الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطفل المشاغب عندما تم إعدام عخان إبن كرمى (قصة قصيرة)

رمسيس حنا

2014 / 3 / 3
الادب والفن


الطفل المشاغب عندما تم إعدام عخان إبن كرمى (قصة قصيرة)

بعد الصلاة الجماعية داخل الكنيسة إصطحب المدرس تلاميذ الصف الأول من المرحلة الأعدادية الى حجرة الفصل المخصصة لهم فى مدارس الأحد. وبعد أداء الإجراءات الطقسية المتبعة من الصلوات و الترانيم الموسمية و تحفيظ التلاميذ بعض من أبيات الترنيمة الجديدة و طريقة أداءها ، بدأ المدرس الدرس وعنوانه "عخان بن كرمى" بتحفيظ التلاميذ أية الدرس الجديد و هى: "... ولا أعود أكون معكم ان لم تبيدوا الحرام من وسطكم." (يشوع: أصحاح 7 ، عدد 12). و للتوضيح و الشرح لعبارة "تبيدوا الحرام" فسرها المدرس على أن الله طلب من يشوع وبنى إسرائيل أن ينزعوا الشئ الردئ الذى يوجد فى وسطهم حتى يعود الرب ويكون معهم، أى “أن الله لا يكون مع الناس السيئين الذين يقومون بأعمال سيئة”. و طلب المدرس من بعض التلاميذ أن يتلوا الاَية حتى أتى الدور على التلميذ "فكرى" الذى تلى الاَية هكذا: : "... ولا أعود أكون معكم ان لم تقتلوا الشخص السئ الذى وسطكم." وهنا أدرك المدرس مدى الجدل الذى قد يحدث بينه وبين التلميذ ، فتنهد المدرس تنهيدة إنذار و راجع التلميذ و قال له:

- لا يا "فكرى". قل الاَية كما هى بالنص. انت هنا حرّفت كلام الرب.

فسأل فكرى:

- "هل تم التحريف فى المعنى أم فى النص ، يا أستاذ؟"

فأمتقع وجه المدرس كما لو أن السماء تنذر بعاصفة عاتية و لكن مرت لحظة هدوء إستطاع فيها المدرس أن يحافظ على ممرات التفكير التى تؤدى الى مناطق التابو الموجودة فى المخ و هو الحصن و الدرع الواقى الذى يحتمى به المدرس عند حدوث أى زوبعة يتسبب فيها الطفل و قال بلهجة إنذار و تهديد:

- لقد إنتهى الأمر يا "فكرى" و إلا سوف ...

و صمت الطفل "فكرى" و لكنه كان لا يزال و اقفاً مكانه فى مؤخرة الفصل. ورأى المدرس أن يتجاهل الطفل "فكرى" و سؤاله و لذلك توجه الى الطفل "ثابت" الذى تلى و ردد الاَية كما هى دون زيادة أو نقص. و هكذا استمر المدرس مع جميع الأطفال حتى تأكد أن جميعهم قد حفظوا الاَية عن ظهر قلب.

ثم إنتقل المدرس الى لب الموضوع. كان موضوع الدرس هو شجب الخيانة المتمثلة فى شخصية عخان إبن كرمى وما هى أجرة خطيئة (الخيانة). وتحكى القصة الكتابية أنه بعد استيلاء يشوع بن نون على مدينة أريحا و حرم كل ما بها من حيوان و حجر و من بشر وشجر و أتى على الأخضر و اليابس بها و لم يبق فيها على رجل أو طفل أو شيخ أو إمراة فيما عدا "راحاب الزانية و أهل بيتها" لأنها تعاونت مع جاسوسيه ، إنما الفضة و الذهب و اَنية النحاس و الحديد جعلوها فى خزانة بيت الرب (يشوع أصحاح 6 ، أعداد 21 : 24). أراد يشوع أن يستولى على عاى – و هى مدينة أصغر من أريحا – فأرسل لها جاسوسيه اللذين عادا بتقريرهما الى يشوع ليخبراه بأنه يكفى نحو ألفى أو ثلاثة ألاَف رجل ليصعدوا ويضربوا عاى لأنهم قليلون و لا داعى لأن يكلف كل الشعب الى هناك ، و لكن هُزم هذا العدد و فروا هاربين من أمام شعب عاى الذين قتلوا ستة و ثلاثين رجلاً من بنى إسرائيل (يشوع أصحاح 7 ، أعداد 3 : 5).

فما كان من يشوع و شيوخ إسرائيل إلا أن مزقوا ثيابهم و سقطوا على وجوههم أمام تلبوت الرب و وضعوا التراب على رؤوسهم. و أخذ يشوع يعاتب الرب و يخاطبه: "اه يا سيد الرب لماذا عبرت هذا الشعب الاردن تعبيرا لكي تدفعنا الى يد الاموريين ليبيدونا. ليتنا ارتضينا وسكنا في عبر الاردن. 8 اسالك يا سيد.ماذا اقول بعدما حول اسرائيل قفاه امام اعدائه، 9 فيسمع الكنعانيون وجميع سكان الارض ويحيطون بنا ويقرضون اسمنا من الارض، وماذا تصنع لاسمك العظيم" (يشوع أصحاح 7 ، أعداد 5 : 9) و لكن الرب أخبره بأن إسرائيل قد أخطأوا و تعدوا عهده الذى أمرهم به ، بل أخذوا من الحرام ، بل سرقوا ، بل أنكروا ، بل وضعوا فى أمتعتهم ، فلم يتمكن بنو إسرائيل من الثبات امام اعدائهم.، و أداروا قفاهم امام اعدائهم لانهم محرومون ، ولن يعود يكون معهم ان لم يبيدوا الحرام من وسطهم (يشوع أصحاح 7 ، أعداد 11 : 12). و أخبره الرب بما يفعله فى اليوم التالى و ذلك بتقديسه للشعب أولاً و أن السبط الذى يأخذه الرب يتقدم بعشائره والعشيرة التي ياخذها الرب تتقدم ببيوتها والبيت الذي ياخذه الرب يتقدم برجاله. ويكون المأخوذ بالحرام يحرق بالنار هو وكل ما له لانه تعدى عهد الرب ولانه عمل قباحة في اسرائيل (يشوع أصحاح 7 ، أعداد 13 : 15).

و فى الصباح التالى تم تحديد عخان بن كرمي بن زبدي بن زارح من سبط يهوذ ا. فقال يشوع لعخان "يا ابني إعط الاَن مجدا للرب إله اسرائيل واعترف له واخبرني الان ماذا عملت لا تخف عني"(يشوع أصحاح 7 ، أعداد 16 : 19) و اعترف عخان بأنه رأى فى الغنيمة رداء شنعاريا نفيسا ومئتي شاقل فضة ولسان ذهب وزنه خمسون شاقلا فاشتهاها واخذها.وها هي مطمورة في الارض في وسط خيمته والفضة تحتها. فأرسل يشوع رجاله و أحضروا المسروقات و عرضوها أمام يشوع و بنى إسرائيل و أمام الرب (يشوع أصحاح 7 ، أعداد 20 : 23). فاخذ يشوع عخان بن زارح و المضبوطات وبنيه وبناته وبقره وحميره وغنمه وخيمته وكل ما له وجميع اسرائيل معه وصعدوا بهم الى وادي عخور ، فرجمه جميع اسرائيل بالحجارة وأحرقوهم بالنار ورموهم بالحجارة ، واقاموا فوقه رجمة حجارة عظيمة الى هذا اليوم.فرجع الرب عن حمو غضبه.ولذلك دعي اسم ذلك المكان وادي عخور الى هذا اليوم (يشوع أصحاح 7 ، أعداد 24 : 26).

بعد أن أنهى المدرس قصة "عخان بن كرمى" و الأطفال يصغون بتركيز و فى وسط الهدؤ و الصمت الرهيب الذى لا يتخلله إلا صوت المدرس الوحيد و هو يغير من نغمة و سرعة و درجة ارتفاع صوته حتى يتلائم مع كل دور لكل شخصية فى القصة. كان الطفل فكرى واقفاً فى مؤخرة الفصل يتلوى ذات اليمين و ذات اليسار و يضع يده مرة على قبله و مرة على دبره و تارة أخرى على فيه. و ما كاد المدرس أن يصل الى مشهد رجم عخان بن كرمى و هدؤ الرب و مسرته بهذا المشهد حتى زُغللت عينا "فكرى" و غام بصره و شحب لونه و سقط على الأرض مغشياً عليه و هو يتهوع ما بمعدته و بلل نفسه و أسهل فى ملابسه الداخلية. و قطب المدرس جبينه و أقرن ما بين حاجبيه و قد رسم على وجهه علامات الأشمئزاز و القرف ثم الهمته قريحته بأن يأمر بعض التلاميذ أن يحملوا زميلهم "فكرى" خارج الفصل أو الى والديه بالبيت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ


.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش




.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح