الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على أعتاب المؤتمر الانتخابي لنقابة الصحفيين العراقيين

ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)

2005 / 7 / 1
الصحافة والاعلام


صحفيو العراق ...ضحية الأنظمة والاحتلال

ظل صحفيو العراق ضحية الأنظمة المتعاقبة وظلوا الأكثر مظلومية بين أقرانهم العرب, والأمر ليس وليد يومه ، فقد كان مجلس الإعمار يلجأ لصحيفة ( النهار ) للكتابة عن منجزاته في وقت كانت فيه ( البلاد ) و ( الشعب ) لاتقل من حيث القيمة المهنية عن زميلتهما اللبنانية ، وظلت الصحافة العراقية وصحفيوها تعيش تحت سيف التهديد بالإلغاء والتعطيل. صبيحة الرابع عشر من تموز استبشر الصحفيون خيرا رغم أن العهد الجديد ألغى صحيفة متميزة مهنيا هي ( الشعب )، ولم يدم شهر العسل طويلا ، كان عبد الكريم قاسم أول من فكر بأوضاع الصحفيين فمنحم أراضيَ سكنية، ولكنه لم يتحمل نقدهم فاستبدل الجواهري الكبير بنقيب للصحافة ( يمتدح ) ولايناقش ومنح تراخيص صحفية لمحررين من الخط الثاني والثالث أسهمت في تأجيج الصراعات التي أودت بتجربته ، وجاء انقلاب الثامن من شباط ليدفع بالصحافة والصحفيين إلى وضع أكثر سوءا ، ألغيت الصحف المعمرة ( البلاد )، ( الاخبار)، ( الزمان )، وهي الصحف التي كان يعول عليها لاستمرار التطور المهني لأنها جمعت أجيالا من الصحفيين تفاعلت خبراته وخرج جيلا من الصحفيين أسهم في محاولات جادة لم يكتب لها الاستمرار ، المرحلة الشباطية لم تترك أي أثر إيجابي في تاريخ الصحافة العراقية. على العكس أدت إلى هجرة كوادر مهنية الى الخارج وابتعاد أخرى عن المهنة . المرحلة العارفية الأولى عززت من استهانة الحاكم بالصحافة والصحفيين فقد كانت الصحافة المصرية هي وسيلته للتعريف ( بمنجزاته ) واستهان بالكفاءات المهنية فجلب خبيرا مصريا لتطوير الصحافة العراقية ، ويشهد الذين عملوا مع الراحل عبد الله الخياط أنه أكثر كفاءة من ذلك الخبير ولكنها عقدة الحاكم من صحفيي بلاده ، العهد العارفي الثاني كان الأكثر انفتاحا. وصدرت خلال شهور العسل صحف متميزة أعادت للكفاءات المهنية اعتبارها، ولكن الأمر لم يطل ( واستورد ) النظام التجربة المصرية وأمم الصحافة العراقية وحولها إلى مؤسسات حكومية. ولكن الأمانة تقتضي القول إن الصحف الحكومية في العهد العارفي أفضل مهنيا من الصحف التي صدرت بعد مجيء البعث للسلطة ، فالعهد الجديد دشن مجازره بإعدام نقيب الصحفيين الراحل عبد العزيز بركات وزميله في ( المنار ) عبدالله الخياط ، وتحولت الصحافة إلى ( صوت للحاكم )، وانتهى الإبداع المهني. كان الصحفيون المحترفون ( يتعذبون ) وهم يرون كفاءاتهم تهدر في صحف متشابهة من حيث الشكل والمضمون، يتألمون وهم يرون صحفا متطورة تصدر في بلدان لم تكن تعرف الصحافة يوم كان في العراق صحف تسقط حكومات. وبمرور الزمن أحكمت الاجهزة الأمنية يدها على كل الحلقات وأصبح الاستشهاد بأقوال القائد هو وحده يجنب الصحفيين المساءلة والتشكيك في المواقف الوطنية. وتمادى الحاكم بالاستهانة بالصحفيين فلم يكتف باستدعاء هذا الصحفي العربي أو ذاك، كلما أراد أن يوجه ( خطابا للأمة) بل أنفق، عبر مخابراته، الملايين على صحفيين أصدروا صحفا لحسابه. كان يعرف جيدا أنها لاتلقى الاهتمام ، واستثنى من تلك ( الفرص ) الخارجية حتى الكفاءات المهنية من البعثيين أنفسهم رغم أنهم ( أبناء النظام وأحباؤه ). عقدة الحاكم من ابن بلده تتكرر ، وأصبح التنظيم المهني تابعا للسلطة ، وأهدرت الإمكانيات المهنية ليتحول التحقيق الصحفي إلى ( تقرير يعده مكتب الإعلام في الوزارة المعنية ويسلمه للصحفي مشترطا، حسب توجيه وزيره، عدم الحذف والتغيير ). أما العمود الصحفي فقد شهد مداحين لم يعرف تاريخ الصحافة العراقية لهم مثيلا، كانوا ( يسبحون بحمد القائد ليل نهار، ويتصيدون ( مكرماته)، وانتهت ( الافتتاحية ) في الصحف العراقية وتحولت إلى إنشائيات تكتب بتوجيه من الأعلى، ولم يسلم الخبر المحلي من الحصار فأصدر أحد وزراء الإعلام تعميما يمنع بموجبه نشر الأخبار المحلية الرسمية التي لاترد للصحف عبر وكالة الأنباء العراقية. فهل هناك عذاب أكبر من هذا بالنسبة للمهنيين الذين حوصرت كفاءاتهم وهمشوا بهذا المستوى ، ثم نصب النظام نقيبا لهم تعامل معهم ( بالحجز والتوقيف وحلاقة الرأس )، ثم جاء الاحتلال ليصدر قرارا جائرا بعقوبة جماعية طالت أكثر من ألف عضو نقابي وألغيت مؤسسة عريقة هي ( وكالة الأنباء العراقية ) بذريعة سخيفة هي أن الصحفيين كانوا أبواقا للنظام الصدامي رغم أن الاحتلال والقادمين معه يدركون جيدا أن أبواق النظام يعدون على أصابع اليدين. وفتح الاحتلال، ومن بعده الحكومة المؤقتة، الباب على مصراعيه أمام كل من هب ودب ليصدر صحفا لاعلاقة لها بالمهنة إلا بالإسم ومايلحق ذلك من آثار ضارة بالمهنة ومحترفيها. أصبح التهديد بالقتل والموت هاجسا يوميا، وباتت ظروف العمل والتنقل مأساة حقيقية ، وغاب دور النقابة وسط خلافات بلا معنى، وظلت السلطة متفرجة. ولايتسع المجال لاستعراض كل ماحصل. منذ أسابيع اختفت آثار الزميل صباح سلمان وهو في طريقه لعمله الصحفي ، ولم نسمع من السلطة حتى إيضاحا بسيطا حول الحادث الذي لو جرى في أي مكان في العالم لشهدنا دورا للسلطة خلال ساعات. بعدها جرت محاولة اغتيال بحق الزميل جواد كاظم مراسل فضائية العربية ولم نسمع أية مبادرة من السلطة حتى لتسريع عملية نقله للعلاج على نفقة الموسسة التي يعمل فيها وليس على نفقة الدولة العراقية أو ( الرئيس ) أو ( رئيس الوزراء ) باعتباره صحفيا عراقيا ، بل إنها وقفت موقف المتفرج كما ذكرت الأنباء حين عرقلت قوات الاحتلال نقله بطائرة خاصة .
إن صحفيي العراق اليوم بأمسّ الحاجة الى تعاون الأجيال المهنية وتفاعلها من أجل إيجاد ( نقابة مهنية ) تعمل للمهنة بعيدا عن التداخلات السياسية والحزبية، نقابة فاعلة تحفظ للمهنة مكانتها وللصحفيين حقوقهم وتعوض زملاءنا إهمال ( العهد الديمقراطي ) لهم وتعيد للصحفي العراقي مكانته المهنية وتجبر الحكام الجدد على إنهاء مرحلة عقدة الحاكم إزاء أبناء وطنه من الصحفيين.
أيها الزملاء الأعزاء، أنتم يامن تعيشون محن الوطن كلها حيث ( لاماء ولاكهرباء ولاوقود ولا أمان )، وحيث تتدنى الأجور بشكل معيب، أسمح لنفسي أن أتدخل بشوؤنكم، فقد شهدت معاناتكم اليومية وأقول لكم صوتوا للمهنة لاتصوتوا للدين أو القومية أو المذهب أو الحزب فأنتم بحاجة لنقابة مهنية تضع الصحافة أولا. تكفينا تجارب السنوات التي أوصلتنا إلى مؤخرة النقابات في الوطن العربي والعالم.

ليث الحمداني
عضو سابق في مجلس نقابة الصحفيين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا تلغي حفل التخرج الرئيسي جراء الاحتجاجات المؤي


.. بالمسيرات وصواريخ الكاتيوشا.. حزب الله يعلن تنفيذ هجمات على




.. أسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً من مسيّراته خلال ح


.. أردوغان: سعداء لأن حركة حماس وافقت على وقف إطلاق النار وعلى




.. مشاهد من زاوية أخرى تظهر اقتحام دبابات للجيش الإسرائيلي معبر