الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جراتسي

فؤاد قنديل

2014 / 3 / 2
الادب والفن




قصة قصيرة
اخترت يوم عيد فلاحيها لأزورها وهي تسبح في بحار البهجة والمرح والحب
بين أحضان منظومة فاتنة من جبال الألب
نبتت وترعرعت وتألقت مدينة جراتس النمساوية
الجبال ترتدي أبهى أزياءها ..
كستها الطبيعة الكريمة شفافة القلب مساحات شاسعة من القطيفة الخضراء
المغسولة بالندى والجمال البازغ
من الجبال والقرى المحيطة
أتى عشرات الفلاحين من الصباح الباكر إلى وسط المدينة
يرتدون ملابسهم التقليدية المزركشة بالزهور الملونة والنجوم الزرقاء الصغيرة
تحت سماء صافية وحنون
انطلقت الموسيقى والأغاني وهيمنت على الساحة الرقصات الشعبية المميزة
مضى الفلاحون يرقصون في تشكيلات جماعية
تعلو الوجوه ابتسامات الملائكة
تسلل جمال الإيقاعات الشقية إلى وجداني المتأهب لمعانقة الورود اليانعة
اختطفتني فتاة نمساوية جميلة
دارت بي ومعي .. حلقت بي ما تيلدا في بحار سماوية من الرشاقة والنزق اللذيذ
مرهقا كنت فلم أنم جيدا
سعيدا كنت .
خفيفا كنت .
منسابا كجدول صغير تدغدغه أشعة الشمس وترسم عليه ترانيم عشقها الأبدي
كلما تثاقلت معبرا عن اكتفائي رجّتني وأشعلتني
عانقتني وشحنتني
أرقص وأدور وأطير.. أشعر أني ريشة تتلاعب بها الريح المجنونة .
اللوحة البشرية الملونة بالبهجة وابهاء تتردد ألوانها على مرايا الطبيعة
كل كائن يشارك بجسده وقلبه في طهو كروم السعادة
لمحت الجبال ترقبني وتضحك
اكتشفت أن الكل توقف .. ما عاد أحد غيرنا يرقص
واصلنا الرقص كأننا نبدأ من جديد .
دبت في جسدي المنهك قوة لم تكن له
دُهشت ما تيلدا لأني كنت أضيف حركات للرقصة
أجدد فيها وأبدع من وحي المشهد المثير
ابتسمت وتحمست وانطلقت .. انتقلت إليها الحالة وتمادت وتماديت
غبنا عن الدنيا والجبال و العيون
كانت لابد تحدق فينا بانبهار
لم أدر كيف اتفقنا على التوقف
توقفنا في لحظة واحدة بينما ساقها المشرق المسنون كالسيف حتى فخذها المترع بالحيوية والوهج مصوب نحو السماء ، وكان ساقي أيضا موجه إلى أعلى دون عري ولا جسارة.
صفق الحضور طويلا وحملونا على الأعناق وداروا بنا في الميدان الفسيح المفعم بالأمل
جذبتني ما تيلدا وهجمت على شفتي تقبلني قبلة طويلة وشهية
كان الخمر كالرقص استباحني وطرد الحياء
جذبتها لأرد عليها كرما بكرم
قبلتها قبلة طويلة جدا تنوعت أحوالها دون أن تحاول التخلص مني
هلل الشباب وأغرقوا عنقينا بعقود الزهور
لما قلت لهم وأنا أنحني قليلا
- جراتسي .. ( شكرا بالإيطالية ، وإشارة لاسم مدينتهم )
عادوا يصفقون
تنفست بعمق
.. شعرت بنشوة عارمة تقتحمني
بعفوية جلست على الأرض .. أسرعوا جميعا يجلسون
..عاودوا الغناء .
كوكبة من الشباب يطوفون بيننا وحولنا ويعزفون
تصورت للحظات أن جبال الألب تتحرك برهافة وتصفق
وموسيقى اللون الأخضر النضر تشارك الفلاحين عيدهم
خامرني إحساس عميق بأن هذا العيد عيد لي أيضا
قلت في نفسي : ما كان يجب أن يتوقف الرقص
عزمت على أن أشاركهم العام القادم عيد الفلاحين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسرة الفنان عباس أبو الحسن تستقبله بالأحضان بعد إخلاء سبيله


.. ندى رياض : صورنا 400 ساعةفى فيلم رفعت عينى للسما والمونتاج ك




.. القبض على الفنان عباس أبو الحسن بعد اصطدام سيارته بسيدتين في


.. تأييد حكم حبس المتسبب في مصرع الفنان أشرف عبد الغفور 3 سنوات




.. عاجل .. إخلاء سبيل الفنان عباس أبو الحسن بكفالة 10 آلاف جنيه