الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى الخلف درْ

رائدة زقوت

2014 / 3 / 7
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014


كنت قبل أيام أقرأ رواية ( ابنة الحظ ) للكاتبة " إيزابيل اللندي" - لمن لم يقرأ الرِّواية - هي قصة فتاة من القرن الثامن عشر تخوض الكثير من المغامرات حتى تصل لمبتغاها، ليس هذا بالتأكيد ما أردت أن أشير إليه عبر هذا المقال، وليست قصة الفتاة هي ما تركز في ذهني أو ما سيطر على مشاعري وأنا أقرأها!
كانت الصور التي تتحدث عنها الكاتبة ترتسم في ذهني متزامنة وبطريقة لا إرادية مع صورة المرأة في عصرنا، مقارنة بين المرأة العربية في عصر الانفتاح والتطور وصورة المرأة الغربية في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر، لن يجد أي قارئ صعوبة في التقاط الكثير من نقاط التطابق بين هذه وتلك رغم الفجوة الزمنية الهائلة، ورغم التطورات الكبيرة جداً التي طرأت على كل مناحي الحياة والتي اتخذت طابع الانتشار السريع ووصلت لمنطقتنا العربية بفعل العولمة.
تركز الرواية على نظرة المجتمع للمرأة وكيف تعامل على أنها مخلوق بدرجة أقل كفاءة من الرجل من حيث المهام والمسؤوليات رغم أن بعض النساء في الرواية على قلة عددهن استطعن إثبات وجودهن لسبب أو لآخر وفرضن رؤيتهن للأمور وطرق إدارتها، رغم أن نسبة هؤلاء النسوة لم تكن لتتجاوز 5% أو أقل، تلك نسبة يكتشفها القارئ من خلال السرد.
ثم يأتي شرف العائلة المناط – تحديدا – بالمرأة التي عليها أن تحافظ عليه عبر صون نفسها، والقبول بالزواج ممن تختاره العائلة، ويكون في الغالب من عائلة عريقة، ومقتدراً مالياً ليتوافق مع مستوى عائلة الفتاة، ولا حاجة لرأي الفتاة أو ما تريده هي من الزواج، رغم أن الرجال دون استثناء كانوا يلهثون تباعاً خلف العاهرات وبيوت الدعارة التي حظيت بغير قليل من السرد، حتى أنها كانت تنشأ بالتزامن مع إنشاء القرى والمدن، وخاصة في الفترة التي نشأت وظهرت للعلن بعض الولايات الأمريكية.
هذه النقطة تحديداً أو هذا التطابق لا يحتاج لخبير ليعرف أننا ما زلنا نعيش تفاصيله يومياً، وأن المرأة العربية ما زالت سر شرف العائلات وعلى عاتقها وحدها تقع مسؤولية حفظ هذا الشرف دون التفات لما يقوم به رجال العائلة دون حسيب أو رقيب على سلوكهم، وخاصة إذا انتفى عنصر الرقيب الداخلي، حيث يصبح الذكر الحاكم بأمره المسيطر!
والمتتبع لمسار المرأة والانحطاط الذي باتت تعامل به في ظل " ربيع " غائم مأزوم يكتشف أنها أصبحت تعيد إنتاج بيوت الدعارة يحركها رجل يدعي الأخلاق والمروءة ليتكسب حتى لو اضطر للادعاء بأنه يطبق شريعة ما أو خدمة جليلة لأطراف النزاع، وحتى لا يذهب الظن بأحد إلى أنني أتقصد أحداً بعينه، أشمل جميع أطراف النزاع ممن ثاروا أو ممن هم في سدة الحكم وعليهم حفظ حقوق الرعية!
ثم نأتي على الطبقية والعائلات النبيلة التي تساهم المرأة في ترسيخ تطبيقها قبل أن يطبقها الرجل للأسف الشديد، (البرستيج العائلي) واختلاط الأنساب للحفاظ على طبقية بغيضة ما زالت تمد رأسها لنا من كل حدب وصوب، ما أن نمخر عباب تلك الطبقة أو نتابع أخبارهم عبر وسائل الإعلام المنتشرة الآن والتي تتبرع مشكورة بكشف مدى طبقيتنا!
زواج فلانة الفلاني ابنة فلان الفلاني للسيد فلان الفلاني نجل فلان الفلاني، ولك أن تضع الأسماء التي ترغب بها والتي تظهر تمترسنا خلف زواج المال والشهرة بصورة تتطابق تماماً مع تلك التي كانت تحدث في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر! لنكتشف أننا بتنا تدريجياً نتحول لمجتمعات من طبقتين لا ثالث لهما خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها معظم الدول العربية إن استثنينا دول النفط وإن لم تختلف كثيراً عن باقي الدول العربية من حيث الطبقية.
ما حدث أن المرأة هناك في زمن " ابنة الحظ " بدأت تأخذ وضعها وتسير في خطى واثقة صوب انتزاع حقوقها بكل عزم وتصميم، لا تقبل أن تتقاعس أو أن تردها النساء الخانعات المستكينات عن هدفها المنشود صوب إنسانيتها.
والمرأة العربية التي طمحت وحلمت وشاركت بكل قوتها في دعم الرجل العربي للخروج من الاضطهاد والمطالبة بحقوقهم المسلوبة في وطن عربي تتحول الدولة فيه لأملاك شخصية للحكام، ما أن تغيرت الحكومات حتى جاءت جماعات ممن تسلقوا على ظهور الشعوب الثائرة ليعيدوا عقارب الساعة للقرن الخامس عشر في دفع جديد لمفهوم (إلى الخلف در)!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكر على هذا المقال الشجاع
ملحد ( 2014 / 3 / 7 - 21:23 )

اختي الكاتبة-;- اتفق معك على معظم ما كتبت, واشجعك على الاستمرار في الكتابة..... لي تعليق بسيط ( هناك غيره بالتاكيد), كتبت في نهاية المقال:
(...... ما أن تغيرت الحكومات حتى جاءت جماعات ممن تسلقوا على ظهور الشعوب الثائرة ليعيدوا عقارب الساعة للقرن الخامس عشر في دفع جديد لمفهوم (إلى الخلف در)!! .....)

تعليقي: كان يجب ان تكتبي: (...... ما أن تغيرت الحكومات حتى جاءت جماعات ....... ليعيدوا عقارب الساعة للقرن للقرن السابع الميلادي ( وليس للقرن الخامس عشر) كما جاء في تعليقكم اعلاه....

تحيات من القلب.....


2 - كيف نصدق ما تكتبين
فاعل خير ( 2014 / 3 / 8 - 03:07 )
لم أجد تطابقا بين ما تقوليه و تكتبيه..و بين ما تبدو عليه صورتك!!!0
كيف تكتبين عن المرأة و أوضاعها و ترتدين خرقة على رأسك؟؟
أليس هذا عجيب؟؟؟


3 - الحجاب هو التخلف
محسن المالكي ( 2014 / 3 / 8 - 09:14 )
ليس هناك الى الخلف در اكثر من الحجاب الذي ترتدينه


4 - الى الأمام در يا رائدة
يارا عويس ( 2014 / 3 / 8 - 17:56 )
الكاتبة المبدعة رائدة زقوت
دراسة متينة البناء ومقارنة رائعة فعلاً لما قرأتيه في الرواية وما تلمسينه على أرض الواقع، هذا الواقع المرير الذي يسير الى الخلف در، أحيي هذا القلم الرشيق الذي يدخل القلب ويحرك المشاعر، لعل وعسى أن ننتفع كنقلة فكرية ولو خطوة الى الامام، المرأه يا سيدتي تحتاجك وتحتاج كل قلم واعي حتى تصحو من سباتها الذي استغرق طويلا وطويلا
جداً، سلمتي
وبخصوص من علق حول تناقض الحجاب مع ما تنادي به الكاتبة الموقرة، فأرجو الانتباه الى أن المسألة ليست دينية بقدر ما هي فكرية، التزام الكاتبة الديني لا يتناقض بالمطلق مع أنها صاحبة فكر مميز ووجهة نظر ثاقبة...


5 - الصورة ليست قاتمة!
د. محمود أبو فنّه ( 2021 / 10 / 27 - 00:06 )
جاء المقال متماسكًا محبوكًا بأسلوب -السهل الممتنع-مقنعًا
إلى حدٍّ بعيد في مقارنته لأوضاع المرأة العربيّة في أيّامنا/عصرنا
مع المرأة الأجنبيّة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ولكن
لا حاجة للتعميم الجائر، فهناك نقلة نوعيّة في مكانة المرأة العربيّة
الناجمة عن تعلّمها وعملها ووعيها. طبعًا هناك ضرورة للمزيد
من التغيير لتصبح المرأة شريكًا فعّالًا مع الرجل في بناء مجتمع
راقٍ متوازن!

اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف