الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقاب و بؤس تفكير زعيم حزب العمّال التونسي .

ناظم الماوي

2014 / 3 / 4
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


النقاب و بؤس تفكير زعيم حزب العمّال التونسي .
النساء نصف السماء – ماو تسى تونغ
---------------------
" على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة ، تتفق مع مصلحة الشعب. وعلى الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب ". ( ماو تسى تونغ- 1945)
--------------------------
" كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية ".
( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره " ، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005).
-------------------
مذهلة ! مذهلة جدّا ! هكذا علّق أحدهم وهو يتحدّث عن تصريحات حمه الهمّامي زعيم حزب العمّال التونسي بصدد النقاب و قد إعترت صاحب هذه النعوت علامات تعجّب كبيرة و صغيرة و شابت نبرة كلامه مسحة من الإحباط الشديد . و نظنّ أنّ هذا ما حصل بشكل أو آخر لعدد غير قليل من المناضلات و المناضلين من أجل تحرير المرأة من شتّى ألوان الإضطهاد و الإستغلال .
الشيء من مأتاه لا يستغرب !
و أوّل ما بدر إلى ذهننا حين إنتهى إلى علمنا ذلك التصريح المفاجأة هو جملة " الشيء من مأتاه لا يستغرب " . و ببساطة لم يفجئنا تصريح الهمّامي هذا بقدر ما فاجأنا توقيته فقد أتى فى بداية شهر مارس و الحرمات النسوية المناضلة و الشيوعيات و الشيوعيين عبر العالم يستعدّون حثيثا للإحتفال نضاليّا ، كلّ على طريقته وحسب إمكانيّاته ، باليوم العالمي للمرأة ، 8 مارس .
لم يصدمنا هذا التصريح لأنّ زعيم حزب العمّال التونسي قد إرتكب فظاعات سابقة فى حقّ الشيوعية التى يدّعى تبنّيها و لأنّنا صرنا من المعتادين على تقلّبات مواقف هذا الحزب الإصلاحي وعلى إنتهازيته الملازمة لخطّه الإيديولوجي و السياسي . وكيما لا يقال إنّنا نتجنّى على هذا الحزب وزعيمه و ننعتهما بالإصلاحية و الإنتهازية جزافا ، لا لشيء إلاّ لتشويههما ، فإنّنا و على عجل هنا نذكّر بواقعتين شهيرتين على سبيل المثال فقط .
أوّلا ، حلّل حمه الهمّامي فى كتيّبه " ضد الظلامية " تحليلا صائبا فى جوهره لطبيعة الإتجاه الإسلامي . النهضة حاليّا على أنّه تيّار ديني فاشي معادي لتحرّر المرأة و بعد بضعة سنوات ألفيناه يتحالف معه فى إطار " 18 أكتوبر" ليحوّله بعصاه السحرية إلى تيّار ديمقراطي يحترم حقوق المرأة ومكاسبها ويمضى معه ورقات و بذلك بثّ الأوهام حوله و بيّض وجهه و غالط من غالط من المناضلين و المناضلات و الجماهير الشعبية العريضة . و هذا التيّار الفاشي جوهريّا سرعان ما إنقلب هو الآخر على حزب العمّال و فى الإتجاه العكسي طبعا . فبعدما كان يعدّ حزب حمه الهمّامي و أشياعه أبطالا عندما كانوا يدافعون عنه و يتحالفون معه ، طفق يرشقهم عقب هروب بن علي بالكفر ، كما إنقلب على الأوراق الممضاة بينهما ليهاجم المرأة على أنّها " مكمّلة للرجل " و يهدّد بعض مكاسب المرأة التونسية – مقارنة بمثيلاتها فى الأقطار العربية – على محدوديّتها و يتّخذ مواقفا ضد التبنّى و يدفع لنقاش تعدّد الزوجات إلخ فيعيد عقارب الساعة إلى الوراء و يعبّر عن جوهره الفاشي الحقيقي و الأصيل و الذى لم يتغيّر و إنّما يطلى أحيانا بطلاء الديمقراطية و ما شابه تضليلا للجماهير .
ثانيا، موثّق بالفيديو و بالتالى بالصورة و الصوت تصريح حمه الهمّامي بشأن نداء تونس و عدم إمكانية التحالف معه . و أيضا صار معلوما إنقلابه على ذلك الموقف و عقده تحالفا معه فى إطار جبهة الإنقاذ و لا يستبعد البعض أ ينسج معه مستقبلا تحالفات إنتخابية .
و عليه و نحن نعرف حقّ المعرفة الطابع الإنتهازي اليميني الإصلاحي لهذا الحزب و قد خضنا فى خطّه الإيديولوجي و السياسي فى مناسبات سابقة كثير ة آخرها العدد الأخير من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة ! " بعنوان " بؤس اليسار الإصلاحي التونسي – حزبالعمال التونسي و الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد- نموذجا " ، لمنستغرب تصريح حمه الأخير هذا الذى جاء هو الآخر عقب تصريح قبل أسابيع يستوى معه فى الدلالة و الأهمّية و الخطورة ألا وهو التصريح الذى أعلن فيه زعيم حزب يدّعى الشيوعية أنّه مسلم . و بهذا نرصد أنّ حزب العمّال التونسي فى عدد لا بأس به من المظاهر آخذ فى إحتلال مكان الحزب الشيوعي التونسي سابقا و تبنّى أطروحاته الإنتهازية الواحدة بعد الأخرى و نرصد أنّ حمّه الهمّامي يتحوّل إلى محمّد حرمل المسلم هو الآخر!
منتفضا ضد أمثال هؤلاء الإنتهازيين مشوّهي الماركسية إنتفض ماركس و صرخ " إن كانت هذه ماركسية فأنا لست بماركسي ! ".
علاوة على أنّ خطّ هذا الحزب و زعيمه منذ التأسيس لميكن قطّ ثوريّا بل كان بوضوح إصلاحيّا ، يضرب بالجوهر الثوري للماركسية عرض الحائط ، فإنّه فى المدّة الأخيرة وجّه عدّة طعنات إضافية متتالية للشيوعية فى الوقت الذى يتحتّم على الماركسيين الحقيقيين الدفاع عنها ، فتخلّى عن نعت الشيوعي فى إسم الحزب و أعلن زعيمه إسلامه و ها هو الآن يعتبر النقاب حرّية فردية .
حمّه الهمّامي و حزبه يقلبان ماركس رأسا على عقب ، يساومان بالمبادئ و يقدّمان التنازلات النظرية التنازل تلو الآخر للرجعية و هما بذلك يدوسان ما أوصى به ماركس منذ زمن بعيد الآن :
" إيّاكم و المساومة بالمبادئ ، إيّاكم و " التنازل " النظري " ( ذكره لينين فى " ما العمل ؟ " ، فقرة " إنجلز و أهمّية النضال النظري " )
حزب العمّال حزب ماركسي مزيّف لا أكثر و لا أقلّ ! لذا وجب على الشيوعيين الحقيقيين فضح تحريفيته و إصلاحيته .

2- طعن النضالات ضد النقاب فى الظهر :
فى القطر مثلا ، خاضت الحركات النسائية و التقدّميون عامة و الطلبة و الأساتذة الجامعيون خاصة نضالات شهيرة ضد إرتداء النقاب فى الجامعة التونسية و كانت المعارك شرسة حقّا فى كلّية منوبة على سبيل المثال . فقدحاول السلفيّون فرض النقاب كمرحلة أولى فى الجامعة مستغلّين الأوضاع السياسية فى البلاد حينها و متلاعبين بالدين و المقدّس و بحرّية التعبير و الحرّية الفردية أيضا . و تصدّت لهم غالبية الجامعيين لما للنقاب من تبعات كارثيّة على العملية التعليمية و كسبوا المعركة . و الآن يأتى حمه الهمّامي ليسكب البنزين على نار السلفيين فتعلو أصواتهم بعد أن خفتت نسبيّا فى هذا المضمار فى المدّة الأخيرة و بعد أن أدركت فئات هامة من الشعب مدى رجعيّتهم جميعا بنهضتهم وحزب تحريرهم و أنصار شريعتهم و غيرهم .
بالجهد الجهيد و التضحيات الكبيرة تحصل أحيانا النضالات الجماهيرية على فتات مكاسب و ينبرى هذا الحزب الإصلاحي ليعيد الجميع إلى المربّع الأوّل و يضخّ دما جديدا فى شرايين الرجعية ، فى هذا المضمار كما فى غيره . فقد وقع حلّ التجمّع بفضل التضحيات الجسام و لمّا لملم التجمّعيّون أشلاءهم و أوجدوا إطارا حزبيّا آخر إعترف بهم هذا الحزب الماركسي المزيف و تحالف مع نداء تونس و تذيّل له كما تشهد بذلك وقائع إعتصام باردو الأخير .
3- منطق برجوازي ليبرالي تضليلي :
يستند راي الهمّامي هذا إلى مصطلح " الحرّية الفردية " فيبدو بذلك زعيم حزب العمّال مُلكيّا أكثر من الملك و ليبراليّا أكثر من الليبراليين . و لن ناحدّث هنا عن المعارك حول النقاب و الحجاب فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية الشهيرة بالدفاع عن " الحرّية " و إنّما سنشرح وجهة نظرنا بالإعتماد بداية على صنف معيّن من الليبراليين فى مصر يعبّر عن ما يسمّى بالإسلام الليبرالي . ففى المعركة المديدة ضد الفكر الإخواني الوهّابي عموما ، جرى تأليف كتب كثيرة نبشت فى التراث الإسلامي و أكّدت أنّ النقاب ليس من الإسلام فى شيء و نافحت عن أنّ الحجاب نفسه ليس فرضا إسلاميّا . و من تلك المؤلّفات الشهيرة " حقيقة الحجاب و حجّية الحديث " لمحمّد سعيد العشماوي و " الحجاب " لجمال البنّا وهي من الكتب المتوفّرة على الأنترنت لمن يرنو الإطلاع عليها و دراستها . و إثر صراعات محتدمة ، إلتحق " الأزهر " ، فى ظروف سياسية و إجتماعية ليس هذا مجال تفصبلها ، بالركب فى المدّة الأخيرة و أعلن صراحة أنّ الحجاب ليس فرضا دينيّا إسلاميّا .
إذن تجاوز هذا الصنف من الليبراليين النقاب و مضوا إلى الإطاحة بالحجاب فى أسسه الدينية و كسبوا جوانبا من المعركة التى لا تزال مستمرّة . و حمه الهمّامي وحزبه يعيدوننا إلى المربّع الأوّل ! و يلتحقان بجوقة التهليل للنقاب " حرّية فردية " فيبرز إسلاميّا أكثر من الإسلاميين و ليبراليّا أكثر من الليبراليين ! و الشيء إذا وصل حدّه إنقلب ضدّه : إنّها المغالاة فى الليبرالية التى تستحيل إلى دعم واضح و جليّ للفاشية مثلما أدّت المغالاة فى الديمقراطية البرجوازية إلى التحالف مع الإسلاميين الفاشيين فى إطار " 18 أكتوبر "!
و الأمر فى منتهى الخطورة من وجهة نظرنا الشيوعية الماوية الثورية ، ذلك أنّ المسألى تنطوى على مغالطة كبرى فالقضيّة ليست قضيّة " حرّية " بل هي قضيّة تشييء البشر . فالنقاب يشيّء المرأة و يجعلها عمليّا و ليس رمزيّا فحسب شيئا لا إنسانا و شيئا يجلب العار من أخمص أصبعه إلى قمّة رأسه . النقاب إضافة إلى ما يعنيه الحجاب ، يحمل دلالة التشييء إلى أبعد حدّ ، إلى النهاية فحتّى الوجه الذى يبقيه الحجاب ظاهرا على أنّه ليس عورة يجعل منه النقاب عورة فيحجبه هو الآخر ليتحوّل من يحمله إلى شيء و ليس فقط إلى إنسان مستعبد ،فنرى " خيمات " متحرّكة ، لا نساء . و هذه ليست إهانة فقط للمرأة بل إهانة و أية إهانة للبشرية قاطبة . ويأتينا حمه الهمّامي ليعرب عن أنّ إنكار بشرية البشر و إنسانية الإنسان "حرّية فردية " !
و إن كنّا ضد الحجاب بما هو شكل من أشكال إستعباد المرأة تاريخيّا و حاضرا و رمزا لإخضاعها و دونيتها وإعتداء على حقوقها و خرّياتها و إنسانيّتها ، فإنّنا بالتأكيد نقف بصرامة ضد ما هو أسوء منه، ضد النقاب و ضد من يشرّع له بإسم الدين أو بإسم " الحرّية الفردية " ، بإسم المقدّس أو بإسم الليبرالية و الحرّيات .
و بمنطق برجوازي ليبرالي تضليلي مكثّف هنا فى " الحرّية الفردية " يقبل من يدّعون زورا و يهتانا تبنّى الشيوعية عمليّة تشييء البشر هذه فى حين أنّ الشيوعية تعلى هدفا من أهدافها السامية تحرير الإنسان و الإنسانية جمعاء و ليس فقط النساء. مثلما تلاعب حزب العمّال الماركسي المزيّف بالجدلية و التناقضات الرئيسية و الثانوية ليبرّر تحالفه مع الإسلاميين الفاشيين ، أعداء الشعب و النساء ، و للإمبريالية عملاء ، فى إطار " 18 أكتوبر " ، ها هو يتلاعب بمصطلح " الحرّية الفردية " ليحترم النقاب عوض تجريمه ما يذكّرنا بما قاله لينين العظيم فى مناسبتين عن التلاعب بمفردة الحرّية : 1-" الحرية كلمة عظيمة ، و لكن تحت لواء حرية الصناعة شنّت أفظع حروب السلب و النهب ، و تحت لواء حرية العمل جرى نهب الشغيلة . " ( لينين :" ما العمل ؟ " فصل " الجمود العقائدي و " حرّية الإنتقاد ") .
2-" الآن فقط ، يمكننا أن نقدر كلّ صحة ملاحظات إنجلس عندما سخر دونما رحمة من سخافة الجمع بين كلمتي " الحرّية " و " الدولة " . فما بقيت الدولة ، لا وجود للحرية ، و عندما تحلّ الحرّية تنعدم الدولة ." ( " الدولة و الثورة " ، الصفحة 101).
و نحن نتوقّع أن يحاجج هذا الحزب و أشياعه بأنّ المسألة مسألة كيفيّة مواجهة النقاب أي أن المطروح ليس تجريمه أو منعه أو ما إلى ذلك بل المطروح هو إعتباره " حرّية فردية " و خوض نقاش ديمقراطي حوله . و هذه المحاججة تضليلية بدورها و متناقضة مع الماركسية و فهمها للعالم . و بادئ ذى بدء لنذكّر الجميع بما فعله أنصار هذا النقاب فى معارك كلّية منّوبة مجدّدا . لقد سعوا جهدهم لا لنقاش المسألة جماهيريّا بقدر ما عملوا على فرضها فرضا على الجميع و بقوّة السلاح المتمثّل فى السكاكين و السيوف و الحجارة و فى رفع علم السلفيين فوق الكلّية . و قد لمس الطلبة و الأساتذة هناك مدى فاشية هؤلاء و رجعيتهم . و حزب العمّال يدعونا إلى الحوار معهم كما لو أنّ المسألة مسألة إختلافات بين صفوف الشعب . إنّهم أعداء الشعب و النساء هم و أشباههم المتقنّعين بقناع القبول باللعبة الديمقراطية من نهضة و حزب تحرير و أنصار شريعة و قد خبرت فئات واسعة من شعبنا ما يحمله مشروع هؤلاء الرجعيين الفاشيين و الواجب هو فضحهم و حيث أمكن ممارسة الدكتاتورية ضدّهم و الإستعداد لمواجهتهم كما فعل الطلبة الذين لم يقفوا مكتوفى الأيدي و لم يدعوهم يمارسون " حرّيتهم الفردية "! المعركة معركة من يبتلع من ؟ يريدون إبتلاع الجميع و قولبته ضمن قوالبهم الجاهزة و وضع نصف المجتمع ، نصف السماء فى قالب النقاب خطوة جبّارة فى مشروعهم الرجعي .
ومن المثالية الميتافيزيقية ، الحديث عن الصراع السلمي و نسيان الصراع العنيف و الواقع ما إنفكّ يؤكّد العلاقة الجدلية بين الإثنين و تحوّل الواحد إلى الاخر . و على حدّ تعبير ماركس لا ينفى سلاح النقد نقد السلاح . و لعلّ الرجعيين فهموا الأمر أفضل من حمه الهمّامي و حزبه . فهم لم يكتفوا ب" الدعوة " السلمية بل مرّوا إلى الفرض بالسلاح و يفعلون ذلك بأشكال مختلفة كلّما شعروا بضرورة ذلك تحقيقا لمشروعهم .
من الأكيد أنّ أتباع التحريفية - الدغمائية الخوجية لا يفقهون شيئا فى ما شدّد عليه ماو تسى تونغ فى " فى التناقض": " إنّ التناقضات المختلفة من حيث طبيعتها لا يمكن أن تحلّ إلاّ بطرق مختلفة طبيعيّا ".
و المفهوم الماركسي للحرّية يختلف تماما عن المفهوم الليبرالي لدى حمه و أتباعه و أشياعه و أوهامهم الليبرالية و الديمقراطية التى فضحنا و لا نزال فالماركسية تحدّد الحرّية على أنّها وعي الضرورة و تغيير الواقع . و الضرورة الآن وعالميّا هي محاربة المشروعين الذين فان أوانهما أو عفا عليهما الزمن، المشروع الرأسمالي الإمبريالي و المشروع الأصولي الديني و إنجاز الثورة البروليتارية العالمية بتيّاريها ، الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة و الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية بقيادة البروليتاريا و أحزابها الطليعية الثورية و إيديولوجيتها الشيوعية و الغاية الأسمى هي الشيوعية العالمية و تحرير الإنسانية من كافة أنواع الإستغلال و الإضطهاد . هذه هي الضرورة العالمية و الحرّية المرجوّة فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية و بالتالى التحالف أو التساهل إزاء أي من المشروعين اللذين عفا عليهما الزمن يعزّزهما كلاهما كما أكّد بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية . فأين حزب العمّال الماركسي المزيّف من هذه الضرورة و هذه الحرّية ؟ فى هذا الأمر كما فى غيره من الأمور الكثيرة المتصلة بالماركسية و روحها الثورية هو غريب و فى غربته غريب غربة التحريفيين و الإصلاحيين ، غربة الماركسيين المزيّفين .
4- بما يفسّر هذا السقوط المدوّى إلى قاع الهاوية ؟
للإجابة على هذا السؤال شطران أوّلهما هو الخطّ الإيديولوجي و السياسي التحريفي – الدغمائي الخوجي لهذا الحزب الإصلاحي و قد حبّرنا ما حبّرنا عن هذا و لا حاجة هنا إلى تكرار ما قلناه قبلا ؛ و ثانيهما هو الغايات الإنتخابية لمثل هذه المواقف الإنتهازية . و نشرح فنقول إنّه نظرا لكون هذا الحزب و الجبهة التى ينطق بإسمها زعيمه يشهدان صراعات داخلية فكّكت و تفكّك أوصالهما و نظرا لكون الجبهة الشعبية فقدت الكثير من إشعاعها حتى أنّها لم تعد تقدر على إنجاح غلبية التحرّكات التى تنظّمها جماهيريّا لتورّطها فى تحالفات رجعية و " حوار وطني " مهزلة و فى الدفاع بلا هوادة عن شرعية حكومة النهضة فى تعارض صريح مع ما طالبت به النضالات الشعبية وحتى بعض قواعد الجبهة إيّاها؛ و نظرا لفشل هذه الجبهة فى تحقيق مكاسب فى خضمّ إعتصام باردو و " الحوار الوطني" المهزلة و إنفضاض جموع كبيرة من الجماهير و حتى من المناضلين و المناضلات من حولها ؛ نظرا لكلّ هذا مجتمعا و متداخلا ، لم يبقى لحزب حمه الهمّامي كي يجني أصواتا فى الإنتخابات القادمة سوى تقديم مزيد التنازلات و اللعب كغيره من الأحزاب الإنتهازية على وتر المقدّس لأهمّيته فى الأوساط الشعبية . و فى هذا السياق بالذات يتنزّل إعلان الناطق الرسمي بإسم الجبهة إسلامه والآن تصريحه بشأن النقاب.
و لن يكون من اليسير نسيان الصور و الفيديوهات التى ظهر فيها الهمّامي قبل إنتخابات 23 أكتوبر 2011 وهو يتوسّط متحجّبات و كانت حينها الرسالة لا أوضح منها و اليوم يمضى زعيم ذلك الحزب فى المنهج عينه ليغوض فى وحل النقاب إلى العنق .
على مذبح الحسابات الإنتخابية و الأوهام الديمقراطية البرجوازية تغتال المرأة الإنسانة و يقع تشييئها . و هديّة هذا الحزب الماركسي المزيّف فى ذكرى 8 مارس ، اليوم العالمي للمرأة هذه السنة ، هي إعتبار ذلك " حرّية فردية " !
5- الشيوعية من حزب العمّال التونسي و أشياعه و أمثاله براء !
تحضرنا هنا صور لستالين وسط جمع من آلاف النساء اللاتي نزعن الحجاب بمناسبة اليوم العالمي للمرأة . و لا نستطيع الحيلولة دون عقد مقارنة بينها و بين صور حمه الهمّامي وسط نساء مجّبات و تصرحاته الأخيرة . البون شاسع بين الموقف الشيوعي الحقيقي المحرّر للنساء الذى يمثّله ستالين و الموقف المعادي للشيوعية و قضيّة تحرير المرأة الذى يجسّده أفضل تجسيد حزب العمّال التونسي و آخرين من أمثاله الذين يتجاهلون ضرورة النضال ضد كافة أشكال إضطهاد النساء و إستغلالهن كجزء لا يتجزّا من النضال الشامل من أجل الثورة البروليتارية العالمية .الشيوعية تحرّر المرأة و لا يمكن للمتحالفين مع مستعبدى المرأة و مشيّئيها و المدافعين عن إستعبادها و تشييئها و معتبري ذلك " حرّية فردية " أن يكونوا شيوعيين أبدا .
حول العالم ، لم يتمسّك الشيوعيون الماويون الثوريون بتعاليم ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو تسى تونغ الثورية بشأن تحرير النساء و إرتباطه بتحرير الإنسانية جمعاء و حسب بل طوّروها و النظرية و الممارسة العمليّة و للتأكّد من ذلك يكفى دراسة كتاب شادي الشماوي عامة ( العدد الثامن من " الماوية : نظرية و ممارسة " ؛ " تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية – اللينينية – الماوية " بمكتبة الحوار المتمدّن ) و خاصة وثيقة الحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي – اللينيني – الماوي ) و عنوانها ذو الدلالة الكبرى : " الإعداد للثورة الشيوعية مستحيل دون النضال ضد إضطهاد المرأة ! و تحرير المرأة مستحيل دون بلوغ المجتمع الشيوعي ! ".
و الشعار العالمي للشيوعية الحقيقية ، للشيوعية الماوية الثورية ( و الخلاصة الجديدة للشيوعية هي شيوعية اليوم ) هو :
" لنكسر القيود ، لنطلق غضب النساء كقوة جبارة من أجل الثورة !".
و ينبغى على كافة المناضلات و المناضلين حقّا فى سبيل الشيوعية و تحرير الإنسانية ، أن يرفعوا عاليا
مقولة ماو تسى تونغ الشهيرة : النساء نصف السماء ! و ينشروها فى صفو الجماهير الشعبية لتتبناها و تدافع عنها و تكرّس معانيها العميقة و التحريرية ؛ و إلى جانبها توجيه لينين العظيم :
" ... ينبغى أن لا يغرب عن البال بوجه خاص : ...
ضرورة النضال ضد رجال الدين و غيرهم من عناصر الرجعية و القرون الوسطى ذوى النفوذ فى البلدان المتأخّرة ؛ ... ضرورة النضال ضد الجامعة الإسلامية و ما شاكلها من التيارات التى تحاول ربط الحركة التحرّرية المناهضة للإمبريالية الأوروبية و الأمريكية بتوطيد مراكز الخانات و الإقطاعيين والشيوخ إلخ ".
( لينين " مسودّة أوّلية لموضوعات فى المسألة القومية و مسألة المستعمرات" يونيو – يوليو ( حزيران – تموز) 1920.)
---------------------------------------------------------------------------------
ملحقان
-1-
فهرس العدد 18 من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية " لناظم الماوي
بؤس اليسار الإصلاحي التونسي :
حزب العمّال التونسي و الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد – نموذجا
( العدد 18 / جانفي 2014 متوفّر للتنزيل كاملا بنسخة بي دي أف بمكتبة الحوار المتمدّن )
و مقالات هذا العدد هي :
1- الحزب الوطني الإشتراكي الثوري - الوطد - و حزب العمّال التونسي وجهان لعملة إصلاحية واحدة.
2- حزب العمّال " الشيوعي " التونسي : سقط القناع عن القناع عن القناع.
3- حزب العمّال " الشيوعي " التونسي : سقط القناع عن القناع عن القناع (2).
ردّا على تعليق لعلي البعزاوي على مقال " حزب العمال" الشيوعي" التونسي : سقط القناع عن القناع عن القناع " .
4- إصلاحية الحزب الوطني الإشتراكي الثوري : الخلل و الشلل .
5- مغالطات كبيرة فى مساحة صغيرة من أحد قادة الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد .
6- إغتيال محمد البراهمي وضرورة نبذ الأوهام الديمقراطية البرجوازية .
لنلحق الهزيمة بالإسلام السياسي و بدولة الإستعمار الجديد برمتها .
7- تونس : نظرة ماوية للنضالات الشعبية .
8- وفاة نيلسن مانديلا و نظرة الماركسيين المزيفين البرجوازية للعالم .

-2-
فهرس كتاب شادي الشماوي :
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتارية العالمية :
الماركسية – اللينينية – الماوية.
المقدّمة العامةّ للمترجم:
الفصل الأوّل: تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتارية العالمية ، الماركسية – اللينينية – الماوية.
1- لنكسر القيود ، لنطلق غضب النساء كقوة جبارة من أجل الثورة !
2- الإمبريالية و الرجعية تضطهدان المرأة و تستعبدانها و الشيوعية تكسر قيودها و تحررها.
3- حركة نسائية من أجل عالم آخر بلا رجعية و لا إمبريالية .
الفصل الثاني : تشانغ تشنغ : الطموحات الثورية لقائدة شيوعية.
الفصل الثالث: مشاركة النساء فى حرب الشعب فى النيبال
1- مشاركة المرأة فى حرب الشعب فى النيبال.
2- مسألة جعل النساء فى مراكز قيادية فى حرب الشعب.
3- مشاركة المرأة فى الجيش الشعبي .
الفصل الرابع: الإعداد للثورة الشيوعية مستحيل دون النضال ضد إضطهاد المرأة !
و تحرير المرأة مستحيل دون بلوغ المجتمع الشيوعي!
- مقدمة
1- واقع يستدعى الثورة.
2- الإعداد للثورة الشيوعية مستحيل دون النضال ضد إضطهاد المرأة ! و تحرير المرأة مستحيل دون بلوغ المجتمع الشيوعي!
3- مساهمات فى تغيير الواقع ثوريا.
الفصل الخامس : الثورة البروليتارية و تحرير النساء
1- الثورة البروليتارية و تحرير النساء ...
2- بيان : من أجل تحرير النساء و تحرير الإنسانية جمعاء.
---------------------------------------------------
----------- مارس 2014----------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ملاحظة ماركس موجهة لكم
حميد خنجي ( 2014 / 3 / 5 - 08:40 )
ان سخرية ماركس (اذا كانت هذه ماركسية فانا لست بماركسي) كان موجها اساسا للمتطرفين الشكلانيين والنصيين ايدلوجيا - الادلجة الشديدة - وللفوضويين والاناخيين في عهده . وللفوضويين والعدميين الان أمثال التروتسكيين والماويين والحكمتيين والحادين امثالكم !..أنا بالطبع لا أدافع عن الحمامي بسبب عدم اطلاعي الكافي لمواقفه .. غير أني أعتقد أنه تتطور من نصي متطرف الى واقعي الى حد معقول .. يجب ان تدركوا جيدا ان ماركس لم يطالب الشيوعيين بمحاربة الدين أبدا .. هو يدرك بعمق ان الاساس المادي عندما يتغير ستتراجع الاديان . فمحاربة الدين -اي دين او معتقد انساني- ليس من شيمة الشيوعيين .. اعرف ان مدرستكم المتطرفة تعمي ابصاركم ولاتستطيعون الفكاك منها ولكني أحاول أن اشرح وجهة نظري واوضح موقف ماركس الحقيقي وليس تشويهكم لمواقفه ، لمن درس وعرف ماركس جيدا .. إقرأوا مرة اخرى انتي دوهنينغ ..تحياتي

اخر الافلام

.. فرنسا...اليمين المتطرف في الصدارة | #غرفة_الأخبار


.. الشرطة الإسرائيلية تصد متظاهرين يطالبون الحكومة بعودة المحتج




.. اشتباكات عنيفة بين قوات من الجيش الإسرائيلي وعناصر من الفصائ


.. اقتصاد فرنسا رهين نتائج الانتخابات.. و-اليمين المتطرف- يتصدر




.. كيف نجح اليمين المتطرف في أن يصبح لاعبا أساسيا في الحياة الس