الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في موجة النضال العمالي.. ومهام الثوريين

هشام فؤاد

2014 / 3 / 6
الحركة العمالية والنقابية


وائل، وزينب، وأبو زيد، والبحيري، وباسم، وعبد الرحمن.. وغيرهم الآلاف من القيادات الاجتماعية في كل مكان، يفتحون الطريق مجدداً لاستعادة الثورة من سلطة الظلم والاستعباد بعد أن اعتقد كثيرون أنها انتهت. لكن حركة الجماهير وعمق المشاكل كان لها رأياً آخر.

تأمل ما تقوله القيادات العمالية تعي ما أقصد: “السنة دي مش سنة عادية.. دي سنة ثورة الفقراء”، الكلام لسمير من البريد، ويضيف: “احنا مش هنصوّت لحد في انتخابات الرئاسة على بياض.. وننتظر ماذا سيفعل المرشحون”. بينما يعلّق أحمد بهيئة النقل العام: “طب الجيش نزّل أتوبيسات عشان يكسر الإضراب، طب لو هو مهتم بالجمهور ليه ما بيتفاوضش معانا.. ولو أضرب عمال المترو والسكة الحديد، هيعمل ايه؟ هينزل قطارات برضه!”.

عامل آخر يصرخ: “أحوالنا تدهورت عن أيام مبارك.. بس احنا بقى عندنا خبرة واتعلمنا كتير من السنين اللي فاتت وشكّلنا نقابات وحاجات كتيرة.. وبقينا ما بنخافش”.

ويقول جمال من طنطا للكتان: “قاعدين يقولوا أيادي خفية وراء الإضرابات. طب أنا نزلت في 30 يونيو وفي التفويض.. مش عارف إزاي بيتهموني إني إخوان، بس احنا هنحارب عشان نشغّل الشركة ومش هنسيبها لحد”.

كلام العمال يشير بوضوح إلى أن الوضع الاقتصادي سيء للغاية وغير محتمل، وأن العمال مازالوا يناضلون من أجل مطالب عُمرها يعود إلى 2006، وهم يكافحون على نفس المطالب العمومية تقريبا.. لكن الوعي والتنظيم زادوا، وقد تعلم العمال من تجربتهم ومن القوى الثورية والحقوقية التي ناضلت معهم منذ هذه الفترة الكثير، فبات قسمٌ منهم على الاقل يشكّل قيادة واعية داخل مواقعهم، فضلاً عن أن شعارات هذه القوى الاجتماعية لها نصيب من المشهد، الذي يحتوي أيضاً على نسبة لا بأس بها ترفع صور السيسي باعتباره “المخلص”، أو من في يده القرار.

واللافت أيضاً أن الموجة الجديدة وصلت إلى أكثر من 150 إضراباً واعتصاماً خلال شهري يناير وفبراير. وترفع هذه الموجة مطالب هامة، أبرزها الحد الادنى للأجور، وعودة الشركات وتشغيلها، والتطهير، وعودة المفصولين. واحتل القطاع الحكومي المرتبة الأولى في الاحتجاجات يليه قطاع الأعمال ثم الخاص.

النضال الديمقراطي
نضال العاملين بأجر في طريقه نجح في كسر قوانين استبداد الثورة المضادة. فقد كسر العمال عملياً في نضالهم قوانين التظاهر والعمل وتجريم الإضرابات.

اخترقت مسيرات العمال شوارع وسط البلد متجهةً إلى مجلس الوزراء دونما تصريح. المساحات التي انتزعها العمال تساهم تدريجياً في أن يلحق قانون التظاهر بالقوانين سيئة الصيت التي تحوّلت إلى حبر على ورق قبل ذلك. وإذا ما تحقق ذلك ستكون خطوة كبرى ليس في صالح العمال فقط ولكن لصالح المجتمع كله.

نضالات العمال كذلك، في سعيها لتحقيق أحد المحاور الأساسية للثورة وهو العدالة الاجتماعية عبر المطالب العديدة المرفوعة وأبرزها الشعار المرفوع الآن “حد أقصى للأجور.. يا كبير”، انتزعت حرية التنظيم على الأرض بتشكيل نقابات مستقلة جديدة تسعى للاستفادة من خبرات النقابات الورقية الموجودة، وكذلك تتدخل في صلب عملية الإنتاج وإدارة المجتمع، عبر المطالبة بعزل رؤساء الهيئات والشركات القابضة والمفوضين وتشكيل مجالس إدارات يختارها العمال كما حدث في المحلة. وكذلك السعي لوقف الخصخصة عبر عودة الشركات إلى المال العام برقابة العمال، وهي عملية سياسية في المقام الأول وتواجه حتى اليوم اشد أنواع المقاومة، بالضبط لكونها استراتيجية اقتصادية للطبقة الحاكمة التي تعمل حالياً على دوران عجلة الخصخصة من جديد، بل وتُصدر العديد من القوانين التي تمهد لجذب الاستثمار لحلب عرق العمال وثروات البلاد.

تأمل كذلك تهديدات عمال النقل العام بتشغيل الأتوبيسات بالمجان، بعد أن قرر الجيش الدفع بأتوبيسات لكسر إضرابهم.. مرة أخرى بذرة لمجتمع اشتراكي تنمو داخل النظام الرأسمالي المتوحش، ولكن تحتاج إلى من يرويها ويعززها ويعممها من قوى سياسية ثورية.

إضراب الأطباء طرح أيضاً ملمحاً مهماً في الحركة الاجتماعية الجارية، وهو تدخلها في معركة مباشرة مع الحلف الاجتماعي الحاكم. فالحلف الحاكم يدافع عن المستشفيات الخاصة والاستثمارية، والأطباء يضربون للمطالبة بتحسين المنظومة الصحية في المستشفيات العامة والوحدات الصحية.. وكذلك يضم الإضراب أطباء بشريين وأسنان وصيادلة، فضلاً عن المشاركة المتكررة للفئات الأكثر معاناةً وتضرراً في المنظومة الصحية من التمريض والعمال والموظفين.

التنظيم والتنسيق والتضامن
الموجة الراهنة شهدت درجات من التنسيق تتلاحظ في الإضرابات القطاعية التي سادت قطاع الغزل والنسيج بقيادة عمال غزل المحلة، الذين يلعبون دوماً القاطرة التي تحرك قطاع النسيج ومن وراءه عمال مصر. كما يتلاحظ ذلك أيضاً الإضرابات التي نظمها موظفو الشهر العقاري والبريد والمساحة التى شملت عدة محافظات.. عبر لجان تنسيقية “فيسبوكية” وعلى الأرض.

وفي النقل العام.. من اللافت وجود تضامن بين قطاعات النقل المختلفة من سكة حديد ومترو. ولكن لم يصل إلى حد التحرك المشترك أو تنظيم إضراب تضامني، حتى ولو تباطؤي.

وكذلك بالنسبة لشباب العمال، فمن أبرز إضرابات الموجة العمالية الراهنة إضراب عمال الحفر الذي شمل عشرات المواقع في مختلف أنحاء البلاد، كان المنظم الرئيسي له صفحة للعمال على الفيس بوك بالإضافة إلى قيادات العمال الذين تم فصلهم بعد إضراب سابق.

لكن الموجة الراهنة من الممكن أن تحقق أهدافها الرئيسية، وبالذات الحد الأدنى للأجور، لو أن هناك لجنة تضامن تنسق بين القيادات العمالية المكافحة، في إطار صيغة للعمل المشترك بين كل ألوان الطيف النقابي في إطار برنامج اقتصادي مطلبي وبرنامج ديمقراطي يحقق طموحات وآمال العمال.

بوجود مثل هذه اللجنة، مع تجذيرها وتعميق قاعديتها بين العمال، يتحرك العمال معاً ويضربون معاً ويتضامنون معاً، ويومها لن تجد الحكومة سبيلاً أمامها سوى الاستجابة لمطالبهم. باختصار؛ لا يجب أن نعلّق آمالنا على وزير أو وزيرة، بل على إرادتنا وأن نتجمع حول وحدة المصالح، وهو ما يسعى إليه الاشتراكيون الثوريون مع كل القوى الثورية والنقابية الشريفة.

وكذلك يتلاحظ، على الرغم من علو صوت بعض الجهات العمالية ضد التشكيل الفلولي لحكومة محلب واختياره لناهد العشري عدوة العمال لشغل منصب وزيرة القوى العاملة، وهو ما يعنى أن النظام قرر تحدي العمال ومواجهة حركتهم، أنه لم تكن هناك معارضة قوية وسط العمال للتشكيل الحكومي برمته في صورة تحركات احتجاجية على الأرض ضد حكومة تمثل بالضبط عكس كل ما يناضلون من أجله.

وهنا لابد أن يتحرك قيادات العمال من أجل تشكيل حزبهم السياسي القادر على مناطحة الحكومة ومحاصرة السلطة؛ فبدون الدخول في معترك السياسة بوضوح، لن يحقق العمال أهدافهم في التحرر من الفقر والاستغلال والاستبداد.

المؤكد أن عمال مصر أمامهم معركة تكسير عظام، بدافع الجوع والقهر وغلاء الأسعار مع حكومة “الحزب الوطني” الجديدة، التي ترفع عالياً شعار: “اخبطوا رأسكم في الحيط”. لكن المؤكد أن هذه الحكومة أيضاً ستكون تحت ضغط الانتخابات الرئاسية المقبلة، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية المتصاعدة وتصاعد الغضب الشعبي وعودة الجامعات المرتقبة وتزايد الاحتقان بين حلفاء الأمس من الفلول والأحزاب الليبرالية التي أُطيح بها من الحكومة الجديدة، مما سينعكس حتماً على المشهد السياسي والجماهيري، وهي فرصة ينبغي انتهازها، وتحقيق مطالب قديمة، خاصة لو تحركنا مُوحدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهند.. أكثر من 80 بالمائة من الشباب عاطلون عن العمل!!


.. العاملون في شبكة الجزيرة ينظمون وقفة بمناسبة اليوم العالمي ل




.. مع ولادة كل طفل.. حياة الأمهات العاملات في ألمانيا تتغير، كي


.. اتحاد نقابات عمال مصر يهدي الرئيس السيسي درعا تذكاريا




.. الرئيس السيسي يوجه بسرعة الانتهاء من مناقشة مشروع قانون العم