الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيد المرأة العالمي ووعي المرأة

جمال ابو لاشين
(Jamal Ahmed Abo Lasheen)

2014 / 3 / 5
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014


عيد المرأة العالمي ووعي المرأة
بقلم/ جمال ابو لاشين
كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن البعد الديني في العديد من القضايا، ومنها حقوق المرأة، وكيانها الاجتماعي ، وهل الدين في خدمة المرأة أم يقف حاجزاً أمامها، ساعياً لتهميشها، والانتقاص من كينونتها في المجتمع.
لو جلست مع الكثيرين من رجال الدين أو شاهدتهم على التلفاز لأدركت من خلال حديثهم مدى الاحتقار الذي تناله المرأة منهم، وكيف يعاملونها كأي سلعة أو بضاعة، وهذا بحد ذاته مشكلة ساهمت فيها الكثير من الأحزاب الدينية، والجمعيات الإسلامية وبمساعدة من الفضائيات المهتمة بالإثارة من خلال مشاركة (أدعياء الدين) وغير المتفقهين في جوهره وسننه وتشريعاته، الأمر الذي يُحدث لدى المُشاهد أو المستمع تلقياً خاطئاً عن الدين ونظرته للمرأة تجعله يبني فكره ومعتقداته من الشيخ الفلاني أو العلاني دون علم منه ماذا يُشكل هذا الشيخ وما مدى علمه وتبحره في الدين، والمشكلة الأعقد أنه لا يجرؤ على مخالفتهم الرأي لئلا يُتهم بالردة والإلحاد.
فالموروث الثقافي الذي أساسه القبلية العصبية الذكورية يطغي على مجتمعاتنا ويزيد عليه أدعياء الدين من استبعاد لحقوق المرأة، وكتم لحريتها، ووضعها في سلم اجتماعي متدني لتبقى تابعاً للرجل حيث يسعى بعضهم لتهميشها بحكم ثقافته الذكورية القائمة على السيطرة.
لذلك حدث خلط واضح لدى المرأة، وانتابها إحساس بالغبن والهزيمة لا تدرك سببه الحقيقي فكل ما حولها يُضعف همتها، ويتعدى على حقوقها وحريتها، وهي على الدوام في دائرة الشك وعدم الثقة بل يتم إبعادها قسراً عن مواقع المسئولية بحجة الاختلاط والفصل بين الجنسين، والمقصود به إضعافها على الدوام لخوف يتربص بها، وعقاب يتحضر لها.
لقد شهد عهد رسولنا صلى الله عليه وسلم، نساءً كن أجرأ، وأكثر شجاعة، فمنهنَّ من طرح على رسول الله أحقيتها باختيار الزوج ووافقها وأعطاها الخيار بالانفصال إذا شاءت، ومنهنَّ من دافعت عن نفسها أمام زوج أُجبرت عليه ولم تستطع التأقلم معه، فأذن لها بالانفصال عنه، ومنهنَّ من طُفنَ بالكعبة مع الرجال وكانوا قلة وقتها، ويوجد حديث شريف في صحيح البخاري يفيد بأنهنَّ توضأنَ مع الرجال في نفس المكان، ومنهنَّ من داوت جرحى المعارك، ومن أطعمت الجنود ومن عملت بالتجارة فالأمثلة كثيرة ومتعددة ولكن ما الذي حدث؟!
ما حدث هو أن طغت التفسيرات الخاطئة، والعصبيات الجاهلية على حقوق المرأة فألبستها ثوب الدين، واختلطت القوانين المدنية بالشرعية لتهضم حق المرأة، فالمطلقة في نظر المجتمع (مطمع) لذلك وجب حصارها، وإن كان لها أبناء صودر حقها في توجيههم أو البحث في مستقبلهم، أو حتى حقها في رؤيتهم والاطمئنان عليهم، وهذا كله منافٍ لجوهر الدين وهدفه من الزواج الذي يعني السكينة والأمان والمودة والرحمة (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) .
فمجتمعنا في العلاقات الأسرية يضع الدين جانباً ينتقي منه ما يشفي غليله، ويعكس حقده على المرأة أو الزوجة، ويترك كل ماله علاقة بمشاركتها في تربية وتوجيه الأبناء في حالات الطلاق انتقاماً منها حتى لو نشأ الاطفال نشأة نفسية غير صحيحة قد تجعلهم يعانون مستقبلاً.
فإذا كان الدين يملك كل آليات تمتع المرأة بحقوقها، فلماذا مجتمعاتنا تحارب تلك الآليات رغم أنها مجتمعات متدينة؟
هذا الانفصال الذي تعيشه مجتمعاتنا له الكثير من الأسباب ومنها:
1- الجهل في الدين وانعدام الخبرة وضحالة الثقافة العامة لدى الكثيرين.
2- سيطرة الذكورية بما تحملها من آليات تبقى المرأة في حاجة الرجل دائماً، وفي حاجة أسرتها.
3- التنشئة الاجتماعية الخاطئة والقائمة على الفصل بين الجنسين بحيث أصبح كل منهما مجهولاً للآخر ولغز يجب سبر أغواره مما يأخذ حيزاً كبيراً من التفكير المتواصل في الجنس الآخر.
4- ضعف المرأة وخوفها من اقتحام المجهول الذي هو بالنسبة لها وهي المعتمدة كلياً على الرجل منطقة ظلامية لا تعرف كيف ولا ما هي ردود الأفعال على التغيرات التي تنشدها.
5- عاطفة المرأة وتعلقها بكل كيانها بالرجل أو بالأولاد ورغم أنها عاطفة نبيلة إلا أنها ساهمت في استكانتها خصوصاً عندما يستغل الطرف الآخر تلك العاطفة لخدمة مصالحه فقط.
6- المجتمع الجاهلي الرافض لتقدمها، وترددها في تحدي هذا المجتمع لنيل حقوقها أوهن من عزيمتها، فالأسرة قد تزوجها مبكراً للتخلص من مسؤوليتها الثقيلة التي فرضها المجتمع، والبعض من الأزواج قد يتسلط عليها، وعندما تطالب بحقوقها لا تجد من يقف معها ويدافع عن كينونتها، والحل يبقى دائماً أن تبقى في ظل الرجل حتى لو ظلمها.
7- ضعف منظمات المرأة، وقلة تمويلها بصفتها المدافع عن حقوق المرأة فتلك المنظمات تحولت إلى منابر سياسية وهذا عكس مهمتها الرئيسية التي تتمحور حول تثقيف المرأة والدفاع عنها.
8- قلة الاحتكاك بالمجتمعات المتقدمة، وعدم نقل تجربتها وثقافتها في التعامل مع المرأة التي لا تتعارض مع الدين والتي نحن احق بممارستها في ضوء القرآن والسنة النبوية.
9- تركيز المرأة في نضالها لنيل حريتها على الرجل، فهو في نظرها من يجب أن يحارب وهذه نظرة خاطئة، فالمرأة يجب أن تناضل معه ضد الموروث الاجتماعي وليس ضد الرجل.
إن المرأة في مجتمعاتنا العربية بحاجة ماسة لزرع الوعي الحقيقي بحقوقها لأطفالها الذين سيصبحون مستقبلاً هم المدافعين عنها فهذه الثقافة المجتمعية تحتاج لنفس طويل، وإعداد جيد لما سيصبح عليه المجتمع لا ما هو عليه اليوم، وهذه الطريق الشاقة والطويلة قد تكون هي السلاسل التي ستنزعها مستقبلاً من حول رقبتها، فليكن عيدها بداية نهضتها الحقيقية، ولتكن أكثر جرأة في طرح حقوقها، ولتتخلص من سلبيتها وترددها وليكن عيداً سعيداً لها ولكل نساء العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة