الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموازنة الإتحادية للعراق ورواتب إقليم كردستان ...!

هفال زاخويي

2014 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تصاعدَ الجدل واحتدمت الحرب الكلامية والاعلامية من جديد بين الحكومة الإتحادية في بغداد وبين حكومة إقليم كردستان ،هذه المرة بسبب مستحقات موظفي إقليم كردستان والتي غدت مثار جدال وتبادل اتهامات في وقت عصيب وصعب جداً بخاصة فيما يتعلق بعامل الوقت المتبقي للشروع في إنتخابات عامة جديدة في أبريل القادم ... وكذلك بسبب عدم تمرير قانون الموازنة الإتحادية لسنة 2014 لحد الآن في وقت تبدو فيه الحكومة الإتحادية منهمكة في عملياتها العسكرية الواسعة النطاق في المناطق الغربية والوسطى من البلاد في حربها ضد تنظيم داعش والجماعات المسلحة الأخرى ، وهذا دون أدنى شك يشكل استنزافاً مهولاً للأموال فكما هو معروف ان الحروب بمثابة محارق للأموال والمقدرات والطاقات .
من خلال قراءة سريعة وغير معمقة لشكل العلاقة بين بغداد وأربيل ، ولطبيعة المشاكل بينهما ، ونمطية الحلول سنتوصل الى ان شكل العلاقة مضطربة دوماً بسبب انعدام عامل الثقة بين الطرفين ، وان طبيعة المشاكل مزمنة ومستفحلة كونها لها جذور تاريخية تعود لأكثر من نصف قرن من المعارك والحروب والخراب والدمار والاتفاقيات الاقليمية التي دمرت العراق بسبب طبيعة الأنظمة الدكتاتورية السابقة وأخطائها في التعامل مع القضية الكردية من جانب ، وكذلك الأخطاء التي وقعت فيها الحركة التحررية الكردية نتيجة عامل الجيوبولوتيك وطبيعة المجتمع الكردي والإنشقاقات والنزاعات بين اطراف الحركة التحررية الكردية وصراع الزعامات ، إضافة الى عقم الحلول بين بغداد واربيل منذ بداية ستينيات القرن الماضي وصولاً الى اتفاق 11 آذار 1970 بين قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني وبين نظام البعث العراقي وما اعقبه من غضب شاه إيران بسبب ذلك ومن ثم تنصل حكومة البعث من التزاماتها خلال فترة التطبيع التي استمرت أربع سنوات مما تسبب ذلك في استئناف العمليات العسكرية في آذار 1974 ومن ثم انتكاسة الثورة الكردية على خلفية إتفاقية الجزائر بين طهران وبغداد (6 آذار 1975) وبرعاية ومباركة كيسنجر وزير الخارجية الأميريكي آنذاك ، تلك الإتفاقية التي اغرقت العراق في بحر من الدماء مازال نزيفه مستمراً الى الآن... إضافة نمطية الحلول العقيمة حالياً بين بغداد وأربيل ، إذ ان مجمل الحلول ترقيعية ارتجالية وعبارة عن صفقات سياسية قصيرة المدى غير دستورية ولا تستند على أسس قانونية .
للحكومة العراقية في بغداد(الكرد جزء من تشكيلتها) تبريراتها في هذه المشكلة العويصة (مستحقات إقليم كردستان المالية) ،ولرئاسة وحكومة إقليم كردستان أيضاً تبريراتها في هذا الخصوص ، وكل طرف يستند على جملة مبررات تضع مطلق الحق الى جانبه...! كما ان الإقطاعيات السياسية العراقية الأخرى لها رؤاها وتوجهاتها ومواقفها المتضاربة والمتناقضة حول هذا الموضوع ، وكلها بالطبع مواقف مرحلية نابعة من المصالح والجانب النفعي وهذا يتوضح من شكل (إتفاقيات الجنتلمان) العلاقات المرحلية بين شتى الأطراف بخاصة بين (الإقطاعيات السياسية الكردية والشيعية )إن جاز التعبير .
إن عدم الإرتكان إلى الحلول الدستورية الحاسمة والنهائية فيما يخص هذا الملف ، والإستناد فقط على الإتفاقيات المرحلية الهشة والصفقات السياسية ، معناه ان الحلول ترقيعية وان هناك دوماً قنابل موقوتة وألغام في الطريق قابلة للإنفجار في أية لحظة ، بخاصة ان التقوقع القومي والمذهبي والسياسي وما ينتج عنه من إحتقان وهياج شعبي غدا مرضاً متفشياً بفضل الخطاب الإعلامي للأطراف المتصارعة فيما بينها ، وهذا الأمر المؤسف غدا أمراً واقعاً في دول المنطقة برمتها .
وفيما يخص الجانب الكردي فأرى ان توضيح الموقف النهائي بخصوص شكل العلاقة مع بغداد، هل هي فيدرالية أم كونفيدرالية ، أم ان هناك توجهاً نحو الانفصال والاستقلال ،هذه الأمور يفترض ان تكون واضحة في الخطابين السياسي والاعلامي الكردي بواقعية سياسية مستندة على معطيات موضوعية وذاتية بعيداً عن الشعارات التي توظف للاستهلاك الإعلامي ، وأرى بأن على الجانب الكردي ان يحسم موقفه في هذا الخصوص.
وفي نفس الوقت يفترض ببغداد أن تتفهم المطالب الكردية المشروعة من خلال أداء سياسي مهني بعيداً أيضاً عن الخطابات والشعارات القومية وبعيداً عن التصريحات العقيمة لبعض البرلمانيين الذين يتحدثون على الفضائيات باسلوب ببغاوي لا يخلو من مداهنة وتملق للزعماء والقيادات دون ان يدركوا مخاطر تصريحاتهم ودون أدنى شعور بالمسؤولية وذلك نتيجة افتقارهم لأبجديات العمل السياسي واستيعاب مدى خطورة الإعلام .
ان هذا الموضوع بخاصة فيما يتعلق بمرتبات ومستحقات موظفي الإقليم يجب ان يحل بشكل قانوني بعيداً ان أساليب المناشدة التي يقدم عليها بعض اعضاء التحالف الكردستاني أو حكومة الإقليم وأقصد مناشدة المرجعية الدينية في (النجف الأشرف) ، إذ إني أرى بإن هذه المناشدة بمثابة نفاد المحاولات السياسية ونهاية لحالة الحوار وقطيعة نهائية بالإضافة الى حالة من الضعف ... ومع جل احترامي للمرجعية الدينية لكني أرى بضرورة عدم اقحامها او الطلب منها التدخل في امور وتفاصيل سياسية هي نفسها (المرجعية) تؤكد على النأي بنفسها عنها .
ان هذا الموضوع الشائك والخطير يجب ان يُحَل عبر آليات قانونية ودستورية وسياسية بعيداً عن الأساليب السياسية الكيدية وبعيداً عن إستغلال عواطف المواطن واستغلال سايكولوجية الأهالي لأغراض سياسية وانتخابية مخجلة ومعيبة ... إضافة الى ان البرلمان فعلاً يجب ان يقوم بدوره الحقيقي كبرلمان له قوته وشخصيته كونه المؤسسة التشريعية الممنوحة الثقة من قبل الشعب ، وينبغي هنا الإشارة الى ان اسلوب المقاطعة لجلسات البرلمان في الأمور المصيرية كهذا الموضوع الذي نحن بصدده يعد خاطئاً وغير مجدِ لأن الخاسر الوحيد بسبب هذا الأسلوب هو المواطن .
ولو لم تكن إدارة البلد تعتمد على اسلوب الإقطاعيات السياسية ، وتبعية الكتل البرلمانية بشكل أعمى لسياسات ومصالح هذه الإقطاعيات وتحول البرلمانيين إلى مجرد بيادق وناطقين رسميين هَمُ الكثير منهم البقاء في هذه المؤسسة والحصول على الإمتيازات لما رأينا البلد في هذا المأزق المعيب والمخجل.
*رئيس تحرير صحيفة الأهالي الليبرالية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال