الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أميريكا..اِذهَبي وضاجِعي نفسَكِ بقنبلتِكِ الذَّرِّيَّة

كمال سبتي

2005 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


-1-

أعظم دولة في التاريخ تعتقل محسن الخفاجي.
يبدو الأمر لي فكاهياً أولَ وهلةٍ ثم حين أتذكر أنه في المعتقل منذ أكثر من عامين يتحول الأمر تراجيديا ، وثمّ حين نتحدث في لغة العدل سنقول إنَّ اعتقاله غيرُ منصف.
إذ أن الأديب العربيّ يُعتَقَل عادة من قِبَلِ السلطة السياسية العربية لتطاوله على حقها التاريخي في الحكم وعلى منظومتها المعرفية " أسانيد دينية واجتماعية وسياسية وأدبية..إلخ" التي تتقوى بها.
وحتى لا يغريني الكلام بالذهاب إلى فوكو فإنني أقطعه لأسأل سؤالاً آخَرَ طالما سألته نفسي :
هل أميريكا التي احتلت بلادنا دولة ناضجة ، أيْ بالغة ؟
في مرةٍ سمعتُ معلقاً غربياً يقول إنها لا تتصرّفُ التصرفَ الذي ينبغي لدولة عظمى أن تتصرفه لافتقادها خبرةَ الدولة العظمى..وإنَّ بريطانيا أكثر خبرة منها في التصرف تصرفَ دولةٍ عظمى ببضعة قرون.
ولكنني سمعت وزير خارجية بريطانيا العظمى متحدثاً في مجلس الأمن أيامَ مناقشته قرارَ الحرب على العراق..وكان سخيفاً. بل قلت في نفسي : يا للكذابين المتهورين والصبيان.. لو أنَّ وزير خارجية دولة فقيرة من دول العالم الثالث فعَلَ ربعَ ما فعله جاك سترو من مهازل سيركية في مجلس الأمن لأقاموا الدنيا عليه ولم يقعودها.

-2-

أنا زرت الولايات المتحدة الأميريكية عام 1995 لرؤية شقيقي المرحَّل إليها من مخيم رفحاء مع أعداد كبيرة من رفاقه المشتركين في انتفاضة عام 1991.
ولقد أحببت طيبة شعبها حباً جمّاً..وسؤالَ الأميركيّ كلَّ من يصادفه في الشارع وهو يمشي :How are you doing ? و..و..إلخ
أمام الجمال كله والطيبة كلها كنت أحس بوجود مؤسسة أقوى من الناس : إله تقني جبار يصنع بدوران عجلاته منظومته المعرفية التي تصبح بناءً فوقياً كما يشاء هو ومتى يشاء هو.

-3-

يعلمنا بناؤنا الفوقيّ العالم ثالثيّ أن نعارض أميريكا ونعاديها.
فالأطفال في الصين ، مثلاً ، كانوا يقرأون في عهد ماو : أميريكا عدوة الشعوب. أتذكرها من احتجاج أميريكيٍّ على وجودها في المنهاج المدرسيّ الصينيّ.
وعندنا كان لفلسطين وحدها أن تؤجج فينا عداءً قل نظيره اتجاهَ أميريكا.
وكان للحرب الباردة دورها أيضاً فروجت الأحزاب الشيوعية والقومية والأنظمة العربية المرتبطة بالاتحاد السوفييتي عداءً سياسياًً اتجاهَ أميريكا كان يزداد كراهيةً ودماً وبكاءً كلَّ حين.
لكن أميريكا لا تفعل شيئاً من أجل تغيير صورتها غير تأسيس مكتب إعلاميٍّ لتغيير الصورة.
وغير شراء ذمم هي سقط متاع ليس إلاّ.
وغير شراء دين أناس بتعبير معاوية ببضعة آلاف من الدولارات شهرياً لتجميل صورتها.
ولن تُغَيَّرَ تلك الصورة بمثل هؤلاء الناس ، ولن تتجمل.

-4-

أخي محسن
تجمعنا من أجلك يوم 22-6-2005 وأعلنّا أسبوعاً للتضامن معك وشكلنا لجنة للدفاع عنك وكتبنا مقالات وأطلقنا حملاتِ تضامن معك منشورةً في أكثر من مكان ، وها نحن الآن في اليوم الأخير من الأسبوع..وفي رؤوسنا انتظار لتشكيل فريق دفاع قضائيّ وفي رؤوسنا اعتصامات وتظاهرات أمام سفارات ومؤسسات أميريكية وفي رؤوسنا فراغ حائر لم يملأه جواب : لماذا اعتُقِلتَ ؟
وقد كنتُ في الناصرية العامَ الماضي فروى لي الأصدقاء رواياتٍ عديدة عن الاعتقال ، مختلفةً بقدر عدد الرواة .
وخرجتُ من الناصرية وأنا لا أدري شيئاً.
لكنني سألت نفسي السؤالَ القديمَ ذاته : هل أميريكا دولة بالغة ؟

***
لم يبق من أربعتنا في الصورة التي التقطتْ لنا عام 1974 إلاّنا : أنا وأنتَ..فقد مات عقيل علي في قصة طويلة سأرويها لك تماماً كما كنتَ تروي لي كلما جئتُ الناصريةَ قادماً من بغداد قصةَ موت صديقنا القاص عبد الجبار العبودي. أنت موجود في يمين الصورة وأنا في يسارها..وفي الوسط جبار وعقيل الذي لا يبين وجهه.
من كان في يمينها مسجون ومن كان في وسطها ميت ومن كان في يسارها منفي!

-5-
كيف هو محسن الآن يا أميريكا ؟

-6-


America when will you end the human war ?
Go fuck yourself with your atom bomb.

أميريكا متى ستُنْهينَ حربَ الإنسان ؟
اِذهَبي وضاجِعي نفسَكِ بقنبلتكِ الذَّرِّيَّة.


الشاعر الأميريكي Allen Ginsberg ، ألن غينسبيرغ "1926ـ1997" في قصيدته أميريكا المنشورة في مجموعته المعروفة : Howl and Other Poems-1956 أيْ عُواء وقصائد أخرى.




هولندا
29-6-2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جودي سكيت.. يكشف عن أشياء مستحيل أن يفعلها ومفاجأة عن علاقته


.. تساؤلات حول تقرير واشنطن بشأن استخدام الأسلحة الأمريكية في غ




.. بعد الوصول إلى -طريق مسدود- الهدنة لا تزال ممكنة في غزة.. «ج


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش.. جهود متواصلة لدعم الجر




.. تحرك دولي لإطلاق تحقيق مستقل بشأن مقابر جماعية في قطاع غزة