الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة / حُلم

فكرى عمر

2014 / 3 / 3
الادب والفن


بين أمالى فى النجاة واليأس المطبق على الجوارح أطلوا، بنظراتهم الملتهمة، وأفواههم الفاغرة الشرهة.. على الشاطئ الصخرى الصامت ممددًا.. فى الهجير الحارق متناثرًا كنت كأشلاء سفينتى التى ركبت بمرح طفولى الأمواج العاتية، واشتهت بلذة جنونية الرياح العاصفة، واجتاحت بمهارة خارقة المخاطر المطوقة، ثم صدمها طحلب بجوار المرفأ فانقلبت.. ها هى الزجاجات الأرجوانية تلمع بين أظافرهم المدببة.."صيد ثمين" صرح أحدهم، وبشبق دموى انقضوا. التهموا الموج والرمل، والأعشاب المتناثرة، وجدتنى أتقيأ، حبوت على بطنى أستنجد ببقايا بريق خافت فوق صخرة عالية جرنى إليه، لُذت بها أخيرا بعد حلقة شد وجذب مع الصخور الصغيرة، الناتئة كنت مهزوما فيها،
لف بى دوار البحر وعصفت بى ذكريات الأحقاب المندثرة. أحدهم ارتمى على الأرض واستطال، زحف سريعا نحوى، وليس هناك إلا كهف قديم فى بطن الجبل ارتميت فيه، لحقنى، طوقنى بعناية، فغر فاه وأخرج لسانه المشقوق فانقلب أنامل شوكية، جرنى من ياقة الجاكتة عبر سراديب عطنة إلى أن خرجنا من فسقية بديعة وقذفنى بجوار شجرة خوخ.
مبللا كنت تحت وهج الشمس الحارق ، قلت لنفسى (قصر عظيم يشى بعظيم ). من وسط العتر الأحمر خرج إلينا بهندامه المكوى وشاربه المفتول، وعصاه العاجية وبنبرة تهديد قال:
- علاقتك إيه ببنتى الوحيدة؟
- بريء يا باشا.
- هاتنكر؟ كلابى فى كل ناحية، مدربين على أكل اللحم النى..
تلفت حوله، مسح شاربه الكث، رفع عصاه العاجية ودكها فى أرض الحديقة، وبنظرة مشتعلة قال: "غور".
صفعة ساخنة على وجهى الناعم من أحدهم ذا الأنف النحاسى، وقهقهة الجميع سحقت كبريائى.
انطرحت أرضا، حاموا حولى كغربان جائعة، تيقنت من هلاك محقق، أنشبوا أظافرهم الحادة فى اللحم والدم، أحضر أحدهم قصعة، ملؤوها بالأحمر القانى الذى انبثق من أوردتى المرهقة، عبوا زجاجاتهم القاتمة، صَرَخْتُ، لم يأبه أحد، كانوا يلعقونها بشبق .
وجدتنى أتحول طيفًا خفيفًا، وبزهو طاووس اجتزت السور الشائك، حلقت من جديد فوق أشجار الحديقة الممتدة، جُبْتُ الممرات الفسيحة، والسراديب الموغلة فى العتمة، ثم لمحت حبيبتى فجأة.. ناعمة، وادعة كيمامة، يلتفون حولها كطوق فولاذى، وبسرعة انقضاض الصقر على الفريسة التقطتها، عقب أحدهم بحسرة "لا فائدة".
ضممتها بلهفة، طُفنا أرجاء واسعة تحت بريق الشمس الحانى ، فى أصيل وردى بلون خدودها الطفولية العذبة افترشنا منحدرًا معشوشبا على جانب النيل المترقرق، حدقنا بعين واحدة فى أمواجه التى ترتعش إثر لقائها بنسمات الهواء، بأصابعها الدقيقة رفعت حبيبتى الخصلة الذهبية المصبوغة من شعرها عن عينها اليسرى هامسة بفرح "انظر"، بوغت فى مكانى، وقفت وقلبى ينضح خوفا، ففى غلالة أرجوانية خرجت حورية الماء بنصفها الأدمى ونصفها السمكى من قلب النيل وقطرات الماء تنهمر من أطرافها كالفضة المذابة، ترمقتنى بنظرة وردية وتقول بفم مبتسم "مرحى بالبطل".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان


.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي




.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء