الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقطع / بلاد من دخان

سعدي عباس العبد

2014 / 3 / 3
الادب والفن



**مرّ رجل مجنون على عينيّ الكاكا ..اْو كتلة من اْلفقر ترفل باْلحرمان ،كتلة مشّوهة من العوز تمشي بقدمين حافيتين قال : بكم تصبغ الحذاء ، لم يقل الكاكا شيئا ..مكث يتفرس المجنون ،فاْستدار الاْخير ..اْستدار الى الجهات كلّها ! ثم اْطلق شلالا صاخبا من الشتائم كلها تصب في مجرى اْلحكومة ..فتبخر البشر من حوله ...فبقيت آلامه تتدفق على هيئة شتائم وبكاء ملك عليه حواسه ..لم يعباْ لما يحدث ..كان مستغرقا في إزاحة اْكوام من الهذيان والعذابات ..في فتح اْبواب مغلقة بوجه المسّرات ..ظل مستغرقا في شتائمه لا يتزحزح ..كاْنه يصدّع جدران الفقر اْو يشق طريقا سالكا للمسّرات ..طريقا اغلقت منافذه حواجز من اْزمنة اْلخوف والقحط ، كانت الشتائم تتصاعد متلاحقة في فضاء الشارع ،كاْنه يخاطب جيوشا من المعوزين المسلحين بالفاقه والمرض ..وكلما اْزدادت شتائمه ضراوة تناقصت الاْعداد اْلمسلحة بالفقر ..ثم فجاْة وثب في الهواء وثبات متتالية ..وطفق يضغط على زناد بندقية وهمية مصنوعة من الهواء ..واْخرج من فمه اصوات تماثل دوي الرصاص ..رصاص من اللعاب والرذاذ راح يرشق به وجه الكاكا ..يخطو ناحيته كاْنه يعبر ارض ملغومة ..ورغو لزج يسيل على زاويتيّ فمه ،كان ينفخ فمه في الهواء ويتدفق الرصاص الوهمي يخرج مع سيل دبق من اللعاب ويتلاشى في ابواق السيارات قبل ان يمتزج بلغط المارة ..قبل ان يبلغ دوي الرصاص ذروته .اْطلّ اسكندر بقامته المديده يتدلى من احد كتفيه كيس محشو بالكتب والمجلات ..رمى الكيس من على كتفه وهو يتملى المجنون الذي راح يتوغل في الجانب الاْخر ..وهو يقول :كلنا سينال منا الجنون ونغدو خطباء مثله في الشوارع اذا ما استمرت الحال قال الكاكا بل ستزداد قسوة .....فنحن نموت ميتات عديدة في اليوم ...واضاف :ياْتي الموت متى شاء ياْتي رغم كل شيء ..قال الكاكا بنبرة حزينة ،: كان اْبي قبل ان يلقي حتفه فيما يسمى بالاْنفال ..قبل ان تفيض روحه السمحه ..قبل حلول الطاغية لايشكو من الحياة ..لم اْر ملامح الياْس تطبع سحنته كانت الاْبتسامة باستمرار تعلو شفتيه كما لم اسمع اْمّي هي الاْخرى واذا ما حدث ذلك فلا احد يعرف ..كانت تفعل ذلك في داخلها لم اْرها تبكي واذا حدث ذلك فبصمت ..ولكني لم اْر في عينيها نظرة تشي بالحزن او الدموع ..كانت تشيع في ارجاء البيت جوا او مسحة من الاْلفة المشوبة بالطماْنينة رغم اننا لانملك سوى ما يقيم اْودنا خبز يومنا كنا لانطلب سوى ما يسد رمقنا ..كانت تصرف اغلب ساعات النهار في الحقل تنفقها مع اْبي وعندما تعود لا تجد وقتا لاْلتقاط انفاسها فتذهب من فورها لتتفقد بقرتها ..كنت اْراها مشغولة ..دائما مشغولة ورغم ذلك لم اسمعها تشكو كانت تخيّم على روحها ظلال طماْنينة عجيبة تلف كامل روحها المتفجرة ينابيعهابفيض من الحنان والرضا والمحبة ..تتفقدنا في كل حين حتى ونحن جوارها ..تحت عباءتها .. في ظلوعها / مقطع من روايتي المخطوطة/ بلاد من دخان /2








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر