الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الاحوال الشخصية الجعفري.. هجمة جديدة لاسلمة المجتمع في العراق

نادية محمود

2014 / 3 / 3
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014


مشروع اصدار قانون الاحوال الشخصية الجعفري في العراق، هو مشروع سياسي للاحزاب الشيعية في العراق تتخذ من "الشيعة" و"الفقه الجعفري" ايديولوجية لها لاسلمة المجتمع و بشكل فوقي، و من الطبقة الحاكمة، و بقرار سياسي، مشروع لتأسيس دولة طائفية شيعية- جعفرية في العراق. ان التوجه نحو اصدار "قانون احوال شخصية" يستند على" الفقه الجعفري" هو خطوة على هذا الطريق، هو تحرك من جملة تحركات سياسية تستهدف تثبيت "ايديولوجية" طائفية، مستندة على هذا الفقه.

هذا القانون لم يطالب به اي شخص " شيعي" لم يسال عنه احد، و لم يبحث عنه احد، و لم يستنجد به احدا لتنظيم حياته الاجتماعية، و لم يفكر به اي احد و لم يكن اي احد بحاجة اليه، الا الاحزاب الشيعية، فقد نبشت عنه، و اخرجته من براثن التاريخ لطرحة كنظام لتنظيم المجتمع.

مشروع الاسلمة لم يبدأ اليوم، لقد بدأته الفرق السياسية الشيعية منذ هاجمت ميلشياتها طلبة جامعة البصرة اثناء سفرتهم الجامعية في ايار عام 2003، و التي تظاهرت على اثرها عشرات الاسر في المدينة محتجة على هذه الهمجية التي تلك العصابات الميشلياتية. عملية الاسلمة و "التشييع" عبرت عن نفسها مرة اخرى بمشروع قانون 137 الذي طرحه الاسلاميون الشيعة من جديد في نهاية عام 2004، ولم يمرر هذا القانون. و تواصلت المساعي لاقرار الدستور العراقي الذي جاء لينجز ما اراده ذلك القانون، اي فرض القوانين الاسلامية في المجتمع. ان " الجعفرية" هو "هوية" يراد فرضها على المجتمع المتمدن في العراق،انه خطاب ديني- اسلامي، طائفي ، شيعي و جعفري تحديدا، وسياسي بامتياز. "الفقه الجعفري" هو الخطاب والايديولوجية الجديدة التي تتبناها القوى الشيعية بعد انهيار المشروع القومي العربي في العراق.

مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري مشروع سياسي صرف. يهدف في المطاف الاول و الاخير الى تاسيس دولة طائفية شيعية في العراق. انه ليس مجرد قانون" لتنظيم الاحوال الشخصية"، انه محاولة لاعطاء هوية سياسية لدولة ما بعد 2003 في العراق.

انه تعبير عن توجه سياسي محدد لحركة سياسية تريد ترسيخ مكانتها و وجودها و حكمها مستعينة بالفقة الجعفري كايدلوجية لهذه الدولة الجديدة بتشريعها لقوانين كتبت قبل 14 قرن. ان القوى الشيعية في العراق تعلمت دروسا من الحركة السياسية الشيعية في ايران التي فرضت الاسلمة على المجتمع في ايران و بشكل" ثوري"، بتبنيها لسياسة الاسلمة بشكل تدريجي، ويومي و متواصل، و كلما تسنى لهم ذلك ، و بالطبخ على نار هادئة، لاسلمة كل مسامة جديدة من حياة المجتمع، و قانون الاحوال الشخصية الجعفري الا خطوة على هذا المسار، انه يستهدف في المطاف الاخير لتثبيت اركان الدولة الشيعية – الجعفرية، تحكمها الاحزاب الشيعية.

في مسعاها لمنح الدولة هذا الطابع الشيعي - الجعفري، تريد فرض قوانينا سيكون لها اثار اجتماعية وخيمة على المجتمع، ان "قانون الاحوال الشخصية الجعفري"، لن يكون لمنفعة و تنظيم امور المجتمع بل لتدميره، لانه ينص على السماح بتزويج الاطفال في سن التاسعة، ومعاملة المرأة كمواطن من الدرجة الثانية،و اعطاء الهمينة للـ"ذكور" ضد الاناث، قانون يدعو الى التفرقة و التمييز بين البشر على اساس الجنس و على اساس الانحدار الديني. انه قانون تنظيم ارتكاب الجريمة. قانون تخويل بارتكاب جرائم ضد الاطفال، و منح صلاحية اغتصاب، انه قانون لتدمير انسانية و ادمية المجتمع.

أن اصدار اي قانون يسمح بان تتزوج الفتيات القصر هو امر غير مقبول،و لا يقبله الحس الانساني البشري العادي و السليم، انه قانون غير مقبول، غير سوي، شاذ و غير طبيعي. الاسر "الشيعية" هي اسر هذا اليوم، هذا العصر، قد يحبون اهل البيت و يزورون عتباتهم المقدسة، و ينذرون لهم النذور، و يبكون على رموزهم، لكنهم لا يقبلون نمط حياة القرن السابع الميلادي، لا يقبلوا بتزويج بناتهم و هن في سن التاسعة، لان هذا الذائقة عافت عليها النفس البشرية، ومنذ قرون. جعله امر ممكن، عبر القانون، هو وسيلة الاحزاب الشيعية لاعادة تنظيم المجتمع و تثبيت النظام الشيعي في المجتمع، له امر سياسي،و برنامج مخطط و مدروس، و له اهداف ابعد من " قانون للاحوال الشخصية".

الطبقة السياسية للشيعة لم تقدم برنامج اقتصادي لحل القضايا الماسكة بخناق المجتمع من بطالة و فقر في "دولتها"، ان هذا ليس موضوعها، و لا تمتلك اساسا حل له. ان موضوعها هو ادامة حكمها، تثبيت اركان هذه الدولة. و ليس من افضل وسيلة لادامة الحكم ، الا بفرض هوية و قوانين طائفية على المجتمع في العراق، حتى وان كانت تؤدي الى دمار المجتمع.

هذا القانون هو ممر الى تأسيس " الدولة الشيعية"، تأسيس دولة طائفية في العراق،انه يشكل قلبا و قالبا هجمة سياسية للطبقة السياسية الحاكمة ضد القيم المدنية في المجتمع، وتوجه ضربة لمدنية المجتمع. المجتمع المتمدن و الحركة المدنية في العراق لا تقبل بارتكاب جرائم بحق الاطفال، و لا تقبل بزواج المتعة،و لا بتعدد الزوجات، و لا بوصاية الرجل على المرأة، و لا بدونية المرأة، و لا تقبل بدولة طائفية، و لا بدولة شيعية، و لا بقوانين " جعفرية".
انها حركة تناضل من اجل مجتمع مدني، مجتمع يحترم حقوق الاطفال، و صيانة حرمة اجسادهم، اولادا و بنات، مجتمع مدني يناضل من اجل المساواة التامة و غير المشروطة. ان "قانون الاحوال الشخصية الجعفري" هو قانون ضد تيار المجتمع المدني في العراق الذي يتطلع الى حياة فيها حرية و مساواة بين البشر..

ان حماية المجتمع، باطفاله و نساءه و رجاله، مرهون بالوقوف ضد ألطبقة السياسية الشيعية الحاكمة و استراتيجيتها باسلمة المجتمع في العراق، و مشاريعها لـ"طيفنة" و "جعفرة" الدولة في العراق. باعادة الدين مرة واحدة والى الابد الى مجاله الخاص والفردي، اعتباره امرا شخصيا. ان المجتمع في العراق يريد دولة مدنية لا "دولة جعفرية."

و اي قانون احوال شخصية يسن، يجب ان يقر بدون اي قيد او شرط، و بدون اي تلاعب باحترام حقوق الطفل و حرمة جسدة و حمايته من كل ما يمكن ان يمس به، و تحت اية ذريعة كانت. حقوق الاطفال غير القابلة للمساومة عليها لمصالح طبقات سياسية. المجتمع في العراق بحاجة الى قانون ينص جملة و تفصيلا على المساواة بين البشر، على المساواة بين المرأة و الرجل، و احترام حقوق الطفل اولا.

قانون الاحوال الشخصية الجعفري قانون معادي للاطفال وللمرأة و للانسان. قانون يهدف الى اسلمة المجتمع و اقامة دولة طائفية. لذلك فانه قانون مرفوض جملة و تفصيلا.

السبيل الوحيد امامنا هو توحيد كل قوانا لمنع اقراره و فضح كل من يدافع عنه باعتباره قانون يبدأ بالتصريح بارتكاب جرائم ضد الاطفال، و ينتهي بتثبيت اركان دولة دينية- طائفية.

يجب الوقوف و منع " قانون الاحوال الشخصية الجعفري" من ان يمرر.

3- اذار- 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجريمة المُبيّتة
عدنان فارس ( 2014 / 3 / 3 - 20:15 )
مشروع قانون الأحوال الشخصية (الجعفري) هو تصريح واضح عن نية مُبيّتة لإرتكاب جريمة، تاريخية، بحق الانسانية والمجتمع في العراق (الجديد!).... وأعتقد أن أبواب المحاكم الدولية وخاصة (محكمة الجنايات الدولية) مفتوحة لتلقّي شكاوى العراقيات والعراقيين ضد نوايا الإجرام الاجتماعي التي ينطوي عليها مشروع قانون كهذا!


2 - تحياتى لك الفاضله ناديه محمود مع احترامى لك
على عجيل منهل ( 2014 / 3 / 4 - 19:43 )
ان الدستور نص على ان العراقيون احرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم و مذاهبهم او اختياراتهم وفق القانون


3 - قانون يفرق
على عجيل منهل ( 2014 / 3 / 4 - 19:45 )
الخطوة هذه لن يكتب لها النجاح بالنظر لحاجة البلد الى قوانين توحد الشعب بدلا من تفريقهم على قوانين تتناسب مع المذاهب ، ومثل هذه الخطوة تعطي دافع لطرح مشاريع قوانين للحنفية وأخرى للشافعية ومثلها للمالكية والحنبلية وربما الزيدية -


4 - القانون الجعفرى
على عجيل منهل ( 2014 / 3 / 4 - 20:05 )
التشريع المقترح يغذي الطائفية؛ ويميز بين العراقيين على أساس الطوائف، و يخرق حقوق المرأة والطفل إذ يخفض سن الزواج من 18 عاما للذكور والإناث حسب قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم-188- لسنة 1959، إلى سن تسعة أعوام للإناث و15 للذكور.

اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا