الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملحد..شيعي..مِثلي بنكهة يمنية - 3

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 3 / 5
حقوق مثليي الجنس


أمرٌ صعبٌ جداً و خطرٌ كذلك أن تكون مِثلي في اليمن..فاليمن هي من بين السبع دول الوحيدة التي عالمياً ما زالت تطبق عقوبة الإعدام تجاه المثليين..خبر يبعث على الفخر أليس كذلك؟؟..فنحن من السبعة الكبار في هذا المجال في عالمٍ يحتوي تقريباً على 204 دولة..و لكن بالرغم من هذه العقوبة الصارمة فالمِثلية في اليمن ما زالت واقع..آسفة..ماذا تقول يا من تقرأني؟؟..كاذبة؟؟..أبالغ؟؟..حسناً حسناً هل تؤمن بلغة الأرقام؟؟..ممتاز إذاً لننزلق سوية إلى الأسفل.

و لنبدأ بيمن نت المشغل الوحيد و الحصري لشبكة الإنترنت في اليمن..يمن نت في إحصائية قامت بها مبادرة الشبكة المفتوحة الأمريكية في عام 2004 م كانت نسبة الدخول فيها للمواقع المثلية -مواعدة حقوق المثليين و جماعات الدعم النفسي للمثليين و التي بالمناسبة وجدت نسبةً كبيرة من المتحدثين فيها هم من اليمن- يبلغ 3% بينما كانت المواقع الإباحية المخصصة لغير المثليين تحصل على نسبة تقارب 97% من نسبة الدخول من الإجمالي العام لمستخدمي الشبكة في اليمن..لا تفرح كثيراً و تعتقد أنك كشفت حجم مبالغتي و تقديري للواقع..فلقد تغيرت هذه النسبة و بشكل دراماتيكي فأصبحت نسبة الدخول لمواقع المثليين في عام 2005 م تبلغ 67% بينما تناقصت نسبة الدخول للمواقع الغير مثلية لتصبح 92%.

لاحظوا أننا نحن نتحدث عن إحصائية تمت في عاميَّ 2004 م و 2005 م..فكيف ستكون الأرقام الآن؟؟..و على الأغلب في الإحصائيات الأرقام تتزايد في حالة بقاء عامل الزيادة دون محاولةٍ لخفضه..و القتل -و الذي سأتحدث عنه بعد قليل- لم يكن عامل خفض في هذه الحالة و لكنه كان عاملاً للمزيد من الحرص من قِبل المثليين فقط لا غير.

و في عام 2011 م أعلنت وزارة الداخلية اليمنية أن عدد قضايا ممارسة المثلية و التي تم القبض على أصحابها -تحت مسمى آخر غير المثلية- بلغت 95 قضية و لكن العدد أصبح في عام 2012 م 63 قضية فقط..هذا يعني أيضاً ليس انخفاض عدد المثليين و لكن أنهم باتوا أكثر حرصاً تجاه إعلان هويتهم الجنسية..أيضاً حدثت 33 قضية اغتيال في العام 2013 م على خلفية الاشتباه بميولٍ مثلية للضحايا..و دون حتى محاكماتٍ أو شهود لو اتبعنا المنطق الإسلامي الذي ادعى القتلة إتباعه في تنفيذ أحكامهم.

المطالبة بتفهم مشكلة المثلية أو حتى الاعتراف بوجودها في وطنٍ يمارس "النفي" تجاه أي شيء و كل شيء يعد أيضاً أمراً صعب و حقل ألغام سيرافق قدميك أينما سارتا بك..فالكاتب و المخرج اليمني حميد عقبي في عام 2010 م طالب فقط عبر مقالٍ له في مجلة الثقافية اليمنية و التي كانت تصدر عن جريدة الجمهورية بالإلمام بظاهرة المثلية في اليمن و محاولة إيجاد علاج أو في أفضل الأحوال تقبلٍ لوجودها و التوقف عن الإنكار كخطوةٍ أولى لفهم أبعاد الظاهرة..فماذا كانت ردة الفعل العامة تجاه مقاله؟؟..بالطبع تمت ممارسة التحريض من على المنابر ضده..فتم تكفيره و هدر دمه و المطالبة بمحاكمته و إهانته هو و أفراد أسرته و المطالبة بإقفال المجلة التي نشرت المقال..و هو ما تم أي إقفال المجلة و منعها من الاستمرار في الصدور..المضحك أن قائد تلك الحملة في البرلمان اليمني كما من على ظهور منابر المساجد كان النائب الإصلاحي محمد الحزمي المدافع الثاني الأكثر قوة تجاه عدم إيقاف اغتصاب القاصرات في اليمن باسم الشريعة الإسلامية..و هنا نجد كيف أن مقاييس البطولة في اليمن تختلف عن المعايير التي كنا نجدها في قصص الأطفال.

المثليين أيضاً تواجدوا بشكلٍ لا بأس به في مؤتمر الحوار الغير وطني..حتى لو لم يعلنوا عن هويتهم الجنسية فهي باتت شبه معروفة للمحيط الشبابي حتى و إن كانت غير معلنةٍ بشكلٍ عام..المثليون في اليمن ليسوا فقط من الفئات الدُنيا في المجتمع كما ستعتقد الأغلبية أو كما تحب أن تعتقد..فهذه فكرةٌ خاطئة فهناك محاميات معلمين معلمات ناشطين حقوقيين ممثلي أحزاب سياسية كتاب و كاتبات معروفون هم من المثليين..و لكن هذا لم يمنعهم من أن يكونوا أيضاً فاعلين في المجال التوعوي الحقوقي التعليمي و المجتمعي في اليمن بل و يساهموا بشكلٍ فاعل في مجال مساعدة الفئات المهمشة و الفقيرة فيها.

الأغلبية ستقول بالتأكيد أنت مثلية لهذا السبب تدافعين عنهم..حسناً سأتجاهل الرد على هذا السؤال بشكلٍ مباشر و سيكون ردي عليه كالتالي..نحن لا نمارس التصرف العقلاني تجاه مشاكلنا..لدينا مشكلة حسب التصنيف الأخلاقي الإسلامي لها و الذي سيتبعه أغلب من يتبعون الفكر المضاد لحرية الهوية الجنسية..و لدينا في ذات الوقت احتراف الإنكار حتى مع وجود الأرقام و الحقائق الخجولة التي تنقض حقائقنا الزائفة و لو بشكلٍ جزئي..و لكننا لا نمارس التصرف العقلاني تجاه الآخر المختلف..فمن يقول أن المثلي شخصٌ يعاني من مرضٍ نفسي أو حتى عضوي لا يمنحه العلاج بل يطالب بقتله!!..و من يقول أن المثلية ليست بمرض و أن المثلية خيارٌ طبيعي يطالب أيضاً بقتل المثليين!!..فأين المنطق هنا!!.

المثليون قادمون و بقوة -كما الملحدين كما الشيعة- إلى الواقع الديموغرافي اليمني..فالدستور اليمني الجديد سينص -على الأغلب- على أن الحرية الفكرية الجنسية و الدينية هي حقٌ مكفولٌ للجميع و حينها سيتم تكميم أفواه الحزمي و من هم على خُطاه..و من سيحرض حينها ضد تلك الفئات بأي شكلٍ كان سيعتبر هو الخارج عن القانون و ستتم محاكمته..و من كانوا بالأمس أقلياتٍ تمارس هوياتها القاتلة لها سراً ستعلن غداً عن تلك الهويات و بكل فخرٍ و دون أي خوف..فأيهما أفضل لنا أن نمنحهم نحن ما يحتاجونه أم أن يُفرض علينا ذلك الأمر من دولٍ أخرى كالعادة؟؟.

الأمر صعب لكلا الطرفين..أن تعلن عن هويتك -أياً كان نوعها- في مجتمعٍ يمارس قمع أي هويةٍ مخالفة..و أيضاً صعب على الطرف الآخر أي المتلقي و الذي إعتاد الخوف من الآخر و نبذه فقط لأنه يختلف عنه قليلاً..ليست الإنسانية أو حتى العقلانية أن أكون ملحدة أو شيعية أو مِثلية لأدافع عنهم أو حتى لأطالب بالإصغاء إليهم..الإنسانية و العقلانية بالنسبة إليَّ أن لا أكون كذلك و مع ذلك تكون لدي القدرة على ممارسة الإصغاء و الأصعب ممارسة التفهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل


.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل




.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق