الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العربية جارية بلا أجر

يارا عويس
(Yara Owies)

2014 / 3 / 2
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014


استطاعت المرأة العربية في الآونة الأخيرة أن تثبت جدارتها وقدرتها في جميع المجالات وبقدرة فائقة على الإبداع والابتكار، على الرغم من المسؤوليات التي لا تزال ملقاه على عاتقها من واجبات أسرية ومهام، فقد أوجدت الظروف الملائمة لتسخير ذاتها كمناضلة على مدار الساعة، أي أن العربية التي حققت نجاحاً يوازي نجاح الرجال أو يفوقه لم تتخلَ عن واجباتها تجاه بيتها وأطفالها، لا بل واخترعت حلولاً للتوفيق القسري لتحقق المثالية، فالعربية أم بمعنى الكلمة ومربية وزوجة بمثالية الترابط الأسري الاجتماعي العربي. ولا تزال الفئة الأكبر من النساء والفتيات العربيات يقبعن تحت ظلال التبعية والاستغلال والقهر، حتى أن قضايا الأمة المحورية من تحرر ونهوض وتوحد باتت متعلقة بهذا الجانب النهضوي الذي لا يزال متراجع لدينا جداً عن باقي الأمم.
تقبع الفئة العظمى من هؤلاء النساء والفتيات في دائرة فكرية ضيقة، كأن لا تتجاوز عتبة المنزل وذلك بجهلها الكبير بحقوقها وقبولها بواقع تبعيتها للرجل باعتبار المثالية في هذا، ظمن أطر الالتزام التي أوجدتها تراكمات لا تزال مستمرة في التراجع. حتى أنها باتت ترفض أي تغيير لصالحها باعتبار التغيير مؤثر سلبي على حياتها الإجتماعية وحياتها الزوجية وينددها بخطر الانفصال، فباتت في هذه الخانة الضيقة ترغد بالتبعية وتتلذذ بها.
هنا لم تستطع العربية الانعتاق من قيم وعادات أكسبتها لنفسها برضاها فباتت عنصراً هامشياً مسانداً ليس رئيسياً في المجتمع، فلم تحقق استقلالها الشخصي لا مادياً ولا معنوياً، حتى أن باتت حبيسة الفكر قبل المنزل فلم تتحرر داخليا بقرارة ذاتها، مما ألبسها ثوب التبعية الضيق كملكية خاصة للرجل، وأرجعها هذا إلى زمنٍ من التردي ربما لم يحمله التاريخ من قبل، فأصبحت تشكل بخنوعها عتبة تاريخية هامه شعارها فيه المطاوعه والالتزام، وشعارالمرحلة القابعة بها التخلف والإقصاء.
هذا القهر التاريخي امتد لأن يشكل عناوين عادية لا بل مثالية وفقاً لآليات تفكير المجتمع، الرجل الذي ظل ينظر الى المرأة بأنها الكائن العاطفي غير العقلاني الواقع ضمن وصايته، مما أملكه هذا من التسلطية الذكورية وأدواتها كالعنف والظلم والاستبداد... كأنها مجتمعة مقياساً لرجولته، حتى أن الرجولة العربية أصبحت مرتبطة ارتباطاً جذريا بالغطرسة والهيمنه المفروضه على من حوله من إناث، ابتدأً بأمه وزوجته وأخواته ماراً بقريباته وانتهاءً ببناته، نعم هذا هو العربي البطل الشجاع الذي راح عن باله الاستعمار ونسي أعداء أمته واستخدم نساءه جواري لارضاء حاجاته.
لا أبالغ هنا في تعبيري أن العربية جارية بلا أجر، فهذا واقعٌ مهيمن على الفئة الأكبر في مجتمعاتنا ، لا بل غدا هذا عنوان مرحلة ثقافية متدهورة تعيشها أغلب نساء العرب. والحجج كثيرة أولها العادات والتقاليد والدين، ومنها قناعات خاصة، وبعضها واقعة تحت وطأة الاشباع الغرائزي الذكوري بامتلاكه الحريم.
وجاءت قوانين السلطات والبلاد مواتيه لتعزيز عبودية المرأه والتي لا تشكل بحساب القانون نصف الرجل في الميراث وشهادة القضاء وغيرها. بالاضافة الى ميل الحكومات الى اقصائها عن وضائف معينه كلياً، وعدم فتح فرص العمل بمساواة وعدالة لها، مما أعاق من تطور الكثيرات وأسكنهن في إطار المسايره والخنوع فالقبول.
وسؤالي هنا يفرض نفسه في ظل كل هذا التردي الواقعي الذي وصفته، من هي العربية التي تحررت من كل هذا ووصلت إلى الابداع؟ وكيف تحقق هذا في ظل هذه الغطرسة غير المحدودة؟
هنا لن ألوذ بعيداً بأخذ شرائح معينة ممن حققن هذا النجاح، وسأقف عند تجربتي الشخصية كإمرأة عربية خرجت من هذا الوهن، أو تكاد... أجد هنا أن الفرصة التي أتيحت لي من تحررمن التسلط الذكوري ليست بالنادرة بل حققتها الكثيرات من قبلي بفضل رضى الرجل بهذا الانفتاح بحكم تحرره ووعيه وثقافته.
إذن لا تزال مرتبطة بقبول الرجل ورضاه، فأين هو التحرر الفعلي غير الخاضع لقرار الموافقة من الرجل، أين هي المرأة ذاتها التي تفعل ما تشاء وتعي ما تشاء المتحرره من زيف القبول أو الرفض، الانحباس أو الانعتاق من غطرسة القانون الذكوري.
وبكل ما حققته المرأة من نجاحات كوزيرة ونائبة ومديرة وأديبة كان وراءها رجل راضٍ، وكما درج المثل بأن وراء كل عظيم إمرأة ،أستطيع أن أقول هنا أن وراء كل عظيمة رجل راضٍ، أقولها وجزاه الله ألف خير...
إذن لم تحقق المرأة العربية أي شيء يذكر في تعداد المساواة المنشودة، وباتت تجارب النجاح البارزة ذات طابع انفرادي يحمل وراءه الآلآف النضرات والعبرات في مجتمع متردي القوام الثقافي، فإلى متى.....؟؟!!
أتساءل هنا وأوجه سؤالي للمرأة ،إلى متى ستقبلين ...؟! إلى متى سترضين...؟! متى ستنهضين؟! ومتى ستدركين حقوقك وما تريدين....؟!
أستطيع هنا شخصنة الاجابات وبايجاز بوضع خطوط رئيسية تفضي إلى الولوج لبداية الطريق نحو التحرر والإنعتاق، باعتبار الأمر حلماً مناله معتمداً على هِمّة حالمه. فأجد أن بداية الطريق هي بالعلم والثقافة الواسعتين ووعي المرأة بما لها وما عليها، وإدراكها ذاتها بتعادل مع الرجل، ثم ادراجها ذاتها في ميادين العمل وميادين الحراك الاجتماعي كافة، ثم التحرر الاقتصادي الذي هو تحصيل حاصل وهو مفتاح الحلول، فتكسير زيف المعتقدات البالية فالتحرر والمسير في نهضة البلاد والأمة.

يارا عويس
كاتبة أردنية
مقيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استاذة يارا المحترمة
امال طعمه ( 2014 / 3 / 2 - 09:54 )
شكرا لك على هذه الاضاءة
ما فهمته انك تدعين المرأة للثورة على الظلم الملتف حولها وتنسبين اي نجاج نسائي بارز الى وجود رجل داعم فكما هناك امرأة خلف كل رجل عظيم فبالضرورة ان يكون العكس ايضا صحيح؟
هنا اؤيدك فالرجل هو داعم واساس في عملية النهوض من مستنقع التخلف بالنسبة للمرأة،برأيي المتواضع حينما نصلح احوال مجتمعاتنا الغارقة في الجهالة الفكرية وتبعية الماضي سينصلح الحال بالنسبة للمرأة !المشكلة ان الامر صعب وسيأخذ وقت والحل بالتوعية ونشر الثقافة المعتدلة في مجتمعاتنا وليس ما نعيشه الان من تردي اخلاقي وتظاهر ديني؟
من الممكن تبني قوانين اكثر انفتاحا واكثر عصرية لكن المشكلة انه عند التطبيق سنلاقي صعوبات في تقبل الفكرة لدى المجتمع وحتى النساء أنفسهن الواقعات تحت تأثير عبودية الذكورية في مجتمعاتنا ان صح التعبير؟ فحتى لو كان القانون معها فأنها نظرا لخوفها وجهلها سوف تظل اسيرة القيود التي تظن انها حق ويجب ان توجد
تحياتي لك


2 - شكرا لكي سيدتي هذا كان رايي ايضا
مكارم ابراهيم ( 2014 / 3 / 23 - 08:42 )
تحية طيبة للزميلة المحترمة يارا
قبل ااشهر كان هناك حوارا مع الكاتبة المصرية نوال السعداوي اتهمت يه المراة الاوربية بانها جارية لانها تعمل في سوق العمل وتاتي للبيت لتطبخ وتغسل ولهذا اتهمت الاوربية بانها جارية وطبعا انا انتقدتها بشكل قاسي في مقالة رفض نشرها لان عنوان المقالة كان تخريفات نوال السعداوي وانا احترمت رايهم ورفضهم لنشر مقالتي لكن نشرت في مواقع اخرى
المهم نوال السعداوي لم تبالي بان المراة الغربية وصلت لمناصب سياية كرئيسة وزراء لم تصل له امراة عربية او امراة مسلمة او مسيحية
عدا الكثير من الوزيرات في الغرب لم تصل لهذا المنصب امراة عربية وفات نوال السعداوي ان المراة في الغرب صح تعمل خارج المنزل لتحقق استقلالها المادي وهو اساس تحررها من عبودية الرجل فتترك الرجل عنما تشعر بانه لامجال للبقاء معه لانها مستقلة اقتصاديا عنه في حين المراة العربية تبقى مع زوجها حتى لو يضربها او يخونها لانها تعتمد عليه اقتصاديا فلكي تنقذ نفسها واولادها من الشارع تتحمل الاضطهاد
تقبلي خالص المودة والتقدير


3 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 4 / 6 - 21:55 )
ضربه أستباقيه ضد المسيحيين , هنا رابط يؤكد عظمة المرأه في الإسلام , راجع :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=403982

اخر الافلام

.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟


.. مسؤولون أميركيون: إسرائيل عقبة أمام مستقبل المنطقة.. فهل تُغ




.. الردع النووي ضد روسيا والصين.. الناتو ينشر رؤوسا مدمرة | #مل


.. الحجاج يواصلون رمي الجمرات وسط حر شديد | #رادار




.. شبكات | 20 لصا.. شاهد عملية سطو هوليوودية على محل مجوهرات في