الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوادث الثلاث الفارقة

لينا سعيد موللا

2014 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية




البارحة عشنا ثلاث حوادث فارقة تتعلق بالملف السوري و تؤثر عليه :

الحدث الأول : استرجاع الثوار لبلدة السحل الاستراتيجية في القلمون السوري، وتكبيد قوات لاحش والنظام وأبو الفضل العباس، خسائر قاسية غير مسبوقة وأسر العديد منهم بمن فيهم ضباط لبنانيون من الطائفة الشيعية بما سيحمله من إحراج للحكومة اللبنانية التي ستكون مطالبة بدور صارم في كبح لاحش وثني الطائفة الشيعية من التورط أكثر والخروج عن ما تبقى من الرداء الوطني اللبناني .
كان ذلك مباغتة وعبر أسلحة نوعية ، بدليل حجم الخسائر البليغة والعدد الكبير من الضحايا والأسرى . وهي معركة ستشكل منعطفاً من السابق الحديث عن مدلولاته . لكننا سنلمسها قريباً .

الحدث الثاني : كان في سحب البلدان الخليجية المجاورة لقطر سفرائها من الدوحة احتجاجاً على تصرفاتها بشؤونها الداخلية عبر تمويل ودعم قوات مناوئة لها، والحقيقة أن قطر ومنذ فترة طويلة تلعب دوراً قذراً في تمويل الجهات المناوئة للأتظمة الحاكمة، تلعبه لا لابمان بحركة تحرر الشعوب العربية، وإنما لصالح كل من أميركا وإسرائيل، وكانت الدول الخليجية على اطلاع كامل بهذا الدور، لكنها آثرت ألا تحرك ساكناً طالما أنه لا يؤثر على أمنها الوطني، لكن قطر في الآونة الأخيرة تجاوزت حدودها المسكوت عنها إثر الضغط المتأتي من الخلل الحاصل إقليمياً ودولياً، وبات مطلوب منها تمويل جهات تعتبرها الدول الخليجية الثلاث معادية لها.
نذكر أن قطر دعمت القاعدة عبر النصرة ومدتها بالمال والسلاح منذ بداية الأزمة، وجعلت القاعدة السورية أقوى من الجيش الحر الناشئ والذي يبحث عن دعم خارجي، حورب وجوع وأمسك عنه السلاح وما زال عبر حكومة قطر، وبالمقابل هذا السلاح لم ينفك عن التهافت على مسلحي النصرة الذين سيكونون مستقبلاً أشد أعداء السوريين بعد انتهاء الجيش الحر والنصرة من داعش ولاحش وبقية العصابة الخارجية .

قطر المدعومة أميركياً وإسرائيلياً لن تقف عن لعب دورها المرسوم لها، لقاء بقاء العائلة المالكة في سدة الحكم، وتداولها له بطريقة سمجة، وكذلك استضافتها لأكبر قاعدة عسكرية أميركية في الخليج، وبقاء الامارة خالية من المشاكل والتهديدات التي تتعرض لها بقية الأنظمة العربية .

سيكون لهذه القضية ذيول كثيرة وتشعبات، خاصة بعد أن ضعف الدور الأميركي وبالتالي الضغط الناشئ عنه في مصر ودول الخليج، وبروز قوة موسكو التي تعلن عن عودتها كقطب ثاني، وتحاول بناء تحالفات جديدة واستقطاب الدول المتململة من السياسة الأميركية .

أميركا العاجزة اليوم على العودة إلى ميدان الشرق الأوسط بعد نسفها للكثير من الجسور، فهي لن تتخلى عن دور قطر الضروري في خلق التوازنات التي تحقق تدخلاتها ومصالحها في المنطقة، كما أن إسرائيل لن تستطيع تغيير ركيزتها الأهم في المنطقة لعدم وجود ركيزة أخرى جاهزة وقادرة على أداء ذات الدور، هذا يعني أنها ستتصلب في موقفها وتجند قناة الجزيرة أكثر في مهاجمة الخصوم، لكن هذه الأخيرة فقدت بريقها نهائياً، وقطر باتت محاطة بدول متوجسة منها وغير قابلة لدورها، وستشهد منافسة تخنقها، ومهما كان رأينا في السيسي فهو مرشح لقيادة محور خليجي مصري عربي فيما بعد يقف كدرع جديد في مواجهة الأطماع الغربية والاسرائيلية، ستكون محاولة ستستفيد من عبر الماضي، من غير كبير آمال في أنه سيوفق في أداء هذه مهمته لأنه سيبقى بأدوات جامدة وتقليدية . .

الحدث الثالث : هو مصادرة حمولة من الصواريخ المتطورة نسبياً، تنقلها سفينة شحن آتية من إيران ووجهتها قطاع غزة، وواضح من توقيت كشف هذه الصفقة، أن هذه الصواريخ والأسلحة التي تنقل إلى الجهاد الفلسطيني (( لا إلى حماس التي فترت علاقاتها مع إيران، فاتجهت صوب قطر، التي تقوم بتمويلها شريطة عزوفها عن ضرب إسرائيل، فيما يبقى الجهاد حراً من هذا الالتزام، لأن تمويله لم ينقطع من إيران )).
العملية التي كانت ستخدم هذه الصواريخ البعيدة المدى هي لضرب العمق الاسرائيلي، كرد على الغارتين الاسرائيليتين على لاحش منذ عشرة أيام، والتي تساهم سوريا فيها بحصة الصواريخ المصنعة محلياً، باعتبار أن الضربة الاسرائيلية قوضت وأخرت العمليات الحربية المشتركة من لاحش، لأجل حسم معركة القلمون .
والواقع أن إسرائيل كانت تنتظر رداً من لاحش مدعوماً من قبل كل من إيران و سوريا، باعتباره بات محرجاً أمام الرأي العام الشيعي في لبنان، وحتى أمام الحلفاء والخصوم، وكان يكفي قناة المنار أن تكون أول الناقلين لخبر استهداف هذه الصواريخ لأهدافها الاسرائيلية، لتحمل توقيع لاحش على الغارتين، كسياسة رادعة للدولة العبرية تلزمها بإعادة حساباتها، لكن تل أبيب ربحت المعركة المخابراتية وأجهضت انتقال هذه الصواريخ قبل وصولها إلى وجهتها .
هذا يزيد الضغط على لاحش وإيران كما على سوريا خاصة بعد أن منيواالبارحة بخسارة قاسية في القلمون، وجاء رد النظام كالعادة بتكثيف غاراته بالبراميل المتفجرة في محاولة للانتقام، لكن كل هذا القصف لم يعق الثوار عن تحقيق كسبهم لمعركة استرجاع السحل البارحة وتسجيل نقاط ثمينة في نزاعهم مع القوى الطائفية المدعومة إيرانياً .

وفي محاولة لاستشراف المستقبل الذي يزداد تعقيداً ..
سيتقوض دور قطر تدريجياً حتى يختنق، وسينعكس هذا على أداء قناة الجزيرة القطرية وربما لونها وحتى وجودها، سنشهد بروز قطب عربي جديد في مواجهة كل من إسرائيل وأميركا وإيران، وسيكون له تحالفاته الجديدة وربما المفاجئة، سنشهد محاولة جادة لخنق النصرة كمركب تابع للقاعدة المكروهة من دول الخليج المناوئه لقطر، كما زيادة الضغط على حكومة أردوغان لأجل تغيير سياسة دعمه للجناح الديني للمعارضة السورية، وذلك سواء بقي أردوغان على رأس السلطة، أم اعتكف العمل السياسي .

البارحة حمل مؤشرات تبدل عميق في الشكل السياسي، وبداية معركة جديدة بأحلاف جديدة، أتمنى أن تستغلها معارضتنا بالشكل الجبيد لتقترب أكثر من مبادئ الثورة التي قمنا عليها جميعاً، ومن دون تقديم المزيد من التنازلات المؤلمة التي كانت وبالاً علينا جميعاً .

قادمون
لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي