الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الوحدة أداة استراتيجيه لهزيمة المشروع الطائفي الصهيو أمريكي الرجعي

عليان عليان

2014 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


أحيت القوى الحية في أمتنا العربية ولا تزال ، الذكرى السادسة والخمسين لذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة ، التي شكلت محطة أساسية للنهوض القومي العربي ولتعبئة جماهير الأمة بالفكر القومي العربي الوحدوي ، على طريق هدم مداميك سايكس بيكو.
وإحياء هذه الذكرى ، لا يأت من باب الترف السياسي والفكري ، ولا من باب اجترار التاريخ بل يستهدف مسائل محددة أبرزها :
أولاً: مواجهة وهزيمة الخطاب الجهوي والطائفي والإقليمي التفتيتي ، الذي عمل على التخطيط له والنفخ فيه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسينجر ، بحيث أصبح جزءاً رئيسياً من الإستراتيجية الأمريكية حيال الوطن العربي ، والتي جرى تثميرها بشكل ممنهج لصالح الامبريالية الأمريكية في مختلف الأقطار العربية ، إذ أنه في غياب وتراجع المد
القومي العربي ، تمكنت الإدارات الأمريكية المتعاقبة من خلق فتن إثنية ، وفتن طائفية ( سني – شيعي – علوي – درزي ألخ) وفتن دينية ( مسلم – مسيحي ) بين أبناء الأمة العربية الواحدة ، مستفيدةً في هذا المجال من قوى الإسلام السياسي ، التي باتت تنفذ مخططاً أمريكياً دمويا وإجرامياً ، لضرب وحدة سوريا وثوابتها الوطنية ، ولضرب وحدة مصر والعراق.
ثانياً : إجراء مراجعة لتجربة الوحدة ، ليس بهدف جلد الذات ، أو بهدف إثارة الخصومات بين القوى القومية بأثر رجعي ، بل بهدف استخلاص الدروس ، ولإعادة الاعتبار لإستراتيجية العمل القومي وللمشروع النهضوي العربي.
ثالثا: للتأكيد على ضرورة الوحدة بالمعنى الاستراتيجي كهدف ، وبالمعنى المرحلي على صعيد المهام المطلوبة التي تصب في خدمة هذا الهدف .
رابعاً : للإجابة على سؤال إمكانية قيام الوحدة في ظل العولمة .
إن فشل تجربة الوحدة ، لا يمكن عزله عن الدور التآمري للإمبريالية الأمريكية والبريطانية وعن الدور – الأداة للرجعية العربية ، لكن يجب الاعتراف ، أنه ما كان للمؤامرة الإمبريالية الرجعية أن تفعل فعلها ، لو لم تكن تلك الأخطاء والثغرات ، التي ولجت من خلالها المؤامرة على تجربة الجمهورية العربية المتحدة.
وكان من الطبيعي جداً أن تستنفر القوى الإمبريالية والرجعية في المنطقة ، وأن تعلن حالة الطوارئ ، منذ مصادقة البرلمانين المصري والسوري على مشروع الوحدة في الخامس من شباط / فبراير 1958، ومنذ الإعلان بشكل رسمي عن قيام الوحدة في 22 شباط / فبراير 1958 ، وذلك لعدة اعتبارات أبرزها :
أولاً : إدراك القوى الامبريالية والرجعية ، أن أحد أهم أهداف قيام الوحدة ، هو حسم التناقض الخارجي الرئيسي مع الامبريالية الأمريكية والغربية عموماً ومع الكيان الصهيوني لصالح الأمة العربية وقضاياها ، وحسم التناقض الداخلي مع قوى الرجعية الداخلية " الإقطاع والرأسمالية والكومبرادور بشكل خاص.
ثانياً : لأن خالد الذكر جمال عبد الناصر ، تصدى عشية الوحدة لسياسة الأحلاف الاستعمارية (حلف بغداد ) بعد أن أدرك أن هذا الحلف يستهدف العدوان على سوريا من خلال تركيا والعراق إبان نوري السعيد ، ويستهدف عزل مصر عن محيطها العربي ، والحيلولة دون وصول تأثيرات ومفاعيل ثورة 23 يوليو الناصرية لبقية أرجاء المشرق العربي .
ثالثاً : ولأن القوى الامبريالية أدركت أن نجاح تجربة الوحدة ، وامتدادها لاحقاً إلى دول عربية أخرى ، سيضرب في الصميم مصالحها النفطية والجيوسياسية في المنطقة.
ومن يتأمل الوثائق البريطانية والأمريكية الخاصة بتلك المرحلة ، والتي جرى الكشف عنها لاحقاً ، يكتشف كيف كانت المهمة اليومية لكل من أمريكا وبريطانيا ، هي إفشال تجربة الوحدة والتآمر عليها ، بالاعتماد على الأدوات الداخلية والرجعية العربية ، وفي الذاكرة المال السعودي الذي وصل إلى سوريا لتمويل المؤامرة على تجربة الوحدة .
ما يهمنا في ذكرى الوحدة ، استخلاص الدروس والعبر ، وقراءة الواقع والمتغيرات للتعاطي مع قضية الوحدة بشكل فعال وجدلي ، ولتجنب الثغرات والأخطاء التي وقعت ، وأبرز هذه الدروس:
1. ضرورة اختيار الظرف الموضوعي الملائم للوحدة ، والتركيز في هذه المرحلة على الربط الجدلي بين الخاص الوطني والعام القومي ، فالوطني الصحيح لا يمكنه إلا أن يكون قوميا صحيحاً .
2. عدم إغفال وحدة الفكر والاطار النظري للوحدة ، وعدم اغفال وحدة التنظيم الشعبي.
3. . عدم حرق المراحل في الإجراءات الاشتراكية.
4. إشراك الجماهير الشعبية في الشؤون العامة في إطار مؤسسي.
5. عدم الاستهانة بالرجعية العربية والمحلية.
6. ضرورة رفع الوعي القومي للجماهير حتى لا تقع فريسة لمخططات الرجعية والامبريالية.
7. .خلق المقومات الاقتصادية كالتكامل والسوق المشتركة... الخ .
وحتى لا تظل الأمور محصورة في إطار التمني والبكاء على الماضي ، وحتى لا تقع الجماهير فريسة للطروحات القطرية والرجعية والليبرالية ، لا بد من التأكيد على أن الوحدة العربية مسألة نضالية قابلة للتحقيق ، في ظل وجود قوى قومية وتقدمية مؤمنة بالوحدة ولديها استعداد نضالي لمواجهة المشاريع الأمريكية والغربية ، وفي ظل النضال الدؤوب لإنجاز سوق عربية مشتركة ، بين الأقطار العربية المتجانسة سياسياً ، وفي ظل تجانس في التطور الفكري والثقافي والسياسي في هذه البلدان ، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف المتغيرة والآليات التنظيمية والجماهيرية اللازمة لإنجازها، فالخطاب الوحدوي الآن يختلف بالضرورة عن خطاب الخمسينات والستينات حيث كنا - كما بين أحد المعنيين بقضية الوحدة - أمام نظام إقليمي عربي توأمه الفكري الإيمان بالوحدة العربية، وتوأمه السياسي مواجهة الاستعمار وسياسة الأحلاف ، وتوأمه الاجتماعي التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية، وتوأمه الطبقي الفئات الكادحة والمسحوقة من الجماهير العربية ، وتوأمه الثوري تحرير فلسطين من القبضة الصهيونية.
ويجب أن لا نكتفي بإجراء مراجعة نظرية ونقدية لتجربة الوحدة وثغراتها وأخطائها من قبل القوى القومية واليسارية العربية ، بل لابد بد لهذه القوى أن تجري هي الأخرى مراجعة نقدية جريئة لمواقفها من قضية الوحدة وغيرها من القضايا ، من اجل خلق الأساس النظري المتماسك لأي عمل وحدوي أو جبهوي قومي ، ومن اجل مواجهة التحديات الامبريالية والصهيونية ، التي تعمل على تفتيت المفتت وتجزيء المجزأ عبر مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير.
ويجب أن لا تنطلي على الأمة وطلائعها القومية ، مقولة أن الوحدة لا تتم في ظل العولمة - التي تعمل على إضعاف دور الدول في العالم الثالث- فدور الدولة في دول المركز الامبريالي لم يتراجع ، كما أن الوحدة في دول ذلك المركز تتعزز في ظل العولمة، فالاتحاد الأوروبي جرى تعزيزه في ظل العولمة، وألمانيا توحدت في ظل العولمة.
فالوحدة أولاً وأخيراً هي قضية نضالية رغم كل المتغيرات ، ولعل درس أمريكا اللاتينية التي قطعت شوطاً طويلاً على طريق الوحدة ماثل للعيان ، بعد أن شكلت فنزويلا بقيادة هوجو تشافيز الناصر ، اقليم قاعدة لحركة النهوض الوحدوي التقدمي في القارة اللاتيتية متحدية أتباع وأدوات النهج النيولبيرالي المعولم ، من القوى الطبقية التابعة التي سهلت مهمة الإدارة الأمريكية ، في جعل دول القارة اللاتينية حديقة خلفية للولايات المتحدة .

وأخيراً : ما أحوج أمتنا هذه الأيام للوحدة وللخطاب الوحدوي ولثقافة الوحدة ، بعد أن تعمقت التبعية والتجزئة، وبعد أن بدأت العواصف والأنواء والحصارات الظالمة تعصف بهذا القطر أو ذاك، وبعد أن وضعت قضية فلسطين على مذبح التصفية عبر المشاريع الامبريالية، وبعد أن جرى احتلال العراق والتآمر على وحدته وهويته العربية ، وبعد احتواء الامبريالية الأمريكية لمخرجات الحراك الشعبي في تونس ومصر واليمن ، عبر أداة الإسلام السياسي .

ما أحوجنا لثقافة الوحدة في ضوء التآمر الامبريالي الرجعي على سوريا " قلب العروبة النابض" ، وعلى حلف المقاومة والممانعة ، بغية إخراج سوريا من دائرة الصراع مع العدو الصهيوني ، مثلما تم إخراج مصر من دائرة الصراع بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد من قبل نظام الردة الساداتي.

ما أحوجنا للوحدة ولثقافة الوحدة ، للتصدي للعربدة الأمريكية ، ومن أجل إفشال المؤامرة الراهنة على سوريا ، ولدعم المقاومة العربية في فلسطين ولبنان ، ومن أجل إفشال المشروع التفتيتي الأمريكي والذي يحمل اسم مشروع الشرق الأوسط الجديد ، ويستهدف خدمة الكيان الصهيوني والسيطرة على النفط ، ومن أجل إفشال المؤامرة الإخوانية الراهنة على مصر .
ويجب أن تدرك جماهير الأمة وطلائعها ، أن لا حل لمشاكل التخلف والتبعية والتجزئة إلا بالوحدة ، ولا حل للأزمات الاقتصادية والاجتماعية إلا بالوحدة والتكامل ، ولا إمكانية لهزيمة المشروع الطائفي الانعزالي الصهيو أميركي إلا بالثقافة القومية العربية ، ثقافة الوحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كريات شمونة في شمال إسرائيل.. مدينة أشباح وآثار صواريخ حزب ا


.. مصر.. رقص داخل مسجد يتسبب بغضب واسع • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الألغام.. -خطر قاتل- يهدد حياة آلاف الأفغان في الحقول والمدا


.. ماذا رشح عن الجلسة الأخيرة لحكومة غابرييل أتال في قصر الإليز




.. النظام الانتخابي في بريطانيا.. خصائص تجعله فريدا من نوعه | #