الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لؤلؤة فقراء الربيع العربي

خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)

2014 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


نشر جان ستانبك أو جون شتانبك (1902-1968) رواية اللؤلوة في عام 1947 وهي عبارة عن رواية قصيرة حملت معها الكثير من افكاره وفلسفته في الحياة. هي تتحدث عن عائلة مكسكية تعيش في بلدة صغيرة اسمها لاباز. كتبها تحت ضغط متأثراً بتحليلات وفلسفة عالم النفس كارل جنك (يونك) في الطمع البشري وانغماسه في القشور المادية للحياة.
أتذكر أني قرأت له أول رواية ، كانت مراعي السماء، فقد استحوذت علي بوصفها الخلاب الذي يجسد الطبيعة والبشر بطريقة جذابة فاتنة. لكن كانت وبلا ادنى شك رواية (عناقيد الغضب) أول عمل أخذ شكل التحدي ضد الجشع الامريكي الذي تجسد في سياسة البنوك كونها شكل مختزل عن النظام الأمريكي السياسي والاقتصادي. ورواية اللؤلؤة عميقة في طرحها إلى درجة أنها اثرت بارنست همنغوي فكتب (الشيخ والبحر) أو العجوز والبحر. لكن ستاينبك معلم بلا منازع في فهم الذات البشرية في ضعفها وانكسارها أمام الحاجات الآنية التي تحطم إنسانيتها. طريقة الوصف للبيئة ضمن سياق العمل مع وصف دقيق للحيوانات والبشر تشبه طريقة مكسيم غوركي خاصة في عمله (طفولتي).
على اية حال، تبدأ الرواية بشاب فقير من الهنود الحمر يجد لؤلؤة كبيرة في البحر. فتتغير حياته رأساً على عقب. وتتغير نفسه من انسان قنوع بما لدية إلى انسان طماع ضمن مجتمع أكثر طمعاً. مجتمع النفاق هذا فيه سيد وفيه عبيد. السيد يأخذ شكل العلاقة بين المحتل او المستعمر وبين ابن البلد الاصلي الذي يجد نفسه فجأة ضمن واقع أشبه بالسجن. الدكتور في الرواية يمثل هذا السيد المنافق الذي يطرد كينو عندما يأتي ليداوي طفله من لسعة العقرب لسبب فقره وفي المساء يأتي إليه بعد علمه بان كينو قد وجد اللؤلؤة. لكن بسببها يتحول كينو إلى قاتل بحق الآخرين وبحق ذاته عندما يقتل طفله بالغلط. ومثّل التجار المتحالفين والتابعين لتاجر واحد الواقع المؤسسة السياسية والاقتصادية لأمركا اللاتينية التي مهما حاولت أن تغير من واقعها لكن هناك واقع فرضته عليها دول الجوار لاتستطيع الفكاك منه. يذهب كينو ليبيع اللؤلؤة فيدفعون له واحد بالمئة من ثمنها الحقيقي. وعندما يحاول أن يتمرد عليهم يحترق بيته وتتدمر حياته ويصبح مجرم خارج عن القانون. واقع مرعب.
في النهاية يرمي اللؤلؤة في البحر لأنها مثلت الشكل الشيطاني بالنسبة له. لأن واقعه غير مؤهل كي يصبح غني. فالأحلام شيء والواقع شيء آخر. والحقيقة تقول أن اللؤلؤة مجرد متاع أو سلعة يمكن أن تكون فرج بالنسبة للبعض أو أن تكون شيطان تدمر كل شيء.
والآن إذا حاولنا أن نشبه الثورات العربية بهذه الؤلؤة، والواقع السياسي المفروض. فنرى أن هذه الثورات قد تتحول بالمؤسسة السياسية القديمة المتأصلة عندنا نحن العرب إلى شيطان يدمر كل ماحوله. لأن الثورات إذا لم تغير واقع مؤسساتي متعفن ستجد نفسها مرة أخرى ضمن قالب استبدادي بوجه جديد. وهذا ماحدث في مصر. يذهب المخلوع من الباب ليعود بعد فترة وجيزة من النافذة لأن المؤسسة التي رعت الاستبداد مازالت قائمة. فلا يغير الله مابقوم، حتى يغيروا مابأنفسهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انعكاسات مقتل رئيسي على السياسة الخارجية لإيران |#غرفة_الأخب


.. تحقيق للجزيرة يكشف مزيد من التفاصيل حول جرائم ميدانية نفذت ب




.. منير شفيق: وفاة رئيسي لن تؤثر على سياسة إيران الخارجية والدا


.. كتائب القسام تطلق صاروخا طراز -سام-7- تجاه مروحية إسرائيلية




.. خامنئي يكلف محمد مخبر بمهام إبراهيم رئيسي وتعيين علي باقري ك