الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا أطيب شعب

فوزي بن يونس بن حديد

2014 / 3 / 4
سيرة ذاتية


كان يوما فارقا في حياتي، عندما وصلت أرض السلطنة قبل أكثر من 22 سنة، كان ذلك في يوم الحادي عشر من سبتمبر، الجو حار نسبيا، والرطوبة عالية، لم أكن أدري أني في دولة أخرى غير التي ولدت فيها ونشأت، نزلت من الطائرة والفرح يملؤني أني وصلت بخير والحمد لله فهي المرة الأولى التي أسافر فيها بالطائرة، وللطائرة حكاية معي سأتركها لوقتها، استقبلني أحد المشايخ من تونس في مطار مسقط الدولي " مطار السيب الدولي"، ركبنا السيارة ونحن نسير في شوارع مسقط وهي تستقبل يومها الجديد بصبح قد أسفر، كان يوم الجمعة تحديدا، يوم بركة ونفحات جميلة وهواء عليل استنشقته وأنا أرقب الشوارع ذات اليمين وذات الشمال، قلت في نفسي هل هذه سلطنة عمان التي سمعت عنها أم أنا في حلم لم أستيقظ منه بعد.
عادت بي الذكرى قليلا إلى بلدي وعائلتي وإخواني الذين تركتهم هناك وهم لا شك الآن يتذكرونني، بقيت أحلم وأنا في اليقظة، أصارع نفسي وأحاول أن أقنعها أنني في مشهد جديد وحياة جديدة مختلفة عما ألفته من قبل، كان الأمر في البداية صعبا، وصعوبته تكمن في أنني لأول مرة أخرج فيها من بلدي وأترك فيها أهلي، فكان أشبه بصعقة كهربائية رجّت في جسمي لينتفض ويجد نفسه أمام باب ألوانه زاهية ومزركشة وبساط أحمر مفروش وقد استأذنك ضميرك للدخول والبحث عن الجديد والمفيد، كان شيخي يحدثني عن البلاد كيف هي نظيفة وهادئة ومتميزة وكم هو شعبها طيب وكريم ومتخلق، شعرت حينها بنفخة روح سرت في كامل جسدي واختصرت غربتي.
كانت البلاد مختلفة بها أجناس متعددة، ولباسهم شد انتباهي، أخذت في المشي الى الجامع فإذا بي أسمع الخطيب على المنبر ينثر كلمات دخلت قلبي تساءلت من يكون؟ تركت ذلك لحين الفراغ من الصلاة، كانت المفاجأة من العيار الثقيل، لم أكن أتصور أن التقي به بهذه السهولة، سألني شيخي عن الخطيب من يكون، قلت لا أعرف وكيف أعرف أحدا وأنا حديث العهد بالبلاد، أجاب إنه مفتي عمان الشيخ الجليل أحمد بن حمد الخليلي، كاد يغمى علي من شدة هول الموقف، رجل بهذا المنصب في البلاد يخطب على منبر ويقف أمام الناس بلا حراس، قال ستعرفه أكثر عندما تلتقيه، أَوَ ذلك سهلٌ أجبته، بعد الصلاة وقف العمانيون وغيرهم في صف طويل ليصافحوا عالما كبيرا له صيت عظيم، أذهل العالم بخلقه وتواضعه وابتسامته الجميلة على محياه، اقتربت منه وقلبي يخفق بقوة، كدت أهرب من الصف، لم أتعوّد على مصافحة مسؤول كبير، إلا أنني تماسكت وحاولت أن أخفي هلعي ووجلي وإن كان باديا على وجهي، عندما جاء دوري ورأيت من قبلي ينحني له إجلالا واحتراما، أقبلت عليه وصافحته بكلتا يدي فابتسم لي رغم أنه لا يعرفني فزاد قلبي توقيرا واحتراما لهذه الشخصية العظيمة وهي تعيش وسط شعب يحترمها أشد الاحترام.
لا أخفيكم أن تلك المصافحة منحتني الثقة، وزرعت في قلبي الأمان من أول يوم، فغصت في بحر العلاقات ومضيت أوطّن نفسي على حب العمانيين الذين بدت الطيبة على محيّاهم والكرم قد غشاهم وكأني أعيش في عصر مختلف عن العصر الذي مضيت فيه نصف عمري، أعيش بين فتية آمنوا بربهم فزادهم هدى وتقى وعلما ورفعة وخلقا، وبين مشايخ دهش الآخرون لغزارة علمهم وتفوقهم، واحتار المخالفون قبل الموافقين في تواضعهم وابتسامتهم فكانوا بحق مشعل نور يتلألأ في الأفق، عشت بين أصحابي وأحبابي فترة لا يستهان بها تعلمت منهم الكثير، أنسوني الغربة التي عادة يشعر بها كل من ترك وطنه وسافر، أحاطوني بالرعاية الكاملة والحظوة البالغة، ذكروني بعصر الصحابة رضوان الله عليهم وأنا أقرأ صحائفهم، بعد أن ذقنا مرارة الاستبداد في بلدنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا