الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرثية / ا / 2...

سعدي عباس العبد

2014 / 3 / 7
الادب والفن


مرثية متأخرة ل : صديقي جبار / ا __

صباح التوابيت والدخان ..امس ارتجت الارض ..اهتزت بقوّة الصمت المعرش في الروح [ روح الشعب ] !!! امس انحدر صديقي جبار ... متسلقا سفح الغياب متوجها نحو الأبدّية ..كان الوقت ما قبل حلول المساء او عند أوّل الليل . لا اتذكّر ..كنت مريضا ..وكانت الاوجاع في ذروتها ..لا ادري من اطلق النبأ المفجع ..بيد إني سمعت احدا يصرخ : مات جبار في الانفجار ...كان فضاء البيت الضيّق يكتظ بالصمت وبعض الجيران الذين قدموا لشيء ما ...
فارتج بدني وساقي المشلولة تحت ثقل النبأ او الخبر الفاجع ..مازال طيفه ..طيف البارحة صباحا عالقا في ذاكرتي ........... بكيت بصمت ..طار جبار ..وطارت معه الاحلام ..احلام بناته الصغيرات على الاحزان ..طار باجنحة من رماد وذكريات ...طار خارج فضاء العائلة ..خارج سماء الصداقة الحميمة ...بقيت مشدودا بخيط من الذهول فلم استطع ان اقول شيئا ، كانت الصدمة ماتزال حارة في اعلى درجات فورانها كانت اقوى من انّ تتيح ليّ فرصة لالتقاط خيبتي وانفاسي ..كانت على اشدها ..لم تبلغ درجة الالفة بعد ! ..تخيلّت كلّ الذين طاروا في الانفجارات ..تخيلتهم متشابهين على نحو مذهل ..متشابهون في الصدف العمياء التي قادتهم إلى حتفهم ..متشابهون في الفقر والجوع والكراهية الشديده للحكومة والارهاب والساسة اللصوص او العصابات المحصنة في ابراج المساحة الخضراء ..تخيلّت الكراهية تتساقط مع اشلاءهم في مجرى عارم من الدوي والدم والعظام والغبار والحديد التالف واللحوم العارية الملطّخة والثياب المعفّرة بالسخام والدم ..
كان الوقت قد تجمد لحظة سماعي النبأ..تجمد في مجرى من الدموع وفيضان مذهل من الذكريات واللاعوده ..ظل الخبر ينشر صداه ..ينشر اشرعته
/ مرثية : 2 __
مرثية* مرث : مرة واحدة وإلى الأبد ......مات جبار في انفجارات البارحة ..نشر اشرعة روحه في سماء البيت ..بيته . الذي بات موحشا مقفرا ...لم اكن اعلم ان صباح البارحة هو الصباح الأخير المزدحم بالأحلام الصغيرة والمواعيد والامال ..احلام لم اكن اعلم انّها كانت محمولة على كف من وقت ما ، وقت متأجج لن يعود ثانية .. متأجج بجذوة النهايات الأليمة ..قبل ان ينحدر بكامل خطواته نحو حتفه ..نحو قدره الدامي ..كان يحلم ..
باحلام بناته الصغيرات .. احلام ناعمة رقيقة صغيرة ..بنعومة البنات ..بناته ..احلام محفورة باصابع من الأمل والحبّ وانتظار غدا مشرقا خال من الفقر والنكد والبكاء ... كان قبل ان ترتبك الأرض تحت تحت قدميّه ..قبل تتفتّتت خيوط الاحلام ..كان يحلم بنزهة صغيرة على قدر الحال ..نزهة مع بناته الصغيرات في حدائق او منتزه الزوراء ..كان ذلك الحلم مشروع مؤجل باستمرار ..مشروع يغفو على وسادة ناعمة من الانتظار ..غير انه هذه المرة كان جادا وحازما ...طار الحلم ..حلم البنات المعوزات الحالمات ..حلّق مع جبار الطائر بسرعة الضوء نحو الأبدية ..كأني المح طيفه الآن يطل من وراء الابعاد الغائمة ...يقود البنات صوب حلم بعيد او غيمة ...المحه يشق له ممرا محفوفا بهمس الريح والاحلام والذكريات ..
مات جبار في يوم لا مثيل له ! كم انا بحاجة لرؤيته الآن ..تماما الآن ..ولكنه مات في يوم لن يتكرر ..يا ترى اين هو الآن ؟ بماذا يفكّر ..يقينا مشغول بالبنات الصغيرات ...مشغول بغدهنّ المجهول ..بمصيرهنّ المعلّق على كف من العوز والضّياع ..لن يعود هذا المساء الى البيت ..لن يعود جبار ابدا .....لن يرى بناته ..لن يرى البيت ..لن يراني ..لن يجلب ليّ الدواء ..آخر مرة اشترى ليّ اقراص الاسبرين قبل اسبوع ....لماذا توقف الزمن في ذاكرة الاحلام ..ما زالت تشدني رغبة حميمة للبكاء ..لرؤيته مرة اخيرة ..بماذا كان يفكّر في لحظة ارتجاج الارض ..لماذا لم يفكّر بمغادرة المكان قبل ان تهتز الاحلام او الارض ..قبل ان يبرق الخيط المضيء الذي سيتناسل الى اشلاء ..قبل ان تتفتّت خيوط الاحلام والمواعيد والطمأنينة المستكينة لزمن قائظ مجفّف ...الان وانا اكتب مرثيته او مرثيتي المؤجلة لخراب آخر سيأتي في الطريق ..اراه او ارى طيفه على مقربة مني ..يتلفت لكل الجهات كما لو يبحث عن بناته في زحام الموت ..يبحث بتلك العينين المتساءلتين المرتبكتين ..
كأنه يسألني عبرهما ..او يوصيني او يرجوني او ...ان اتفقد البنات الصغيرات باستمرار ..
// لا استطيع ان اواصل المرثية او في الحقيقة لا اعرف كيف اكتبها ربما اعود لكتابتها في وقت لاحق ..مازلت مرتبكا ولا اجيد او احسن الكتابة ..الا في مناخ اجدني لست مضطربا فيه ..حتما ساعود لذكرى جبار ..يا للهول ..جبار بات ذكرى !!!!!!!!!!!!
أعجبني · · مشاركة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر