إفتعال الإصطدام بأمريكا بل وبأية دولة أخرى إذا لم يبدر منها ما يسيء للعراق بشكل مباشر أو غير مباشر. نعم أمريكا دعمت الطغمويين بشكل وقدر ما، كما سلحت الإرهاب في سوريا وهي تعلم أنه سيقوي من عضد الإرهاب الموجود أصلاً في العراق، ولكن العراق إستطاع إحتواء هذه السلبيات دون الحاجة إلى إعلان القطيعة.
4.0- أعتقد أن هناك من يريد إفتعال الإصطدام بأمريكا؛ وهم على نوعين:
4.1- نوع منطلقه إيديولوجي مفاده محاربة الرأسمالية والإمبريالية العالمية على أرض العراق. لقد راح زمن هذا التوجه.
4.2- هناك من يرى في إفتعال الإصطدام مع أمريكا بإسم محاربة الرأسمالية العالمية والإمبريالية وسيلة للإطاحة بالنظام الديمقراطي العراقي عبر تأجيج عداء أمريكا ودول العالم والمنطقة ضده ودفعهم للإنحياز إلى جانب الطغمويين الذين سوف يلبسون لبوس الإعتدال والديمقراطية حالما يبدأ إفتعال الإصطدام مع أمريكا.
5.0- أنا أحد العراقيين الذين يشكرون أمريكا كثيراً على إطاحة النظام البعثي الطغموي الذي بلغ من الجبروت ما إستعصت على غير الله أو أمريكا الإطاحة به؛ ولو أنها، أمريكا، أطاحته لأهدافها الخاصة ولكننا نبقى شاكرين لذلك وللمساعدة القيمة في بناء النظام الديمقراطي. غير أن هذا لا يمنعنا من المطالبة بإقامة علاقات صداقة حقيقية شفافة متكافئة قائمة على المصالح المشتركة والإحترام المتبادل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته : “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوفد الإسرائيلي: إسرائيل كان لديها أقل من 24 ساعة للرد وهذا


.. شاهد| نواب يتشاجرون داخل البرلمان الجورجي




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات الخلاف الإسرائيلي بشأن -اليوم


.. رجل في فلوريدا بعمر ال 66 عاما يكتشف صدفة أنه ليس أميركيا




.. العربية ويكند | استطلاعات الرأي تساعد على التنبؤ بنتائج الان