الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة في الشرق الأدنى عبر العصور

حسن الصفدي

2014 / 3 / 6
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014


كان المصريون الفراعنة يأبون تزويج بناتهم خارج مصر مهما كان شأن الطالب. بيد أنهم كانوا يرحبون بالزواج من بنات شعوب أخرى مهما نأت.
وكان عرب الجاهلية، من أطراف شبه الجزيرة العربية حتى أقاصي الجزيرة الفراتية السورية الممتدة في الأناضول الشرقي، يسيرون على المنوال نفسه، فكانوا يمانعون من تزويج بناتهم إلى أفراد من أرومة أخرى، حتى لو كانوا ملوكاً، مع أنهم كانوا يسارعون إلى الزواج من بنات غيرهم. وكانوا يعدون هذا أمراً طبيعياً، لأنهم يمارسون الزواج الخارجي عبر القبائل المتمايزة فيما بينها.
وما وصلنا من قَصَص عن حالات عشق بين أبناء عمومة رفضتها القبيلة ولم تنته بالزواج، ربما تشير خفايا ثناياها إلى آثار منع تزويج ذوي القربى، بالتالي امتناعهم عن ذلك بحجة مُفارِقة هي رفض الحب الذي يحفظون أشعاره ويتغنون بها علناً. لذلك أسموا ذلك العشق حباً عذرياً، وهذا شأن طبيعي، فالرضا بزواج أبناء العمومة العاشقين ربما كان سيبدو كأنه سماح ضمني، أو رضا بالعودة إلى "سفاح المحارم".
ومن المحتمل أن يكون لرفض تغريب البنات ارتباط (أنتربولوجي) بتحول ميل الرجل القديم من الاحتفاظ بالإناث وتغيّر مظاهره، مع التطور الحضاري، إلى الخشية من إذلالهن بعيداً عن أهلهن دون نصير يحميهن أو يشفع لهن، وهن المعززات عند أهلهن، المكرّمات عند قومهن. فقد وصل الأمر في جاهلية العرب إلى أن لا تتزوج الحرة إلّا من ترضاه، إذ تستشار فيمن يأتون خاطبين، على ما تسرد الروايات المتناقلة، في الوقت نفسه لم تذكر تلك الروايات ضرائر لهاته الحرائر!! ودعك من مِلك اليمين، فهذا متوفر في الأسواق وفي البلاد المجاورة، ولسن بالنادرات أولئك اللواتي اشترين لأزواجهن أماء، للإنجاب أو للتمتع، بحسب واقع النظام الاجتماعي الاقتصادي السائد آنذاك، فالخطف وشراء الإناث رافقا الزواج الثنائي منذ ظهوره. وحرائر تلك الأيام، هن اللواتي كنّ يُدافع عنهن، وتنشب الحروب من أجلهن ومن أجل كرامتهن (والقصص في المتون وفي السير الشعبية عن هذا ليست بالقليلة). وكان أن أنجبت أمثال تلك النسوة حكماء وزعماء وقادة يتساندون ليحفظوا السلم الأهلي أو ليخوضوا معارك ناجحة دفاعاً عن قومهم.
من الممكن اعتماداً على إحدى النظريات القول إن إرثاً تبقّى من العصر الأمومي، الذي حلّ بعد قيام الأبناء الذكور بقتل الأب الذي كان يحتكر لنفسه كافة النساء، ويطردهم بعيداً عن مجاله عندما يشبون. ولما كان الأبناء قد اشتركوا في النسوة، بعد تآمرهم على ارتكاب خطيئة قتل الأب، فقد قامت النساء باستلام دفة تسيير الأمور ردحاً من الزمن وكن طاغيات. ثم ما لبث أن أدى نجاحهن في استنبات الجذور والبذور خلال غياب الذكور أمداً في مطاردة الصيد، إلى نشوء النظام الزراعي ومن ثم ظهور النظام البطريركي وعودة السيطرة إلى الذكور حاملي وزر الخطيئة الأصلية (قتل الأب).
يشير بعض الأنتربولوجيين إلى تجاور النظامين الأبوي والأمومي أحياناً، في بعض المناطق وعند عديد من الشعوب، قبل أن ينتهي الأمر إلى شمول الأول وبقاء آثار من الثاني. ويرى آخرون أن بقاء الانتساب إلى خط الأم بُعّيدَ تكريس تحريم زواج الإخوة والأخوات لأم بتاتاً.
كان له أَثَرٌ باقٍ عند العرب في أسماء القبائل كجهينة وحنيفة في جزيرة العرب وربيعة في نصيبين إلى جوار وائل في ديار بكر ومضر في حرّان والرها (أورفه) في الجزيرة السورية.
إنها مسألة تحتاج إلى بحث دقيق وعميق كيف انتكس وضع المرأة، منذ مئات قليلة من السنين، وكيف أضحت متاعاً في المنظومة الذكورية، يتحكم فيه الأب أو من يقوم مقامه من عم أو أخ أو زوج، دون أن يكون لها الحق في تكوين رأي أو إبداؤه، فمن حق الولي الذكر التسلط عليها، وكذلك تزويجها حتى لو كانت طفلة، ويقبض مهرها ويسلمها لمن دفع. وغالباً ما يستولي أعمامها أو إخوتها على إرثها العيني (وخصوصاً الأرض)، وقد يتصدقون عليها ببعض المال.
قد يعترض معترض بأن التشريع لا يسمح بهذا، وأن فيه العديد من الضمانات. هذا الرد يصدر عن نزعة أخلاقية محمودة. لكن المعتمد ما يجري بين الناس بناءً على ما هو راسخ في المعتقد الشعبي حالياً، من كون المرأة قاصرة. بل يصل الأمر بالبعض إلى اعتبارها أس الشرور، وهذا من آثار جانب من العقيدة اليهودية عششت في وجداننا، ويزيد في حدة سيطرتها المجتمعية ترديد بعض محدودي المعرفة لها، والتأكيد عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دور الرجل ودور المرأة على مر التاريخ
ليزر ( 2014 / 3 / 8 - 10:51 )
عندما طالبت بالمساواة بالرجل فقدت منزلتها وفقد احترام الرجل لان منزلتها هي من يفرض الاحترام مثل الموظف الصغير عندما يرتقي في السلم الوظيفي ففي كل مرحلة يتعاظم احترام من حوله له. فبدل ان تعزز وتعظم مكانتها ودورها إعلاميا وتربويا هدمت منزلتها بيدها.

منذ ملايين السنين تم رسم دور الرجل ودور المرأة ومع مرور الزمن عزز كل طرف الأدوات التي تجعله يؤدي دورة احترافيا. فالرجل طور القدرة البدنية على أساس انه حامي الحمى وجالب الطعام والمرأة طورت قدرتها على تربية النشء والحفاظ على سلامتهم.

المخطوطات القديمة تثبت أنهما كنا يعيشان في تناغم واحترام متبادل لأدوارهما ولم يوجد دليل على صراعات أو أن دور أهم أو اقل أهمية من دور. فهي لن تكون إلى منزلة الرجل إلا إذا أرادت الانتظار ملايين السنين.

اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز