الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع التفجيرات فى بيروت

مجدى خليل

2014 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



بعد سقوط زين العابدين بن على فى تونس وحسنى مبارك فى مصر كنا نظن أن المنطقة العربية كسرت موضوع "الإستثناء العربى" العاصى على الديموقراطية ودشنت الموجة الخامسة من الديموقراطية لتنضم إلى الموجات الأربعة التى غطت معظم اركان الكرة الأرضية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولكن اتضح بعد ذلك أن ذلك الربيع تحول إلى كابوس بفعل القوى المعادية للديموقراطية والتى تعشش فى المنطقة منذ قرون ،حدث ذلك رغم تضحيات ابناءها وطوق الكثيرين لكى يلحقوا بقطار الديموقراطية المتأخر كثيرا عن العالم حتى ولو كان ذلك فى موجته الخامسة.تحول الربيع بفعل هذه القوى الشريرة إلى ربيع الخراب والدمار فى سوريا،وربيع الفوضى فى مصر،وربيع الإرهابيين فى ليبيا،وربيع التقسيم فى اليمن،وربيع النهضة المسموم فى تونس،وربيع التفجيرات فى بيروت، وربيع التناحر الطائفي فى العراق، وربيع صراع الإسلاميين فى تركيا،وربيع النهاية للقضية الفلسطينية، وربيع الإضطهاد لمسيحى الشرق الأوسط، وربيع الفرجة فى إسرائيل على العرب الأغبياء.
فى هذا المقال نتناول أحد جوانب هذا الكابوس وهى التفجيرات المتلاحقة فى لبنان بوتيرة متسارعة وخاصة فى العام الأخير.
فى تقديرى أن هناك أسبابا كثيرة لتسارع هذه التفجيرات فى لبنان ومن اهمها:
اولا:رغبة القوى السنية بقيادة السعودية فى تكوين مليشيا مسلحة سنية فى لبنان تواجه وتعادل مليشيا حزب الله الشيعى،لكى تكون جاهزة فى أى وقت للدخول طرفا فى المعادلة السنية الشيعية هناك وأيضا للتدخل فى حالة أى مواجهة سعودية إيرانية من أى نوع.
ثانيا: أمتداد الحرب السعودية الإيرانية بالوكالة لتشمل الملف السورى بعد أن كانت مقتصرة على الملف اللبنانى،والمعروف أن هناك تنافسا سعوديا إيرانيا فى لبنان منذ عقود،فالسعودية تعتبر نفسها راعية السنة هناك خاصة وأن الزعيم السنى الراحل رفيق الحريرى وابناءه يحملون الجنسية السعودية،فى حين أن إيران هى الراعى الرسمى للشيعة ولحزب الله تمويلا وتدريبا وتسليحا وتوجيها.
ثالثا:فرض سياسة العين بالعين والسن بالسن،فتفجير فى الشمال يعقبه تفجير فى الجنوب وهكذا دواليك، وبعد أن كانت سوريا وحلفاءها فى لبنان هم المسئولين الرئيسيين عن التفجيرات التى طالت شخصيات لبنانية مسيحية وسنية بارزة،أدى ظهور المليشيات السنية إلى فرض سياسة العين بالعين والسن بالسن،كما أن شبه الإنهيار الذى يعانى منه نظام الاسد حاليا أدى إلى قدرة المليشيات السنية أن تدخل طرفا فاعلا فى لعبة التفجيرات.
رابعا:أنتقال اليد العليا لملف المعارضة السورية من يد قطر ليد السعودية وهذا جعل الإستهداف يصل إلى حزب الله وإيران،فقطر لم تكن تريد استهداف حزب الله وإيران نظرا لعلاقتها الجيدة بهما،ولكن السعودية ازاحت قطر بشكل كبير عن قيادة المعارضة السورية المسلحة وخاصة الإسلامية منها،والسعودية تحمل عداوة وكراهية شدية لإيران مما جعل استهدافها شيئا طبيعيا متوقعا، خاصة وأن إيران والسعودية يتقاتلان بشكل غير مباشر على الاراضى السورية.
خامسا: دخول حزب الله مساندا لنظام الأسد جعل السنة يحشدون المقاتلين الإسلاميين فى سوريا من جميع انحاء العالم على اساس أنها حربا مذهبية،والدولة صاحبة الخبرة والقيادة فى حشد الجهاديين هى السعودية،وطالما أن حزب الله دخل طرفا فى الحرب فكان من الطبيعى لهذه المليشيات أن تستهدفه وتستهدف إيران فى مواقعها فى لبنان.
سادسا:أحد الكتائب المليشياوية التى تستهدف حزب الله والشيعة وإيران فى لبنان هى كتائب عبد الله عزام،وهذا الأسم ليس غريبا عن السعودية وعن الجهاديين عموما، فعبد الله عزام الفلسطينى الاخوانى هو صنيعة السعودية فى أفغانستان وهو أستاذ بن لادن،وهو الآب الروحى للحركة الجهادية فى أفغانستان التى تحولت إلى تنظيم القاعدة فيما بعد،والسعودية كانت شريكا أساسيا فى خلق هذه الحركة الجهادية فى أفغانستان،وتسمية المليشيات السنية فى لبنان بهذا الأسم لها مغزى واضح وهو أننا سننقل المشهد الأفغانى إلى سوريا ولبنان من ناحية وأن السعودية وراء ذلك من ناحية أخرى،ولهذا لم يكن مستغربا أن يكون قائد كتائب عبد الله عزام فى لبنان ماجد الماجد هو سعودى الجنسية ،وقد قتل مؤخرا فى المواجهات مع الجيش اللبنانى.
سابعا:تخلى أمريكا وإسرائيل عن المواجهة العسكرية مع إيران جعل السعودية،كما قال الكاتب السعودى جمال خاشوقجى،أن قدرها أن تحارب إيران وحدها،ومن المعروف أن السعودية حاولت كثيرا أن تدفع بالحرب الإيرانية الأمريكية ولكنها فشلت فى ذلك،ومن ثم بدأت تتولى هى بطرق مختلفة مواجهة إيران ومنها الوقوف وراء التفجيرات التى تحدث فى المنطقة الجنوبية من لبنان.
ثامنا:الصراع الداخلى اللبنانى هو أيضا جزء من صراع أوسع بين الاحلاف المتناحرة فى الشرق الأوسط، الحلف الشيعى بقيادة إيران والحلف السنى المحافظ بقيادة السعودية، والحلف الاخوانى بقيادة تركيا،ولبنان منطقة ضعيفة ومخترقة من قوى الاحلاف الثلاثة.
تاسعا: يجئ الصراع السنى الشيعى كجزء من نتائج ما تسمى بالصحوة الإسلامية التى رعتها السعودية وإيران وباكستان والسودان ومصر،فالخومينى من ناحية وفيصل بن عبد العزيز والسادات وجعفر نميرى وضياء الحق من ناحية أخرى، كل كتلة كانت تتنافس فى قيادة هذه الصحوة وخلق ظاهرة الإرهاب الإسلامى عالميا،وكان من نتائج هذه الصحوة هو
إحياء الأنتماء الدينى والمذهبى وتسيده على الأنتماء الوطنى. اليوم يتقاتل اللبنانيون الشيعة والسنة على أراضى سوريا ولبنان معا،وقد طرح كل منهما انتماءه الوطنى بعيدا لصالح الأنتماء المذهبى.
عاشرا: لا ننسى ايضا أن هذه التفجيرات فى لبنان هى جزء من صراع الإسلاميين المؤدلجين مذهبيا ،وهذه هى سمة التاريخ الإسلامى كله.
واخيرا: يصر اللبنانيون ،بضغوط سورية وبضغوط من حلفاءها فى لبنان ، على ربط المفاوضات مع إسرائيل بأن يكون الملف السورى واللبنانى ملفا واحدا،وهذا عطل إبرام معاهدة سلام لبنانية إسرائيلية كما حدث مع مصر والاردن،وهذا أيضا جعل لبنان مرهونا بالعلاقات الإسرائلية السورية والعلاقات الإيرانية الإسرائيلية والإيرانية الأمريكية،وهذا الربط المصطنع مع سوريا جعل اللبنانيون يفقدون قطار السلام ويلحقون بقطار الإرهاب الذى اغرق سوريا حاليا.
ربيع التفجيرات فى بيروت هو إذن انعكاس للوكسة التى اصابت ما يسمى بالربيع العربى فى مجمله،حيث أن بيروت هى الترمومتر الذى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا