الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفقا بجيشنا!

إكرام يوسف

2014 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لا يستطيع كائن أن يزايد على حب المصريين لجيشهم واحترامهم له منذ عهد أحمس طارد الهكسوس.. وحرصهم عليه باعتباره الأمل في حماية البلاد من أطماع داخلية وإقلية ودولية.. وأغبى ما يفعله طبالو كل مرحلة أن يشهروا سيف الإرهاب الفكري، في وجه من يتبنى رأيًا معارضًا، أو ينتقد قصورا أو فسادا في هذه المرحلة، بتهمة جاهزة تصمه بأنه كاره لجيش بلاه ويريد هدمه!!
وكالعادة يتصرف هؤلاء الطبالون بنفس منطق الدبة التي قتلت صاحبها.. فهم لا ينتبهون إلى أن هذا الاتهام يكشف أنهم ـ من داخلهم ـ يعتقدون أن الجيش هو الذي يحكم البلاد فعليا، ويكرس في وجدان الجميع في الداخل والخارج هذا الاعتقاد، وهو ما يصب في خانة من يرددون تهمة الانقلاب العسكري، ويقوي من حججهم!
وتكشف المشاهد الجارية ، كل يوم، أن هؤلاء الطبالين يعملون ـ في الواقع ـ ضد مصلحة وسمعة ومكانة جيشنا العظيم، ويسيئون إليه، ولا أستبعد ان يكون بعضهم عامدًا! فما أن تم الإعلان عن جهاز قيل أنه "يعالج" مرضى الإيدز وفايرس سي "في أيام"!!، حتى انطلقت الأبواق والطبول من أشخاص لا علاقة لهم بالعلم ولا بالطب؛ في حين لم يصدر عن أي مؤسسة طبية أو كليات الطب، أو أي مؤسس علمية تحترم مصاقيتها أي رد فعل لا سلبا ولا إيجابا! ولما كنت من أبعد الناس عن فهم العلوم الطبيعية ـ مثلي في ذلك مثل كثيرين لم يتورعوا عن التهليل والإدلاء بدلوهم، كما لو كانوا قد أجروا بأنفسهم التجارب على الجهاز وتأكدوا من فعاليته ـ فقد اخترت أن أنتظر الكلمة الفاصلة من مؤسسات علمية ذات مصداقية؛ فاختراع من هذا النوع ـ إن صح ماقيل عنه ـ سوف يمثل ثورة علمية هائلة تنتظرها البشرية جمعاء، وينقل أساليب العلاج نقلة نوعية تعطي املا في الحياة لملايين من المرضى وذويهم.. ولا شك أن اختراع هذا العلاج على أيدي مصرية، تستحق نوبل عل أقل تقدير، يعني فخرا نتمناه جميعا ليعيد لنا أمجاد أم الدنيا وأفضالها على الدنيا!
وعلى الرغم من انتقادات كثير من المختصين استبعد بعضهم جدية الاختراع أصلا، ورأى آخرون أنه ـ في أحسن الأحوال ـ مازال قيد البحث ومازال أمامه المزيد من التجارب للتأكد، وإن إعلانه بهذه الطريقة لا يليق بكشف علمي له أهميته، خاصة وأن هناك تقاليد وإجراءات متعارف عليها للإعلان اختراع بهذا الحجم! غير أن المهللين، ومعظمهم أصلا غير متخصصين، سرعان ما انهالوا سبابا واتهاما على المشككين ـ حتى لو كانوا متخصصين ـ بل، وعلى أمثالنا من ارتأوا الانتظار حتى تثبت صحة الاختراع، ووقتها يكون للاحتفال معنى ! واعتبروا ان مجرد التأني والتريث، وعدم المشاركة في هوجة التهليل بلا فهم، يعني كراهية الجيش وعدم تمني الخير للوطن!
وهنا يكمن الخطر!، فقد تبين بعد ذلك أن مخترع الجهاز ليس طبيبا وإنما كيميائيا عرف عنه العلاج بالأعشاب، كما تبين أنه ليس له علاقة بالعسكرية أصلا ، سوى أنه حاصل على رتبة شرفية! وهو ما يدعم حجة أمثالنا ممن طالبوا بتخفيض نغمة التهليل قليلا حتى يتبين الخطي الأبيض من الأسود، حرصا على سمعة جيشنا ومصداقيته! ويؤكد أن حرص هؤلاء المهللين ـ بلا فهم ولا تخصص ـ على سمعة الجيش، ليس فوق مستوى الشبهات!
أضف إلى ذلك الإفراط في الظهور الإعلامي لقيادات عسكرية، الأمر الذي أتمنى أن يتم تداركه حفاظا على هيبة جيشنا.. فربما كان القائد العسكري حجة في تخصصه، ومقاتلا لا يشق له غبار في ساحة الوغى أو قامة لا تطاول في العلوم العسكرية؛ لكنه غيرمتخصص في مخاطبة الجماهير!! ومع إصرار المهللين على اسباغ القداسة على أي فرد يرتدي الزي العسكري، صار من الجائز أن ينسب تعبير غير موفق إلى المؤسسة بكاملها..ومازلنا نتذكر الضجة التي أحدثها تصريح قاض عسكري بأن العامل في "بنزينة" تابعة للجيش يماثل الجندي فوق دبابته، ومن ثم فمن يختلف مع عامل في "بنزينة" تابعة للجيش سوف يقدم لمحاكمة عسكرية!
ومنذ أيام، صرح لواء عسكري في مقابلة تليفزيونية أن لدينا ما يثبت ملكيتنا لثلث أثيوبيا، وإننا يمكن أن نرفع دعوى لاستعادتها! وهو كلام لا يختلف في تأثيره عن الاجتماع السري الشهير لمناقشة سد النهضة في عهد مرسي، لن يجلب علينا سوى السخرية! ولا يليق أن ينسب هذا الكلام للمؤسسة العسكرية، حتى لو كان ما يقوله سيادة اللواء من باب "التهويش"، فهذا ليس تخصصه، وكان يكفي أن يسند هذا الكلام لأشخاص، يجيدون القيام بهذه المهمة، وما أكثرهم في وسائل إعلامنا! لكن أن يصدر عن لواء في الجيش فهذا ما لا ينبغي له، ولا ينبغي أن ينبري "المبرراتية" لتبريره .. ففي هذه الحالة على الجميع أن يلتزم الصمت أملا في أن يمر الكلام مرور الكرام.. ولكن للأسف لدينا كثيرون ممن يعانون إفراط في إفرازات غدتي التبريروالنفاق. وهم ـ بنفس منطق الدبة ـ يكرسون الفكرة وينشرونها عبر تبريرها والدفاع عنها، بدلا من تجاهلها.
ولعل أخطر ما يفعله هؤلاء، أنهم يقلبون الحقائق رأسا إلى عقب.. فقد صاروا ينسبون جيشنا إلى أشخاص!! مثلما كانوا يقولون من قبل "مصر مبارك"!! وبحت أصواتنا ونحن نقول إن الوطن لا ينسب لأشخاص، وإنما ينسب إليه مواطنيه!! وكذلك المؤسسة العسكرية المصرية، بما لها من مكانة عظيمة وتاريخ عريق، لا يمكن نسبتها لأفراد، بحيث إذا ثبت على هؤلاء الأفراد خطأ أو فساد ينسب للجيش كله!! وإلا كانت خطايا الانفتاح والفساد في عصر السادات تنسب ـ لا سمح الله ـ لجيشنا باعتبار السادات قائده الأعلى، وكانت خطايا النهب واستغلال النفوذ من عصابة مبارك تنسب لجيشنا، باعتبار المخلوع "صاحب الضربة الجوية".. ولا شك أن اعتبار أي نقد يوجه لفرد من أفراد القوات المسلحة إهانة للقوات المسلحة بأكملها، جريمة أخشى أن ندفع ثمنها جميعا، لأنها تقلل من شأن المؤسسة العسكرية وتجعل سمعتها ومكانتها مرهونة بأفراد منها!! فماذا، لو ـ لا قدر الله ـ اتضح في نهاية المطاف أن سيادة اللواء الذي أعلن عن اختراع الجهاز العلاجي تسرع في إعلانه، وإنه كان يتعين عليه أن يتأنى حتى تظهر نتائج التجارب والاختبارات على النحو المعتاد في هذه الأمور؟ وماذا لو تسببت تصريحات السيد اللواء عن اثيوبيا ـ التي تعتمد على وثائق تاريخية ـ في ارتفاع أصوات تطالب بعودة السيطرة المصرية على الأراضي التي كانت تحت حكم رمسيس الثاني، أو المطالبة باسترداد الأندلس؟
أرجوكم، ابعدوا هذيانكم عن جيشنا ـ فالناقد لأخطاء أفراده، يكون غالبا أكثر حرصا على كرامة الجيش من المهللين ـ واتركوا لنا آخر مؤسسة عشنا نحترمها، رغم جرائم أفراد انتسبوا إليها، وهي لا تنتسب إلى أفراد وإنما يشرف بالانتساب إليها كل مصري.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جيش الانقلاب المهزوم وشر أجناد الأرض
عبد الله اغونان ( 2014 / 3 / 3 - 14:12 )

جيش مصر قائم على الانقلاب وفي خدمة الطغاة وعدو الديمقراطية والثورة
وقاتل متميز ومجرم حرب كما نعرف في اعتصام رابعة والنهضة وغيرها
واخر سقطاته

تقديم الجنرال كفتة مخترع علاج السيدا والكبد والسرطان
كم ذا بمصر من المضحكات --- ولكنه ضحك كالبكا

اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال