الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة متكررة الى مشروع ثقافي لإنقاذ العراق

بتول قاسم ناصر

2014 / 3 / 1
مقابلات و حوارات


دعوة متكررة الى مشروع ثقافي لإنقاذ العراق
تمهيد :
نظرا لأهمية دور المثقف في حياة الشعوب لاسيما في المراحل السياسية التي تمثل نقلة في تاريخ البلدان أو التي تتعرض فيها الى الخطر وعندما يتأخر فعل السياسي أو يأتي هذا الفعل معاديا لها وضد مصلحتها ، يكون دور المثقف في عملية قيادة المجتمع وتوجيه الوعي ورسم السياسات والتأثير فيها وتحريك التاريخ أمرا لازما وواجبا وطنيا لا يمكن التغافل عنه . ولأن بلدنا يمر بمرحلة صعبة بعد اجتيازه لمرحلة أصعب ولتضافر عوامل كثيرة محلية ودولية على إرباك أوضاعنا في هذه المرحلة الصعبة وعرقلة مسيرتنا مع تخلف الفعل السياسي نجد أن غياب دور المثقف في عملية صناعة التاريخ وتوجيه الوعي أمر مريب وخطير لذلك تقدمنا بهذا المشروع الذي يعالج غياب الفعل الثقافي ويرسم خطوات هذا الفعل ، ونرجو أن يساهم المثقفون في مناقشته وتوجيه أفكاره .

وصف المشروع :
مشروع ثقافي سياسي ليس له انحياز مذهبي أو قومي أو سياسي إلا الأهداف السياسية العامة التي تتصل بالغايات الوطنية والاجتماعية . وهو يضم نخبة من المثقفين والسياسيين والناشطين في المجتمع من أصحاب المواقف المشرفة والذين قاوموا النظام السابق أو لم يتزلفوا اليه أو يسيروا في ركابه ، كما يضم إليه عبر العلاقات العربية والعالمية المثقفين الأحرار والسياسيين ممن يناصرون قضيتنا الوطنية ويتفهمون محنة الشعب العراقي الكبيرة ويسعون للتواصل معنا من خلال المواقف المختلفة . وأخيرا فإن المشروع يرحب بأي دعم – ينسجم مع مبادئه - ومنه دعم الدولة .

سبب التأسيس :
عانى العراق من نظام قمعي تسلطي لم يجن منه الشعب سوى الدمار الذي أشاعته أقلية كانت سوطا بيد النظام ، تسندها طبقة من أنصار هذا النظام من المثقفين والأدباء والفنانين ارتضت لنفسها أن تكون أداة لتسويق أفكار النظام البائد وتصوراته وأفعاله ، وهي مكونة من الانتهازيين والمتزلفين الذين يجيدون الطرق على أبواب الحكام والمتنفذين ، وكانت تقف في وجه طبقة أخرى من المثقفين المعارضين للنظام كانت موضع استبداد النظام لأنها ناهضته ورفضته أخلاقيا وفكريا لخروجه على كل القيم الإنسانية .
لقد سعى النظام السابق الى تحويل الثقافة الى وسيلة إعلامية للدعاية والتضليل والتزييف وتمجيد القائد الضرورة ونزعته الى التدمير والإبادة . وعمل على فرض هيمنته على المؤسسات الثقافية وأجهزتها ليعمل من خلالها على إرغام المجتمع - مستعينا بالقهر والقوة – على تقبل توجهاته وتوصياته وتعاليمه وثقافته المخربة . ولقد عمد الى تهميش الثقافة المبدعة المستنيرة ومحاربة أصحابها فمنع وصولها الى الناس ليبعد تأثيرها فيهم مما دفع المثقفين الذين لم يبيعوا أقلامهم للسلطة ولم يستطيعوا في الوقت نفسه الوقوف علنا في وجه سطوتها الى إنتاج ثقافة لا تتصل بالواقع ولا تتناول أحداث التاريخ الوطني ، وقد يلتجئون – عندما يريدون تناول هذه الأحداث - الى الرمز والإيحاء لا الى المباشرة بالخطاب واكتفوا بهذا القدر وهذا النمط من الكتابة ، وارتضت السلطة بهذا منهم ، فقد تسكت عن أضعف إيمانهم ما دام لا يبارح أذهانهم ووجدانهم الى المجتمع الذي تريده محتكرا لسيطرتها تابعا مقهورا ، ولا تسكت عن إيمانهم عندما يلهج بلغة مباشرة تسعى الى التغيير . لقد انقسم المثقفون حسب علاقتهم بالنظام أو موقفهم منه الى تابع أو منسحب أو مناهض ، والموقف الأخير لا يمارسه علنا الا من استطاع الهروب الى الخارج لأنه يكلف صاحبه حياته في الداخل . والمناهضة في الداخل تعني الانسحاب أو الكتابة من وراء ستار . ولقد حارب النظام المثقفين الذين لم يستجيبوا له ورفضوا الوصاية والتبعية والتدجين ودعم مثقفيه ونتاجهم الغث مما جعل المثقف الحقيقي الملتزم بقضايا شعبه يعيش حالة الاغتراب بسبب إبعاده عن ممارسة دوره في الحياة السياسية وإبعاده عن مسؤولية إدارة المؤسسات والمراكز الثقافية فاضطر الى عدم المواجهة المباشرة أو لزوم الصمت والانسحاب وتهميش دوره ونفسه لكي لا يختلط بالزمرة المسيطرة من مثقفي النظام .
وبعد سقوط النظام الفاشي حدث أمر غريب وهو استمرار صمت المثقف العراقي وعدم مشاركته في الأحداث السياسية وهو أمر غير مبرر ولا مقبول في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة وفي ظل الأزمة السياسية التي يمر بها البلد . ولأننا ننطلق من أن الأزمة السياسية و الأزمة الثقافية تؤثر إحداهما في الأخرى وتنتج إحداهما الأخرى لذلك فإن علينا أن نلاحق مصدر الأزمة بأن نفعل دور الثقافة والأدب والفن في الحياة السياسية والاجتماعية ونفعل دور المثقف في الحياة السياسية ونلقي على عاتقه فعل التغيير السياسي ، ونتجاوز ما انقطع من علاقة بين المثقف ودور السياسي ولا نريد بذلك أن نضع الثقافة تحت وصاية السياسة ولكننا نضعها في خدمة الأهداف العليا التي تسعى إليها السياسة والتي تصب في مصلحة الشعب . إن علينا أن نؤسس لثقافة ملتزمة محملة بالغايات الوطنية والإجتماعية ، وأن نعتمد ثقافة تسعى الى التغيير والوصول الى الحالة التي تنتشل الوطن من محنته بمحاربة الثقافة التدميرية التي زرعها النظام السابق والتي تسعى جاهدة لكي تعيد انتاجه .
وبالمقابل نرى أن على الدولة أن توصل العلاقة المقطوعة بين السياسي والمثقف كما نراها الآن والتي من أسبابها الخلل الواضح في فهم من يسوس الدولة لوظيفة الثقافة والفن والنظر اليهما نظرة ازدراء وعدم تقدير الدور الخطير الذي يمارسانه ، ولذلك يجب تجاوز الفهم المتخلف للثقافة والفن والنظرة الضيقة إليهما وطريقة التعامل غير المنصفة مع المثقفين التي من أسبابها أن استمرت أزمة السياسة لأن السلطة لم تفهم أن أزمتنا هي أزمة ثقافة حرص النظام السابق عن طريق جهازه الثقافي والقمعي على تكريسها فأنتجت ما نراه من عنف وإرهاب وتدمير . وما على من يريد إنقاذ العراق إلا أن يبادر الى اعتماد سياسة ثقافية متبصرة تساهم في إزاحة ثقافة العنف وتحل محلها ثقافة التسامح والتعايش مع الآخر.

الأهداف والوسائل :
ومن خلال ما ذكرنا نستطيع أن نحدد أهداف المشروع الذي ندعو اليه بالآتي :
1-تجاوز الاختلال الخطير في علاقة المثقف بالسياسة والذي أدى الى تحجيم دوره الوطني وذلك عن طريق إشتراكه في عملية التغيير السياسي والاجتماعي والوطني ، والعمل عبر أنشطته العديدة على استنهاض طاقات المجتمع واستثمارها في اسناد الغايات السياسية والأهداف الوطنية ، والسعي الى إعادة المجد إلى فكرة أن الثقافة والفن والأدب للمجتمع والحياة وفي خدمتهما وهي الفكرة التي حاربتها القوى التي لا تريد للمجتمعات نهوضا ولا تقدما . ولأجل تحقيق هذه المهمة يجب أن يكون لهذه المرحلة مثقفوها الذين يرتبطون بها ويتفاعلون مع أحداثها ويعبرون عنها وينشرون وعيهم وثقافتهم الوطنية المستنيرة ويطرحون أفكارهم التي توجه المجتمع الى طريق السلم والتضامن . ثم العمل على تأسيس شبكة من علاقات التعاون والتنسيق مع المنظمات والمراكز والشخصيات الثقافية داخل البلاد وخارجها بما يؤمن تبادل الأفكار والخبرات والنشاطات والمساعدات ويتيح فرصا للعمل المشترك والتفاعل الإيجابي والبناء .
2-إنقاذ الوعي الثقافي الذي تعرض للتدمير وفتح آفاق رحبة أمام الثقافة العراقية والإسهام قي إعادة العراق الى دوره المتقدم ومكانته الحضارية المتميزة بوصفه موئلا للثقافة الأصيلة الراقية وبما يتناسب مع إنجازات مفكريه وأعلامه الفكرية والفنية قديما وحاضرا .
3-توفير العون والدعم للنشاطات الثقافية التي يتكفل من ينهض بالمشروع القيام بها. والسعي لضمان إسناد مادي ومعنوي متعدد المصادر ومنه إسناد الدولة لهذه النشاطات والمشاريع الانتاجية الثقافية التي يقدمها المشروع في مختلف ميادين الثقافة وجعل هذه النشاطات في متناول جميع أبناء الوطن ، والعمل بالتنسيق مع الجهات الرسمية وغير الرسمية على تشجيع النشاط الثقافي وتحريكه والعمل على تطويره وتنظيم فعالياته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فكرة رائعة
شاكر الخياط ( 2014 / 3 / 1 - 16:30 )
تحياتي اليك
والى هذا الجهد الموفق واتمنى ان يكلل بالنجاح على اساس ان هذه الفكرة لو اجتمعت حولها الاقلام والعقول الواعي لاستطعنا من خلال الحوار والشعور بمسؤولية التغيير ان نصحح المسارات الخاطئة التي بدات تسيطر على المشهد السياسي العراقي وهذا بطبيعة الحال ينذر بمستقبل لاتحمد عقباه....اؤكد على الاتصال بالمثقفين ونشر هذه الدعوة في اكثر من مكان ويمكنك ايتها العزيزة ان تتواصلي مباشرة معي باعتبار انني ارنو الى مثل هكذا مشروع وبىخرين مثلي لديهم نفس الرغبة.....دعائي لك بالتوفيق
تقبلي مودتي

اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز