الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سوريا إلى أوكرانيا

طيب تيزيني

2014 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لقد سقط القناع الذي ترتديه الدبلوماسية الروسية، فها هنا تواجه كل شيء عدا الكرامة الإنسانية ومنظومة حقوق الإنسان، فسوريا التي تعيش منذ ثلاث سنوات تحت قبضة السلاح الروسي تدرك تماماً أن هذا السلاح سيصدأ في خزائن تجار الحروب، لأنه يستمد وظيفته من هؤلاء التجار. وها نحن الآن مع بروز صراع أوكرانيا ضد طغمة المخدرات والسلاح، نكون قد وضعنا يدنا على فساد مزاعم هذه الطغمة بأنها مكمن الحق والحقيقة حين تعلن سيادتها على الشعب الأوكراني. وبالضبط تكمن صدقية ما أعلنته السعودية في قولها بأن روسيا تتخذ موقفاً فاسداً وظالماً وخاطئاً حيال سوريا. وكثير من الفضل في فهم ذلك ونشره في بلدان العالم يأتي مما يستنبطه الرأي العام الدولي من الموقف الروسي الفاحش حيال أوكرانيا الآن. ما الخطأ والخطر اللذان ترتكبهما جمهورية أوكرانيا، حين تطالب باستقلالها عن روسيا، وحين تلجأ إلى تحقيق ذلك على أرض الواقع؟ والدلالة التي نستخلصها من ذلك حيال الوجه الراهن الآخر الذي نواجهه على الصعيد السوري، تبرز في الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة التي تستخدم في الحرب الظالمة ضد الشعب السوري، ويتحدر الكثير منها من روسيا ومن مواقفها الدبلوماسية والسياسية الطائشة والاستفزازية والخاطئة، إضافة إلى ما يمكن اعتباره وقاحة سليطة بحث من يمتلك حداً من العقلانية والكرامة والحكمة. لقد لاحظنا في كتابات سابقة كيف يستخدم الدبلوماسيون الروس مواقعهم في المنظمة الدولية، دون التبصر والتفكر فيما يجيبون عنه ويفكرون فيه بلؤم وتشفّ وروح ثأرية فاحشة. هم يرفعون أيديهم ليعلنوا رأيهم بلغة تهدف إلى النيل من كرامة المظلومين أصحاب المشكلة.

ها هناك يُصدح بكلمة واحدة هي (فيتو)، دونما إيضاح أو تلطيف أو مخاطبة ينضح ببعضها التفهم أو الاحترام.

في هذه الأيام تبرز معضلة ذلك الشعب المظلوم الأوكراني، ليلاحظ من يأتي على ذلك أن ثمة علاقة عميقة تكمن بين الشعب المظلوم هذا، الأوكراني وبين الشعب السوري، الذي كان خرج عام 1946 من صراع بينه وفرنسا، وصمم على تأسيس مشروع وطني تعددي حداثي. لم يستطع الاستمرار في ذلك، لقد سقط المشروع المذكور، وتفككت دولة الوحدة بين سوريا ومصر، وحل الانفصال بين البلدين. لكن لم تقم حروب بينهما بعد ذلك، إنما جمهورية أوكرانيا الآن وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1989. انفتح الباب أمام عودة الجمهوريات التي كانت ملتئمة في اتحاد واحد، إلى سابق عهدها. والآن وبعد تحرك أوكرانيا باتجاه الاستقلال، لماذا يأخذ الطاقم الحاكم في روسيا موقفاً عدائياً من أوكرانيا الطامحة إلى الاستقلال؟

لا شك أن علاقات واسعة كانت قد نشأت بين الدولتين سابقاً، ولكن إذا كانتا قد اتفقتا على التوحيد، فإن فسخ هذا الأخير يبقى حقاً من حقوق كل منهما. إذن، لماذا إعلان روسيا الحرب على أوكرانيا؟ ها هنا تكمن الفكرة الظالمة والقائمة على الفساد والإرهاب، وعلى سحق القانون الدولي الملزم للفريقين.

حين نهض أطفال ويافعون في درعا قبل ثلاث سنوات، ليطالبوا بـ«الإصلاح» أو «بإصلاح» يأتي في سياق مشروع وطني مفتوح، وقف من لا يستجيب لحيثيات هذا المشروع، وقد قلنا في حينه، إن جماعة تغادر بيتها في سفر إلى بلد آخر قصد العمل أو السياحة وغيره، ثم يعودون راجعين إلى بلدهم ومنزل سكنهم، ألا يلاحظون أو يشمّون أو يكتشفون أن عليهم واجباً بحكم البُعد عن بلدهم وبحكم تغير الأشياء سلباً وبسبب الإهمال بمقتضى الحال الطبيعي أن يفتحوا الأبواب والنوافذ لإدخال الهواء النظيف والإصلاحات اللازمة الخ.

لم يستوعب الروس وغيرهم ذلك، فاستوعبوا الثورة السورية مؤامرة أو جريمة، كما اعتبروا المطلب الأوكراني حالة من الخيانة أو التدمير! إن العودة إلى القوانين الناظمة للمجتمعات إذا ما غُيبت وهيمن الإجرام في الحياة العامة، لا سبيل إلى الوقوف دونما إنجاز ما يجب إنجازه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الم تمت ؟؟
سلام البصري ( 2014 / 3 / 4 - 06:28 )
والله يبدة لي اني اعيش حلما او شيئ يشبه ذلك لان النعاس لازال يسيطر على عقلي المتعب اساسا لان طيب تزيني حسب مانقلته لنا اساطير الاولين قد مات وشبع موتا والان يبعث من جديد ليكتي مقالا رائعا !!! يحي العظام وهي رميم .. ربما هو خطا مطبعي من ادارة المنتدى مثلما حدث قبل فترة عندما تم نشر مقال باسم كامل النجار


2 - سلام الى سلام البصري
عقيل ( 2014 / 3 / 4 - 11:17 )
الكثير من الناس تموت ولكن جثثها تبقى على ظهر البسيطة يا صاحبي فلا تكترث بما يكتبه عملاء دوائر المخابرات الامريكية والصهيونية العالمية وال سعود المنبطحين

اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا