الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تحرير المرأة – مُمارساتٌ عملية للتمكين

نضال الربضي

2014 / 3 / 7
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014


سيبقى الكلام عن المساواة بين النوعين مجرد حديث ٍ جميل يُعبِّر ُ عن السمو الأخلاقي و الدرجة الحضارية للمُتحدِّث، لكن ما أن ينفض َّ السامر حتى تتبخر الكلمات و يمضي المُستمعون و المستمتعون إلى الحياة يستكملونها كما قبل حديثهم، و كأنه مُجرد استراحة ٍ من دورة الحياة و تذكير ٌ بما هو أفضل من الموجود، و إشباع ٌ محدود لإلحاح ٍ داخلي شاهد ٍ على الجريمة في حق الحياة و الأنثى دون أن يعني التذكير أو يُلزم الإشباع ُ تغيرا ً في واقع الحياة.

لذلك لا بُدَّ من إرفاق دعوات التوعية بممارسات عملية أرى أن على كل امرأة ترغب ُ في نيل حقوقها أن تسعى لتطبيقها، و حتى و أنا أكتب هذه الكلمات أعترف ُ أن جملة "أرى أن على كل امرأة" هو ربما استمرار ٌ لخطاب الفرض الذكري، لكن عُذري هنا أن "أرى" معناها "أعتقد" و من حقي الاعتقاد، و أنني لا أُلزم و لا أسعى للإلزام لكنني أنصح و أُرشد إن جاز لي النُّصح، و أنني لا أعتقد بدونية المرأة و لم أعتقد يوما ً، فلا يندرج قولي تحت الوصاية الذكرية، لكن في فضاء ِ الحب الإنساني، فانظري معي سيدتي و لك ِ الخيار.

سأقدم الممارسات العملية التالية، و التي لاحظت ُ بالتجربة الشخصية أو بمراقبة تجارب الآخرين، أنها ناجعة و نافعة و مُؤثِّرة و مُمكِّنة (من التمكين) للمرأة، و ضامنة لمسيرة حياة أغنى بالمشاركة و أعذب بمُخرجات المُساواة المُشتركة و التي ترفع من مستوى العطاء بين الزوجين في فضاء ٍ من الحب و الاحترام و القبول المشترك، و الرغبة الثُنائية في استدامة العلاقة و صون ِ بِنائها و ترابطه.

فنلبدأ بسردها:

- الممارسة الأولى: سيدتي، إذا جاءك ِ خاطب و اشترط َ أن تتركي العمل، فلا تقبلي. إن تركك ِ للعمل هو بداية عبوديتك ِ، لأن اعتمادك ِ التام سيكون عليه في المأكل و المشرب و الملبس، و سيستتبع هذا بالضرورة انقيادا ً تاما ً له، و حَجْرا ً على كيانك ِ و شخصيتك ِ، و تبعية ً لا فكاك منها، ناهيك َ عن تدمير مستقبلك المهني.


- الممارسة الثانية: إذا كنت ِ مُسلمة ً فليكن شرطُك ِ واضحا ً أنه لا زواج ثاني و لا تعداد، و لُيكتب هذا الشرط في العقد، و أنه في حالة التعداد عليه أن يقوم بتطليقك ِ فورا ً مع إعطاءك ِ كامل حقوقك ِ، و أقترح عليك وضع بنود مالية مُلزمة له في العقد.


- الممارسة الثالثة: الاتفاق على المشاركة في المُلكية مشاركة انتصاف، فعند شراء بيت ٍ أو شقة يجب أن يكون نصفها باسمك ِ على أن تشاركي من راتبك ِ في سداد نصف قيمة القسط البنكي، و بهذا تتعاونان على الحياة بحب و شراكة و اعتراف متبادل طوعي و إرادي، و تضعين نفسك ِ في موضع الاحترام الذي ينتج ُ بالضرورة من مشاركتك ِ المتساوية. إن هذه المشاركة هي رسالة واضحة بأهليتك ِ و مساواتك ِ و عدم دونيتك ِ و هي أهم من أي خطاب أو مقال.


في حال تعذر لأسباب ٍ تتعلق بالتمويل و الشروط البنكية أن تشاركي بقسط الشقة و ملكيتها فيمكنك ِ أن تساهمي في سداد قسط السيارة مثلا ً و تكون باسمك ِ أنت ِ. يمكنك ِ سيدتي أن تقيسي على البيت و السيارة أشياء ً أُخرى كثيرة تضعُك ِ على قدم المساواة و تنفي دونيتك ِ، و ما السابق إلا مِثالان من أمثلة عديدة.


- الممارسة الرابعة: اتفقي مع زوجك ِ قبل الزواج على تحيد تدخل الوالديِن، فلا تسمحي لوالدتك ِ بالتدخل و لا يسمح ُ لوالدته بذلك َ أيضا ً، اجعلي علاقتك ِ معه قائمة على مُباشرة بينكما بدون طرف ثالث أو أطراف أخرى، لأن من شأن هذا أن يجعله يعترف بك ِ شريكا ً كاملا ً، حين تظهرين أنت ِ بمظهر هذا الشريك و تُعطين هذا الانطباع، و هذا لا يتم إلا بالاستقلالية التامة عن الطرف الثالث أو الرابع.

- الممارسة الخامسة: في حال كونك ِ عزباء غير مُرتبطة، فلتكن مُساهمتُك ِ في بيت ِ أهلك ِ واضحة معلومة النسبة، بعدالة تقسيم مع مساهمات أخواتك ِ و إخوتِك ِ بحيث لا تقدمين المال حين يمتنع الآخرون، و بذلك تُلزمين الجميع أن يقدموا ما يستطيعون، و تتعاون العائلة على الحياة مُعترفة ً بدورك ِ ضمن الأدوار، و بنفس المقدار دون تبخيس، و دون اعتبارك ِ مجرد تحصيل حاصل مضمون.


- الممارسة السادسة: إذا جاءك ِ العريس و أردت ِ الزواج، و شعرت ِ أن العريس "فرصة" و "لقطة" و لا يوجد ما يعيبه، لكنك مُضطرة للتنازل عن استقلاليتك ِ أو خسرانه، فالأفضل أن تخسريه، لأنك ِ في الواقع قد كسبت ِ نفسك ِ. لا تساومي على نفسك ِ و لا تشعري بالرثاء لكونك ِ عزباء سيفوتها القطار، استخدمي مهاراتك ِ في إيضاح موقفك ِ بكل وعي و حكمة، و إن استمرَ على رفضه، و رغبته في امتلاكك فلا تتردي في رفضه. لا تساومي على نفسك ِ أنت ِ لست ِ سلعة، لست ِ أداة، لست ِ شيئا ً، آمني بهذا و إلا فلا تلومي إلا نفسك ِ لاحقا ً و لن يرحمك ِ أحد.

إن هذه الممارسات السابقة تقتضي أن تُحس َّالفتاة ُ بقيمتها أولا ً و أن تُدرك المواهب الطبيعية و الإنسانية َ فيها، و أن تكون مُستعدة ً لخوض هذه التجربة و التي فيها تختار ُ أن تتمرد على ما يزرعونه فيها من "دونيتها" و النظرة ِ إليها، و أول ُ هذه "النظرة" ما صدر عنها هي لنفسها، فتنفُض عنها ضعفها و تأبي على نفسها الذل و الهوان و العبودية.

كما يجب عليها قبل كل شئ أن تتعلم، و تُكمل تعليمها، و ألا تقبل َ الارتباط إلا بعد سنوات الجامعة و على الأقل سنة أو سنتين عمل، تفهم فيهما الحياة و الناس و دورة الأيام و تبعات المسؤولية و أنماط التفكير البشرية، فتمتلك َ نفسها و تُنمِّي عقلها، و تَنضُج َ اجتماعيا ً بوعي ٍ ناتج ٍ نتيجة مباشرة من العلم و العمل و المسؤولية.

إن السلاح الأعظم هو العلم و التعليم و يتبعهما بالضرورة الخبرة ُ الحياتية، و هؤلاء الثلاثة هما التمكين الذي يجب أن تطلبه المرأة و لا تتنازل عنه و لا تقبل عنه بديلا ً مهما كانت المُغريات أو الضغوطات المعيشية كبيرة ً. من هنا نبدأ، نحو تحرير المرأة و تمكينها.

معا ً نحو الحب، معا ً نحو الإنسان!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة